توكل كرمان: مجالان انتعشا في اليمن اقتصاد الحرب والفساد السياسي
تاريخ النشر: 11th, October 2025 GMT
قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، السبت، إن المجالين الوحيدين اللذين ينتعشان في اليمن اليوم هما اقتصاد الحرب والفساد السياسي.
جاء ذلك خلال كلمة للناشطة توكل كرمان في افتتاحية مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين الذي يعقد في إسطنبول، مؤكدة أن اليمن يمتلك من الطاقات والعقول ما يؤهله لاستعادة دولته وبناء مستقبله بعيدا عن الوصاية الخارجية.
وقالت كرمان إن السياسة والحرب استأثرتا بالمشهد اليمني لعقد كامل، فيما جرى تهميش ملفات الاقتصاد والتنمية والتعليم والصحة، مؤكدة أن "تأجيل هذه الملفات لا يعيد الدولة، بل يبعدها أكثر، فالدولة ليست كيانا سياسيا مجردا، بل هي الخدمات ذاتها: المرتبات والتعليم والصحة والعدالة".
وانتقدت كرمان بشدة فشل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وسلطات الأمر الواقع، على حد سواء، في القيام بواجباتهما تجاه المواطنين، مشيرة إلى أن المجالين الوحيدين اللذين ينتعشان في اليمن اليوم هما اقتصاد الحرب والفساد السياسي.
وأضافت: "لقد سئم منكم الشعب اليمني، ملّ من فسادكم واستبدادكم، وآن له أن يستعيد قراره وينهض من بين الركام".
وأكدت أن اليمن ليس ضعيفا ولا تابعا لأحد، بل يمتلك ثروات طبيعية وبشرية تؤهله ليكون من أعظم دول المنطقة، مشيرة إلى أن الإنسان اليمني هو الثروة الحقيقية التي لا تقدّر بثمن.
وقالت "شعبنا صبور مكافح لا يُكسر، متجذر في العزيمة والحضارة".
واعتبرت كرمان، أنه لا خلاص لليمن "من دون تعليم ينهض بالعقول وصحة تحفظ كرامة الإنسان واقتصاد منتج يكسر معادلة الجوع والولاء".
وحذّرت من تهميش العقل والاستخفاف بالعلم، معتبرة أن ذلك فتح الطريق أمام الجماعات الكهنوتية والمتطرفة، لافتة إلى أن "المعرفة تصنع الإنسان الحر، وتمنحنا المناعة ضد الجهل والخرافة وضد المشاريع التي مزّقت أوطاننا".
وكانت فعاليات مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين الذي تنظمه مؤسسة توكل كرمان قد انطلقت في مدينة إسطنبول، بمشاركة أكثر من مئتي خبير وباحث يمني من داخل اليمن وخارجه، لمناقشة تحديات وفرص التنمية في البلاد.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: توكل كرمان اليمن مؤتمر الباحثين مليشيا الحوثي الحرب في اليمن توکل کرمان
إقرأ أيضاً:
الهروب من الحرب إلى المجهول.. آلاف اليمنيين يفرّون من جحيم الحوثي.. المليشيا تُشعل أكبر مأساة إنسانية في اليمن
رغم مرور أكثر من عقد على انقلاب ميليشيا الحوثيين، لا تزال اليمن تشهد موجات نزوح متواصلة، حيث يجد آلاف المدنيين، مع إشراقة كل صباح، أنفسهم أمام خيارٍ قاسٍ، إما البقاء تحت وطأة الصراع وانهيار الأوضاع الأمنية، أو الهروب نحو المجهول بحثًا عن بقعة أكثر أمنًا.
وتسعى الأسر اليمنية، في خضم هذا الواقع المأساوي، إلى تأمين حياة كريمة لأطفالها، وسط أوضاع متردية لا تبشّر بمستقبل آمن، ويغدو النزوح اليومي بالنسبة لكثير من اليمنيين، ليس مجرد تحرّك جسدي، بل رحلة مستمرة نحو النجاة، تنشد الحياة وتفرّ من الموت.
وبحسب تقرير حديث صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فقد نزح أكثر من 200 ألف يمني مؤخرًا، بفعل النزاعات المسلحة أو الأزمات المناخية، في محاولة للفرار من واقعهم القاتم، وإنقاذ أرواحهم من المخاطر المحدقة.
