محمد أبو قمر-غزة استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة شتى أنواع الأسلحة والقذائف، مستهدفا الإنسان والبيئة، مما ينذر بانعكاسات صحية وبيئية خطيرة لن تتوقف آثارها حال انتهاء العدوان.

ودمرت قوات الاحتلال أكثر من 85% من مصادر المياه ومرافق الصرف الصحي وأخرجتها عن الخدمة بعدما طالت 330 ألف متر طولي من شبكات المياه، و655 ألف متر من شبكات الصرف الصحي، و717 بئر مياه كانت تسهل وصول الخدمات إلى أكثر 2.

4 مليون فلسطيني، حسب آخر إحصائية رسمية.

مخاطر بيئية

ومن القذائف التي استخدمها الجيش الإسرائيلي الفسفور الأبيض المحرم دوليا الذي يسبب أضراراً بيئية جسيمة تهدد حياة الإنسان والكائنات الحية، كما يقول الخبير البيئي سعيد العكلوك، الذي أكد أن الحرب استهدفت كل مكونات البيئة الفلسطينية.

وأشار العكلوك في حديث خاص بالجزيرة نت إلى أن كل 100 متر مربع من الأبنية المدمرة ينتج عنه 1000 طن من الركام، تطلق عملية إزالتها 110 طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ.

وأضاف: "بتعميم هذه الأرقام على مجمل الوحدات السكنية التي دمرها الاحتلال في قطاع غزة ويتجاوز عددها 200 ألف وحدة سكنية، فإن ذلك سينتج 630 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ المتسبب في الانحباس الحراري، مما يعني أن الانعكاس الخطير لتلك المخلفات لن يقتصر على فلسطين وإنما سيطال كل المنطقة على مدار سنوات قادمة".

إعلان

ويعتقد العكلوك أن جزيئات الأسمنت المتطايرة مع المواد المتفجرة في الهواء، تترك أثرا مباشرا وتراكميا على الجهاز التنفسي وجسم الإنسان، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة ظهورا مطردا لأمراض السرطان وتشوهات في الأجنة في قطاع غزة.

ونوه العكلوك إلى قضية وصفها بالخطيرة تتمثل بتراكم أكثر من 530 ألف طن من النفايات الصلبة في أماكن تجميع بديلة، بسبب منع قوات الاحتلال من الوصول لمكبات النفايات الرئيسية المصممة لمنع نزول عصارة النفايات للخزان الجوفي.

ولفت إلى أن تكدس النفايات في الأوساط السكنية سينتج عنه انتشار الأمراض والأوبئة، خاصة أنها تحتوي على نفايات طبية، محذرا من أن وصول عصارة النفايات بما تحتويه من فيروسات وميكروبات وأمراض معدية للخزان الجوفي، سيعرض حياة المواطنين للإصابة بأمراض خطيرة.

وبحسب الخبير البيئي، فإن خروج أكثر من 90% من آبار الشرب التي كانت مراقبة وتحتوي على نظام تعقيم عن الخدمة، جعل المواطنين يعتمدون في مياه الشرب على الآبار الخاصة والزراعية التي تعتمد على الخزان الجوفي مباشرة والتي لا تخضع للرقابة ولا توجد بها وحدات تعقيم.

وذكر أن نسبة التلوث بالخزان الجوفي تجاوزت 40% بسبب الحرب، مما أدى إلى وصول مياه ملوثة السكان تسبب الكثير من الأمراض.

واضطر مئات آلاف النازحين في الخيام إلى إنشاء حفر امتصاصية بديلة عن خطوط الصرف الصحي بعد تدمير 90% منها، حيث تقع تلك الحفر على مقربة من الخزان الجوفي الذي تشبع بالمياه العادمة نتيجة تصدعات طبقات الأرض التي سببتها قوة الانفجارات الإسرائيلية، كما يقول العكلوك.

وأضاف: "تبعات العدوان الإسرائيلي أوجدت بيئة خصبة لانتشار الأوبئة، وهناك تخوف في أي لحظة من أن ينتشر مرض الكوليرا، حينها ستزداد الوفيات بأعداد مضاعفة عما خلفته الحرب.

وحذر الخبير البيئي من أن الضرر سيبقى قائما لحين إعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي وإخضاعها لإجراءات المتابعة والرقابة، وهذا يحتاج إلى وقت طويل، وإمكانات كبيرة.

