جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-23@03:45:42 GMT

عُمان تحقق الثبات وتتطلع للازدهار

تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT

عُمان تحقق الثبات وتتطلع للازدهار

 

 

علي بن سالم كفيتان

رغم أنَّ العُمانيين كانوا يتوقعون رحيل القائد المُؤسس السُّلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- في أي لحظة في ظل تراجع صحته واعتلال جسده منذ النصف الثاني من عام 2019، وظهوره الأخير في الرابع من ديسمبر 2019 شاحب الوجه أثناء استقبال الأمير وليام، دوق كامبريدج في قصر بيت البركة، إلّا أنَّ الولاء العاطفي للسلطان الراحل جعلهم يوقنون بالله أنَّه سيتعافى، ولهذا كانت صدمة وفاة السلطان قابوس مساء الجمعة المُوافق 10 يناير 2020 عظيمة، اهتزَّت لها كل أنحاء عُمان، فلم ينم أحد ليلة الجمعة؛ بانتظار بيان رسمي، ليأتي الخبر الحزين فجر السبت، أنَّ باني عُمان رحل؛ فتوشحت عُمان بالحزن، وساد الألم كل ناحية في وطن قابوس، الذي بناه من الصفر وجاهد لبقائه عزيزًا مُهابًا حتى آخر لحظات حياته.

بعد ذلك، سهر العُمانيون ليلتهم ليودعوا قائدهم العظيم، وليطمئنوا على سلامة انتقال السُلطة في وطن السلام، فلم يكن أحدٌ يعرف من سيخلف السُلطان قابوس، ولا كيف ستتم مراسم الجنازة، وظّل الجميع مُتسمِرًا أمام شاشات التلفزة، تتقاذفهم أمواج الحزن على قائدهم ويحدوهم الأمل بخلفٍ صالحٍ يحفظ إرث الراحل ويقود بلادهم إلى مرافئ الأمان. لم تكن تلك اللحظات سهلة، لقد كانت مِفصلية في تاريخ عُمان الحديث؛ حيث تم مساء الجمعة استدعاء أعضاء مجلس عُمان (الشورى والدولة) بشكل عاجل وسري لحضور جلسة طارئة صبيحة السبت الحزين، في الوقت الذي أمّنت فيه المؤسسة العسكرية والأمنية البلاد، لضمان الانتقال السلس للحكم في البلاد. واتفقت الأسرة المالكة الكريمة على تنفيذ وصية السلطان قابوس، إكرامًا لذكراه وإيمانًا برؤيته فيمَن يستطيع حمل الأمانة من بعده. فأُعلن في الحادي عشر من يناير 2020 في جلسة لمجلس عُمان عن تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد، ووُرِي السلطان الراحل الثرى في مسقط، ظهيرة ذلك اليوم، وبدأ عهد جديد في عُمان.

كانت تركة السلطان قابوس عظيمة في الإنجاز وفي المواقف الخالدة التي ربطته بشعبه طوال 50 عامًا؛ لهذا لم تكن الانطلاقة سهلة؛ فالإرث العاطفي حضر بقوة طوال الخمس سنوات التي خلت من عهد النهضة المُتجددة؛ فالزعيم الراحل خلَّد ذكراه في كل قطرة دم تجري في عروق العُمانيين، وفي كل ذرة تراب من عُمان، في الوقت الذي كان فيه لا بُد من اتخاذ قرارات مفصلية لإعادة هيكلة الدولة وتصحيح المسارات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد لتجنب الأسوأ، ومما لا شك فيه أنَّ القرارات مؤلمة، وخاصةً عندما تتعلق بمعيشة الإنسان وتغيير نمط حياته. نعلم أن هذا لم يكن سهلًا لسلطان جديد يتوق لبسط يد العطاء والرحمة لمواطنيه؛ حيث كانت الخيارات قليلة وصعبة، ما بين الاستمرار على ما هو قائم تجنبًا للاصطدام بالواقع أو المضي قدمًا في التصحيح، ولو كان مؤلمًا. راهن جلالة السلطان المعظم- أبقاه الله- على وفاء شعبه ومحبتهم لعُمان وتقديرهم لضرورات المرحلة التي تطلبت فرض العديد من الإجراءات الاقتصادية الصعبة للحفاظ على قوة الريال العُماني، ومجابهة التضخم، وفك المديونية العالية على البلاد من خلال تنفيذ خطة "التوازن المالي"، التي حُدد لها خمس سنوات انتهت في ديسمبر 2024 بتحسنٍ كبيرٍ لأداء الاقتصاد العُماني، وارتفاع مستوى التصنيف الائتماني إلى نظرة مستقرة، وهو ما ولَّد مناخًا استثماريًا آمنًا.

