مخيم رحّالة.. تجربة فريدة تمزج بين جمال الصحراء والسياحة المستدامة
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
القابل - الرؤية
يُعد مخيم "رحّالة" نموذجًا استثنائيًا للتجارب السياحية التي تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والبيئة، حيث يتلاقى جمال الرمال البكر مع روح الابتكار السياحي، ويقدم المخيم تجربة فريدة تمزج بين سكون الصحراء وأصالة التراث بروح الحداثة، ليتيح للزائرين لحظات تأسر الروح وتُجسد الانسجام التام، ويفتح المخيم آفاقًا جديدة للسياحة المستدامة التي تعزز الهوية الثقافية وتدعم المجتمعات المحلية، في مشهد يستحضر عبق الماضي ويتطلع إلى مستقبل مشرق.
وقال طارق السهلاني، مدير عام ضيافة رحّالة: "تواصل مجموعة عمران، الذراع التنفيذي للتنمية السياحية في عُمان، تعزيز السياحة المستدامة بما يتماشى مع رؤية عُمان ٢٠٤٠. ويجسد مشروع إقامة رحّالة، الذي يقع في قلب رمال الشرقية، هذا الالتزام من خلال تقديم تجربة سياحة صحراوية تمزج بين التراث الثقافي والراحة في أحضان الطبيعة."
بالإضافة إلى تنشيط حركة السياحة في المنطقة، يدعم مشروع رحّالة المجتمعات المحلية من خلال تعزيز الفرص الاقتصادية، ويركز المشروع على التعاون مع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التنمية الإقليمية وتشجيع الممارسات المستدامة. وتعزيزًا لهذا الجهد، تم إطلاق فعالية "رحّالة"، ويستمر الحدث حتى ٢٧ فبراير ٢٠٢٥، حيث يحتفل بالثراء الطبيعي والثقافي لسلطنة عمان من خلال ورش العمل التفاعلية والعروض التقليدية والترفيه الحديث.
وقد تم تصميم الفعاليات لجذب العائلات وعشاق المغامرة، في مساحة تمزج بين التراث والترفيه، وتكتمل بالإقامة في ظل الكثبان الذهبية، من خلال الجمع بين حلول السياحة والحفاظ على الثقافة ودعم المجتمع المحلي، تواصل مجموعة عمران مبادراتها في هذا المجال. وتسلط مشاريع مثل رحّالة الضوء على تفاني المجموعة في دفع السياحة المستدامة والنمو الاقتصادي، وضمان بقاء الهوية الفريدة لسلطنة عمان حجر الزاوية في تنميتها.
يعد مخيم رحالة مكانا رائعا لقضاء أجمل الاوقات بعيدا عن صخب المدينة والاستمتاع بالشتاء المميز في محافظة الشرقية والتي تتميز بتنوع طبيعتها وجمال رمالها والتي اصبحت مقصدا سياحيا من داخل السلطنة وخارجها ومزارا للاستمتاع بسياحة المغامرات.
وخلق المخيم تجربة تتجاوز حدود الترفيه إلى مساحات أعمق من التأمل والانسجام مع الطبيعة. في هذا السياق، تأتي إحدى المشاريع البارزة لتُعيد تعريف السياحة الصحراوية، مقدمةً للزوار فرصة لاكتشاف أبعاد جديدة من الجمال والتاريخ، في مشهد يلتقي فيه الماضي مع الحاضر. بلمسة من الفخامة وروح المبادرة المستدامة، يأخذ هذا المشروع بيد ضيوفه نحو أفق جديد، حيث يجتمع سكون الكثبان الرملية مع دفء التراث المحلي، في تجربة سياحية متكاملة لا تُنسى. هنا، لا يكون الهدف مجرد الترفيه، بل رحلة إلى أعماق الهوية الثقافية والطبيعية لعُمان، في ظل رؤية مستقبلية تعزز الاستدامة والشراكة مع المجتمعات المحلية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: تمزج بین من خلال
إقرأ أيضاً:
«أطيافنا أطيافكم».. يجعل الصحراء بطل الشاشة
تُمثّل الصحراء عنصرًا بصريًا ورمزيًا مهمًا في السينما العالمية والعربية، إذ تتجاوز كونها مجرد خلفية طبيعية لتتحوّل إلى فضاء درامي يعكس العزلة، والتحول، والصراع مع الذات والآخر.
في السينما العالمية، حضرت الصحراء بقوة في أفلام مثل لورانس العرب 1962، حيث أصبحت الصحراء رمزًا للتحول السياسي والنفسي، أما في السينما العربية، فالصحراء ظلت حاضرة في أفلام ذات عمق ثقافي وتاريخي أبرزها فيلم الرسالة لمصطفى العقاد الذي أبرز الصحراء كبيئة دعوة وتحول، ومنها أيضا « تمبوكتو» لعبد الرحمن سيساكو الذي جسّد الصراع بين الجمال الطبيعي والتطرف الديني.
