الكتاب: أمريكا والتحدي الإفريقي .
الكاتب: تشستر باولز.
ترجمة: صالح محروس محمد، مصطفى سيد عبد العاطي.
تحقيق ومراجعة: صالح محروس محمد.
الناشر: مرايا للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2025م
عدد الصفحات: 194 صفحة .


تصارعت السياسية الاستعمارية حول القارة الإفريقية الغنية بثرواتها، لعقود وقرون مرت على المستعمر الغربي في القارة الإفريقية بين استبداد واستغلال دون الارتقاء بالإنسان الإفريقي، أو على الأقل إنهاء نظام العبودية والقهر، الإفريقي يمتلك في باطن أرضه كنوزا وذخائر كانت سبباً لرفاهية دول الاستعمار، الذي يتغنى دوماً بحق الشعوب في تقرير مصيرها، ولكن ليس كل الشعوب، وإنما للشعوب التي يرتئيها المستعمر امتدادا لاستعمار تلك الدول عبر حكم ذاتي أو تابعية تامة أو حتى وصاية، فالولايات المتحدة الأمريكية ترى في نفسها مسؤولة عن شؤون العالم الحر، في أحلاف نمطية كمنظمة الناتو أو منظمة حلف الأطلس، الذي مازالت مخالبه مغروسة في كل عاصمة إفريقية، عبر شركات تجارية استثمارية، أو مؤسسات تعليمية ومراكز للرفاهة الاجتماعية تعنى بشؤون المرأة والطفل بالدرجة الأولى.



هذه الدراسة كتبها تشستر باولز السفير الأمريكي السابق في الهند، والحاكم السابق لولاية كونيتيكت الأمريكية، شخصية دبلوماسية مطلعة على معالم السياسية الأمريكية تجاه القارة الأفريقية، لديه من الوضوح والخيال غير العادي الذي تتمتع به كتاباته حول المشكلات الدولية الصعبة، وأيضا علاقاته مع قادة أفارقة وأيضا دبلوماسيين يعملون في إفريقيا، وقدرته على المناقشة والتحليل، وخبرته الواسعة والعملية في هذا المجال.

تكمن أهمية هذه الدراسة أنها تبين أسس السياسة الخارجية الأمريكية التي تسير عليها الولايات المتحدة حتى الآن، فقد أوضح استراتيجية تقديم المعونات المالية للدول الأفريقية، ومدى استفادة الولايات المتحدة من ذلك، من حيث فتح الأسواق الأفريقية أمام المنتج الأمريكي، وأيضا ضخ الاستثمارات الأمريكية، ورأس المال الأمريكي في أفريقيا قارة الفرص، وأيضا النيل من خيرات القارة الفتية قارة المستقبل قارة افريقيا.

تكمن أهمية هذه الدراسة أنها تبين أسس السياسة الخارجية الأمريكية التي تسير عليها الولايات المتحدة حتى الآن، فقد أوضح استراتيجية تقديم المعونات المالية للدول الأفريقية، ومدى استفادة الولايات المتحدة من ذلك، من حيث فتح الأسواق الأفريقية أمام المنتج الأمريكي، وأيضا ضخ الاستثمارات الأمريكية، ورأس المال الأمريكي في أفريقيا قارة الفرص، وأيضا النيل من خيرات القارة الفتية قارة المستقبل قارة افريقيا.أوضح الكاتب آليات العمل الأمريكي داخل إفريقيا التي ترفع توصياتها إلى القادة والساسة لاتخاذ القرارات المناسبة لخدمة المصالح الأمريكية في إفريقيا، وركز على أهمية إعداد الدبلوماسي الأمريكي الذي يعمل في إفريقيا إعداداً جيداً، ويكون على علم بطبيعة المكان، وأيضا طبيعة الإنسان الإفريقي.

بين باولز حجم التحدي الإفريقي الذي واجه الأمريكان المتمثل في التحدي الاقتصادي، والسياسي، والأيديولوجي في بوتقة واحدة، ولكن إذا لم تتحرك دول الأطلس لتوفير ظروف معقولة للاستقلال الإفريقي، فسوف يتولى القادة المتطرفون زمام الأمور، وستتوفر للشيوعية فرصة تحقيق انتصارات جديدة، مما يعني أن هناك تحديا عسكريا أيضاً، (ص9).

