ندوة تناقش المسرح والذكاء الاصطناعي بين السيطرة وثورة الإبداع
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
مسقط- العُمانية
أقيمت اليوم في محافظة مسقط ندوة بعنوان "المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع" في إطار فعاليات الدورة الـ 15 لمهرجان المسرح العربي الذي تستضيفها حاليًّا سلطنة عُمان ممثلة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب.
واستهلت الجلسة الافتتاحية للندوة التي عقدت بفندق راديسون بولاية بوشر بتمهيد نظري قدمه الدكتور يوسف عايدابي من السودان الذي قال عبر ورقته بعنوان "(ذكاء) بين صراع السيطرة وثورة الإبداع الإنساني" إن مع الذكاء الاصطناعي تتراجع التكنولوجيا الشعبية التي استخدمها الإنسان المؤدي على المسرح لأدائه وعروضه لجمهور يتعرف بيسر على تلك التقنية المعروفة لديه ويتأثر بها، بل ويجد لها في مزاجه ودواخله صداها.
وأضاف أن البعض يرى هذه التقنية الاصطناعية تقتل الإبداع، فيما يرى آخرون أن هناك من يوجد ذلك الإبداع لنشاهد محاور ومداخلات هذه الإشكالية بين التقنيات والإبداع والإنسان.
وأوضح أن علينا التعرف وفهم كيفية القدرة في التحكم على هذه الصناعة الجديدة التي يمكنها أن تُوظف في المسرح وفي مزاج وجديد وصل يكفل للمتلقي دهشة وفرح وفرجة تذهب به إلى الفكرة، فنجد في استخدام التقنية الجديدة لزوم ما يلزم حتى تغدو بعد حين قديمة يأتي بعدها الجديد.
وتحدث خلال الجلسة الدكتور أسامة لاذقاني من سوريا عن المساحة الرمادية المنطقة الغامضة وغير الواضحة بالنسبة للناس، وما هو الفرق بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي وكيف يميز بين تلك المساحة، كما تناول التحديات وطريقة تعريف موضوع الذكاء الاصطناعي، والوسائل التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون حاضرًا فيها في العمل المسرحي والإبداع الفني وكيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في الأعمال الفنية الإبداعية والمسرحية.
وأكد على ضرورة توجيه التعليم التقني بما يتناسب مع احتياجات المستقبل والعصر من خلال إدماج البرامج التعليمية والتركيز على التقنيات الحديثة والرقمية لإعداد جيل قادر على استخدام الذكاء الاصطناعي في الحاضر والمستقبل.
وفيما يتعلق بجانب التراث في المسرح، أوضح الدكتور أسامة أن الذكاء الصناعي يؤدي دورًا مكملًا، ولا يلغي الهوية والعمل الإنساني بل يقدمه بشكل أفضل، فهو وسيلة مساعدة ولا أرى أي حاجز أو مانع من استخدام كل التقنيات الحديثة وتوجيهها في جميع أنواع المسرح، لافتًا إلى أن أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في المسرح والعروض الفنية تعد أمرًا حساسًا ومهمًا للغاية، وينبغي أخذها في الاعتبار عند تطبيق التكنولوجيا الذكية في العروض الفنية وضمان تأثيره الإيجابي وتعزيزه للعمل الإبداعي دون التأثير على القيم والمبادئ الأخلاقية للإنسان.
وذكر أن دمج التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي في المسرح أصبح أمرًا حتميًّا يفتح آفاقًا جديدةً لتجاربَ فنية وإبداعيةٍ تعزز التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا، وتسهم في إضفاء بُعدًا جديدًا في فضاء الفن، يعيش من خلالها المشاهدون تجربةً فنيةً فريدة.
وقال إن الذكاء الاصطناعي ينبغي ألا يكون مجرد بديل للإبداع البشري، بل يجب أن يكمل ذلك الإبداع لتحقيق رؤىً وتجارب مسرحيةٍ جديدةٍ ومثيرة، من خلال دراسة مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على مفهوم المشهد وتفاعل الجمهور مع العروض المسرحية، وأهمية فهم وتحليل تأثيراته على المسرح.
وفي الجلسة المفتوحة للندوة التي أدارها الدكتور حمزة جاب الله من الجزائر، تم تسليط الضوء على كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير تقنيات الإضاءة المسرحية وتعزيز الإبداع الفني، ودور الذكاء الاصطناعي في تحسين التفاعل الحي مع الجمهور، وإيجاد تأثيرات ضوئية متطورة تتناغم مع مجريات العرض المسرحي.
