رغم الظروف القاسية التى يعيشها الفلسطينيون منذ بدء الحرب، لم ينسوا توجيه رسائل الامتنان والشكر إلى الشعب المصرى، الذى كان بجوارهم داعماً ومؤازراً على مدار 15 شهراً، تكللت بالتوصّل إلى اتفاق يُنهى العدوان الغاشم على أبناء غزة.

وقف الحرب والإبادة الجماعية قرار انتظره العالم أجمع، وليس أهل فلسطين فقط، فكانت القلوب تحترق لرؤية تمادى قوات الاحتلال الإسرائيلى فى حق الأبرياء، وتكرار عمليات النزوح من مكان إلى آخر فقدوا فيه الأمان، بعضهم احتمى بـ«أم الدنيا» لتكون له مصدر الأمن والأمان، وفق ما روته الفلسطينية ثرية على، التى شعرت بسعادة يشوبها الألم والحسرة على فقدان العزيز، بعد سماعها قرار الهدنة ووقف المعاناة للأهل.

«ثرية»: لا أستطيع أن أوفّى حق كل مصرى على حُسن استقبالنا

خلال الأشهر الأولى من بدء الحرب على قطاع غزة، كانت مصر هى المأوى لـ«ثرية»، التى اعتبرتها بلدها الثانى، وظلت وما زالت تحتمى بها: «كل الحب لبلدنا الثانى مصر، أرضاً وحكومة وشعباً، الله يحميها دايماً.. لا أستطيع أن أوفّى حق كل مصرى على حُسن استقبالنا، لن ننسى معروفكم معنا، أنتم الأهل والسند فى غربتنا»، حسب تعبيرها لـ«الوطن».

لم يختلف الحال كثيراً بالنسبة للشاب الفلسطينى مجد ناصر، فمنذ قدومه إلى مصر قبل عدة أشهر، وجد الدعم والاحتواء من أشقائه المصريين: «ماكنتش حاسس بالغربة أبداً طول ما أنا فى مصر، رُحت محافظات كتيرة كنت باشوف العلم الفلسطينى مرفوع فى كل مكان»، مشيراً إلى أن الشعب المصرى خير من دعمهم معنوياً فى تحمّل ظروف الحرب.

فى أحد المطاعم بمنطقة مصر الجديدة، عمل «مجد» مع مجموعة من أصدقائه ونشر تراث الأكل الفلسطينى ومزجه بالأكل المصرى، ووسط المطعم احتفل «مجد» مع الأصدقاء والزبائن بقرار الهدنة ووقف الحرب: «أعصابنا تعبت، وإخوتنا المصريين فرحوا أكتر مننا فى المكان، ووزّعنا الأعلام الفلسطينية والمصرية.. ربنا يسلم مصر دائماً».

رفض مصر تهجير الفلسطينيين من غزة موقف حاز على إعجاب نهلة الشاعر، التى قدّمت رسالة إلى الشعب المصرى: «مصر أمنا.. مصر عظيمة، كفاية أنها رفضت التهجير وإفراغ غزة من أهلها، فهى مروية بدمائنا».

«جزى الله شعب مصر كل خير على مساندتهم الدائمة لنا بالكلمة الطيبة، ومنهم ناس استضافت أسر، ووفرت لهم السكن بأسعار مناسبة وأحياناً بالمجان»، وفق تعبير «نهلة»، موضحة أنها دشّنت مشروعاً خاصاً للمأكولات الفلسطينية والترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ولاقت دعماً كبيراً من المصريين، الذين أقبلوا على الشراء من أجل الوقوف بجانبها ومساندتها بشتى الطرق.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر غزة وقف اطلاق النار

إقرأ أيضاً:

تهديدات مبطنة في رسائل واشنطن إلى لبنان

مع انقضاء الحرب الإسرائيلية- الإيرانية دون حسم إستراتيجي، دخلت المنطقة في مرحلة سياسية بالغة التعقيد، تحاول خلالها الولايات المتحدة فرض خريطة جديدة للأمن الإقليمي، تبدأ من طهران ولا تنتهي في بيروت.

ووسط هذه التحولات، وجّهت واشنطن رسالتها الأوضح إلى لبنان منذ سنوات عبر الموفد الرئاسي توم باراك، الذي حمل ورقة شروط سياسية وأمنية تحت غطاء التسوية، عنوانها: نزع سلاح حزب الله خلال خمسة أشهر، مقابل انسحاب إسرائيلي متدرج، وإطلاق مسار اقتصادي ومالي مشروط بالإصلاحات.

لكن ما يبدو على الورق مقايضة، ينطوي عمليًا على تهديدات مبطّنة، ورسائل واضحة بأن على لبنان "الاختيار"، وإلا..

