عندما نشاهد الدعم المطلق من أمريكا ومعظم الدول الغربية لدولة الكيان الصهيوني، يجب أن نتساءل، ما هى طبيعة العلاقة بين العالم الغربى والكيان الصهيونى؟.
فى البداية سنسرد تاريخ نشأة هذه العلاقة، من مقتطفات من مقالة الكاتب الصحفى «وائل الهرش»، «لماذا تدعم الدول الغربية إسرائيل ؟» فى بوابة الأخبار لشبكة الميادين، فى ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٣: كانت قمة الصراع المسيحى اليهودى فى أوروبا فى عام ١٢٩٠، اذ أصدر ملك إنجلترا «إدوارد الأول»، مرسوماً يفرض بموجبه على يهود إنجلترا، الدخول فى الدين المسيحى أو الرحيل النهائى عن أراضى المملكة، وتبعه فى ذلك ملك فرنسا «فيليب الأول» فى عام ١٣٠٦، وهذا يعكس كره الأوروبيين المسيحيين لليهود، مما أدى باليهود إلى اعتناق المسيحية ظاهرياً والبقاء على يهوديتهم باطنياً، واستمر هذا الوضع إلى أن تمكن اليهود من تأسيس حركة دينية، ظاهرها مسيحى وباطنها يهودى، تطالب بإصلاح الكنيسة والحد من سيطرتها على مفاصل المجتمع، وعرفت هذه الحركة بطائفة «البروتستانت» وتعنى المحتجين باللاتينية، لم يجد البروتستانت مجالاً حيوياً لهم فى أوروبا بسبب قلة عددهم ورفض الكاثوليك لهم، فوجدوا مهرباً لهم الى الأرض المكتشفة حديثاً والتى سميت أمريكا، والتى اكتشفت عام  ١٤٩٢، فبدأوا بالهجرة اليها.

