انقطاعات الكهرباء في إيران تدمر الصناعة وسط مخاوف من ضغوط ترمب
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
اعتاد رجل الأعمال الإيراني أمين سميعي بور، طوال مسيرة حياته المهنية على حالات انقطاع التيار الكهربائي التي تمتد لثلاثة عقود، لكنه لا يتذكر وقتاً أسوأ من موجة انقطاعات الكهرباء الحالية التي شلّت مصنع أدوات المطبخ التابع له.
قال سميعي بور، البالغ من العمر 42 عاماً: "يُعد انقطاع الكهرباء على مدار ساعات العمل أمراً مروّعاً، ما يترك الموظفين بلا عمل".
منذ نوفمبر، استمر انقطاع التيار الكهربائي عن المنتجين لمدة تصل إلى يومين أسبوعياً، مع تعطل الشبكة الكهربائية القديمة نتيجة العقوبات الدولية وغياب الاستثمارات الأجنبية. تستعد الحكومة الإيرانية لمواجهة طريق أكثر صعوبة مع استعداد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب لتشديد الضغط، وتحضير حزمة عقوبات جديدة تستهدف صناعة النفط.
تُعد سلسلة انقطاعات الكهرباء الأسوأ في إيران منذ عقود، حيث أصابت قطاعات واسعة من الاقتصاد بالشلل، ما أضر بالصناعات الرئيسية ودفع بلداً غنياً بموارد الطاقة إلى أزمة أعمق. يعاني المصنعون بالفعل من مزيج من العقوبات، وتضخم بنسبة 30%، وانهيار العملة الإيرانية.
تحديات إيران
قال عبدالكريم معصومي، 36 عاماً، الذي يدير شركة "سورن" للكيماويات: "لا أشعر بالتفاؤل تجاه المستقبل ضمن هذا المسار". مضيفاً "فكرت بجدية في تقليص حجم العمل، بل وحتى إغلاقه تماماً عدة مرات".
التحديات بالنسبة إلى إيران لا تتعلق باستمرار منتجي الطاقة والصلب والسيارات فحسب، بل أيضاً النظام الديني الذي يدعم البلاد منذ الثورة عام 1979.
واجه رجال الدين في الحكم خلال السنوات الأخيرة مستويات غير مسبوقة من عدم الشعبية، وتفاقم هذا الوضع الهش بفقدانهم السريع لنفوذهم الإقليمي في ظل حروب إسرائيل في غزة ولبنان، وتغيير النظام في سوريا.
حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يبقى الصراع المباشر مع إسرائيل احتمالاً قائماً. وإذا تعرضت إيران لضربة عسكرية استهدفت مواقع حيوية من شبكتها الكهربائية، أو منشآتها النووية، أو بنيتها التحتية الأخرى، ستعيق العقوبات عملية التعافي.
تقدر غرفة التجارة والصناعات والمناجم والزراعة الإيرانية أن انقطاعات الكهرباء تكلف الاقتصاد نحو 250 مليون دولار يومياً.
تعطيل إمدادات الغاز
حوالي 40% من القدرة الإنتاجية لصناعة الصلب معطلة، وتم تعليق إمدادات الغاز الطبيعي إلى ما لا يقل عن اثنتي عشرة منشأة بتروكيماوية، كما خُفضت تدفقات الغاز إلى قطاع الإسمنت بنسبة 80%، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
قال أمين سميعي بور: "الوضع هو الأسوأ الذي شهدتُه خلال الأعوام الـ25 الماضية".
أظهرت بيانات غرفة التجارة الإيرانية أن مؤشر مديري المشتريات انخفض على مدى تسعة أشهر متتالية، مشيرة إلى أن هذه التراجعات مرتبطة بانقطاعات الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن ينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف بحلول عام 2027، وفقاً لتوقعات البنك الدولي. كما يُتوقع أن يشهد نمو الصادرات انخفاضاً حاداً.
قال المحلل المستقل دانيا رحمت، المقيم في طهران: "أزمة الطاقة في إيران جزء من انهيار اقتصادي أوسع يشبه تأثير الدومينو، حيث يؤدي الفشل في قطاع واحد إلى تأثيرات متتالية في قطاعات أخرى".
ارتفع استهلاك الكهرباء بأكثر من الضعف منذ عام 2005، ويرى البعض أن الدعم الكبير للغاز يشجع على عادات استهلاكية مهدرة، مثل تشغيل أجهزة التكييف مع ترك النوافذ مفتوحة.
في الوقت نفسه، لم تواكب القدرة الإنتاجية الجديدة الطلب المتزايد، حيث يتجنب المستثمرون الأجانب المحتملون التعرض للعقوبات الأميركية.