ويرى مراقبون وحقوقيون يمنيون أن هذه الأرقام تكشف حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة، وتُحمّل ميليشيا الحوثي مسؤولية مباشرة، عبر سياساتها الممنهجة التي ساهمت في تدمير بنية الدولة والمجتمع، جاعلة من انقلابها نقطة تحوّل كارثية تتعمّق آثارها عامًا بعد عام.
وفي هذا السياق، قال أيمن عطا، المسؤول الإعلامي في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب، في تصريح : "لا تزال موجات النزوح مستمرة حتى يومنا هذا، في مشهد إنساني يعكس عمق المأساة التي تعيشها البلاد، واستمرار التهديدات الأمنية والمعيشية التي تدفع آلاف الأسر لترك منازلها قسرًا بحثًا عن الأمان".
وأوضح عطا أن استمرار الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي ضد المدنيين، يدفع السكان إلى الفرار من مناطق سيطرتها، لا سيما في الشمال، نحو مناطق أكثر أمنًا في محافظة مأرب أو في المحافظات المحررة الأخرى.
وأضاف: "إلى جانب الأوضاع الأمنية المتردية، فإن الألغام المنتشرة، وانهيار الخدمات الأساسية، وتدهور سبل العيش، كلها عوامل تجعل من خيار البقاء شبه مستحيل لكثير من الأسر".
وأشار إلى أن مناطق النزوح، رغم التحديات، توفّر للنازحين نوعًا من الأمان النسبي، مقارنة بجحيم الانتهاكات الحوثية التي لا تفرّق بين رجل وامرأة، ولا بين طفل وشيخ.
وعن دور المنظمات الإنسانية، أقرّ عطا بأن الجهود الإغاثية المبذولة لا تزال دون المستوى المطلوب، قائلًا: "هناك فجوة كبيرة بين حجم الاحتياج على الأرض، وبين ما يتوفر من تمويل أو آليات حماية، ما يجعل الوضع الإنساني هشًا ومعرّضًا للانفجار في أي لحظة".
واختتم عطا حديثه داعيًا المجتمع الدولي إلى لعب دور أكثر فاعلية، لا يقتصر فقط على تقديم المساعدات الطارئة، بل يشمل أيضًا دعم حلول دائمة ومستدامة للنزوح، تضمن الحماية وتوفّر فرصًا للعيش الكريم.
وبحسب بيانات رسمية سابقة، يتجاوز عدد النازحين اليمنيين الثلاثة ملايين شخص، يتوزعون على أكثر من 650 مخيمًا وحوالي 900 تجمّع سكني في 13 محافظة تسيطر الحكومة اليمنية عليها بشكل كلي أو جزئي.
وتهتز المنازل تحت وطأة الصراع، وتنهار الممتلكات بفعل التغيرات المناخية، التي لا تملك اليمن – الدولة محدودة الموارد – الأدوات الكافية لمواجهتها، فكيف بالأسر والأفراد الذين يعيشون على هامش الأمان؟
من جانبه، سلّط الكاتب الصحفي والباحث الحقوقي همدان العليي الضوء على جانب آخر من النزوح الداخلي، لا يرتبط فقط بالحرب، بل أيضًا بالتغيرات المناخية التي بدأت تفرض واقعًا جديدًا في البيئة اليمنية.
وقال العليي في حديثه لـ"إرم نيوز" إن "النزوح في اليمن لا يقتصر على مناطق الصراع فحسب، بل هناك آلاف الأسر تُجبر على مغادرة قراها نتيجة الكوارث الطبيعية المتكررة".
وبيّن أن الأمطار الموسمية الغزيرة والمنخفضات الجوية باتت تتسبب سنويًا في سيول جارفة، تؤدي إلى خسائر مادية كبيرة في المنازل والمزارع، وتتسبب في نفوق المواشي وتضرر الممتلكات العامة والخاصة.
كما أشار إلى أن الأمطار المتساقطة على المرتفعات الجبلية تؤدي إلى انهيارات أرضية وصخرية تهدد القرى الواقعة عند سفوح الجبال، ما يجعل سكانها عرضة لخطر دائم يُجبرهم على ترك مساكنهم والبحث عن مناطق أكثر أمانًا.