سواليف:
2025-07-27@07:13:32 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 214 من سورة البقرة: “أمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ “.


كثيرا ما يتساءل المؤمنون: لماذا يترك الله المسلمين هكذا ضعفاء متفرقين مما أطمع فيهم أعداء الله من صنفين: منهم المستعمر الأجنبي، أو ممانعي منهج الله الداخليين، ومكنهم من إذلالهم ونهب ثرواتهم، رغم وعده لعباده المؤمنين بالدفاع عنهم: ” إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ” [الحج:38].
لقد كرم الله البشر وميزهم عن كل المخلوقات بأمرين: في التركيب والهيئة وحرية الإرادة، والثاني اختيارهم لخلافته في كوكب الأرض، أي أوكل إليهم ضبط التوازنات البيئية والطبيعية التي وضعها الله.
الإستخلاف تكريم عظيم لا شك، لكنه مسؤولية جسيمة، لأن أي إخلال بالواجب يترتب عليه فساد كبير، بسبب دقة الترابط بين كل التوازنات، لذلك قال تعالى عن الإنسان ” إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا” [الأحزاب:72].
لقد قدر الله في سابق علمه أن شرط الاضطلاع بهذه الأمانة هو معرفة الله، لأنها توصل الى الإيمان به خالقا صمدا حكيما مدبرا، وبالتالي تنضبط أعمال المرء بالاستقامة على أمر الله وطاعته، فينتج الصلاح.
من هنا كان رد الله على الملائكة القلقين من استخلاف بني آدم في الأرض: “قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” [البقرة:30].
إن الاستقامة على أمر الله تتطلب مجاهدة النفس وشهواتها، وصبرا على إيذاء من يعادون منهج الله ويبغونها عوجا اتباعا للشهوات والأطماع، لذلك وعد هؤلاء الصادقين في إيمانهم ثوابا عظيما، وأنذر الكافرين عذابا شديدا، فأعطى الجميع فرصة عادلة موقوتة زمنا هي الحياة الدنيا، ومحصلة عملهم فيها يقرر مصيرهم في حياتهم الحقيقية الأبدية “وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.
وسلعة الله التي يعرضها على المؤمنين به المتبعين منهجه والمستقيمين على أمره هي الجنة، وهي ثمن عظيم مقابل جهد قليل.
هذه السلعة غالية، يجب أن لا تصرف لمن لا يستحق، فقد يعيش المرء حياته ويموت وقد وجد نفسه مؤمنا بالوراثة، وعاش في بيئة مؤمنة بحكم العادات والتقاليد الموروثة، فكان يؤدي العبادات والفرائض القليلة الكلفة، ويستنكف عن تلك المكلفة كالجهاد والصبر والمرابطة والزكاة.
لا بد إذاً من الامتحان، للأفراد والمجتمعات!.
من هنا كانت سنة التمحيص بالإبتلاء، وهي شدائد وابتلاءات يسوقها الله للمجتمعات المؤمنة بهدف تمحيص من كان صادقا في اتباعه منهج الله ومستعدا للمجاهدة في سبيله بالمال والنفس، فينجح ويفوز بالسلعة الغالية، أو ينكص على عقبيه وينحني للصعاب ويتخلى عن واجبه في الدفاع عن منهج الله، فيسقط ويخسر حتى أجر عباداته وأعماله الصالحة “وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا” [الفرقان:23].
إذا فابتلاء المؤمنين سنة ثابتة دائمة أبد الدهر، وهي معيار أساسي في تمحيص من يستحقون الجنة، لذلك نرى الابتلاءات تحل بديار المسلمين في كل حين، وأما ما يحل بديار الكافرين فهي ليست ابتلاءات، فمصيرهم محتوم، أما الكوارث التي تحل بهم بين حين وآخر فهي عقوبات مستعجلة دون العذاب الأكبر في الآخرة، تحقيقا لسنة الله: مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ” [النساء:79].
ابتلاء المسلمين الحالي هو في احتلال اليهود لفلسطين وبعدها السيطرة على كل ديارهم، لذا فالجهاد هو فرض عين، ولما كانت الأنظمة السياسية نافقت فأسقطت هذه الفريضة، فلا أقل من أن يقي المرء نفسه إثم ممالأتهم في ذلك، ولا تأييد أفعالهم التي تستهدف محاصرة الإسلام ودعاته، وهذا أضعف الإيمان.
ولقد رأينا تطبيق هذه الآية عمليا مرة أخرى في غزوة الأحزاب الجديدة، التي نفذها تحالف عريض ضم كل معادي منهج الله من كفار ومنافقي هذا العصر، فبعد أن زلزل المؤمنون الصامدون في القطاع، وصبروا وصمدوا في وجه أعتى عدوان ناله المسلمون في التاريخ، حقق الله وعده من جديد، فنصر عباده، واضطر الأحزاب لطلب الهدنة والرضوخ لشروط المجاهدين.

