بينما كان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مجتمعاً مع الجنرال الأمريكي جاسبر جيفيرز رئيس لجنة المراقبة الخماسية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان بحضور السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون، كانت طائرة استطلاع إسرائيلية تحلق فوق بيروت والضاحية الجنوبية، فطلب بري من أحد الحضور أن يفتح النافذة كي يسمع الجنرال الأمريكي صوت الطائرة الذي اكتفى بابتسامة خفيفة، فيما كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تشن سلسلة غارات على عدة مناطق في إقليم التفاح قرب بلدتي الريحان وسجد شمالي نهر الليطاني بزعم وجود قواعد للصواريخ.
هذه الانتهاكات لقرار وقف إطلاق النار كانت محور المحادثات بين بري والجنرال جيفيرز، باعتبار أن الولايات المتحدة هي الجهة الضامنة للاتفاق والتزام القرار 1701، حيث وضع بري كل الانتهاكات الإسرائيلية أمام من يضمن الاتفاق، كما سمع من الجنرال الأمريكي تأكيداً أمريكياً على التزام الاتفاق ومتابعة تنفيذه بشكل يؤدي إلى الاستقرار والهدوء في الجنوب.
لكن واقع الأمر يقول العكس؛ إذ إن إسرائيل ومنذ اليوم الأول لإعلان الاتفاق يوم الأربعاء 26 تشرين الثاني/نوفمبر لم تلتزم بالتنفيذ، بل عمد الجيش الإسرائيلي إلى انتهاك الاتفاق بالتغلغل داخل القرى الحدودية التي لم يتمكن من دخولها خلال المواجهات العسكرية، وقام بعمليات نسف وتدمير للمنازل، وأقام مراكز عسكرية في العديد من المواقع، كما وجه تحذيرات للمدنيين بعدم العودة للعديد من القرى الجنوبية، كذلك قام الطيران الحربي والمسيّر بشن العديد من الغارات على مناطق في البقاع.
لم تتوقف الخروقات الإسرائيلية البرية والجوية وانتهاك قرار وقف إطلاق النار، لأن تل أبيب ترى أن من حقها "حرية العمل العسكري" على الأراضي اللبنانية بمعزل عن أي اتفاق، ما يهدد بقاء الهدنة، ويضع الدول الضامنة ولجنة المراقبة الخماسية والحكومة اللبنانية أمام مسؤولية وضع حد لهذه الانتهاكات بأسرع وقت، وإيضاح ما إذا كانت هناك بنود سرية في الاتفاق تعطي إسرائيل حرية العمل العسكري متى شاءت، وتحت أي ذريعة.
ووفقاً لإحصائيات وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، فإن عدد الخروقات الإسرائيلية للاتفاق يوم الخميس الماضي بلغت 12 خرقاً، وبذلك يرتفع إجمالي خروقات إسرائيل للاتفاق منذ 37 يوماً إلى 353 انتهاكاً. وإضافة إلى هذه الانتهاكات يوم أمس الأول نفذ الجيش الإسرائيلي 9 انتهاكات تمثلت في عملية تمشيط بالرشاشات الثقيلة لمدينة بنت جبيل من بلدة مارون الراس، إضافة إلى تدمير منازل وقصف مدفعي، وعدم تمكين الجيش اللبناني من الانتشار في بلدة الناقورة.
يذكر أنه من أبرز بنود وقف إطلاق النار انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجياً من المناطق التي احتلها قبل وقف إطلاق النار وبعده، إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال الـ60 يوماً، وانتشار الجيش اللبناني على طول الحدود، وانسحاب حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني. لكن إسرائيل تتعمد المماطلة من جهة، وتتعمد انتهاك الاتفاق لعلها تفرض شروطاً جديدة يمنحها حرية تنفيذ الاتفاق وفق رؤيتها، وبما يخدم أهدافها في التوسع، كما تفعل في قطاع غزة وجنوب سوريا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
بين التهدئة والتصعيد.. قرار حصر السلاح بيد الجيش يضع لبنان أمام مفترق طرق
يشهد لبنان حالة من الترقب الحذر في أعقاب القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية والقاضي بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وسط تساؤلات واسعة حول كيفية تنفيذ هذا القرار، خاصة في ظل الموقف الرافض من قبل حزب الله.
وفي إطار هذا القرار، تم تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة وآلية تنفيذية واضحة، على أن تسلم الحكومة هذه الخطة بحلول موعد نهائي محدد هو 31 أغسطس الجاري.
وبينما تتجه الأنظار إلى المؤسسة العسكرية ودورها المنتظر في تطبيق القرار، تبذل جهود مكثفة خلف الكواليس من قبل أطراف سياسية ودبلوماسية، بهدف تليين موقف حزب الله وتوفير مناخ يسمح بتنفيذ الخطة دون إثارة أي توتر أو مواجهة مباشرة.
وتسعى هذه التحركات إلى تجنب التصعيد، والحفاظ على الاستقرار الداخلي، خاصة في ظل الوضع الإقليمي المتوتر والدور الحساس الذي يلعبه لبنان في محيطه الجغرافي والسياسي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور عبد الله نعمة، المحلل السياسي، إن الجيش اللبناني يعد مؤسسة وطنية قوية يحظى بثقة تامة من قبل كافة شرائح الشعب اللبناني، وهو يُمثّل أحد الركائز الأساسية في استقرار البلاد.
وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "صرح حزب الله أمس بأن لا نية لديه للتصعيد، سواء في الشارع أو تجاه الجيش اللبناني، مؤكدا حرصه على الحفاظ على الأمن الداخلي".
وأشار نعمة، إلى أن قد عقد اجتماع ضم ممثلين عن حزب الله إلى جانب رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بهدف تهدئة الأجواء ومعالجة حالة التوتر التي طرأت مؤخرا، وقد ساد اللقاء طابع التفاهم والجدّية في إيجاد مخرج سلمي للموقف الراهن، معقبا: "أتوقع أن الأمور سوف تتجه نحو الأفضل، لأن الطرفين لا يسعيان إلى المواجهة أو الدخول في صدام مباشر".
واختتم: "شدد رئيس الجمهورية على أن مسألة تسليم السلاح لا رجعة فيها، مؤكدا على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدوره في دعم جهود التهدئة، مشيرا إلى أن لبنان يعتبر نقطة ارتكاز إقليمية في غاية الأهمية، ما يحتم على الأطراف كافة التعامل مع الوضع بحساسية ومسؤولية عالية".
والجدير بالذكر، أن مع اقتراب المهلة المحددة لتقديم خطة التنفيذ، يظل المشهد اللبناني معلقا بين احتمالات التهدئة والانفراج، أو الدخول في أزمة جديدة تعيد خلط الأوراق داخليا.
وفي كل الأحوال، فإن شكل العلاقة بين الدولة وحزب الله في المرحلة المقبلة سيكون عاملا حاسما في تقرير مصير القرار ونتائجه.