تتمحور الورقة الأميركية حول ثلاث ركائز أساسية: سحب سلاح حزب الله، عبر مبدأ "خطوة مقابل خطوة" تبدأ بتسليم السلاح الثقيل مقابل انسحاب إسرائيلي من التلال المحتلة، ثم تسليم المسيّرات مقابل خطوات أخرى. ترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل، بما يشمل مزارع شبعا التي تعتبرها واشنطن "سورية"، مطالبةً بيروت بالاعتراف بذلك، وطيّ صفحة المطالبة بها. إصلاحات اقتصادية ومالية صارمة، تتضمن إقفال "القرض الحسن"، ومحاصرة اقتصاد الكاش الذي يُتهم حزب الله بالهيمنة عليه، وتشديد الإجراءات على المعابر.

هذه النقاط ليست جديدة بالكامل، لكنها مركّبة بطريقة تضع حزب الله في الزاوية، وتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية التنفيذ ضمن مهلة قصيرة، بلا ضمانات، وبلا خطة واضحة لتفادي الانهيار السياسي أو الأمني.

والجانب الأخطر في الورقة أنها تتجاهل بالكامل مسألة الضمانات. فلا آلية تحكيم دولية في حال تنصلت إسرائيل من التزاماتها، ولا آلية تنفيذية تضمن احترام الخطوات المتبادلة. وبالنسبة لحزب الله، فإن تجربة القرار 1701 كافية لإثبات أن إسرائيل لا تحترم تعهداتها، ولا تبالي حتى بواشنطن إن تعارضت المصالح.

أكثر من ذلك، ترددت معلومات أن باراك قال للرئيس نبيه بري: "أعطونا السلاح ولن نطالبكم بالإصلاحات". هذه الجملة وحدها كفيلة بتأكيد نوايا الورقة الحقيقية: نزع سلاح الحزب أولًا وأخيرًا، بأي ثمن، ولصالح أمن إسرائيل فقط.

إعلان

ومنذ تسلم الورقة في منتصف يونيو/ حزيران، دخلت المؤسسات اللبنانية في دوّامة. اللجنة الثلاثية التي تمثل الرؤساء لم تتفق بعد على صيغة موحدة للرد، رغم اجتماعات يومية في قصر بعبدا.

وتكشف مصادر قريبة أن الخلاف لا يتعلق فقط بالنص، بل بالأولويات: هل نبدأ بالتفاوض حول السلاح، أم نطالب بضمانات أولًا؟ هل نربط التنازلات بمكاسب واضحة، أم نترك الأمر للتطورات؟

الجيش اللبناني دخل أيضًا على الخط. فقد جال قائده رودولف هيكل على الرؤساء الثلاثة لمناقشة جاهزية المؤسسة العسكرية لتسلم مناطق شمال الليطاني، والقيام بدور الضامن المحلي لأي اتفاق. لكن حتى داخل المؤسسة العسكرية، لا يبدو أن هناك حماسة مفرطة لدور غير مضمون، خصوصًا في غياب تفاهم داخلي شامل.

بالتوازي يتعامل حزب الله مع الملف بحذر شديد. فالحزب لا يرفض مبدأ الحوار، لكنه يرفض الإملاءات، خاصة إذا صدرت من دولة راعية لإسرائيل.

ما يعرضه الحزب في المقابل هو صيغة "إستراتيجية دفاعية لبنانية"، تشبه ما طرحه ميشال عون في خطاب القَسَم، وتقوم على:

تنظيم السلاح ضمن خطة وطنية. ربط السلاح بالتحرير الكامل للأراضي المحتلة. إشراف مؤسسات الدولة على المسار التنفيذي. وقف الخروقات والاغتيالات. دعم دولي لإعادة الإعمار.

لكن الحزب في الوقت ذاته يدرك أن الهوامش تضيق. إسرائيل صعّدت ميدانيًا بضربة النبطية في يونيو/ حزيران، وهددت بمزيد من الضربات جنوبًا وبقاعًا وضاحيةً إن لم يتحرك لبنان. والمبعوثون الأميركيون، بمن فيهم باراك، ينقلون رسائل مشفرة: "تجاهلوا الورقة… وسترون النتيجة".

وتتعامل الورقة الأميركية مع لبنان كـ"ساحة ملحقة" بتفاهمات إقليمية أكبر، خصوصًا مع سوريا. وفي هذا السياق، تُطرح مسألة ترسيم الحدود مع دمشق، والتنسيق الأمني، وحتى إعادة بناء العلاقة السياسية.

ولعل أخطر ما فيها هو الضغط على لبنان للاعتراف بأن مزارع شبعا سورية، ما يعني عمليًا إغلاق مبرر "المقاومة المسلحة"، وفقًا للرواية اللبنانية.

كما أن التطورات السورية- الإسرائيلية لا يمكن فصلها عن السياق. فالتقارير عن مفاوضات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب لتحديث اتفاق فك الاشتباك، تجعل من "الساحة اللبنانية" هدفًا جانبيًا لإغلاق ملف حزب الله كجزء من الترتيبات الأمنية على حدود الجولان والجنوب اللبناني.

وبالرغم من أن حزب الله يتعامل بلبنانية واضحة في هذا الملف، فإن البعد الإيراني لا يمكن تجاهله. فالموقف الإيراني من نهاية الحرب مع إسرائيل ينعكس مباشرة على قرار الحزب. وطهران تعتبر أنها خرجت قوية نسبيًا من المواجهة، إذ فشلت تل أبيب في تحقيق أي هدف إستراتيجي، بينما برزت وحدة إيرانية داخلية وإجماع إقليمي على دعم طهران.

ومن هنا، فإن حزب الله يقرأ ما بعد الحرب كـ"فرصة لصمود إضافي"، ويرى أن أي تنازل الآن سيكون هدية مجانية لإسرائيل، التي فشلت في الحرب، وتسعى إلى مكاسب سياسية بدل العسكرية.

ولعل أخطر ما في الورقة هو أنها تُطرح على أنها مشروع "سلام"، بينما هي عمليًا مشروع تفكيك تدريجي لمعادلة الردع التي كرّسها حزب الله منذ عام 2006.

إعلان

وحتى إذا وافق الحزب على بدء النقاش، فإن كل بند يحتاج إلى مفاوضات متدرجة، وشراكة وطنية، وتفاهمات داخلية، لا أن تُفرض كرزنامة تسليم وتسلم تحت ضغط الطائرات والمسيرات.

كما أن الطابع الاقتصادي للمطالب يندرج في إطار الخنق المالي والسياسي للبيئة الداعمة للحزب، وهو ما يُعتبر بمثابة "إلغاء سياسي واجتماعي" لشريحة واسعة من اللبنانيين، في لحظة انهيار اقتصادي حاد، وتراجع قدرة الدولة على حماية مواطنيها.

بعد أن تسلّم المبعوث الأميركي توم باراك الرد اللبناني خلال زيارته إلى بيروت، يُنتظر أن تُحسم التفاصيل النهائية في الأيام المقبلة، لكن السيناريوهات لا تزال مفتوحة:

في حال التوافق مع الحزب: سيكون هناك مسار تفاوضي طويل، قد يعزز الاستقرار، لكنه يواجه صعوبات لوجيستية هائلة. في حال فرض الرد دون الحزب: سيواجه لبنان أزمة سياسية عميقة، وربما حدوث انهيار حكومي، وانفلات أمني في الجنوب. في حال رفض الورقة كليًا: سيتعرض لبنان لمزيد من الضغط العسكري والاقتصادي، في ظل إدارة أميركية- إسرائيلية متعطشة لـ"نجاح ما" بعد إخفاقات غزة وإيران.

في المحصلة، لا تكمن خطورة الورقة الأميركية في مضمونها فقط، بل في توقيتها وسياقها. فنحن أمام محاولة هندسة واقع سياسي وأمني جديد للبنان، من بوابة الضغط الخارجي، لا الحوار الداخلي. وبين من يطالب بالانخراط فيها، ومن يرفضها بالمطلق، يبقى لبنان مهددًا بالانزلاق إلى مواجهة، إن لم تكن عسكرية، فسياسية وجودية.

إنه اختبار للدولة، لا للحزب فقط. اختبار لقدرتها على اتخاذ قرار سيادي متوازن، يضمن الأمن دون التنازل عن الحق، ويحفظ الاستقرار دون أن يخسر نفسه.

فهل تنجح بيروت في الإمساك بالخيط الرفيع بين التفاهم والفرض؟ الأيام المقبلة وحدها تحمل الجواب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • فلسطينيون يتهمون ترامب بالتواطؤ والصمت على قتل أميركيين بالضفة
  • مبعوث ترامب يُخيّر قسد: قرروا هل أنتم كورد أم سوريين
  • مصطفى بكري: «الحرب ضد مصر بدأت»
  • مستشار خامنئي: ندرس رسائل ترامب لاستئناف المفاوضات
  • وزير الري يُطلق ورشة عمل لتحديث كود الري والصرف ليواكب المتغيرات المائية
  • معركة البناء
  • ديانا هشام تحتفل بتخرجها وتوجه رسالة لـ أشرف زكي
  • أحمد السعدني يودّع المخرج سامح عبد العزيز بكلمات مؤثرة: "أنتم السابقون ونحن بكم لاحقون"
  • تهديدات مبطنة في رسائل واشنطن إلى لبنان
  • توقيع مذكرة تعاون مشترك بين جهاز تنظيم إدارة المخلفات وجمعية الهلال الأحمر المصرى فى مجالات الاستشارات البيئية