موقع النيلين:
2025-06-24@19:39:12 GMT

عادل الباز: الحل السياسي أولاً!

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

1 تشير التحركات السياسية الحالية إلى محاولات تأسيس مسارات جديدة يتم تهيئتها بعيدًا عن المسارات والمبادرات القديمة التي ظلت تتصدر الساحة منذ اندلاع الحرب. وتمثل هذه المسارات الجديدة نقلة نوعية في الصراع بغرض الوصول إلى حل لمعضلة الحرب في السودان.
2
يمكن إحصاء أربعة مسارات تشكل آفاق تلك التحركات. أولها، التحركات الأممية التي يقودها العمامرة في الأمم المتحدة وثانيها، التحرك الذي تقوده تركيا، وفي نفس السياق الداعي للحوار مع الإمارات، دخلت مصر بمبادرة أعلن عنها السيد وزير المالية جبريل إبراهيم مما يمثل مسارا ثالثا.

وفي الوقت ذاته، تسعى مصر إلى انعقاد المؤتمر الثاني للقوى السودانية بعد انعقاد نسخته الأولى في العام الماضي. أما المسار الرابع، فتقوده منظمة (إيقاد)، التي يُتوقع أن يعيد السودان عضويته فيها، ومن ثم تستأنف وساطتها، وإن كانت تواجه تعقيدات كثيرة لم تُحل بعد.
3
هذه المسارات لا تتعامل مع الحرب بشكل مباشر أو تطالب بوقفها فورًا، بل تُطرح كمبادرات تسعى لتأسيس حوار سياسي، سواء بين السودانيين أنفسهم أو بين السودان والإمارات أو بين الحكومة والمليشيا. يبدو أن فشل مؤتمر جنيف العام الماضى، الذي كان آخر محاولات المجتمع الدولي لفرض حل للحرب في السودان، هو ما قاد للبحث عن هذه المسارات الجديدة.
4.
البحث عن حل للحرب عبر مسار سياسي فكرة قديمة؛ طرحها ثلاثة مستشارين كانوا ضمن الوفد الأمريكي في الأيام الأولى لانعقاد مؤتمر جدة، بعد ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب. كان رأي المستشارين أن المشكلة سياسية، تتعلق بالصراع على السلطة، وأن التوصل إلى معادلة سياسية ترضي الأطراف المتصارعة سيجعل إيقاف الحرب ممكنًا وسريعًا. استشهد المستشارون بحرب البوسنة والهرسك (1992-1995)، التي انتهت باتفاقية دايتون، حيث تم التوصل إلى الحل السياسي أولاً مما أدى إلى توقف الحرب بشكل رسمي.لكن، لسبب ما، تم رفض فكرة الحل السياسي أولاً، واتجه التفاوض نحو وقف الحرب عبر التزام الطرفين بتعهدات، وهو ما لم يحدث؛ إذ نسفت الميليشيات وداعموها الاتفاق بوهم قدرتهم على تحقيق النصر والسيطرة على السلطة في أيام معدودة.
5.
الآن، ومع اقتراب صعود ترامب إلى سدة الحكم في أمريكا، تعود فكرة “الحل السياسي أولاً” مجددًا بمداخل جديدة. لا حديث الآن عن منصة او إعلان جدة ضمن المسارات التي ذكرناها أعلاه. الموضوع المطروح هو بدء حوار سياسي مع الإمارات وآخر مع الميليشيا.
تكمن خطورة القبول بحوار سياسي أولاً مع الميليشيات وداعميها في أنه ينسف كل ما تم التوصل إليه في منصة جدة، مما يتيح للميليشيات التحرر من أي التزامات ذات شهود دوليين.
6
الجانب الآخر يتعلق بتحقيق هدف أساسي للميليشيات وداعميها، وهو إعادة تموضعها مرة أخرى في قلب الساحة السياسيةو العسكرية، وأخيرًا الاقتصادية. وعلى الرغم من أن هذا الطرح قد يبدو مغريًا في ظل غياب طرح بديل، يبدو لي أن محاولة ابتدار مسار سياسي أولاً دفعت الرئيس البرهان إلى إعلان رفضه لأي مسار يعيد الميليشيات إلى الأوضاع التي كانت قبل 15 أبريل. إذ أكد في خطابه بمناسبة الاستقلال قبل يومين: “طريقنا واضح وهو طريق الشعب، لا يمكن أن تعود الأوضاع كما كانت عليه قبل 15 أبريل 2023م، ولا يمكن القبول بوجود هؤلاء القتلة والمجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى.”
7
إن أخطر ما يمكن أن ينتج عن أي حوار سياسي بين الحكومة والمليشيا الآن هو تفكك الجبهة الداخلية المتماسكة حاليًا، حيث لا تزال تلك الجبهة معبأة ضد أي محاولة للحوار مع الميليشيات وداعميها قبل تنفيذ إعلان جدة. لذا، من الأفضل أن تتمسك الحكومة بموقفها الرافض لأي حوار قبل استيفاء متطلبات إعلان جدة. وفي ذات الوقت تترك الساحة السياسية حرة للتفاعل مع المنابر المختلفة، ومراقبة الحوارات بين القوى السياسية من بعيد دون تدخل، لتستفيد مما تتمخض عنه تلك الحوارات مستقبلاً، دون أن تلزم نفسها بشيء أو تضعف جبهتها المتماسكة الآن.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: حوار سیاسی

