جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-14@17:31:40 GMT

بين الاستراتيجية والتنفيذ

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

بين الاستراتيجية والتنفيذ

 

فاطمة الحارثية

كثيرًا ما تؤثِّر العاطفة وكيمياء النفس على صناعة القرار، وعلى المسار العام لأية حلول ومُسلَّمات الأمور؛ إذ يعج ذات الكثير من الناس أملُ أن الأمور سوف تختلف معهم، ولن يقعوا في نفس أخطاء الآخرين، ربما يعولون على حظوظهم وربما الِكبر يلعب دورًا كبيرًا في التغافل والمضي قدمًا، ليستمر السقوط بنفس الخطأ!

أعلم ثمَّة من سيأتي ويتباهى أن علينا أن نتعلم من الخطأ، وفي الحقيقة ليس لدى الجميع هذه القدرة النادرة (على التعلم من الخطأ)؛ بل إن كل من يُبرهن أنه تعلَّم من الخطأ، يتم تكذيبه (كيف قدرت وأنا أخفقت)؛ ليستمر تكرار الألم، من فوضى التخطيط، وسوء التواصل في عمليات التنفيذ، يبطش فرض الرأي بيده ويحاول أن يثبت وهم القوة والسيطرة، بترويع مثل الاستبدال وكيد التحزبات، وحقيقة الأمر أن الحل الحقيقي لا يكمن في حسن التخطيط، وجودة التنفيذ؛ بل في المنهجية الواعية ومرونة الأهداف.

هناك الكثير من الحلول والأفكار والكفاءات والإمكانيات، والكل يسعي نحو المنفعة، وإن توافق الجميع على المصير والغاية، لكن الوضع لن ينهض، كما لن تتطور أو تتوقف الحلول المُكرَّرة، إلّا بالحزم والمنهجية الواضحة، من أجل تكامل ناجعٍ تحت اللامركزية. بات لدينا الكثير من المناطق الصناعية، وكما نعلم من يأتي أولًا ينال الموقع الذي يُناسبه، في المقابل وجود خطة واضحة (وإن كانت سيناريو على ورق) تتوافق مع أدوار المنشآت الصناعية في تفاعلها وتغذيتها ونفاياتها بينها وبين بعض؛ لهو قمة في التنظيم الاقتصادي وتعظيم العوائد.

واليوم إذ نواجه التزامات عالمية في مسائل الحياد الصفري، والاقتصاد الأخضر، نجد أن منظومة توزيع المنشآت الصناعية في حالةٍ من القصور وضعف التكامل. وفي المقابل، فإنَّ سَنَّ القوانين والتشريعات والتوصيات ليست بكافٍ، فنحن أمام تحدٍ مُرهق، ما لم نُعِدُّ دراسة وقياس التوسعة لتلك المناطق الصناعية، وأيضًا مراجعة التوزيع المستقبلي للمصانع؛ بما يتناسب مع التكامل العام لتلك المناطق، وبما يخدم المنفعة العامة للمنطقة، وليس فقط المنشأة بحد ذاتها. كل مصنع أو منشأة تجارية تُعد إرهاقًا اقتصاديًا في المستقبل، ما لم يتم التخطيط السليم بعيدًا عن التفضيل ومفهوم "عبور الجسر حين بلوغه".

على سبيل المثال: نوعية النفايات، إن تماثلت لدى مجموعة من المصانع القريبة من بعضها البعض، قد تتحول الكمية إلى تغذية تجارية لمصنع تدوير. ونحن جميعًا نعلم أن إعادة التدوير تحتاج إلى كميات صناعية وتجارية من النفايات لتحقق الهدف من إنشاء اقتصاد التدوير، ومع ذلك التغافل في التوزيع الصناعي البعيد المدى والتقسيم الاستثماري، ثمة خطأ يتكرر. ولذا وجبت إعادة النظر وخلق توازن جديد؛ بما يتناسب مع التطوير الذكي للمناطق الصناعية، وحُلم مدينة صناعية ذكية ما زال بعيد المنال لضعف المنهجية في الجوانب التنظيمية، والتخطيط وفوضى التنفيذ، رغم الخبرة المكتسبة لأكثر من خمسين عامًا.

