«فن الامتنان».. ثقافة تساعد طفلك ليبدو أكثر سعادة!
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الشاكرين والممتنين يكونون أكثر سعادة، ويتعاملون بشكل أفضل مع الصعوبات، ويتمتعون بصداقات أقوى.
ويلاحظ علماء النفس “أن تربية الأطفال على الامتنان يعني أكثر من مجرد قول (شكرا)؛ إذ إنه يتطلب منهم استخدام مجموعة من المهارات الاجتماعية والعاطفية حتى يتم تأديته بالشكل المطلوب”.
نحن نقدم مخططا لأولادنا لما يجب قوله وما يجب القيام به من خلال تصرفاتنا وردود أفعالنا.
كيف يمكننا تعزيز ثقافة الامتنان لدى الأطفال؟
القدوة والنموذج: نحن نقدم مخططا لأولادنا لما يجب قوله وما يجب القيام به من خلال تصرفاتنا وردود أفعالنا.
إن التعبير عن الامتنان من خلال الكلمات والكتابة والهدايا الصغيرة كلها طرق لتعليم الأطفال كيفية أن يصبحوا ممتنين، لذلك احرص على جعل تقديرك للخير في حياتك أكثر علانية.
لغة الحب: إن إعطاء الطفل الوقت الكافي والنوعي مع الوالدين يعلمهم لغة الحب، لذا احرص على التقاط اللحظات العاطفية التي تعبر فيها عن حبك لابنك بهدوء وعمق وصدق.
أمسك بكلتا يديه وقل له بهدوء (أ ح ب ك) بتهجئة تجعله يستشعرها حرفاً حرفاً وتنغرس في عمق قلبه.
ادعم استقلالية طفلك:
إن هذا من شأنه أن يعزز العلاقات الأسرية، وتحسين الجو في المنزل، ويساعد على إبراز نقاط قوتهم ومواهبهم، وكلها أمور جيدة لجعل الأطفال ممتنين.
فمن خلال تولي الأطفال زمام مهاراتهم ومواهبهم ومسؤولية تطويرها، يكتسب الأطفال أشياء يقدرونها في الحياة ويكسبون جذب الدعم من الآخرين، ومن ثم يجلبون الامتنان إلى حياتهم اليومية.
إن أعظم هدية في الحياة تقدمها لطفلك هو أن تجعله يتذوق اللحظات العاطفية معك، وفي أثناء ذلك، حاول أن تركز معه ولا تنشغل عنه، أبعد الخاص بك وامنحه الانتباه الذكي الذي يساعدك على تأكيد التعاطف مع الطفل، وهذا سيعطيك أنت وطفلك شعورا متزايدا بالتقدير للأشياء التي تحبها ولعلاقتك به.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: سعادة الأطفال من خلال
إقرأ أيضاً:
قبل أن يقع الخلل
خالد بن حمد الرواحي
في مؤسساتٍ كثيرة، لا تبدأ الحركة إلّا بعد أن يقع الخلل، ولا تُستدعى الحكمة إلا حين تتعقّد المشكلة. نعيش ثقافةً تُجيد إطفاء الحرائق أكثر مما تُحسن منع اشتعالها، فتتحوّل الإدارات إلى غرف طوارئ لا تهدأ إلا لتشتعل من جديد. وبين أزمةٍ وأخرى، يبرز سؤالٌ مُقلق: لماذا ننتظر حتى تتفاقم الأمور؟ ولماذا لا يتحول التخطيط الوقائي إلى ممارسةٍ مؤسسية ثابتة بدل أن يبقى ردّة فعل متأخرة؟ لقد أصبح انتظار المشكلة كي تُعلن عن نفسها جزءًا من الروتين اليومي، مع أن نصف الجهد كان يمكن توفيره… لو أننا بادرنا في اللحظة المناسبة.