وبعد انقضاء سنوات التوازن المالي، يتطلع العُمانيون بشغفٍ لأعوام فيها يُغاث النَّاس، وفيها يعصرون، وخاصة في الملفات الأكثر إلحاحًا على المستوى الوطني، وعلى رأسها الباحثين عن عمل، الذين تخطت أعدادهم 100 ألف شاب وشابة، ينتظرون الفرج بعد أن قضوا ردحًا من أعمارهم في الدراسة والتدريب والتأهيل، يحدوهم الأمل بأن يساهموا في بناء نهضة بلادهم المتجددة، بعيدًا عن المزايدات على قدرة القطاع الخاص على استيعابهم عبر تسمين الشركات بأموال الدولة، دون أن تكون هناك نتيجة مباشرة في تشغيل العُمانيين؛ إذ إنَّ القطاع الخاص الريعي الذي ظلَّ قائمًا بفضل أموال الدولة طوال 54 سنة، ولم يُطوِّر من قدراته الذاتية وممكناته، ليس جديرًا باستلام هذا الملف الكبير والخطير. ولذلك نرى أن يُولى الأمر إلى لجنة وطنية للتشغيل، توكل رئاستها إلى شخصية وطنية فذَّة، تستطيعُ فرض التعمين على الشركات الحكومية أولًا وتوطين صناعات النفط والغاز والمعادن، لكي تستطيع أن تقدم قيمة مضافة للداخل؛ فليس من المقبول أن نورِّد خامات بلادنا الى الخارج برخص التراب ونعيد استيرادها بالمليارات! ولا شك أن إقامة المصانع التي تُحوِّل المواد الخام إلى منتجات شتى سترفع من الأداء الاقتصادي وتُوجِد آلاف الفرص الوظيفية للعُمانيين، وتُساهم في رسوخ البناء الداخلي للدولة وصولًا إلى الرفاه المنشود.

حفظ الله بلادي، وكل عام وجلالة السلطان بخيرٍ، وعُمان في رقيٍ وسؤددٍ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سفراء المحافظات يطلعون على أهم المشاريع الحيوية بمسقط

قام المشاركون في ملتقى سفراء المحافظات اليوم بزيارات ميدانية إلى عدد من المشاريع الحيوية في محافظة مسقط، شملت كلاً من مدينة السلطان هيثم، وحديقة النباتات العُمانية، وازدواجية طريق الأنصب - الجفنين، والممشى الأخضر، حيث اطّلع سفراء المحافظات على أبرز ملامح مدينة السلطان هيثم، التي أُنشئت على مساحة تتجاوز 14 مليون متر مربع، لتستوعب نحو 100 ألف نسمة، وتضم 20 ألف وحدة سكنية تتوزع على 19 حيًا متكامل الخدمات، وتعرفوا على المرافق التعليمية والصحية والمجتمعية التي تتضمنها المدينة.

كما تضمن البرنامج زيارة مشروع "حديقة النباتات العُمانية"، وهو أحد أكبر المشاريع البيئية في الوطن العربي، وتقع الحديقة على مساحة 430 هكتارًا في ولاية السيب، وتضم كافة أنواع النباتات العُمانية.

وشملت الزيارة كذلك الاطلاع على مشروع ازدواجية طريق الأنصب – الجفنين، الذي يُعد من المشاريع الحيوية الرامية إلى تعزيز البنية التحتية المرورية في محافظة مسقط، ويمتد على طول 15 كم من منطقة فلج الشام بولاية بوشر إلى الجفنين، ويتضمن ثلاث حارات في كل اتجاه.