وعند الحديث عن التوسعة، نجد أن خلق البيئة الخضراء للمنطقة أمرٌ أساسيٌ، وهو لا يقتصر على الشريط الأخضر؛ بل أيضًا مساحات استثمار تدوير النفايات، أو كما هو مُعرَّف حديثا بـ"التدوير الصناعي"، والتغذية الذاتية الطبيعية لمرافق الطاقة الكهربائية والمياه، والخدمات.

لا أتصور الأمر اليوم؛ بل بعد عشرين عامًا أو اكثر، فثمة استثمارات وجب وضع بذورها اليوم والسماح لأبنائنا بالتمتع بثمارها على المدى البعيد، وما هو بعيد المنال ونراه مستحيلًا اليوم، أثبت التاريخ أنه مُمكن في المستقبل القريب والبعيد، وهذا يعزز مفهوم التباطؤ في تنفيذ بعض المشاريع وتمويلها على المدى الطويل، وليس منعها أو رفضها؛ فالتمويل الأخضر لمشاريع التكامل الذكي للمناطق الخضراء- وإن كان بطيئًا- إلّا أنه قد يتزامن مع تزايد الطلب والحاجة. وهذا فكر نحتاج التدبر فيه، لما يحمل من سلاسة مقابل عبء التمويل الزمني القصير لمواكبة مستعجلة أو طفرة استثمارية، تنتهي بإخفاقات جسيمة.

وإن طال...

التنفيذ عملٌ يسير إن امتلكنا استراتيجيات واضحة، لكن المخرجات تبقى محدودة العائد إن لم تكن على منهج النمو المستمر والمرونة في القطاف لتعظيم الثمار.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"إدارة النفايات".. جهود إعادة التنظيم لتعزيز اللامركزية محفوفة بالعقبات

◄ السيابي: البلديات تتولى الإشراف "وبيئة" تواصل النقل والتدوير

السنيدي: نسعى لتعزيز ثقة المواطن والارتقاء بملف نقل القمامة

الحوسني: الفترات الانتقالية في أي قطاع تعد "مرحلة حساسة" وتتطلب أعلى درجات الحيطة

 

الرؤية- الإسراء الرمحية

يشهد قطاع إدارة النفايات في عُمان مرحلة إعادة تنظيم واسعة تتقدّم بخطوات متسارعة، مع بدء تنفيذ خطط نقل مسؤوليات الإشراف على خدمات جمع ونقل النفايات من شركة "بيئة" إلى البلديات وفق مستهدفات رؤية "عُمان 2040". ويأتي هذا التحوّل بوصفه محطة محورية لتعزيز اللامركزية ورفع كفاءة الخدمات المحلية، استناداً إلى الاتفاقيات التي وقّعتها الجهات المعنية مؤخرا لبدء نقل المهام بشكل تدريجي في عدد من المحافظات، وجاءت في المرحلة الأولى من التنفيذ محافظات: مسندم، والبريمي، والداخلية، وشمال الباطنة، وجنوب الباطنة، وجنوب الشرقية، والظاهرة، والوسطى.

وفي سياق الاستعدادات الجارية لانتقال مسؤوليات الإشراف على قطاع النفايات إلى البلديات، أوضح المهندس نصير بن علي السيابي مدير عام بلدية الظاهرة، أن البلديات تعمل استلام المهام عبر استراتيجية متكاملة وتشكيل فرق فنية ورقابية متخصصة، وتعزيز القدرات الإشرافية على عمليات جمع ونقل النفايات.

وأكد أن البلدية تحرص على ضمان استمرارية الخدمة دون أي انقطاع، لاسيما أن التشغيل والمعدات والعمالة لاتزال ضمن مسؤولية الشركة المشغلة حتى عام 2029، مبينًا أن التنسيق اليومي بين الجانبين مكثّف لضمان المتابعة الميدانية وتلقي البلاغات ومعالجتها بشكل فوري، بما يحفظ جودة الخدمة واستقرارها خلال الفترة الانتقالية.

وحول انسيابية العمليات في ظل تغيّر الأدوار بين الجهات المختلفة، بيّن السيابي أن البلديات تعمل على تحديد واضح للأدوار والمسؤوليات، وتفعيل منظومة رقابية تعتمد على المتابعة الرقمية والتقارير التشغيلية والزيارات الميدانية، مشيرا إلى أن الشركة ستواصل تنفيذ أعمال الجمع والنقل، بينما تتولى البلدية الإشراف والتقييم وضمان الالتزام بالمعايير المتفق عليها.

