أدانت المكونات والقوى المدنية والعمالية، الإعتداء الذي تعرض له أحد المعلمين من قبل مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، في ساحة العروض بالعاصمة المؤقتة عدن جنوب البلاد.

 

وقال بيان صادر عن المكونات والقوى المدنية العمالية، إن ما جرى من اعتداء همجي على أحد المعلمين، ومن تعدٍ سافر على صور المعتقلين والمخفيين قسرًا، بأنها ممارسات مهينة لا تمت بصلة لقيم النضال ولا للعدالة التي خرج شعبنا ينادي بها منذ سنوات.

 

وأعتبر البيان، ما جرى من اعتداءات تصرفات تتعمد كسر إرادة الشعب وإهانة قضيته العادلة، وأنها نتيجة مباشرة للفشل المتراكم الذي يتحمل مسؤوليته المجلس الانتقالي، الذي فشل في حماية ساحات النضال وأساء إدارة الملفات الحقوقية والوطنية.

 

وأكد البيان، أن ما حصل من اعتداء اليوم "دليل آخر على أن الحقوق لا تُستجدى من سلطات تفتقد الكفاءة والعدالة".

 

وأضاف: "إننا نؤكد أن الحقوق تُنتزع ولا توهب، وأن المرحلة تتطلب من كل المكونات والقوى الوطنية والشعبية الاصطفاف والتكاتف للدفاع عن قضايانا العادلة. لن نصمت على إهانة دماء شهدائنا، ولا على تغييب أبناءنا في غياهب المجهول".

 

وطالب البيان، بـ "محاسبة المسؤولين عن الاعتداء فوراً، وتقديمهم للعدالة ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بحقوق أبناء الجنوب"، والتوقف الفوري عن قمع الأصوات الحرة، واحترام ساحات النضال بوصفها ملكاً لكل الشعب.

 

ودعا البيان، لإطلاق حملة شعبية شاملة للمطالبة بحقوق المعتقلين والمخفيين قسرًا، وتعويض أسرهم عن سنوات المعاناة.

 

كما دعا للعمل على إعادة هيكلة المشهد القيادي الجنوبي بما يعكس الإرادة الشعبية، ويضمن تمثيلاً حقيقياً لمطالب الشعب بعيداً عن الإخفاقات والتواطؤ.

 

وختم البيان بالقول: "شعب الجنوب يدرك أن النضال الحقيقي هو نضال الجماهير، وأن من أخفق في حماية الحقوق لا يمكن أن يكون وصياً على القضية الجنوبية. إننا نؤكد أن الشعب سيأخذ حقوقه بيده، وسيواصل النضال حتى تتحقق تطلعاته في الحرية والكرامة والعدالة".

 

وفي وقت سابق، أقدمت مجاميع تابعة لمليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، بالاعتداء على المشاركين في المظاهرة التي شهدتها ساحة العروض بمدينة عدن.

 

وذكر شهود عيان، أن مجاميع تابعة لمليشيا الانتقالي قامت بالاعتداء المباشر على المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة، وسط غضب واستياء واسع ومطالبات بمحاسبة الجناة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: عدن الانتقالي الامارات اعتداء انتهاكات

إقرأ أيضاً:

الإنسان والحرية.. من العصر الحجري إلى المدنية

 

 

د. هبة العطار

 

عاش إنسان العصر الحجري في مساحة من الوجود لا تحدها قوانين ولا تصوغها نُظُم، ولم يكن يعرف معنى أن يكون حُرًّا؛ لأن فكرة الحرية نفسها لم تكن قد وُلدت بعد؛ إذ كانت الحرية آنذاك حالة طبيعية، كالماء حين يجري في النهر دون أن يُدرك أنه يتدفق.

كان الإنسان يتحرك بغريزته، يتبع الجوع فيعرف الطريق، ويتبع الخوف فيعرف النجاة. لم يكن يفكر في "ينبغي" و"لا ينبغي"؛ بل في "أعيش" و"أبقى". كانت حياته فطرية، لا تعرف الانقسام بين الجسد والروح، ولا بين الواجب والرغبة. لم يكن هناك "صواب" يُقيِّده ولا "خطأ" يُجرِّمه. كل ما في الأمر أن الحياة تمضي كما هي، والإنسان جزء منها لا سيد عليها. في تلك البراءة الأولى، كان أقرب إلى جوهر الوجود مما نحن عليه اليوم.

لكن في لحظة غامضة من تاريخ الكائن، استيقظ في داخله السؤال: من أنا؟ ومنذ تلك اللحظة، تغيَّر كل شيء!

بدأ الإنسان يرى نفسه منفصلًا عن العالم، لا متوحِّدًا معه. وحين انفصل، احتاج أن يُفسِّر، وأن يضع قواعد كي يطمئن. هكذا جاءت الفكرة الأولى للقانون، ثم للدين، ثم للمجتمع. وكل فكرة، مهما كانت سامية، كانت تقتطع من مساحة الحُرية قطعةً صغيرةً. لقد منحنا الوعي قدرة على التفكير، لكنه في الوقت نفسه، أفسد بساطتنا الأولى. صار الإنسان يحيا في صراع بين ما يريد أن يفعله وما ينبغي أن يفعله، بين غريزته الأولى وصوته الداخلي الذي يعاتبه باستمرار. لقد بدأ العقل في حراسة النفس، وبدأ القلب يحنّ إلى فوضاه القديمة.