إعلان انتشار الأوبئة

وسجلت وزارة الصحة في غزة تزايد الأمراض المعدية داخل خيام النازحين، خاصة الجلدية وأمراض الجهاز الهضمي وآلاف حالات التهاب الكبد الوبائي خصوصا بين الأطفال، وفق المدير العام للمستشفيات الميدانية الدكتور مروان الهمص.

وأوضح في حديث خاص للجزيرة نت أن لدى وزارة الصحة شكوكا في وجود إصابتين جديدين بفيروس شلل الأطفال بعدما حاولت تطويقه سابقا عبر تطعيم معظم أطفال غزة عقب اكتشاف حالات إصابة بالفيروس.

ولفت الهمص إلى انتشار الأمراض الجلدية بين آلاف المواطنين في قطاع غزة، ومنها مرض الجرب، حيث سجلت وزارة الصحة إصابة 3 آلاف حالة في أحد مراكز الإيواء، محذرا من انتشاره في كل مناطق قطاع غزة.

وعبر المدير العام للمستشفيات الميدانية عن تخوفه من انتشار الإنفلونزا الموسمية والالتهابات الصدرية السريعة العدوى بين سكان غزة، مما سيشكل خطورة على حياة أصحاب الأمراض المزمنة كمصابي الربو.

وأكد أن تدمير البنية التحتية وانتشار مياه الصرف الصحي وآلاف أطنان القمامة بين مخيمات النازحين تعد السبب الأكبر في انتشار الأمراض المعدية، وذلك بالتزامن مع شح مواد التنظيف.

ونوه إلى أن نقص الأدوية في مستودعات وزارة الصحة، وقلة الكادر الطبي بسبب الاستهداف والاعتقال، وتدمير المستشفيات أدى لزيادة الأمراض بوتيرة متسارعة، نظرا عدم تلقي المواطنين رعاية كافية.

أزمات مركبة

وحذرت بلدية غزة، وهي الأكبر في قطاع غزة، من اعتماد المواطنين على المياه غير الصالحة للشرب بسبب تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي لمحطات تحلية المياه، في حين تعاني من بقيت تعمل من شح الوقود ومعدات الصيانة.

وقال عاصم النبيه المتحدث باسم البلدية في حديث خاص بالجزيرة نت إن هناك مخاطر تحدق بالمواطنين بسبب تدمير شبكات الصرف الصحي وتسرب المياه العادمة إلى المنازل ومراكز الإيواء، فضلا عن هاجس وصولها إلى الخزان الجوفي.

إعلان

وأوضح أن الروائح الكريهة المنبثقة عن انتشار النفايات والمياه العادمة في الشوارع تؤثر على ما تبقى من الأراضي الزراعية وتزيد من انتشار الحشرات الضارة في معظم الأحياء، مما يجعل البيئة خصبة لانتشار الأوبئة والدخول في أزمات مركبة.

وفي هذا السياق حذرت سلطة جودة البيئة الفلسطينية من كارثة صحية وبيئية تهدد مئات الآلاف من المواطنين لأجيال قادمة، نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لمصادر المياه، وأدت إلى تسرب المياه الملوثة إلى الأحواض الجوفية.

ودعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف العدوان المستمر ومنع استغلال البيئة لأغراض عسكرية، وتطبيق القوانين الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصرف الصحی وزارة الصحة فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لأول مرة.. علماء يتمكّنون من الكشف عن بنية الكربون السائل

في إنجاز علمي غير مسبوق، نجح فريق بحثي دولي في الكشف عن بنية الكربون السائل تجريبيا لأول مرة، وهو شكل نادر الظهور من هذا العنصر، وذو أهمية كبيرة في التقنيات الحديثة.

أُجريت هذه الدراسة المتقدمة باستخدام الليزر عالي الطاقة بالتوازي مع ليزر الأشعة السينية فائق الدقة في مدينة شينيفلد بألمانيا، ونشرت الدراسة حديثا في دورية "نيتشر" العلمية.

الباحثون تمكنوا من قياس الكربون السائل تجريبيا لأول مرة (م. كونستينغ) ضربات الليزر

لإنتاج الكربون السائل في المختبر، استخدم الباحثون تقنية الضغط بالليزر، حيث تولّدت موجات تصادمية قوية تمر عبر عينة من الكربون الزجاجي، مما أدى إلى رفع درجة الحرارة والضغط بسرعة كبيرة ولمدة نانوثانية فقط، وهي فترة زمنية قصيرة للغاية تساوي جزءا من مليار من الثانية.