مقالات ذات صلة الحكم على فضيلة الشيخ سالم الفلاحات 2025/01/15

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه منهج الله

إقرأ أيضاً:

أمين تنظيم الجيل: حل الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان نظرة قاصرة

رفض أحمد محسن قاسم، أمين تنظيم حزب الجيل، الدعوات التي تطالب بحل أي حزب سياسي لا يتمكن من التمثيل في البرلمان لدورتين متتاليتين، مؤكدًا أن هذه الرؤية قاصرة وتتنافى مع الدور الحقيقي للأحزاب السياسية في المجتمع.

وأوضح قاسم، خلال استضافته بندوة “صدى البلد” حول انتخابات مجلس الشيوخ 2025، أن العمل الحزبي لا يقتصر على التمثيل البرلماني فقط، بل يمتد إلى نشر الوعي وتشكيل الرأي العام، وهو الدور الأساسي الذي تقوم به الأحزاب في أي نظام ديمقراطي، مشيرًا إلى أن هناك أحزابًا تقوم على الدفاع عن قضايا محددة مثل حزب الخضر الذي يركز على البيئة ويقدم رؤى وسياسات في هذا المجال دون أن يكون هدفه الأساسي الوصول إلى البرلمان.

وأضاف أمين تنظيم حزب الجيل أن فكرة تقليص عدد الأحزاب أمر مرفوض، لأن التنوع الحزبي يعكس حيوية الحياة السياسية ويتيح مساحات أكبر للنقاش والتعددية.

تسهيلات جديدة لذوي الإعاقة في انتخابات الشيوخ 2025.. تفاصيلانتخابات الشيوخ 2025 .. الحبس عامين لمستخدمي وسائل الترويع لتهديد عملية الاقتراع

وأشار إلى أن المستقبل قد لا يكون للأحزاب التقليدية بتنظيمها الحالي، وإنما للكيانات غير التنظيمية ومراكز الأبحاث السياسية والاستراتيجية، في ظل التطور التكنولوجي وانتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التي باتت قادرة على قياس توجهات الرأي العام والتأثير فيها، وممارسة أدوار الضغط والتأييد تجاه السياسات العامة.

واختتم قاسم تصريحاته بالتأكيد على أن تطوير العمل الحزبي يجب أن يعتمد على الابتكار والتفاعل مع المستجدات التكنولوجية، وليس عبر فرض قيود تحد من التنوع السياسي أو تضع شروطًا تعجيزية على بقاء الأحزاب.

طباعة شارك البرلمان انتخابات مجلس الشيوخ 2025 انتخابات مجلس الشيوخ مجلس الشيوخ 2025 “صدى البلد”

مقالات مشابهة

  • قلق بين المسلمين بعد أعمال تخريب في مساجد بتكساس وكاليفورنيا
  • لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
  • عمرو نبيل: حل الأحزاب غير الممثلة برلمانيًا خطر على الديمقراطية ويضر بالتعددية السياسية
  • أمين تنظيم الجيل: حل الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان نظرة قاصرة
  • نصائح مهمة لرصد عمليات الاحتيال الرقمية وكيفية الوقاية منها
  • «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى».. آية قرآنية تتجسد مع «ناشئ المنيا» داخل القطار
  • تجمع العلماء المسلمين: صمت عالمي على إبادة غزة
  • الأحزاب السياسية: مصر كسرت الحصار الإنساني عن غزة ورفضت خنق الفلسطينيين
  • رايتس ووتش: الهند هجّرت قسرا مئات المسلمين إلى بنغلاديش