علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
في ظل الأحداث المتسارعة على سطح المشهد العربي اليوم، لا يمكن تقبل حديث يعبر عن الأمل بمستقبل عربي أفضل، لأن الوقائع الظاهرة على السطح مؤلمة وقاسية بل ومدمرة لأي أمل أو مستقبل. ولكن من يستعين بالتاريخ والعقل والمنطق يجد العديد من المؤشرات على أن المستقبل العربي ليس بتلك السوداوية التي تبرز على السطح، كون تلك السوداوية أصلًا جزءًا من معركة الوجود التي تخوضها الأمة ضد المحتل الغربي والمتمثل اليوم في الكيان الصهيوني الموقت.


منذ فجر السابع من أكتوبر 2023م المجيد، والأمة تحقق انتصارات يومية متتالية وغير مسبوقة على العدو ورعاته في ميدان المعركة وعلى جميع الجبهات، وفي المقابل يشهد الكيان الموقت انتكاسات يومية كبيرة على جميع الصُعد، العسكرية والأمنية والاقتصادية، وأصبح الكيان الغاصب في حالة مثالية من انعدام التوازن والجاذبية، حيث انهارت سردياته التي ظلل بها العرب والعالم طيلة سبعة عقود، وانكشف زيفه وكذبه وهشاشته في غضون أشهر قليلة.
فجأة تنهار جبهة دمشق وتنهار معها (ظاهريًا) الكثير من تلك الانتصارات، وينكشف الأمن القومي العربي برمته بصورة غير مسبوقة، ويظهر النتن ياهو بصورة المُنتصر الوحيد، وبصفة من يقرر مصير الأمة العربية ومستقبلها.
في حقيقة الأمر أن خسائر الكيان استراتيجية، بينما خسائر المقاومة تكتيكية، ويعزز العدو من "ضخامة" منجزه، ويقلل من انتصارات المقاومة ويواري خسائره.
كل العمليات التي قام بها العدو ورعاته لغاية اليوم ليست سوى انتصارات تكتيكية لا تخلق واقعًا مغايراً لما كان عليه الحال قبل السابع من أكتوبر. فلو كان العدو منتصرًا لما احتاج إلى مفاوضات واتفاقات لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، ولما احتاج إلى مغازلة إيران وأنصار الله في اليمن.
الصورة المتجسدة اليوم على سطح الأحداث هي استراحة محارب لا أكثر، والمشهد القادم سيكون بلا شك أكثر دموية وعنفًا، فقد استوعب كل طرف قوة الآخر ومواطن ضعفه، وتبقى نكبة العدو أكبر لأنه مهزوم استراتيجيًا لا محالة.
العدو ورعاته يعلمون بأن الكيان الغاصب أصبح بلا مستقبل، حيث تهشمت الجبهة الداخلية وانكشفت هشاشتها، وتحطمت المؤسسة العسكرية أكثر من السابق وفقدت الثقة بالقيادة السياسية، وانهار الوضع الاقتصادي الى درجة مرعبة، وفقد الصهاينة الثقة بقادتهم وبشعار الكيان الآمن بعد يوميات مريرة مع الصواريخ والمسيرات من الجغرافيات الأربع، غزة ولبنان واليمن والعراق.
الذاكرة الصهيونية لن تنسى وعود الساسة لها بالأمن والاستقرار والقوة، طيلة سبعة عقود، وفي كل عقد من الزمان ينبري لهم منغص في حياتهم يفقدهم عنصر الأمان والاستقرار، وفي كل زمن يأتي معه أسلوب جديد في المقاومة يبرهن لهم أنهم إلى زوال.
الخيار اليوم لم يعد قضية فلسطين وتحريرها، فقد فرط النظام الرسمي العربي في مساندة فلسطين ولم يستوعب أهمية طوفان الأقصى لتحررهم من الكيان الصهيوني ورعاته والتبعية للغرب، واليوم وبسقوط دمشق تكشف العرب وأصبح خيارهم مقاومة الكيان أو زوال أوطان ونُظم من الوجود.
لم يستوعب عرب زماننا أنَّ فلسطين خندقهم الأول والأخير، وأن التخاذل عنها يعني السقوط العربي التدريجي أمام الكيان والصهيونية العالمية، وهو ما نرى ملامحه اليوم.
تبقى للعرب اليوم خيار واحد فقط وهو المقاومة بما تبقى لهم من قوة للبقاء، أو التسليم والاستسلام ليصبحوا مجرد أرقام في أوراق الكيان ورعاته.
قبل اللقاء: تحقيق الأهداف لا يعني السيطرة على النتائج.
وبالشكر تدوم النعم.
 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