ويشكل البروتستانت الآن الغالبية من مسيحيى أمريكا، ولذلك يطلق على الأمريكى التقليدى كلمة «واسب»، اختصارا لـ«وايت أنجلو ساكسون بروتستانت»، أبيض البشرة إنجليزى من أصل جرمانى وبروتستانتى الديانة، ويظهر البروتستانت التصالح اليهودى المسيحى، والآن فى الكنائس يدعون لإسرائيل، ويجمعون التبرعات لدولة الكيان، ويفرضون على الحكومة الأمريكية مساندة إسرائيل، وهذا التيار فى أمريكا يسمى باليمين المتطرف وكذلك  بالصهيونية المسيحية، ويشكل أكثر من ١٥٠ مليون أمريكى منخرطون فى هذا التيار، والمعبر السياسى عنهم هو «الحزب الجمهوري» كمكون سياسى أول، أما المكون الثانى وهو «الحزب الديمقراطى»، والذى انشق عام ١٨٢٨ عن الحزب الجمهورى الديمقراطي، الذى أنشأ بعد الاستقلال فى عام ١٧٧٦، وبهذا انفصل الماسونيون عن المسيحيين الصهاينة. ويعتبر الحزب الديمقراطى أحد إفرازات الحركة الماسونية والتى تشكلت فى أوروبا عام ١٦١٦، وهذه الحركة تعتبر نفسها قائدة للعالم، وتدعو إلى إعادة ترسيم العالم على قياساتها، وتتخذ شعاراً لها المنقلة والزاوية وكلمة ماسونية، التى تعنى «البناؤون»، أى إعادة بناء العالم وقيادته وتطويعه لمصالحهم. هذه الحركة علمانية لا تؤمن بدين وذات عقيدة استعمارية، قاد المسيحيون الصهاينة «البروتستانت»  مع الحركة الماسونية، مخاض الاستقلال الأمريكى عن بريطانيا عام ١٧٧٦، وتم تأسيس دستور علماني، ينتهج مبدأ التوسع الاستعمارى، فبدأ بخمسة عشر ولاية وانتهى بخمسين.
يجب أن يدرك العالم الإسلامى والعربى أن «الحزب الجمهورى» يرى وجود إسرائيل ودعمها وتفوقها وبقائها، شرطاً دينياً لعودة المسيح، وأن «الحزب الديمقراطى» يرى وجود إسرائيل ودعمها وتفوقها وبقائها، شرطاً إستعمارياً للتمدد والهيمنة الأمريكية، وفرض العولمة على شعوب العالم، والسيطرة على منابع النفط، وثروات المنطقة وطرق التجارة الدولية، فضلا أن هذين الحزبين بالرغم من الخلاف الظاهر بينهما، كل منهما عدو للأمة العربية، وداعم رئيسى للمشروع الصهيونى، وهو وجود دولة إسرائيل فى الوطن العربي، لأنه قائم على تبادل المنافع فى حماية المصالح الغربية، والاعتماد عليها للقيام بحروب الوكالة فى بعض الأحيان، ضد من يهددون مصالح الغرب فى الوطن العربى والشرق الأوسط وأولهم العرب. وأقتبس هنا مقولة د. مصطفى الفقى، المفكر الكبير والسياسى البارز، «من الوهم أن نتصور أن يأتى رئيس أمريكى ينحاز إلى العرب أو يكون عادلاً وداعما لهم».
وفى النهاية، ما أسباب هذا القدر من القوة التى تمتلكها دولة إسرائيل، على العالم الغربى وخصوصاً أمريكا ؟، وإجابة  هذا السؤال فى تقرير نشره الإعلامى  الأمريكى «ريان داوسون»، فى إحدى منصات التواصل الاجتماعى فى ٣٠ يناير ٢٠٢٤، نقلا عن مدونته «ليبرتي»، ذكر الأسباب الأتية:
أولا: الرشوة.. تقوم لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (ايباك)، برشوة أعضاء الكونجرس لتنفيذ أوامر إسرائيل، ومطلبهم الأول ودائما إرسال المزيد من الأموال والسلاح، وإذا خرج أحد أعضاء الكونجرس عن الخط، فسوف يتم تمويل خصمه فى الانتخابات المقبلة، نسبة ٩٥ % من المرشحين المعتمدين من قبل «ايباك» مؤكد فوزهم.
ثانياً: الابتزاز.. تعمل شبكة من اليهود الأثرياء، بمثابة العمود الفقرى المالى لبناء عمليات ابتزاز ضخمة، وكلهم من اليهود الصهاينة وعلى صلة وثيقة بمسئولى الدولة الإسرائيلية، وبمجرد أن يتم اختراق شخص ما، وهو لا يوافق على الرشوة، فيتم التعامل معه من خلال الابتزاز.
ثالثاً: وسائل الإعلام.. اليهود الصهاينة هم الطبقة المالكة لوسائل الإعلام فى العالم، وهم يقومون بتشويه الأصوات المعارضة، أو تدمير سمعتهم، أو إدخالهم السجون، فهم لا يقومون فقط بتصفية الأخبار التى يسمعها الجميع، بل يقومون علنا بتشويه ومراقبة أى شخص لا يتفق معهم، لم يكن من الممكن أن تكون هناك حرب فى العراق أو سوريا، أو اليمن، أو التطهير العرقى والإبادة الجماعية فى فلسطين، دون السيطرة الكاملة على السرد فى وسائل الإعلام الأمريكية.
وأخيراً، أود أن أقتبس مقولة الرئيس الأمريكى «جو بايدن»: «لو لم تكن هناك إسرائيل فى الوجود، لعملنا على إقامتها».

محافظ المنوفية الأسبق

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكى وسائل الإعلام الإمريكية دولة إسرائيل منصات التواصل الاجتماعي

إقرأ أيضاً:

الأونروا: الأوضاع كارثية والمجاعة بلغت ذروتها في معظم مناطق قطاع غزة

أكدت مسئولة مكتب الإعلام بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا في غزة إيناس حمدان، أن الأوضاع بشكل عام أبعد من الكارثية في قطاع غزة وتدهور بشكل كبير خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي.