وتبقى الصحراء أحد أكثر الفضاءات السينمائية غنى، بما توفره من جمال بصري، وعمق رمزي، ودراما داخلية تعيد تشكيل الإنسان والعالم من حوله، وهذا ما يقدمه معرض أطيافكم في المتحف العربي للفن الحديث، المتواصل حتى 9 أغسطس المقبل.
يفتح المعرض نوافذه على سلسلة أفلام عربية وعالمية أعادت صياغة علاقتها بالصحراء لا كخلفية طبيعية، بل ككيان حي، وراوٍ سردي، وشخصية تتشكل مع كل مشهد.
من السودان إلى الجزائر، ومن المغرب إلى مالي، ومن أمريكا إلى إيران، تلتقي في هذا المعرض أفلام تنتصر للصحراء بوصفها مساحة للتأمل، والتمرد، والانكسار، والتحول. إنها أكثر من مجرد فراغ؛ إنها مسرح داخلي يعكس هشاشة البشر وسط امتداد الطبيعة الصامتة.
لغة السينما
ويقدم المعرض مجموعة من الأفلام التي تتناول الصحراء في أبعادها الثقافية المختلفة و ما فيها من مآس وتحديات أحيانا.
ففي فيلم «السد» (2022) للمخرج اللبناني علي شري، نتابع ماهر، العامل السوداني الذي يبني نصبًا طينيًا سريًا في الصحراء، بينما يهتز العالم حوله بثورة ضد الظلم. هنا، لا تعود الصحراء مكانًا هامشيًا، بل تتحول إلى مسرح داخلي لحلم صغير يبنى ببطء. بيد ماهر المتربة، تنهض الصحراء شاهدًا على الأمل.
أما في فيلم «تمبكتو» (2014) للموريتاني عبد الرحمن سيساكو، فالصحراء تتكلم بلغة الفجيعة، مدينةٌ تاريخية تجتاحها جماعات متطرفة، وساكنو الكثبان يصبحون في مرمى العنف، فالصحراء في هذا الفيلم ليست صامتة، بل تئن.
وفي «أبو ليلى» (2019) للجزائري أمين سيدي بومدين، تصبح الصحراء مسافة للهرب من العنف نحو عنف آخر. ضابطان يبحثان عن إرهابي وسط صحراء تزداد كثافة مع كل خطوة. الطريق الموحل بالرمال يقود إلى عمق النفس لا إلى نهاية الجريمة.
الصحراء متاهة رمزية
وفي فيلم «صحة» (2023) للمغربي فوزي بنسعيدي، يخرج موظفان لتحصيل ديون متعثرة في رحلة عبثية نحو الجنوب الصحراوي. ولكن الصحراء، بدلا من أن تمنحهم الوضوح، ترميهم في حضن الغموض. يظهر رجل مكبّل إلى سقف السيارة، ويبدأ الواقع بالتصدّع. لتسخر الرمال هنا من منطق المدينة وتفضح هشاشته.
وفي «أرض الأحلام» (2021)، للمخرجَين الإيرانيين شيرين نشأت وشجاع أزاري، ننتقل إلى صحراء أمريكية مستقبلية، حيث تعمل «سيمين» في جهاز لجمع أحلام الناس. في هذه الأرض القاحلة، يتقاطع الخيال العلمي بالمنفى، وتصبح الرمال أرشيفًا لأحلام من لا وطن لهم.
إن ما يجمع هذه الأعمال، رغم اختلاف بلدانها وأزمنتها، هو إيمانها العميق بأن الصحراء لا تصوَّر، بل تُصغى إليها. في صمتها معنى، وفي قسوتها حكمة. الصحراء التي صوّرها لورنس العرب في سينما الستينيات كأرض فارغة تغري المستعمر، تعود اليوم كصوت للهوية، ولحكايات الأفراد المهمّشين، ولأحلام مكسورة تُبنى مجددًا.
ولأن كل فيلم في معرض أطيافكم يكتب سيرة مختلفة للرمال، فإن اللقاء بينها يشبه ندوة بصرية عن معنى البقاء وسط القسوة، وعن إمكانية الجمال في وجه الجفاف.
في معرض اطيافنا أطيافكم، تنكشف الصحراء لا كفضاء موحش، بل كأرض أسئلة. من نصب طيني سري، إلى صحراء تحتضن اللاجئين، ومن مدينة تئن تحت الشريعة، إلى رحلة عبثية في الجنوب، نجد في كل فيلم سينمائي أطيافًا متشابكة من الحلم، والعنف، والبحث عن معنى، فالصحراء ليست فقط رمالاً تمتد، بل مرآة واسعة للإنسان حين يُجرّد من كل شيء إلا ذاته.