حذر وزير الطاقة عباس علي آبادي هذا الشهر من أن العجز في الكهرباء يتوقع أن يرتفع إلى 25 ألف ميغاواط بحلول منتصف العام، مقارنة بـ20 ألف ميغاواط الصيف الماضي.
قال علي آبادي للنواب في الخامس من يناير، وفقاً لما نقلته وكالة "إرنا": "الحقيقة أن هناك اختلالات في الطاقة. تنويع الإنتاج جزء من خططنا، لكنه يتطلب وقتاً".
مشروعات قصيرة الأجل
أشار الوزير إلى أن الحكومة لديها 14 مشروعاً قصير الأجل مخططاً لفصل الصيف، بما في ذلك العمل على وحدات وقود النفط، وتخفيف قيود الشبكة، وزيادة قدرة الطاقة المتجددة. ولم يكشف الوزير عن التكلفة المتوقعة لهذه المشاريع.
رغم أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم، إلا أنها تواجه صعوبات في استغلالها، مع عجز في الغاز لا يقل عن 200 مليون متر مكعب يومياً، بحسب رضا بديدار، نائب رئيس اتحاد صناعة النفط الإيراني. ويعادل هذا تقريباً متوسط الاستهلاك اليومي في ألمانيا.
قال بديدار: "الاستجابة للعقوبات الدولية غير المسبوقة كانت غير كافية. الطاقة، التي كانت يوماً ما محركاً للنمو الاقتصادي، أصبحت الآن عائقاً".
استغرق إنجاز مرحلة رئيسية من حقل "بارس" الجنوبي الضخم 18 عاماً بسبب الخلافات المالية والجولات المتكررة من العقوبات المتصاعدة.
حاولت شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية مرتين المساهمة في تطوير الموقع قبل أن تنسحب، ما دفع شركة محلية إلى استكمال المشروع باستخدام منصة مستعملة من منطقة أخرى في الحقل.
غياب الطاقة المتجددة
الطاقة المتجددة تكاد تكون غير موجودة في إيران، حيث يعتمد أكثر من 92% من إمدادات الطاقة على النفط والغاز، مقارنة بـ60% على مستوى العالم، وفقاً لما أوردته وكالة "شانا" الرسمية في 13 يناير.
يعمل مفاعل نووي بقدرة 1000 ميغاواط في بوشهر الساحلية، بينما يتوقع أن ينتج مفاعل آخر قيد الإنشاء في محافظة خوزستان 300 ميغاواط يومياً.
اتفاق 2015 مع الولايات المتحدة كان يهدف إلى منع إيران من تخصيب اليورانيوم إلى مستوى الأسلحة النووية، مقابل تخفيف العقوبات.
لكن الرئيس دونالد ترمب انسحب من الاتفاق في عام 2018، معتبراً أنه غير شامل بما فيه الكفاية، وأعاد فرض العقوبات على قطاعات الطاقة والشحن والمصارف.
منذ ذلك الحين، تراجع الريال الإيراني بشكل كبير أمام الدولار، فاقداً نحو 90% من قيمته في السوق غير الرسمية.
شهد القطاع الصناعي إضرابات متزايدة، حيث نظم المتقاعدون والعاملون في القطاع الصحي والتجار في البازار الكبير بطهران، الذي يمتد عمره لقرون، احتجاجات وإضرابات خلال الأشهر الأخيرة.
محاولات الحكومة السابقة لرفع أسعار البنزين أدت إلى احتجاجات عنيفة، كان آخرها في نوفمبر 2019.
من دون تخفيف العقوبات، يرجح أن يتفاقم عجز الطاقة. وتحتاج البلاد إلى إنفاق حوالي 15 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2029 لمعالجة هذا النقص، وفقاً لمسؤول في وزارة النفط صرح بذلك في نوفمبر.
شهدت صادرات النفط الإيرانية، وهي عضو في منظمة "أوبك"، انتعاشاً في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث ارتفعت بنسبة 65% لتصل إلى متوسط حوالي 3.3 مليون برميل يومياً العام الماضي، وفقاً لمسح أجرته "بلومبرغ".
لكن هذا الانتعاش قد لا يستمر طويلاً بعد تنصيب ترمب يوم الاثنين. وتشير التقارير إلى وجود توافق عام بين مستشاريه الرئيسيين لتشديد العقوبات على إيران عبر استهداف اللاعبين الرئيسيين في صناعة النفط، وفقاً لما أوردته "بلومبرغ" في 16 يناير، وقد يتم الإعلان عن العقوبات الجديدة في وقت مبكر من الشهر المقبل.
إبرام صفقة جديدة مع ترمب يُعد أولوية بالنسبة للرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي يعتبرها حاسمة لبقاء الاقتصاد.