يقول الكاتب: إن إفريقيا قارة المستقبل للأمريكيين "أمننا ورفاهيتنا على المدى الطويل يتطلبان منا أن نصبح أبطالاً مسؤولين، ليس للوضع الراهن المكروه والمحكوم عليه بالفناء، ولكن إفريقيا الجديدة والحرة"، فهناك حاجة ماسة لسياسة أمريكية جديدة في القارة الأفريقية.

ضم الكتاب ثلاثة فصول هي أشبه بالمذكرات الشخصية أو اليوميات التي طرح فيها الكاتب مآلات المستقبل الأمريكي داخل القارة الإفريقية، على أساس أن الولايات المتحدة راعية حقوق الإنسان، وصاحبة حق تقرير المصير فالفصل الأول ضم أصوات إفريقيا، وفيه استعرض باولز نظر معظم الأمريكان إلى إفريقيا عام 1945م، على أنها الأراضي الغربية والنائية للبعثات التبشيرية، والسكان الأصليين، وصيادي الحيوانات الكبيرة، ومع زيادة الأصوات الصحفية والإعلامية والروائية ورجال الأعمال والموظفين العوام، الذين كتبوا عما تتمتع به إفريقيا من تعقيد وثروة وفرص لا محدودة، لا يمكن تجاهل إفريقيا بعد الآن.

كما هو معلوم تغطي القارة الإفريقية خمس مساحة سطح الأرض، وهي مساحة أكبر من مساحة الصين، والولايات المتحدة مجتمعين، وتعداد سكان القارة الإفريقية يبلغ حوالي مائتي مليون عام 1956، وتعد إفريقيا أغنى مصدر غير مستغل للثروة المعدنية التي لا تزال متاحة لعالم يبدد ثرواته بسرعة، سيما وأن إفريقيا تمزقها موجة من القومية المناهضة للقوى الاستعمارية، التي تخلق مشكلات سياسية مع احتمالية كبيرة لنشوب ثورات لم يسبقها إليها سوى أسيا. (ص21).

تعمق الاستعمار الفرنسي والبريطاني، والبلجيكي، والبرتغالي، وحتى الأسباني للقارة الأفريقية، بين استغلال للثروات، تحت الحكم العسكري أو الذاتي، بصورة لا يمكن للشعوب الإفريقية الانفكاك عنها إلا بثورات عارمة تجتاح دول القارة الإفريقية من شرقها لغربها، لتنفض غبار عقود من الاستعمار والعبودية لشعوب تمتلك المحرك الأول لرأس المال العالمي، إلا أن حرص المستعمر على تفشي الجهل والأمية، والانخراط في تلك الدول المستعمرة من بوابة الحاجة الإنسانية، جعلها تترك القارة الأفريقية حبيسة الجهل والأمية والاستغلال لسنوات بل لقرون عديدة.

يقول الكاتب: "كان الحكم البريطاني في غرب إفريقيا قاسياً أحياناً، وربما قاسياً بدون داع في بعض الأحيان، إلا أننا لسنا طغاة متوحشين، لم نكن من جلبنا العبودية إلى افريقيا، لقد وجدناها هنا، متأصلة منذ قرون على يد شعوب افريقيا، ولقد قضينا عليها بعد أن كلفتنا الكثير..." ويضيف: ساعدنا في خلق الحركات القومية التي تتحدنا، تلقى الشباب الإفريقيين الذين يحاولون الانتقاص من قدرنا الآن، تعلموا في جامعات بريطانية وأمريكية، نفضل المعارضة المتعلمة ذات حس المسؤولية التي تعرف كيف تجاري اللعبة بمهارة".

استحوذ الأوروبيون البالغ عددهم عشرين ألفاً على المرتفعات الجبلية الصحية الغنية بالفحم، التي تبلغ مساحتها ستة عشر ألف ميل مربع، التي تعتبر أكبر من بلجيكا أو هولندا، بينما احتجزت الغالبية العظمى من الخمسة ملايين أفريقي في الأراضي الصخرية، حيث تعلموا أن يكرهونا وألا يثقوا فينا نحن الأوروبيين هذا الصراع هو قلب مشاكلنا" (ص36).

لا يمكن أن تكتب النجاة الأبدية لأية دولة تتجاهل مصالح الأغلبية من شعبها في هذا العصر، التي تشكل أعراق غير البيض 80%من تعداد جنوب افريقيا السكاني، والقبول بالخنوع الدائم هو انكار لكرامة الإنسان، فالتمييز العنصري موجود وصامد كحائط حجري خلال خمسينيات القرن الماضي.

رأى تشستر باولز أن السنوات القادمة في أفريقيا تمثل نطاق التحدي الذي طرحه في الفصل الثاني، وفيه تتداخل فيها ثلاث قوى تؤثر بشدة في السياسات العالمية، أولى تلك القوى " ثورة الآمال المتنامية"، التي تشكل توجهات وتطلعات المليار ونصف المليار شخص في افريقيا والهند وأمريكا الجنوبية، ويتحقق ذلك من خلال التحرر من السيطرة الأجنبية، سواء السياسية والاقتصادية، والتقدير الكامل للكرامة الاجتماعية بعيد عن العرق، والدين، أو اللون، والفرص الاقتصادية المتزايدة." الهدف الأول لثورة الآمال المتنامية هو حق تقرير المصير، وأن افريقيا هي آخر معاقل الاستعمار الأوروبي الرئيسة، كانت أثيوبيا ومصر وليبريا واتحاد جنوب افريقيا وليبيا والسودان هي الدول الافريقية الوحيدة المستقلة" (ص75).

ثاني تلك القوى، المعدل الذي تبدد به دول حلف الأطلسي مواردها المحلية بما يجعلها معتمدة على الصادرات من القارات النامية كآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، أما ثالث تلك القوى هو التنافس السياسي والاقتصادي والعسكري والأيدولوجي بين دول الحلف الأطلسي، وحلفائهم تقودهم الولايات المتحدة من جهة والدول الشيوعية يقودها الاتحاد السوفيتي من جهة أخرى، وقد خلق التداخل بين تلك القوى ضغوطاً وصراعات حتى بين الدول التي تتشابها، إن لم تطابق، أهدافها طويلة الأمد.

لا تقتصر صعوبة التواصل على اختلاف اللغات أو حتى الأمية التي ربما تصل إلى 85% بأقل مستويات في ساحل الذهب، وأوغندا، والكونغو، وأعلى مستويات في المستعمرات البرتغالية... ولا يثق رؤساء القبائل من سكان البرية أحياناً في المثقفين الأفارقة اللاقبليين من سكان المدينة أكثر مما يثقون في الأوروبيين الذين يتحكمون في حكوماتهم المركزية" (ص79).
المساواة العرقية:

أشار باويلز إلى أن "أقصى درجات التمييز العرقي تطرفاً في اتحاد جنوب أفريقيا التابع للعرق الأبيض، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، لكن هناك إلى حد ما، تمييز عرقي تفرضه أوروبا في معظم أفريقيا المستعمرة يختلف في درجته من أعلى مستويات التقييد في كينيا وروديسيا الجنوبية إلى أقل المستويات في المستعمرات البرتغالية، وغرب إفريقيا البريطاني وغرب افريقيا الفرنسي وافريقيا الاستوائية الفرنسية"، في شكله المتطرف يبرز التمييز العنصري في الافتراض الصريح والضمني أن الجنس الأبيض أسمى من غير الأبيض، وأن تلك إرادة الله، أما في شكله المعتدل، يلعب الرجل الأبيض دور الأخ الأكبر الذي بسبب مكانته السامية في العالم، يعتبر أنسب لاتخاذ القرارات!!"(ص80).

يزيد من ازدراء الأفارقة للظلم العرقي الحالي تجربتهم الطويلة مع البيض، التي تعود إلى وحشية أيام تجارة الرقيق وفترة الغزو الاستعماري في القرن التاسع عشر، فمعظم الأفارقة المتعلمين ليسوا أقل وعياً من الأوروبيين بالظروف المتدنية التي تعيشها معظم أفريقيا لكنهم يزدرئون ما يعتقدون أنه استغلال البيض لأوضاعهم كحجة ليس فقط للاستمرار، بل أيضا في تقوية سيطرتهم السياسية والاقتصادية.

في الحياة الاقتصادية للقارة الأفريقية الأرض هي المورد الأساسي فهي لا توفر الغذاء للشعب الإفريقي فحسب، بل توفر المحاصيل النقدية مثل زيت النخيل والسيزال والكاكاو والفول السوداني والقهوة للتصدير، عن أهمية افريقية اقتصادياً للعالم في سنوات الخمسينيات" أنتجت افريقيا تقريبا كل إمدادات العالم من الماس الصناعي، وأنتجت أيضا 94% من الكولومبيت في العالم ، و84% من الكوبالت ، وكلاهما لا غنى عنه لصنع الفولاذ المقاوم للحرارة المستخدم في الطائرات النفاثة، 41% من البريليوم، و33% من المنجنيز..."

يقدم الفصل الثالث رؤية أمريكية استشرافيه لمستقبل التوغل الاستعماري الأمريكي في القارة الإفريقية تحت عنوان المنهج الأمريكي في افريقيا، فبقاء الحضارة الغربية أصبح يعتمد ليس على المبادئ التي تمنحها المعنى والتوجيه، ولكن على قدرة أحفاد لوك وروسو وجيفرسون على مواجهة العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية المترابطة، والتحدي الأيديولوجي الذي تواجهه الآن من خلال سياسة الاحتواء العسكرية في الغالب.

فلا يزال "الأفارقة يستمدون الإلهام من تاريخنا في مناهضة الاستعمار، على الرغم من العنف الذي ارتكبه العديد من صانعي السياسة لدينا في حق هذا التراث، الكلمات التي استخدمها الأمريكيون جيلاً بعد جيل لوصف تفانيهم في هدف حرية الإنسان في جميع أنحاء العالم معروفة جيداً لمعظم الأفارقة المتعلمين، ففي نص اعلان  الاستقلال الأمريكي " كل الناس خلقوا متساوين" ويقول واضع الدستور توماس جيفرسون" كل العيون تنفتح على أفكار الإنسان...لم تولد البشرية مع سروج على ظهورهم، ولم تولد قلة مفضلة، مجهزة ومحفزة، وعلى استعداد لقيادة الآخرين" وللوصول إلى الحرية قال" شجرة الحرية يجب أن تروى من وقت لآخر بدماء الوطنيين والطغاة".

يزيد من ازدراء الأفارقة للظلم العرقي الحالي تجربتهم الطويلة مع البيض، التي تعود إلى وحشية أيام تجارة الرقيق وفترة الغزو الاستعماري في القرن التاسع عشر، فمعظم الأفارقة المتعلمين ليسوا أقل وعياً من الأوروبيين بالظروف المتدنية التي تعيشها معظم أفريقيا لكنهم يزدرئون ما يعتقدون أنه استغلال البيض لأوضاعهم كحجة ليس فقط للاستمرار، بل أيضا في تقوية سيطرتهم السياسية والاقتصادية.أوصى الكاتب بسياسة أمريكية مستنيرة تجاه افريقيا تأخذ في الاعتبار بشكل أساسي ثورة الآمال المتزايدة التي تتولد في جميع أنحاء إفريقيا شمالاً وجنوباً وشرقا وغرباً، على الرغم من الدبلوماسية الرسمية ليست أداة مثالية للتعامل مع القوى الاجتماعية الديناميكية، ولكن هناك قنوات أخرى متاحة بشكل شرعي، " يجب أن يكون النهج الأمريكي يعتمد على " اعتبارات طويلة الأجل، الاتجاه العام للثورة الأفريقية واضح تماماً، في بعض المناطق يتحرك بسرعة أكبر من غيره... يجب أن نتوقع هذه الأزمات الحتمية قدر الإمكان".

لكنه يعاود القول: "لا يمكن لأي حكومة مسؤولة تسعى بصدق إلى احراز تقدم منظم في افريقيا، أن تدعو إلى التخلص السريع من الحكم الاستعماري، من ناحية أخرى، يعد قبول حجب الحكم الذاتي دون احتجاج حتي يجعل الغوغاء القوميون المحبطون كلاً من الحكومة الاستعمارية المنظمة والانسحاب الكريم مستحيلاً على الأقل غير مسؤول، لقد تم اثبات حماقة هذا المسار في كل من الهند الصينية وشمال إفريقيا.