تعود جذور هذا السلوك إلى منظومةٍ إدارية اعتادت التعامل مع الواقع خطوةً بخطوة، لا مع المستقبل وما يحمله من احتمالات. فحين يغيب التخطيط الاستباقي، يتحوّل الموظفون إلى منفذين جيدين، لكنهم يفتقرون إلى القدرة على التنبؤ أو اتخاذ المبادرة. وتغدو التقارير مرآةً لما حدث، لا لما يمكن أن يحدث، بينما ينشغل القادة بمعالجة النتائج بدل فهم الأسباب. ومع مرور الوقت، يتكرس داخل المؤسسة وعيٌ جمعي يقوم على الانتظار: ننتظر الشكوى لنُحسِّن، وننتظر التعثر لنُعدِّل، وننتظر الأزمة لنغيّر. وهكذا تعود المشكلات بالوجوه ذاتها والسيناريو نفسه، وكأن الزمن يعيد تشغيل الحلقة ذاتها دون توقف.
وغالبًا ما تتوارى خلف هذا النمط أسبابٌ أعمق من مجرد نقص الأدوات؛ فالمبادرة تحتاج إلى شجاعة، بينما الاستجابة لا تتطلب أكثر من الامتثال. فالموظف الذي يبادر يتحمّل مسؤولية قراره ويعرّض نفسه لاحتمال الخطأ، في بيئة قد لا تُميّز دائمًا بين الاجتهاد المخلص والخطأ المبرَّر. أما الاستجابة فهي الطريق الأكثر أمانًا؛ لا مخاطرة، ولا مساءلة، ولا حاجة لاستشراف المستقبل أو مواجهة المجهول. وهكذا تتسع دائرة الحذر، ويتراجع الحسّ الابتكاري، حتى تغدو المبادرة استثناءً فرديًا لا ثقافةً مؤسسية راسخة.
وليس أدلّ على أثر هذا السلوك من المشاهد اليومية في الميدان؛ فحين تُعالج المشكلة بعد وقوعها، تكون كلفتها أعلى ووقتها أطول وانعكاساتها أعمق. تتكدس المعاملات، وتتأخر الخدمات، ويُرهق الموظفون في محاولات اللحاق بما فات. والأصعب من ذلك أن ثقة المتعاملين تتآكل تدريجيًا، لأن المؤسسة لا تبدو مستعدة ولا مبادرة. ومع مرور الوقت، يتحول الضغط إلى جزءٍ من البيئة، ويغدو العمل تحت «مُنبّه الأزمات» هو النمط السائد، بينما تتبخر فرص التحسين الوقائي التي كان يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا بأقل جهد وأوضح أثر.
المؤسسات التي تتجاوز هذه الدائرة ليست بالضرورة تلك التي تمتلك موارد أكبر، بل تلك التي تبني عقلية مختلفة. فهي تدرك أن المبادرة ليست مشروعًا إضافيًا بل طريقة عمل، فتزرع في فرقها منهجية رصدٍ مبكرٍ للمخاطر، وتمنح موظفيها مساحة آمنة للتجريب، وتشجعهم على طرح الأسئلة قبل ظهور المشكلة لا بعدها. أما المؤسسات التي تكتفي بالاستجابة، فهي غالبًا ما تُغلق الأبواب أمام الأفكار الجديدة وتنتظر التعليمات قبل كل خطوة، فتتقدم خطوة حين يتقدم الآخرون عشر خطوات. وهنا يتجلى الفارق بين مؤسسة تصنع الحدث… وأخرى تكتفي بملاحقته.
وفي نهاية المطاف، لا تحتاج مؤسساتنا إلى جهدٍ خارق كي تنتقل من ثقافة الاستجابة إلى ثقافة المبادرة، بل إلى وعي إداري يدرك أن الوقاية ليست رفاهية، وأن الاستباق جزءٌ أصيل من الحوكمة الحديثة. فحين يتبنى القادة عقلية المبادرة، ويتعاملون مع المستقبل بروح الباحث لا بردّات الفعل، يتحوّل الخلل من مصدر إرباك إلى فرصة تحسين. وعندما يشعر الموظف بأن المؤسسة تثق في اجتهاده وتسمح له بأن يسبق المشكلة بخطوة، تتولد طاقة إيجابية تدفع الجميع نحو أداءٍ أذكى وأكثر استدامة. فالمبادرة ليست مهارة فردية فحسب، بل ثقافة تُبنى… ونقلة تصنع الفرق بين مؤسسة تُطفئ الحرائق، وأخرى تمنع اشتعالها.
رابط مختصر