وتحدث خلال الجلسة المخرج والفنان البصري المسرحي المغربي الدكتور محمد رضا تسولي عن تصميم الديكورات في المسرح والأزياء والفيديو من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما قدم عددًا من الشروحات النظرية والتطبيقية ومراحل إدماج تقنية التصميم عن طريق الذكاء الاصطناعي طيلة مراحل تصميم الأزياء منذ طرح الفكرة إلى التنفيذ، وكذلك بالنسبة للديكورات وتقنيات الفيديو، والبرامج التي يمكن استخدامها والأفكار الأساسية المطروحة كتوليد الكلمات التي تسمح بالتصميم، التي تعد أهم آلية موجودة في مجال تصميم الصور عن طريق الذكاء الاصطناعي، داعيًا إلى أن يستخدم الذكاء الاصطناعي بوسطية واعتدال كي لا يم طمس مجهود الفنان في هذه العملية الإبداعية.
من جانبه، تناول عماد الخفاجي من العراق موضوع استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي في التصميم الإبداعي "الإضاءة المسرحية البديلة"، وقال إن الإضاءة المسرحية كانت دائمًا عنصرًا حاسمًا في بناء التجربة البصرية والوجدانية لأي عرض فني، فهي ليست مجرد وسيلة لإبراز الممثلين أو تسليط الضوء على الحركة المسرحية، بل هي أداة قوية لتشكيل العواطف، وإيجاد المزاج، وترجمة الأفكار المجردة إلى رموز بصرية تترك انطباعًا عميقًا لدى الجمهور، وعبرها يمكن إظهار التوتر، والفرح، والحزن، والغموض، ما يجعلها عنصراً متكاملاً مع السينوغرافيا والإخراج.
وأضاف أن مع التطور التكنولوجي السريع، ظهر الذكاء الاصطناعي كأداة مبتكرة تُعيد تشكيل فهمنا لدور الإضاءة في العروض المسرحية، بحيث أصبح تصميم الإضاءة المسرحية لا يقتصر فقط على تسهيل العمليات التقنية، بل يفتح آفاقًا جديدة للإبداع من خلال قدرته على التفاعل اللحظي مع حركة الممثلين وأحداث المسرحية.
كما تحدث الدكتور أيمن الشريف من الأردن حول "قناع الفيتروفيوس" لدمج حركة الممثل والتكنولوجيا وإنترنت الأشياء بما يمكن الممثل من مشاهد سينوغرافية رقمية، من خلال مجسات ترسل لبروجكتورات البث.
وقال إنه أخذ فكرة قناع "بيتوفيوس" وشاعريته الذي يعمل على فكرة التخاطب الإلكتروني من خلال حركة الممثل يتم تبديل المشاهد بناء على منبه موجود على القناع ويرسل على داتا العرض في سقف المسرح ويتم تغيير المشاهد بناء عليها ليرتجل الفنان ليؤدي حوارًا أو الرقص التعبيري وكل الوسائل التي تحتاج إلى سينوغرافيا إلكترونية بدلًا من شخص مع جهاز محمول في الكواليس وهذا القناع يغني عن هذه المسائل ويختزل العملية تقنيًّا في العروض التعبيرية والأدائية.
ومن جانبه أكد عبداللطيف فردوس من المغرب خلال الجلسة أن الذكاء الاصطناعي وتوليد النص المسرحي أصبح متاحًا للذكاء الاصطناعي اليوم لكتابة نصوص درامية جديدة، أو المساعدة على تحيين النصوص الموجودة بناء على تحليل الأنماط الأدبية، كما يمكنه تحليل النصوص لاكتشاف نقاط القوة والضعف واقتراح التعديلات المناسبة (النقد الجديد).
وأضاف أن التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي حقق قفزات كبيرة، منذ أن أصبح يرتكز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، أي أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتيًّا دون تدخل الإنسان.
وأوضح أن البرمجيات والتطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في مجال المسرح أصبحت تستخدم بشكل متزايد، لدى من دخلوا هذا العالم من صُناع الفرجة.
