نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرًا سلّط فيه الضوء على أداة جديدة أطلقها معهد "كوينسي" تحت اسم "متعقب تمويل مراكز الأبحاث" بهدف الكشف عن مصادر تمويل مراكز الأبحاث الأمريكية التي تلعب دوراً محورياً في تشكيل السياسات العامة، وهي أداة.تعتمد بشكل متزايد على تمويل حكومات أجنبية وشركات دفاع، مما يثير تساؤلات حول استقلاليتها.



وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه تم إطلاق أداة جديدة لضمان الشفافية حول تمويل مراكز الأبحاث الأمريكية من قبل معهد كوينسي للحرفية المسؤولة،  تُدعى هذه الأداة "متعقب تمويل مراكز الأبحاث" وهي تعتبر أول أرشيف عام يحلل مصادر تمويل أكثر 50 مركز أبحاث تأثيرًا في الولايات المتحدة.

ويتوفر هذا الأرشيف عبر الإنترنت على الموقع thinktankfundingtracker.org، ويتتبع التمويلات التي تم تلقيها خلال السنوات الخمس الماضية من الحكومات الأجنبية، والحكومة الأمريكية، والمقاولين الرئيسيين في البنتاغون. بمعنى آخر، ما يُعرف بـ"المجمع الصناعي العسكري".

ما هي مراكز الأبحاث (ثينك تانكس)؟

وأكد الموقع على أن مراكز الدراسات تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل الرأي العام وسياسات الدول، وفي هذه الحالة الولايات المتحدة الأمريكية. وغالبًا ما يُستشهد بخبراء هذه المراكز في وسائل الإعلام، كما يعملون خلف الكواليس في الكونغرس والحكومة؛ حيث يساهمون في صياغة القوانين وتقديم المشورة بشأن القضايا التشريعية. ومع ذلك، في حين يعمل البعض كباحثين مستقلين، يقوم آخرون بدور أشبه بجماعات الضغط.




وأوضح الموقع أن مراكز الأبحاث هذه قد لعبت دورًا حاسمًا في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أنها نشأت لتقديم تحليلات قائمة على بيانات دقيقة وخبرة للمسؤولين السياسيين، وكان لمؤسسات مثل معهد "بروكينغز" (الذي أسسه روبرت بروكينغز) ومجلس العلاقات الخارجية (CFR) تأثير عميق على قرارات الحكومة الأمريكية والبيت الأبيض.

ووفقًا للموقع وبحسب ما أوضحه ستيفن ويرثايم في كتابه "غداً، العالم!"، كان لمجلس العلاقات الخارجية (CFR) دور أساسي في تصميم النظام الدولي الجديد الذي قادته الولايات المتحدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي السياق نفسه، ساهم معهد بروكينغز بشكل بارز في إعداد خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب. أما في الستينيات، فقد اعتمد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، روبرت ماكنامارا، على مؤسسة "راند" لوضع إستراتيجيات عسكرية للحرب في فيتنام، مما يبرز التأثير العميق لهذه المراكز البحثية في صياغة السياسات الأمريكية الكبرى.

وأشار الموقع إلى أن مراكز الأبحاث (ثينك تانكس) تُعتبر أحد أعمدة "الكتلة" في السياسة الخارجية الأمريكية، وهو مصطلح صاغه ستيفن وولت، عالم السياسة وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، للإشارة إلى شبكة النخب السياسية، والبيروقراطية، والعسكرية، والأكاديمية والإعلامية في الولايات المتحدة التي تعزز وتستمر في اتباع نهج تدخلي وعسكري في السياسة الخارجية الأمريكية. وكما يوضح موقع معهد كوينسي، تعتمد مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة بشكل متزايد على تمويل من حكومات (سواء أمريكية أو أجنبية) ومن مصالح خاصة.

وقد قدمت الحكومات الأجنبية أكثر من 110 ملايين دولار لمراكز الأبحاث الأمريكية بين عامي 2019 و2023. وتتصدر الإمارات والمملكة المتحدة وقطر قائمة الجهات المانحة بمبالغ 16.7 مليون دولار و15.5 مليون دولار و9.1 ملايين دولار على التوالي. أما أبرز المستفيدين، فهم مجلس الأطلسي (20.8 مليون دولار)، ومعهد بروكينغز (17.1 مليون دولار)، وصندوق مارشال الألماني (16.1 مليون دولار).