إقرأ أيضاً:

مصدر سياسي: ميليشيا الحشد الشعبي “كارثة العراق”

آخر تحديث: 22 يونيو 2025 - 1:21 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- حذر مصدر سياسي، اليوم الأحد، من تحول العراق الى ساحة اشتباك إقليمي مباشر بعد التصعيد الأخير، المتمثل بالتدخل الأمريكي في الحرب ما بين إيران وإسرائيل، واصفا التدخل في حال حدوثه بـ”السيناريو الكارثي”.وقال المصدر، إنه “مع تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بشكل واسع في الحرب الدائرة بين إيران والكيان الصهيوني، تقف الساحة العراقية على مفترق طرق خطير، وتحديدًا أمام الوعيد الذي أطلقته فصائل الحشد الشعبي بالانخراط الفوري في المواجهة، فالتصريحات التي صدرت من قادة تلك الفصائل لم تكن مجرد تهديدات إعلامية، بل تحمل في طياتها نذر تحوّل العراق إلى ساحة اشتباك إقليمي مباشر”.وأضاف أنه “إذا دخلت الفصائل الحشدوية ساحة المعركة كما وعدت، فإن العراق سيدفع ثمنًا باهظًا من أمنه واستقراره واقتصاده، بل وربما من وحدته الوطنية، والفصائل تمتلك قوة نارية وبنية تنظيمية عالية، ولكن تحركها خارج إطار الدولة سيُفقد العراق ما تبقى له من سيادة، ويحول أراضيه إلى منصة لتصفية الحسابات الدولية”.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم عيسى: الصراع الحالي لا ينفصل عن الاستخدام السياسي للدين لإيران وإسرائيل
  • باحثة في الشأن السياسي:إسرائيل فشلت عسكريًا وأُصيبت بهزة في هيبتها
  • مهندس “أميركا أولا” يحذر من الاندفاع وراء نتنياهو في الحرب مع ايران
  • لماذا يعارض مهندس أميركا أولا الحرب على إيران؟
  • كاتب سياسي: موقف المملكة الأخلاقي داعم لاستقرار المنطقة
  • نقيب الصحفيين: سنسير في كل المسارات لمتابعة مشروعات الإسكان القديمة والإعلان عن أخرى جديدة
  • حزب الله صامد على موقفه...بري: الحل بالعودة إلى الحوار الأميركي - الإيراني
  • تركيا تجدد دعمها لوحدة اليمن وجهود الحل السياسي
  • بحضور السوداني.. اجتماع سياسي رفيع في بغداد لمواجهة تداعيات الحرب
  • مصدر سياسي: ميليشيا الحشد الشعبي “كارثة العراق”