وعلى هامش الندوة، تم التوقيع على ثلاثة إصدارات للهيئة العربية للمسرح لعام 2025 للدكتور سامي جمعان وعبدالله العطية من السعودية، والدكتور حسن رشيد من قطر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی والذکاء الاصطناعی فی المسرح من خلال
إقرأ أيضاً:
ربنا يستر.. خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي بيجاوب بفهلوة في المسائل الدينية
حذّر الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المسائل الدينية أو طلب الفتوى، مؤكدًا أن هذه التقنية رغم تقدمها الكبير، لا تزال تفتقر للدقة والضبط في التعامل مع النصوص الشرعية.
وقال الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، "حضراتكم عشان تبقوا عارفين، إحنا عملنا اختبار للذكاء الاصطناعي.. أنا شخصيًا كنت بدي له أسئلة دينية دقيقة عشان أشوف مدى تمكنه، وللأسف لقيته بيرد بالفهلَوة!".
الشيخ خالد الجندي: قاعدة الضرر يزال مفتاح استقرار المجتمع
هل تفسير الأحلام علم شرعي؟.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل
خالد الجندي: من يُحلّل الخمر أو الحشيش فقد غاب عنه المخ الصحيح .. فيديو
خالد الجندي: مشاهد يومك قد تقودك إلى الجنة أو النار.. وفرغ قلبك لله وقت العبادة
وسرد الشيخ خالد الجندي واقعة واقعية خلال اختباره للذكاء الاصطناعي، قال فيها: "سألته: هاتلي فعل أمر أوله ياء من القرآن الكريم، فقال لي: مفيش، فعل الأمر لا يمكن أن يبدأ بحرف الياء! فقلت له: ده كلام غلط. عندك في سورة طه: يسِّر لي أمري، و(يسِّر) فعل أمر أوله ياء، وبعدها اعترف إنه أخطأ وقال: فعلاً، دي أول مرة آخد بالي!".
وتابع الشيخ خالد الجندي "قلت له ربنا يستر على الباقي!"، مشددًا على أن مثل هذه الأخطاء تُظهر خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الإفتاء أو الاستدلال بالنصوص الشرعية، لأن الأمر يتطلب فقيهًا مدرّبًا، ملمًا بالمقاصد الشرعية، ومراعيًا لأحوال الناس وظروفهم.
الشيخ خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي مفيد في المعلومات العامة فقطوأكد الشيخ خالد الجندي على أهمية الوعي العام بهذه المسألة، قائلًا: "الذكاء الاصطناعي مفيد في المعلومات العامة، لكن في الدين؟ لأ.. لازم مفتي راشد، دارس، عنده أمانة علمية وإنسانية".
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الإفتاء ليس مجرد رأي يُقال، بل هو علم متراكم عبر الأجيال منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يدرسه المتخصصون بدقة وفهم واسع للقرآن والسنة والتفسير والحديث واللغة، إضافة إلى إدراك أحوال المستفتي والمفتي والفتوى ذاتها.
وأوضح الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن المفتي حين يتلقى السؤال، يعرضه أولًا على خمس قواعد أساسية تُعرف بـ"المقاصد الشرعية"، وهي: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، وحفظ النفس، مؤكدًا أن هذه المقاصد بمثابة دستور لا يجوز المساس بها أو الإضرار بها.
وتابع الشيخ خالد الجندي "بعد النظر في المقاصد، ينتقل المفتي إلى تقييم المسألة من خلال ما يُعرف بـ"المصالح"، وهي ثلاثة أنواع: مصالح ضرورية، وحاجية، وتحسينية، وتختلف حسب ظروف السائل".
وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن اختلاف الأشخاص يؤدي إلى اختلاف الحكم، ضاربًا مثالًا بثلاثة سائلين يطلبون قرضًا لأسباب مختلفة: أحدهم لعلاج ابنته المريضة (مصلحة ضرورية)، والثاني لتحديث سيارته (مصلحة تحسينية)، والثالث لشراء شقة أوسع (مصلحة حاجية)، لافتًا إلى أن "الحكم لا يمكن أن يكون واحدًا للجميع".
وأكد الشيخ خالد الجندي على أن المفتي يُجري خمسة عشر تصورًا ذهنيًا في كل فتوى (نتيجة المزج بين المقاصد الخمسة والمصالح الثلاثة)، يتم هذا التقدير في لحظة خاطفة، بفضل التدريب والعلم، تمامًا كما يتخذ الطبيب قراره في جزء من الثانية.