على مدار صفحات الكتاب يحاول الكاتب إظهار الولايات المتحدة الأمريكية المساند الحقيقي لشعوب أفريقيا أمام الاستعمار البريطاني والفرنسي وبالبلجيكي والبرتغالي وهو الاستعمار الذي يسيطر على ثلاثة أرباع أفريقيا، فليس لدى الولايات المتحدة احتكار للفضيلة المناهضة للاستعمار، فهناك عصر جديد سينطلق في افريقيا، وأن دول الأطلسي تتحمل مسؤولية الإسراع في بلوغ هذا ذلك اليوم، " كانت مثل الحرية على الرغم من أنها أصبحت درامية للعالم المناهض للاستعمار بفضل ثورتنا، كانت مثلا نبتت في بريطانيا وفرنسا"  فبريطانيا القوة الاستعمارية الوحيدة التي تقبل تماماً مبدأ تقرير المصير لمستعمراتها الأفريقي، ويرفض البرتغاليون الحكم الذاتي برمته صراحة، للفرنسيين والبلجيكيين تحفظاتهم الخاصة بناءً على المواقف المعقدة.(ص182).

أوصى الكاتب باتخاذ آليات عمل جادة للولايات المتحدة داخل أفريقية تعتمد أساساً على البحث العلمي حيث أوصى بإنشاء معاهد الدراسات الإفريقية التي ترفع توصياتها إلى القادة والساسة لاتخاذ القرارات المناسبة لخدمة المصالح الأمريكية في أفريقيا، واعداد الدبلوماسي الأمريكي الذي يعمل في افريقيا إعداداً جيداً ويكون على علم بطبيعة المكان وأيضاً بطبيعة الإنسان الأفريقي.

قدم باولز اقتراحاً مدروساً ومفصلاً، لضرورة اتخاذ سياسة إيجابية لأفريقيا باتخاذ سياسة مناهضة للاستعمار التقليدي مع مراعاة شديدة للمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى لأمريكا وحلفائها، ووضح باولز كيف يمكن وضع نهج تطوري منظم من خلال نظام وصاية الأمم المتحدة، والمساعدات الفنية الخاصة، والبرامج الاقتصادية والسياسة الخاصة؛ كيف يمكن لمثل هذه السياسة البناءة أن تتجنب التقسيم المرير لأفريقيا إلى سود ضد البيض، وتحوبا ما يبدو مأزقاً إلى فرص رائعة لأمريكا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب علاقاته أفريقيا امريكا أفريقيا علاقات كتاب عرض كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسیة والاقتصادیة القارة الإفریقیة الولایات المتحدة الأمریکی فی فی افریقیا فی أفریقیا فی القارة تلک القوى لا یمکن

إقرأ أيضاً:

آفاق العلاقات السورية ـ الأمريكية

منذ تسلمه السلطة في سورية عام 1970، أي في ذروة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، لم يتبع حافظ الأسد سياسة أحادية الجانب، سواء في سياساته المحلية أو الإقليمية أو الدولية.

ورغم انحيازه التام للاتحاد السوفييتي أيديولوجيا وعسكريا، إلا أن الأسد الأب لم يجعل سورية تابعا آليا لموسكو، كما هو حال كوبا وكوريا الشمالية، إذ ترك مسافة معها تسمح له باتباع سياساته الخاصة، في عالم لا يمكن فيه إطلاقا تجاهل قوة الولايات المتحدة، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، حيث إسرائيل غاشمة عليه.

من هنا، جهد الأسد على عدم وصول العلاقات مع الولايات المتحدة إلى نقطة الصفر السياسي، فلعب في الساحة الإقليمية، خصوصا في لبنان ومع المقاومة الفلسطينية، وفق مقاربة لا تتجاوز الخطوط الحمر الأمريكية، فيما فتح قنوات خلفية بين استخبارات البلدين، زودت دمشق من خلالها واشنطن بمعلومات حول التنظيمات الإسلامية الراديكالية، إضافة إلى التزامه الاتفاق مع هنري كيسنجر أثناء اتفاقية فك الاشتباك مع إسرائيل عام 1974، بأن تبقى جبهة الجولان هادئة عسكريا.

ومع ممارسته السياسة في إطار فن الممكن، وإدراكه لموازين القوى الإقليمية والدولية، أصبحت سورية الأسد بنظر الولايات المتحدة دولة غير صديقة، لكنها في المقابل دولة ليست عدوة.

الأسد الإبن

بضغط إيراني، وغياب روسي، وسذاجة سياسية للأسد الابن، قامت سوريا ببناء مفاعل نووي عام 2007، سرعان ما دمرته إسرائيل قبل أن يكتمل.