وقالت حمدان في مداخلة لقناة روسيا اليوم الإخبارية إن تقرير تصنيف مراحل الجوع يشير إلى أن هناك مؤشرين من 3 مؤشرات من حالات الجوع العميقة تنطبق على قطاع غزة، الأول هو انخفاض استهلاك المواد الغذائية والثاني ارتفاع معدلات سوء التغذية، مشيرة إلى أن الأرقام التي تضمنها التقرير صادمة ومرعبة.

وأضافت أن التقرير يقول بإنه على الأقل هناك 20 ألف طفل على الأقل تم إدخالهم إلى المستشفيات والمراكز الصحية بأمراض سوء التغذية من بينهم 3000 طفل تم تشخيصهم بسوء التغذية الحاد وفي مراحله الخطيرة.

وتابعت أن التقرير تضمن أيضا أن هناك 500 ألف شخص من سكان القطاع يعانون من مستويات مختلفة من الجوع أي ما يعادل ربع سكان القطاع وكل تلك المؤشرات تدل على أن أوضاع حالة الجوع والمجاعة هى بالفعل بلغت ذروتها في معظم مناطق قطاع غزة.

وأشارت إلى أن جذر المشكلة في القطاع لاتزال كما هى، وهى إطباق الحصار على القطاع وعدم السماح بإدخال المساعدات والإمدادات، منوهة بأن كل مناحي الحياة تضررت بشكل كبير في القطاع ولا يوجد أدنى مقومات للحياة، فإلى جانب أزمة التجويع المستمرة على القطاع الغارات لم تقف مما يؤدي الى زيادة أعداد الضحايا الذين يتم قصفهم وهو ما يدل على مأساة حقيقية داخل القطاع.

وشددت على أن عمليات النزوح المتكررة عملت أيضا على تعميق الأزمة داخل القطاع، حيث أن أكثر من 85% من مساحة القطاع تقع ضمن المنطقة العازلة بمعنى أن أكثر من 2 مليون شخص يتم تكديسهم في مساحة لا تتجاوز 15% ولا تتوفر بها المرافق الحياتية والحيوية، بالإضافة الى تدمير أكثر من 80% من الوحدات السكنية وتدمير البنى التحتية وانهيار الأوضاع الصحية بسبب أزمة الوقود، لذلك كل مقومات الحياة شبه سقطت في قطاع غزة.

وكانت وكالة الأونروا قد قالت في وقت سابق إن الأوضاع في غزة تجاوزت عتبة المجاعة مؤكدة أنه لا بديل عن إدخال المساعدات برا.

اقرأ أيضاًالأونروا: المدينة الإنسانية في جنوب غزة ستكون بمثابة معسكرات اعتقال جماعية للفلسطينيين

الأونروا: إسرائيل تقتل يوميا صفا دراسيا كاملا من الأطفال في غزة

الأونروا: الاحتلال الإسرائيلي يجبر أهالي غزة على النزوح مجددًا

مقالات مشابهة

  • تحليل بريطاني: القدرات العسكرية اليمنية أربكت أمريكا و”إسرائيل”
  • الأونروا: الأوضاع كارثية والمجاعة بلغت ذروتها في معظم مناطق قطاع غزة
  • عقب زلزال كامتشاتكا… أمواج تسونامي تصل إلى هاواي الأمريكية وتحذيرات في بلدان عدة حول العالم
  • أمريكا.. إمبراطورية الأزمات
  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
  • عماد الدين حسين: أمريكا تمد إسرائيل بالسلاح والمال والدعم السياسي
  • دول عربية وإسلامية كبرى تدعم إسرائيل اقتصادياً وتزوِّد الكيان المجرم بالبضائع :شركة الشحن الإسرائيلية ZIM تستمر في أنشطتها عبر الموانئ التركية
  • لماذا لم تنتصر إسرائيل رغم تفوقها؟
  • أبو العينين في مؤتمر الجيزة: الجبهة الوطنية يساند الدولة في معركة البناء وتدعم مرشحيها... وموقف مصر من فلسطين ثابت ورافض للتهجير
  • «لسنا إسرائيل أو إيران».. روسيا لـ ترامب: نهجك يؤدي لحرب تشمل أمريكا