وأوضح أن البلديات وضعت منظومة رقابية متكاملة تشمل مؤشرات أداء واضحة، وجولات تفتيشية دورية ومفاجئة، ومراقبة البلاغات الواردة من المجتمع، لافتاً إلى أن أي قصور يتم التعامل معه وفق الأطر التعاقدية لضمان تحسين الخدمة واستدامتها.

وبيّن المهندس نصير أن هذا التحول في هيكلة القطاع يسهم في توضيح الأدوار ورفع كفاءة إدارة النفايات، حيث تركز البلديات على الإشراف المحلي، بينما تستمر شركة "بيئة" في إدارة عمليات التدوير والمرادم الهندسية، وأن وضوح الاختصاصات يساهم في تحسين سرعة اتخاذ القرار، ويعزز جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

ولفت السيابي إلى أن البلديات ستستفيد من المعلومات المتاحة في السجل الوطني لإدارة النفايات الذي تشرف عليه هيئة البيئة، وذلك لدعم تنظيم عمليات الجمع والنقل، وتحسين مسارات العمل، وتحديد المناطق التي تحتاج إلى تعزيز في الخدمة، وستساعد هذه البيانات في بناء قاعدة معلومات دقيقة تدعم عمليات الرقابة والإشراف.

وحول دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أوضح أن العقود الحالية مع الشركة المشغلة تستمر حتى 2029، ما يحصر أعمال الجمع والنقل ضمن مسؤوليات الشركة القائمة، وسيتم دراسة فرص التعاون مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الأنشطة المكملة بعد انتهاء المدة التعاقدية وبما يتوافق مع متطلبات الخدمة.

وقال المهندس نصير إن التحديات التي يمكن أن تواجههم تتمثل في مواءمة الأنظمة الرقابية للبلدية مع الأنظمة التشغيلية للشركة، ورفع جاهزية الكادر البلدي، وتوفير قاعدة بيانات دقيقة تساعد في الإشراف، إضافة إلى تعزيز التنسيق المستمر بين الأطراف، مؤكدا أن البلدية ستعمل على مواجهة هذه التحديات عبر تطوير أدوات الرقابة، وتكثيف الحملات التفتيشية، وتفعيل التقارير التشغيلية وأنظمة قياس الأداء لضمان تقديم خدمة عالية الجودة في المحافظة.

من جانبه، أكد المهندس سليمان بن حمد السنيدي، مدير عام بلدية الداخلية، أن الهدف الجوهري من عملية إعادة مسؤوليات الإشراف على جمع ونقل النفايات إلى البلديات هو الارتقاء بجودة الخدمة وتعزيز ثقة المواطن في قدرة البلدية على إدارة هذا الملف الحيوي بكفاءة، مبينا أن بلدية الداخلية ملتزمة بأن تكون عند مستوى هذه الثقة، وأن تعمل على تنفيذ عمليات الجمع والنقل في الوقت المناسب وتحت مختلف الظروف، بما يضمن بيئة نظيفة وخالية من التشوهات البصرية.

وبيّن السنيدي أن البلدية تعمل حالياً على تعزيز جاهزيتها الإشرافية من خلال نقل المعرفة من موظفي شركة بيئة، وتطوير الأنظمة المعمول بها بما يتناسب مع المرحلة القادمة، لافتا إلى أن المختصين في دوائر البلديات يخضعون لبرامج تدريبية وورش عمل لضمان انسيابية العمليات، في حين تتم متابعة أداء الشركات المشغلة ميدانياً والتأكد من التزامها بالمعايير التعاقدية، إذ تسعى البلدية إلى تنظيم القطاع وتوفير الممكنات اللازمة، كما أن هذا القطاع يمثل فرصة واعدة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، سواء في أعمال الصيانة أو الخدمات المساندة.

وشدّد السنيدي على أهمية التنسيق المستمر مع هيئة تنظيم الخدمات وشركة "بيئة" وهيئة البيئة، إضافة إلى تشجيع القطاع الخاص على دخول مجال إعادة تدوير المخلفات، خصوصاً مخلفات البناء، بهدف تقليل الكميات المتجهة إلى المرادم وتعزيز مفهوم المدن النظيفة. وقال إن وجود دوائر بلدية في كل ولاية يسهّل وصول المواطن إلى الخدمة، ويعزّز الرقابة المباشرة على أداء الشركات المشغلة، بما ينعكس في النهاية على رفع مستوى رضا المجتمع.