خلال تلك اللحظة، سلّط العلماء ومضة من أشعة إكس فائقة الدقة على العينة، مما مكّنهم من التقاط نمط حيود الأشعة السينية، الذي يُظهر ترتيب الذرات في الحالة السائلة.

أظهرت هذه القياسات أن الكربون السائل يتمتع ببنية معقدة تتكون من روابط عابرة بين الذرات، بحيث تحيط بكل ذرة كربون تقريبا أربع ذرات جارة، وهو ترتيب مشابه لتركيب الألماس الصلب.

إعلان

ويُعد هذا التوزيع مخالفا لتركيب السوائل البسيطة الأخرى التي تحتوي عادة على عدد أكبر من الذرات الجارة يصل إلى 12.

وقد أتاح هذا الاكتشاف فرصة غير مسبوقة لتأكيد توقعات النماذج الحاسوبية المعتمدة على الديناميكيات الجزيئية الكمومية، والتي لطالما حاولت التنبؤ بسلوك الكربون في ظروف قصوى.

وإضافة إلى معرفة التركيب البنيوي للكربون السائل، استطاع الفريق البحثي تحديد نقطة الانصهار بدقة في نطاق ضغط يقارب 160 غيغاباسكال ودرجة حرارة تتجاوز 7000 كلفن.

الكربون السائل حالة نادرة لا تتوافر إلا في ظروف حرارية وضغط شديد (وكالة الأنباء الأوروبية) مثل الماس

وقد أظهر التحليل أن الانتقال من الحالة الصلبة إلى السائلة يصاحبه تغيير في الكثافة بنسبة تتوافق مع التنبؤات النظرية بدقة.

كما أُجري تحليل معمّق لقياس المسافات بين الذرات في السائل، وتم استخراج أرقام دقيقة تمثل عدد الذرات الجارة الأولى والثانية حول كل ذرة.

كما يتضح من التجربة، الكربون السائل حالة نادرة لا تتوافر إلا في ظروف حرارية وضغط شديد، كتلك الموجودة في أعماق الكواكب العملاقة مثل نبتون وأورانوس، حيث يمكن أن يلعب الكشف عن بنيته دورا في تفسير الظواهر المغناطيسية غير المفسّرة في تلك الكواكب.

كما يُعد الكربون السائل حالة انتقالية مهمة لتصنيع مواد كربونية متقدمة، من بينها الأنابيب النانوية والألماس النانوي، وله تطبيقات حيوية في تجارب الاندماج النووي، حيث يُستخدم الكربون كمادة عازلة.

تشير النتائج أيضا إلى أن هذه التقنية الجديدة في دراسة المواد تحت ضغط عالٍ يمكن أن تُستخدم مستقبلا في تحليل بنية سوائل أخرى، مكونة من عناصر خفيفة مثل الهيدروجين والنيتروجين والأكسجين لم يكن لها أن تتواجد في ظروفنا الطبيعية. ومع تطوير أنظمة تحكم أوتوماتيكي أسرع، قد تتمكن الفرق البحثية من تكرار مثل هذه التجارب في غضون ثوانٍ فقط بدلا من ساعات.

إعلان

مقالات مشابهة

  • انتشار الفرق الطبية بالقليوبية تزامناً مع عطلة عيد الأضحى المبارك
  • لأول مرة.. علماء يتمكّنون من الكشف عن بنية الكربون السائل
  • الدفاع المدني ينقذ 3 عمال من تحت ركام منزل منهار شرقي بغداد (فيديو)
  • “وقاء”: الكشف على مليون رأس من الضأن لضمان سلامتها
  • التضامن الاجتماعي: توزيع 2 مليون وجبة ولحوم حتى ثاني أيام عيد الأضحى
  • ابتكار محفز نانوي يحول ثاني أكسيد الكربون إلى كحول
  • ضخ نحو مليون م3 من المياه لمكة والمشاعر المقدسة في يوم
  • الراتب الغائب.. الأضحى يأتي خافتاً في بيوت موظفي إقليم كوردستان (صور)
  • اجتماع موسع في هيئة مصائد البحر العربي يبحث الانتهاكات التي يتعرض لها الصيادون اليمنيون في المياه الإقليمية
  • مشروع لإنتاج "الميثان الحيوي" وغاز ثاني أكسيد الكربون الحيوي