وكشف الموقع أنه قد ساهم أيضًا مقاولون في مجال الدفاع بأكثر من 34.7 مليون دولار. ومن بين أكبر المانحين تأتي شركات نورثروب غرومان (5.6 ملايين دولار)، ولوكهيد مارتن (2.6 مليون دولار)، وميتسوبيشي (2.1 مليون دولار). أما أبرز المستفيدين، فهم مجلس الأطلسي (10.2 ملايين دولار)، ومركز الأمن الأمريكي الجديد (6.6 ملايين دولار)، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (4.1 ملايين دولار). وقدمت الحكومة الأمريكية ما لا يقل عن 1.49 مليار دولار، وخصصت الغالبية العظمى منها لمؤسسة راند (1.4 مليار دولار)، التي تتعاون بشكل مباشر مع المؤسسات الفيدرالية.

ولفت الموقع إلى أن "متعقب تمويل مراكز الأبحاث" يتميز بإدخال مقياس للشفافية، حيث أنه يُقيم كل مركز أبحاث على مقياس من خمس نقاط، ويهدف هذا المقياس إلى تقديم تقييم واضح ومفصل عن مدى شفافية كل مؤسسة في إدارة والكشف عن مصادر تمويلها، مما يوفر نظرة أكثر شمولية ويسهل الوصول إلى ممارسات تمويل مراكز الأبحاث. وقد تبين أن 18 بالمئة فقط من هذه المنظمات تتمتع بشفافية كاملة، بينما 46 بالمئة منها تتمتع بشفافية جزئية، في حين أن النسبة المتبقية، 36 بالمئة، تُعرف بـ"المال المظلم"، أي أنها غامضة تمامًا فيما يتعلق بمصادر تمويلها.

ووفقًا للموقع، تأتي بعض التمويلات مع قيود ضمنية، تؤدي إلى الرقابة، أو تحيزات في التوجهات، وفي حالات نادرة، إلى أبحاث مدفوعة، وهذه الظواهر تقوض مصداقية مراكز الأبحاث، لدرجة أن استطلاعًا أجري في عام 2022 أظهر أن 48 بالمئة فقط من الأمريكيين يعتبرون مراكز الأبحاث موردًا قيمًا للمجتمع.

لماذا الشفافية مهمة؟

وبحسب الموقع فإن الشفافية هامة لأن مراكز الأبحاث والمحللين العاملين فيها يمارسون تأثيرًا كبيرًا على تشكيل الرأي العام والقرارات السياسية، فغالبًا ما يأتي الخبراء والمحللون الذين يظهرون على شاشات التلفزيون، ويكتبون في الصحف الكبرى، أو يشاركون في النقاشات العامة، من هذه المراكز البحثية، ولا تقتصر آراؤهم على تفسير الوقائع فحسب، بل تساهم أيضًا في توجيه تصور الجمهور، وبطريقة غير مباشرة، السياسات التي تتبناها الحكومات.

وإذا لم تكن مصداقية هؤلاء المحللين مدعومة بفهم واضح لمصادر تمويلهم والصراعات المحتملة في المصالح، فإن ذلك يخلق مشكلة تتعلق بالثقة. وقد تكون آراؤهم متأثرة بمصالح خاصة أو بالجهات التي تمول المراكز البحثية التي يعملون بها. على سبيل المثال، قد يقوم مركز أبحاث ممول من حكومات أجنبية أو شركات مرتبطة بقطاع الدفاع بالترويج لسرد يخدم مصالح هؤلاء الممولين، بدلاً من تقديم تحليل مستقل وموضوعي.




ويختتم الموقع بالتأكيد على أنه في غياب الشفافية، ينشأ خطر تحول مراكز الأبحاث إلى أدوات دعاية، تتخفى تحت غطاء المؤسسات الأكاديمية، مما قد يؤدي إلى آثار ضارة على الديمقراطية وعلى صياغة سياسات عامة تخدم فعليًا المصلحة العامة والجماعية. واليوم، في الولايات المتحدة، يوجد أداة إضافية تمكن الجمهور من التحقق مما إذا كان الخبير الذي يظهر على شاشات التلفزيون أو يكتب في الصحف شفافًا وجديرًا بالثقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية مراكز الأبحاث أوروبا امريكا أوروبا مراكز أبحاث صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الولایات المتحدة ملایین دولار ملیون دولار أن مراکز

إقرأ أيضاً:

النفط يتراجع وسط مخاوف اقتصادية وترقب قرار الفائدة الأمريكية

سنغافورة - رويترز

 انخفضت أسعار النفط اليوم الثلاثاء في ظل ضبابية التوقعات الاقتصادية العالمية بعد اتفاق التجارة الذي توصلت إليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن أسعار الفائدة.

وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت ستة سنتات، بما يعادل 0.1 بالمئة، إلى 69.98 دولار للبرميل بحلول الساعة 0425 بتوقيت جرينتش، ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 11 سنتا، أي 0.2 بالمئة، إلى 66.60 دولار للبرميل.

أغلق كلا العقدين على ارتفاع بأكثر من اثنين بالمئة في الجلسة السابقة، ولامس برنت أمس الاثنين أعلى مستوى له منذ 18 يوليو .

فرض الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رسوم استيراد 15 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، إلا أنه حال دون اندلاع حرب تجارية شاملة بين الحليفين الرئيسيين، والتي كانت ستؤثر على ما يقرب من ثلث التجارة العالمية وتقلل من توقعات الطلب على الوقود.

ونص الاتفاق أيضا على أن يشتري الاتحاد الأوروبي منتجات طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار في السنوات القادمة، وهو ما يقول محللون إنه من شبه المستحيل أن يفي به الاتحاد الأوروبي.

وجاء في الاتفاق أن تستثمر الشركات الأوروبية 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال فترة الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقال محللو بنك إيه.إن.زد في مذكرة إنه رغم الارتياح الذي ساد الأسواق العالمية بعد إتمام الاتفاق التجاري في ظل حالة ضبابية متزايدة، فإنه لم يتضح بعد الجدول الزمني وقطاعات ضخ الاستثمارات.

وأضاف المحللون "نعتقد أن نسبة 15 بالمئة ستضع صعوبات أمام توقعات النمو في منطقة اليورو، لكن من المرجح ألا تدفع الاقتصاد إلى الركود".

والتقى مسؤولون اقتصاديون كبار من الولايات المتحدة والصين في ستوكهولم وأجروا محادثات استمرت لأكثر من خمس ساعات أمس الاثنين. ومن المتوقع أن تُستأنف المناقشات اليوم الثلاثاء.

وقالت بريانكا ساشديفا كبيرة محللي السوق في شركة فيليب نوفا للسمسرة إن المشاركين في سوق النفط ينتظرون أيضا اجتماع اللجنة الاتحادية الأمريكية للسوق المفتوحة يومي 29 و30 يوليو تموز. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبقي مجلس الاحتياطي على أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه قد يشير إلى الميل نحو سياسة التيسير النقدي وسط مؤشرات على تباطؤ التضخم.

وأردفت تقول "يسير الزخم في اتجاه الصعود على المدى القريب، لكن السوق معرضة للتقلبات الناجمة عن مفاجآت البنوك المركزية أو انهيار المفاوضات التجارية".

وأضافت "لا تزال الاحتمالات بحدوث تباطؤ اقتصادي وخفض الاحتياطي الاتحادي لأسعار الفائدة غير مؤكدة، مما يحد من ارتفاع أسعار النفط".

وفي الوقت نفسه، حدد ترامب أمس الاثنين مهلة جديدة "10 أيام أو 12 يوما" لروسيا لإحراز تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا أو مواجهة عقوبات. وهدد ترامب بفرض عقوبات على كل من روسيا ومشتري صادراتها ما لم يتم إحراز تقدم.

مقالات مشابهة

  • المارديني لـ سانا: هدفنا هو تقديم تجربة إعلانية تُبرز الوجه العصري لدمشق منذ لحظة الوصول إلى أرض المطار، إيماناً منا بأن المطار هو النافذة الأولى التي يطل منها الزائر على البلاد
  • بلومبرغ: أنثروبيك تقترب من صفقة تمويل بـ 5 مليارات دولار
  • بعد حرب الـ12 يوما مع إيران.. بماذا أوصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية نتنياهو؟
  • «كالو» تجمع 39 مليون دولار في جولة تمويل توسعية من الفئة «ب»
  • الذهب يتراجع عالميًا وسط ضغوط السياسات الأمريكية والتوترات التجارية
  • النفط يتراجع وسط مخاوف اقتصادية وترقب قرار الفائدة الأمريكية
  • بسبب غزة.. مقترح أوروبي بفرض قيود على تمويل الأبحاث الإسرائيلية
  • "مقترح أوروبي" بفرض قيود على تمويل الأبحاث الإسرائيلية
  • الهلال للمشاريع الناشئة تشارك في جولات تمويل بقيمة 657 مليون دولار
  • الداخلية تضبط قضية غسل أموال بقيمة 100 مليون جنيه