وفي سياق الحديث حول استعدادات بلدية مسندم لاستلام مهام الإشراف على عمليات جمع ونقل النفايات، صرّح المهندس ناصر حميد الحوسني، مدير عام بلدية مسندم، بأن المحافظة بدأت منذ فترة الإعداد لاستلام مسؤوليات الإشراف على قطاع جمع ونقل النفايات، في خطوة تواكب الجهود الوطنية لإعادة تنظيم هذا القطاع.

وأوضح أن الفترة الماضية شهدت تقييماً شاملاً للاحتياجات الفنية والبشرية والمعدات المطلوبة، وذلك لضمان جاهزية البلدية لبدء الإشراف فعلياً اعتباراً من يناير 2026، عقب توقيع الاتفاقية مع الشركة العمانية القابضة للخدمات البيئية "بيئة"، موضحا أن الفترات الانتقالية في أي قطاع تعد "مرحلة حساسة" تتطلب أعلى درجات الحيطة، مشدداً على أن الهدف الأساس هو ألا يشعر المواطن بأي تأثير على مستوى الخدمة، مضيفاً أن البلدية تتوقع ظهور بعض الملاحظات خلال هذه المرحلة، إلا أن الجهود تتركز على الحدّ منها قدر الإمكان، وتقديم خدمة مستقرة وفعّالة منذ اليوم الأول.

وقال إن البلدية لن تبدأ من نقطة صفر، بل ستعمل ضمن منظومة إشراف قائمة بالفعل تعتمد على الأطر التعاقدية والتنظيمية المعمول بها حالياً، وهو ما يوفر أساساً واضحاً لضبط جودة التنفيذ ومراقبة سير العمليات، مبينا أن الرقابة الميدانية تمثل محوراً رئيسياً في هذه المنظومة، إلى جانب الأنظمة الإلكترونية المساندة مثل خطوط ومراكز الاتصال التي تسهّل تلقي الملاحظات والتعامل معها بكفاءة، وأن جميع الكوادر في المحافظة مستعدة للقيام بعمليات التقييم والرقابة والالتزام بالاشتراطات الصحية والبيئية، بما يضمن تعزيز جودة الخدمة خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها.

وأوضح أن الأولوية في المرحلة الأولى ستكون الحفاظ على استمرارية الخدمة دون أي تأثير على المستفيدين، على أن يجري لاحقاً الانتقال إلى تحسين جودة الأداء وتجويد الخدمة استناداً إلى البيانات التشغيلية والملاحظات الميدانية التي يتم رصدها بشكل مستمر، مضيفا أن مهام إعادة التدوير وإدارة المرادم تبقى تحت مسؤولية شركة "بيئة"، وأن هذا الفصل في الأدوار سيتيح تركيزاً أكبر للبلديات على عمليات الجمع والنقل، فيما تتفرغ "بيئة" لتطوير عمليات التدوير، وأن هذا التكامل بين الأدوار "خطوة ستنعكس إيجاباً على كفاءة منظومة التدوير وجودة الخدمة في مجملها".

مقالات مشابهة

  • المحطات النووية تعقد ورشة عمل حول إدارة النفايات المشعة بالتعاون مع الوكالة الدولية
  • ورشة عمل حول إدارة النفايات المشعة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • التقاعد:نعتمد حالياً نظاماً مركزياً لا يقبل الخطأ
  • "إدارة النفايات".. جهود إعادة التنظيم لتعزيز اللامركزية محفوفة بالعقبات
  • تعلن محكمة شمال الأمانة أن على يحيى العاقل التنفيذ الإختياري للحكم
  • أمانة عمّان تعيد 19 ألف دينار لمواطن بعد فقدانها في حاوية نفايات
  • اعتماد نشرات ندب المعلمين والمعلمين المساعدين بسوهاج.. والتنفيذ يبدأ 22 يناير
  • أين الخطأ الكارثي.. الغندور يوجه رسالة لمحلل أداء منتخب فلسطين بشأن أمين عمر
  • في عكار.. أُصيب برصاصة برأسه عن طريق الخطأ
  • كنز النفايات .. خارج حسابات الحكومة