في اليوم الثالث لوقف الحرب على غزة.. مئات آلاف يواصلون العودة

غزة|يمانيون
واصل مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين النازحين، اليوم الأحد، العودة إلى مدينة غزة ومناطق أخرى، وسط أطنان من الركام والدمار الذي خلّفه عدوان الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة طيلة عامين.

ويسير النازحون على طول شارعي الرشيد وصلاح الدين على مسافة 7 كيلومترات على الأقل سيرا على الأقدام، والكثير منهم لا توجد بيوتا يعودون إليها، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.

ويمتد شارع الرشيد الساحلي من شمال القطاع إلى جنوبه، حيث شهد خلال حرب الإبادة، العشرات من المجازر التي ارتكبتها قوات العدو الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا في طريقهم للنزوح من الشمال إلى الجنوب.

ومنذ السابع من اكتوبر 2023، نفذت قوات العدو الإسرائيلي جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، أدت إلى استشهاد نحو 68 ألف مواطن، وإصابة أكثر من 170 ألف آخرين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 مواطنا بينهم 154 طفلا.

وأكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، أن 1.9 مليون شخص نزحوا قسرا في قطاع غزة منذ بدء جريمة الإبادة، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من سكان القطاع نزحوا مرة واحدة على الأقل.

وأعلنت الأمم المتحدة نزوح أكثر من مليون و200 ألف شخص جراء العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة منذ منتصف مارس الماضي.

وفي 11 أغسطس، شن جيش العدو الإسرائيلي هجوما واسعا على أحياء مدينة غزة، تخلله نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وإطلاق نار عشوائي، وتهجير قسري، ضمن خطة صهيونية لإعادة احتلال ما تبقى من قطاع غزة.

وفي 20 يوليو الماضي، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، إن 88% من مساحة قطاع غزة البالغة حوالي 360 كيلومترا مربعا ويسكنها قرابة 2.3 مليون فلسطيني تخضع لأوامر إخلاء “إسرائيلية” تنطوي على تهجير قسري للفلسطينيين.

مقالات مشابهة

  • في اليوم الثالث لوقف الحرب على غزة.. مئات آلاف يواصلون العودة
  • غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
  • العمليات اليمنية البحرية.. بصماتٌ منحوتة في ردع العدوّ ورعاته
  • ناشط مغربي: اتفاق غزة ثمرة صمود المقاومة والجبهة اليمنية التي أربكت العدو الصهيوني
  • بمناسبة اليوم العالمي للفتاة.. أمل عمار: الاستثمار في الفتيات أفضل استثمار في المستقبل
  • هل يعود الكيان للحرب‎
  • لجنة اعتصام المهرة تبارك انتصار المقاومة الفلسطينية وتدعو لوحدة الصف العربي والإسلامي
  • قيادي في حركة “الجهاد”:المقاومة انتصرت العدو الصهيوني فشل في تحقيق أهدافه
  • أجهزة التنفس التي جعلت إسرائيل حيّة إلى اليوم
  • “حماس”: المجازر التي يرتكبها العدو تؤكد إصراره على مواصلة الإبادة حتى اللحظة الأخيرة