وزار سفراء المحافظات مشروع "الممشى الأخضر" بمنطقة المعبيلة الجنوبية، الذي تم تنفيذه على مساحة تُقدّر بنحو 152 ألف متر مربع، ويضم مرافق رياضية وترفيهية متعددة.

واطّلع المشاركون خلال الزيارة على عدد من العروض المرئية التي استعرضت مشروعات أخرى قائمة مثل مركز رفق لرعاية وتأهيل الحيوانات الضالة، ومشروع مسار العامرات، ومشروع سارية العلم، ومشروع مدينة يتي المستدامة، بهدف إطلاعهم على التنوع في المشاريع ونماذج العمل المعتمدة في المحافظة.

وقالت المهندسة روعة بنت علي الشقصية رئيسة قسم المناقصات والعقود بمكتب محافظ جنوب الباطنة: إن الملتقى فتح آفاقًا للاستفادة من الخبرات العلمية والعملية من المختصين والمشاركين من جميع المحافظات لتذليل التحديات في المشاريع الحكومية.

وقالت المهندسة شيخة بنت أحمد الوحشية من محافظة الظاهرة: "خطوة موفقة ذات أثر ملموس، حيث نقلتنا من أروقة النقاش النظري إلى الواقع الميداني، وأظهرت زيارتنا لمدينة السلطان هيثم وحديقة النباتات العُمانية تخطيطًا وتنفيذًا مذهلين، وقدمت لنا تجربة ملهمة ورؤية عملية للتقدم والابتكار الممكن في العمل المؤسسي والخدمي".

وأكدت المهندسة أنفال بنت عيسى الحمدانية من محافظة جنوب الباطنة، أن الزيارة الميدانية كشفت لهم معالم مدينة السلطان هيثم والشراكة الناجحة بين الجهات الحكومية والخاصة، مشيرة إلى النقلة التنموية التي تشهدها البلاد في مختلف المجالات.

وقال سليمان الشيباني من محافظة الداخلية: "الملتقى منصة مهمة لتعزيز التعاون وتكامل الجهود بين المحافظات، ويمثل خطوة نوعية نحو ترسيخ مفهوم العمل المؤسسي التشاركي، ويعكس توجهات دعم اللامركزية الإدارية، وتمكين المحافظات من أداء أدوارها التنموية بكفاءة وشفافية. وقد أتاح لنا هذا اللقاء فرصة ثمينة لتبادل التجارب ومناقشة التحديات، إلى جانب الاطلاع على المشاريع الرائدة في محافظة مسقط، مما يعزز من فهمنا لواقع العمل الميداني ومسارات التطوير المستقبلي، ونتطلع إلى استمرار هذه المبادرات النوعية لما لها من أثر إيجابي مباشر على جودة الأداء الحكومي وتعزيز التنمية المتوازنة".

مقالات مشابهة

  • فرحة حاج جزائري وزوجته بعد تحقق حلمهما بالقدوم إلى الحج.. فيديو
  • عميد الدراسات الإسلامية بأسوان يوضح خطوات الحج والعمرة.. وأدعية الطواف التي لا تُنسى
  • «يا رايحين للنبي الغالي».. ما هي الأمور التي تفسد الحج؟
  • تكريم الطلبة المجيدين بمعهد العلوم الإسلامية بالبريمي وصلالة
  • كيف لي أن أبدد مخاوفها وهي التي تظن أنني سأتركها بسبب مرضها؟
  • سفراء المحافظات يطلعون على أهم المشاريع الحيوية بمسقط
  • الإمارات تحقق نسبة 100% في الوصول للكهرباء
  • إمام وخطيب مسجد العلي العظيم يوضح الخطوات التي يحتاجها الإنسان للتحصين من الحسد
  • استعدادات نهائية لافتتاح كلية الطب بجامعة ظفار
  • الأضحية عذاب للحيوان.. كيف رد الشرع على المشككين في السنة التي شرعها الله؟