كلما خطا الإنسان نحو الحضارة، ازداد ابتعاده عن ذاته الأولى. وفي مقابل الأمان، تنازل عن الحرية. وفي مقابل النظام، تنازل عن الفوضى التي كانت تحمل الحياة بين أنيابها. حين بنى أول بيت، فَقَدَ أول سماء. حين سنَّ أول قانون، فَقَدَ أول براءة. وحين كتب أول كلمة، فَقَدَ أول صمتٍ كان يُكلِّمه فيه الكون بلا تُرجمان. وفي النهاية، صار يعيش داخل جدران من أفكاره، يُراقب نفسه باسم الوعي. لم يعُد يخاف الوحوش، لكنه صار يخاف من ذاته. لم تعُد الأغلال حديدًا في مِعصميه، بل أفكارًا في رأسه، ومخاوف في قلبه.

الإنسان الحديث، بملابسه اللامعة وأجهزته الذكية، هو ذات الكائن الذي عاش في الكهوف، لكن بسجنٍ أكثر أناقة. يسير نحو التقدّم، لكنه يبتعد عن نفسه. يؤمن أنه حُرّ، لكنه لا يجرؤ على أن يعيش خارج النظام الذي صنعه بيده. لقد تناقصت الحرية مع مرور الوقت كما يتناقص الضوء حين تتكاثف حوله الجدران. كنا نعيش الحرية بلا وعيٍ، فأصبحنا نعيش القيود بوعيٍ! صرنا نُدرك أننا لسنا أحرارًا، ومع ذلك نُقنع أنفسنا بأننا كذلك. نكتب عن الحرية، نحتفل بها، نُدرِّسها، لكننا نخاف أن نعيشها. كأنّ الوعي الذي خُلِق ليُحرِّرنا، صار السجن الأنيق الذي نسكنه بإرادتنا. فقدنا القدرة على أن نعيش ببساطة، صرنا نحتاج لتبرير كل فعل، وتفسير كل إحساس، حتى ضاعت منا عفوية الوجود، وصارت الحرية فكرة فلسفية بعد أن كانت غريزة حيّة.

وهكذا، صار الإنسان المُعاصِر أكثر وعيًا بوجوده، لكنه أقل حياةً فيه. يعيش مُحاصَرًا بما يعرف، مُطارَدًا بما يُفكِّر، مُنهكًا بما يُفسِّر. لم يعد يسمع صوت الطبيعة كما كان يسمعه حين كان جزءًا منها، لأن صوته الداخلي صار أعلى من همسها. كل معرفة يكتسبها تُبعده خطوة عن بساطته، وكل يقين يظنه خلاصًا، يزيده غُربة عن ذاته. لقد صار الإنسان يُفتِّش عن الحرية كما يُفتِّش الغريق عن الهواء، لكنه لا يدرك أنه هو من يغمر رأسه في الماء.

في زمن الكهوف كان يركض في البرية دون أن يسأل إلى أين، والآن يجلس أمام الشاشات ليبحث عن معنى الركض ذاته. كانت حياته امتدادًا للطبيعة، أما اليوم فقد صارت معادلة يحاول فيها أن يوازن بين العقل والقلب، بين الحقيقة والوهم، بين الوعي والنجاة منه. كأنَّ الوعي الذي وعده بالنور لم يكن سوى مرآة يرى فيها هشاشته كل يوم بوضوح أكبر.

ربما لم يفقد الإنسان حريته تمامًا، لكنه فقد بساطة أن يكون حُرًّا دون أن يعرف. الحرية لم تمت، لكنها اختبأت خلف زحام الفكر، تنتظر لحظة صمتٍ حقيقي، لحظة ينزل فيها الإنسان عن عرشه الذي صنعه من أفكاره، ويعود إلى الأرض كما وُلِد أول مرة: عاريًا من المفاهيم، نقيًّا من القوانين، لا يسأل، لا يخاف، لا يُفسِّر… فقط يعيش.

حينها فقط، سيكتشف أن الحرية لم تكن يومًا غايةً خارج نفسه؛ بل كانت تسكن فيه منذ البداية، قبل أن يتعلم كيف يسميها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ترامب يتهم “نيويورك تايمز” بالخيانة.. والصحيفة ترد: الشعب يستحق الاطلاع على صحة القائد الذي انتخبه
  • قائد الثورة يهنئ الأمة الإسلامية بمناسبة ميلاد الزهراء - نص البيان
  • حماس تدين مصادقة الاحتلال على بناء 764 وحدة استيطانية وهكذا وصفتها
  • تسمم البحر والإنسان.. تحذير من مخاطر إغراق مليشيا الحوثي لسفينة ماجيك سيز
  • اعتداءات المستوطنين تهدد الاقتصاد المحلي في الضفة الغربية
  • الإنسان والحرية.. من العصر الحجري إلى المدنية
  • تصعيد متواصل.. اعتداءات مستوطنين واقتحامات وعمليات هدم بالضفة والقدس
  • تصعيد متواصل.. اعتداءات مستوطنين واقتحامات وعمليات هدم في الضفة الغربية والقدس المحتلة
  • 600 قائد أمني إسرائيلي يحذرون كاتس من انفجار وشيك بسبب الإرهاب اليهودي
  • الانتقالي الجنوبي يسيطر على مناطق واسعة في اليمن.. ما الذي يحصل؟