شكلت هذه الخطوة خروجا على الخطوط الحمر الأمريكية ـ الإسرائيلية، وأظهرت الأسد الإبن رجل يفتقر للمهارة السياسية وموازين القوى في المنطقة كوالده.

وعلى الرغم من شدة التوتر السياسي بين الدولتين عقب الاحتلال الأمريكي للعراق، وتحول سورية إلى منصة لتدريب وإرسال المجاهدين للعراق، سرعان ما أدركت الدولة العميقة السورية خطورة وحدة الموقف الأمريكي من سورية، فعمدت الأخيرة منذ عام 2009، إلى الانسحاب سياسيا وعسكريا من العراق، في وقت بدأت تمرر معلومات استخباراتية للأمريكيين حول المنظمات الإرهابية.

على الرغم من شدة التوتر السياسي بين الدولتين عقب الاحتلال الأمريكي للعراق، وتحول سورية إلى منصة لتدريب وإرسال المجاهدين للعراق، سرعان ما أدركت الدولة العميقة السورية خطورة وحدة الموقف الأمريكي من سورية، فعمدت الأخيرة منذ عام 2009، إلى الانسحاب سياسيا وعسكريا من العراق، في وقت بدأت تمرر معلومات استخباراتية للأمريكيين حول المنظمات الإرهابية.ومرة ثانية، بقيت سورية بالنسبة للولايات المتحدة، دولة غير صديقة، لكنها أيضا غير عدوة.

وطوال العقود الأربعة من عام 1970 وحتى عام 2010، بل وحتى عام 2025، لم تفكر الولايات المتحدة إطلاقا بجر سورية إلى فلكها، فهي تدرك تماما طبيعة تكوين سورية القومي، حكومة وشعبا، وأن المسألة الإسرائيلية بالنسبة للسوريين خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه.

الثورة السورية

منذ اندلاع الثورة السورية، وخصوصا في بداياتها السلمية، لم تمارس الولايات المتحدة ضغطا كبيرا على سوريا، لسببين رئيسيين:

الأول، لأن الولايات المتحدة لا تمتلك في سورية أدوات الضغط، حيث لا علاقات اقتصادية ولا عسكرية، من خلالها يمكن أن تمارس الضغط.

الثاني، أن الولايات المتحدة وإن امتلك أوراق الضغط على دمشق، فهي غير راغبة بإسقاط نظام الحكم، بقدر ما كانت راغبة في مراقبة الوضع.

ولما انتقلت الثورة إلى العنف المسلح بسبب لجوء النظام إلى العمل العسكري، وجدت واشنطن في ذلك فرصة لتدمير سورية.

هكذا، منعت واشنطن حلفاء الثورة الإقليميين، لا سيما تركيا والسعودية، بعدم إعطاء الثوار أسلحة متطورة من شأنها أن تساهم في إسقاط النظام السوري عسكريا.

قامت الاستراتيجية الأمريكية على مقاربة مفادها أن الوضع في سورية سينتهي يوما ما بسقوط النظام من داخله، وحتى تلك اللحظة تكون سورية مدمرة على كافة الصعد بما يخدم الأمن الإقليمي الإسرائيلي، وعندها تكون سورية ورقة بيضاء، أو بلدا خاما.

مرحلة الشرع

مع رفع الرئيس دونالد ترمب العقوبات الاقتصادية عن سوريا، بدأت صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الدولتين.

قرار ترمب رفع العقوبات الاقتصادية في الرياض كان مفاجئا للأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية في توقيته، لكنه لم يكن مفاجئا في ضوء المقاربة الاستراتيجية الأميركية تجاه سورية الجديدة.

قبل قمة الرياض الثلاثية (ترمب، بن سلمان، الشرع)، جرت لقاءات أمريكية سورية عديدة:

ـ في 20 ديسمبر الماضي، زارت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف دمشق والتقت الشرع.

ـ وفد من الكونجرس زار دمشق يوم 18 أبريل 2025، ضم عضوي الكونجرس الأمريكي كوري ميلز ومارلين ستوتزمان.

ـ في 21 إبريل الماضي، زار وفد وزاري سوري ضم وزيري الخارجية والمالية وحاكم المصرف المركزي واشنطن، في إطار المشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

ـ في 15 مايو الماضي، اجتمع وزير الخارجية أسعد الشيباني مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو في ولاية أنطاليا جنوبي تركيا بحضور نظيرهما التركي هاكان فيدان.

على الرغم من أهمية هذه اللقاءات ودورها في فهم الولايات المتحدة للحكام الجدد في سورية، إلا أن ثمة أربعة عوامل رئيسية أدت إلى قرار ترمب رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وفتح صفحة جديد في العلاقات بين الدولتين.

قرار ترمب رفع العقوبات الاقتصادية في الرياض كان مفاجئا للأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية في توقيته، لكنه لم يكن مفاجئا في ضوء المقاربة الاستراتيجية الأميركية تجاه سورية الجديدة.الأول، مراقبة واشنطن لرد فعل السلطة السورية إزاء الهجمات العسكرية الإسرائيلية الهائلة على سورية منذ سقوط نظام الأسد، وقد حظي الهدوء السوري ورد الفعل السلمي الرافض لأي حرب مع إسرائيل اهتمام البيت الأبيض.

الثاني، تفاصيل اللقاء بين ترمب والشرع في الرياض، وما جرى بينهما من تفاهمات حيال العقة السورية الإسرائيلية، حيث أكد الشرع على أن سورية لن تكون دولة معادية لإسرائيل، وأنها على استعداد لإقامة سلام معها يعيد الجولان كاملة.

الثالث، عقلية ترمب التجارية، حيث يسعى إلى يكون للولايات المتحدة الدور الرئيس في إعادة الإعمار، بعدما سارعت الصين إلى تقديم مناقصات للمشاركة في إعادة الإعمار.

الرابع، أدرك ترمب أن بقاء العقوبات الاقتصادية سيؤدي بالضرورة إلى خسارة سورية، ودفعها مجددا نحو الشرق بحكم الأمر الواقع، أو على الأقل استغلال روسيا والصين لهذا الوضع للتحرك في الساحة السورية.

فضلا عن ذلك، فإن استمرار العقوبات الاقتصادية سيضع سورية في عنق الزجاجة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ردكلة السياسة السورية الإقليمية وفسح المجال لتجدد التطرف والإرهاب، أي عدم استقرار سورية، وبالتالي تهديد الاستقرار الإقليمي.

وجاءت مسألة المقاتلين الإيغور في سورية لتؤكد مجددا على براغماتية الشرع من جهة وعلى أن التفاهمات السورية الأمريكية وصلت لأدق التفاصيل.

هنا، تبدو الولايات المتحدة تسير في اتجاه مغاير، بل متناقض للاستراتيجية الإسرائيلية حيال سورية، ومع أن البيت الأبيض قادر على لجم إسرائيل وإجبارها على القبول بالضفقة الجديدة، إلا أن الأخيرة لديها هوامش لا يستهان بها للعمل على عرقلة التفاهمات السورية الأمريكية.

غير أن السؤال الرئيس الذي يحتاج إلى إجابة، هل ستصبح سوريا جزءا من الفلك الأمريكي؟

أغلب الظن نعم، ولكن على الطريقة السورية، ذلك أن الأيديولوجيا الدينية لدى الحكام الجدد من جهة، وتاريخ من الوعي الجمعي السوري المعادي لإسرائيل والمدافع عن فلسطين من جهة ثانية، لن يجعل سورية أداة للإسرائيليين في المنطقة على غرار بعض الدول العربية.

مقالات مشابهة

  • حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب على 12 دولة.. ماهيته والهدف منه
  • الغاء المباراة الودية بين منتخبي تونس وجمهورية إفريقيا الوسطى التي كانت ستلعب بالدار البيضاء
  • الخارجية الإيرانية: العقوبات الأمريكية تعكس سلوك واشنطن المتناقض
  • ليبيا بعد القذافي.. من أحلام الثورة إلى الحرب الأهلية.. قراءة في كتاب (1)
  • الرباط تقترب من تدشين أكبر ملعب للهوكي في إفريقيا
  • “رويترز”: الخارجية الأمريكية تبحث تقديم نصف مليار دولار لمؤسسة “غزة الإنسانية”
  • الخارجية الأمريكية تدعو حكومة السوداني الى التحرر من النفوذ الإيراني خاصة في مجال الطاقة
  • آفاق العلاقات السورية ـ الأمريكية
  • حقيقة الدور الأمريكي في مفاوضات وقف الحرب على غزة
  • مجلة "التايم": ما يجب أن تعرفه عن حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب عن 12 بلد بينها اليمن؟