عقدت الحكومة هذا الشهر الجولة الثالثة من المحادثات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بشأن القضية، حيث وصف نائب وزير الخارجية الجلسات في جنيف على منصة "إكس" بأنها "جادة وصريحة وبنّاءة".
هذا الاحتمال يمنح عبدالكريم معصومي، مورد الكيماويات، بصيصاً من الأمل.
قال معصومي: "مع البراغماتية الجديدة التي أظهرتها المنظومة الحاكمة، أعتقد أن الأمور يمكن أن تتحسن"، مضيفاً: "إلا إذا عرقلت القنابل أو الصواريخ الطريق إلى الأمام".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار انقطاعات الکهرباء
إقرأ أيضاً:
الكهرباء: نستهدف رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 42 % بحلول 2030
كتب- محمد أبو بكر:
استقبل الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، السفير أندرياس باوم، سفير سويسرا لدى القاهرة، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، في لقاء ناقش سبل تعزيز التعاون الثنائي وتوسيع الشراكة في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، خاصة في ضوء التوجه الوطني نحو التحول الطاقي.
تعزيز الاستثمارات السويسرية في قطاع الكهرباءتناول الاجتماع سبل دعم العلاقات الثنائية بين مصر وسويسرا، وفتح آفاق جديدة أمام الشركات السويسرية للاستثمار في قطاع الطاقة المصري، وخاصة في مجالات الطاقة النظيفة، وتحسين كفاءة الطاقة، وتطوير الشبكات الذكية.
ورحب الوزير عصمت بالسفير السويسري، مشيدًا بمتانة العلاقات بين البلدين، وأكد على أهمية تعميق التعاون في مشروعات الطاقة المتجددة وتعظيم الاستفادة من الطاقات النظيفة، لافتًا إلى اهتمام الوزارة بجذب استثمارات جديدة في مجالات الضخ والتخزين، والاستفادة من إمكانات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
رؤية استراتيجية للتحول الطاقيأشار وزير الكهرباء إلى أن الاستراتيجية الوطنية للطاقة تستهدف خفض الاعتماد على الوقود التقليدي وتقليل الانبعاثات الكربونية، من خلال التوسع في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، والتوجه نحو استخدام أحدث الحلول التكنولوجية وأنظمة التحكم الذكية، في إطار خطة التحول الرقمي لقطاع الكهرباء، بما يسهم في تحسين جودة الخدمة للمواطنين.
وأوضح الدكتور عصمت أن هناك فرصًا واسعة للاستثمار المشترك في مشروعات الطاقة النظيفة، ضمن خطة متكاملة للتعاون مع الشركاء الدوليين، ورفع كفاءة الشبكات الكهربائية، من خلال دعم مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، المحلي والدولي.
أهداف طموحة لنسبة الطاقة المتجددةأضاف وزير الكهرباء أن مصر تسعى، من خلال استراتيجيتها الوطنية المحدثة للطاقة، إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة المولدة بحلول عام 2030، وإلى 65% بحلول عام 2040، مع بناء مزيج طاقي أكثر استدامة، يدعم النمو الاقتصادي، ويواكب أهداف التنمية المستدامة.
وأكد على أن الدولة المصرية نفذت إعادة هيكلة شاملة للبنية التحتية والتشريعية، لتسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية، ودعم تنفيذ المشروعات الكبرى في قطاع الكهرباء والطاقة، مع التركيز على مساهمة القطاع الخاص في هذا التوسع، سواء في الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
إشادة سويسرية بدور مصر الإقليميمن جانبه، أعرب السفير أندرياس باوم عن تقديره لما يتمتع به قطاع الكهرباء في مصر من خبرات كبيرة، مؤكدًا على أهمية استمرار العمل المشترك لزيادة التعاون في جميع مجالات الكهرباء، وبالأخص في مجالات الطاقة المتجددة.
كما أشاد بالدور المحوري الذي تلعبه مصر في دعم الاستقرار والتنمية في المنطقة، مؤكدًا أهمية توحيد الجهود بين البلدين لتعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق الأهداف الاقتصادية والبيئية المشتركة، معربًا عن حرص بلاده على تشجيع مزيد من الشركات السويسرية لضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية.
اقرأ أيضاً:
اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات
أبرزها تطوير التدريب الإكلينيكي.. قرارات مجلس طب قصر العيني مايو 2025
محظورات لجان امتحانات الثانوية الأزهرية 2025
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
محمود عصمت وزير الكهرباء الطاقة المتجددة أندرياس باوم مشروعات الطاقة المتجددةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
الكهرباء: نستهدف رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 42 % بحلول 2030
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك