أثار استقبال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي لقائد القيادة العامة في ليبيا، خليفة حفتر، في القصر الجمهوري بعد غياب لأكثر من 3 سنوات تساؤلات حول أهداف هذه الزيارة وتأثيرها على المشهد السياسي والعسكري في ليبيا.

والتقى السيسي بحفتر في القصر الرئاسي بالعاصمة الإدارية الجديدة لمناقشة تطورات المشهد في ليبيا، وسط تأكيدات من السيسي أن استقرار ليبيا يرتبط ارتباطا وثيقا مع الأمن القومي المصري، وأن القاهرة تبذل كل ما في وسعها من جهود ومساعي لضمان الأمن والاستقرار في ليبيا، والحفاظ على سيادتها ووحدتها، واستعادة مسار التنمية بها، مؤكدا دعم مصر لكافة المبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف.



"انتخابات وإخراج المرتزقة"
وشدد السيسي على حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية، وأهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، وعلى ضرورة منع التدخلات الخارجية وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.


من جهته، أكد "حفتر" تقديره العميق للدور المحوري الذي تلعبه مصر في استعادة الاستقرار في ليبيا، والجهود الحثيثة التي تبذلها لدعم ومساندة الليبيين منذ اندلاع الأزمة، مشددًا على استمرار الجهود الرامية لحلحلة الأوضاع في ليبيا بما يسهم في استعادة مقدرات الشعب الليبي وفتح آفاق الاستقرار والازدهار والرخاء، وفق زعمه.

"روسيا والسودان"
وذكرت مصادر مصرية وليبية لـ"عربي21" أن "الزيارة كانت ذات طبيعة عسكرية وأهم محاورها التقارير التي تحدثت عن نقل معدات وجنود روس من سوريا إلى شرق ليبيا، وكذلك دور حفتر في دعم قوات "حميدتي" ضد "البرهان" الذي يعد حليفا للدولة المصرية".

ولاقت الزيارة ردود فعل واسعة محليا وإقليميا كونها جاءت بعد حالة انقطاع بين السيسي وحفتر وعدم زيارة الأخير للقاهرة لأكثر من 3 سنوات، ما اعتبره مراقبون بأنها زيارة غير تقليدية وتحمل عدة دلالات وتداعيات مستقبلا.

فما الدلالة والرسالة من زيارة حفتر للقاهرة الآن واستقبال السيسي له في القصر الرئاسي؟

"تكرار نموذج سوريا"
من جانبه أكد الكاتب الليبي والمستشار السياسي السابق لحفتر، محمد بويصير أن "ما حدث في سوريا وما تبعه من زيارة وفد لحكومة الدبيبة للإدارة الجديدة هناك والتصريح بتشابه الظروف بين سوريا وليبيا وسعي الدبيبة للتعاون الأمني والعسكري وظهور عناصر ليبية متشددة شاركت في أعمال مسلحة في الشرق الليبي ثم انسحبت إلى الغرب ضمن الوفد، هو ما أدى إلى زيارة مدير المخابرات المصري، خالد رشاد لحفتر والتعبير عن خشيته من تكرار نموذج سوريا في ليبيا".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "شرق ليبيا هي منطقة تأثير على الأمن القومي المصري، وسقوط حكم حفتر وخضوعها لحكم مجموعات متشددة  ينقل الخطر إلى مصر مباشرة، نتيجة للامتداد الديموغرافي للقبائل الليبية داخل مصر، لذلك فإن مصر تحتاج إلى دعم حليفها "خليفة حفتر"، كما قال.

وأضاف: "احتمال الهجوم على برقة من قبل الجماعات المسلحة المتشددة وظهور "جولانى آخر" في بنغازي  بدعم تركي وتمويل قطري أمر أكثر من محتمل، وسيتم بمباركة أمريكية حيث أن ذلك سيجرد الوجود الروسي من حاضنته الليبية وهذا غرض استراتيجي أميركي"، بحسب رأيه.

وحول الدعم المصري المتوقع لحفتر مستقبلا، قال بويصير: "الدعم سيكون في الاتجاهات العسكرية والسياسية حيث يدفع حفتر لمزيد من الانفتاح وعمل انفراجات في الشرق والجنوب ما يمكن أن يوسع من دائرة قبوله ، أما مصر فهي تواجه مخاطر من كل الاتجاهات، لذا فهي وحدة المخاطر ووحدة المصير ما صنع هذه الزيارة وظهور الصور الحميمية غير المسبوقة بين السيسي وحفتر".

"توازن إقليمي ودور إيجابي"
في حين رأى المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة، إسماعيل السنوسي الشريف أن "الدور المصري في ليبيا واضح منذ دعم القاهرة لاتفاق وقف إطلاق النار وما تبعه من عملية سياسية انطلقت من تونس وصولا إلى جنيف ومتوازية مع المسار الدستوري الذي مضى بشكل جيد في القاهرة هو الأخر".

واستطرد قائلا لـ"عربي21": "لكن ثمة تعثر دولي سببه ضعف البعثة الأممية أثناء رئاسة باثيلي حيث تجمدت العملية السياسية ورغم ذلك كان هناك تواصل مستمر للدبلوماسية المصرية مع الأطراف الليبية سواء البرلمان والقيادة العامة في الشرق أو مجلس الدولة وحكومة طرابلس في الغرب وحافظت القاهرة على التوازن الإقليمي مع تركيا وهو توازن يتطلبه بالضرورة الوضع المستقر الهش في ليبيا"، وفق كلامه.


وتابع: "أما ما يتردد عن أسلحة تنطلق من ليبيا تجاه السودان فهذه معلومات ذكرتها الحكومة السودانية دون تقديم أدلة تثبت هذا الدعم الذي هو أقرب إلى الخيال من الواقع الليبي الذي ليس فيه فائض لأحد الأطراف الليبية ليفكر في التدخل في أزمة السودان التي تهدد القارة الأفريقية بأسرها إذا لم تتعامل معها الدول الأفريقية الكبيرة بهدف وقفها"، كما صرح.

"تخوفات مصرية واضحة"
الصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهو ساي قال من جهته إن "زيارة حفتر إلى مصر تأتي في سياق إقليمي متبدل وواقع جديد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على غرار سقوط الأسد، وهناك تقارب مصري تركي سيؤدي في النهاية إلى تغيير في الوضع الليبي على كل المستويات بما في ذلك متطلبات على حفتر الالتزام بها في مقاربة حل الأزمة الليبية أو إدارتها بشكل جديد في ظل إدارة أمريكية أكثر انكفاءا فيما يتعلق بليبيا".

وأضاف أن "مصر تريد أن تنقل مخاوفها ومعارضتها الشديدة لاستمرار دعم قوات "حميدتي" في السودان انطلاقا من ليييا، وكذلك تخوفها الكبير من التوسع الروسي في ليبيا بعد خروجها من سوريا واحتمال أن تكون ليييا هي المركز الأساسي لوجودها في الخارج والانطلاق إلى أفريقيا كما هو حاصل بالفعل.

وتابع لـ"عربي21": "كذلك تخوف القاهرة من خسارة دورها المحوري في ليبيا لصالح الروس في النهاية لأن حفتر نفسه قد يصل يفضل روسيا إذا حصل منها على كل شيء ولم يعد بحاجة إلى دعم سياسي مصري"، حسب تقديراته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصري السيسي ليبيا حفتر ليبيا مصر السيسي حفتر المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی لیبیا فی القصر فی الشرق

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي: فهم المعنى في اللغة أهم من مجرد الإعراب.. وهذا ما يغير دلالة الآيات

أوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن فهم اللغة العربية لا يقتصر على الإعراب أو دراسة حركات الكلمة فقط، بل يتعدى ذلك إلى فهم المعاني الدقيقة للألفاظ، وهو ما يُعد مفتاحًا لفهم النصوص القرآنية والشرعية على الوجه الصحيح.

حضرتك مش محتاج حد.. الشيخ خالد الجندي: علاقتك بالله لا تحتاج وسيطاخالد الجندي: ليس من الصحيح تخويف الناس من الدين وتعقيد العبادة

وأوضح الجندي، خلال برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الخميس: "أنا عاوز أكلمكم عن حاجة مهمة جدًا.. أنتوا عارفين إنه في علم اسمه علم النحو، وده بيتكلم في الحركات الإعرابية اللي بتلحق آخر الكلمة، يعني الفتحة، الضمة، السكون، الكسرة، ودي بنسميها الأوضاع النحوية للكلمات".

الإعراب فرع من المعنى

وأضاف: "إنما في علم تاني ناس كتير مش عارفينه، اسمه علم اللغة، وده بيفتش في معاني الكلمات، مش بس إعرابها، طبعًا هتقول إن الإعراب فرع من المعنى، وده صحيح، لكن لازم الأول نفهم المعنى علشان نقدر نعرف الموقع الإعرابي بشكل سليم".

وأشار الجندي إلى أن الفهم الدقيق للمعنى هو ما يساعد في استنباط الأحكام الشرعية الصحيحة، واستدل على ذلك بعدة أمثلة من القرآن الكريم، منها: "لما نقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فيه (باء) في أول الجملة، بيقولوا عليها حرف استعانة، بتخلي اللي بعدها وسيلة للي قبلها، زي ما تقول كتبت بالقلم، أو سافرت بالقطار، يبقى لازم أفهم (الباء) دي جاية ليه؟ لأنها مش مجرد حرف، معناها بيأثر على الفهم".

كما بيّن أهمية هذا المعنى في الخلاف الفقهي بين العلماء، قائلًا: "ربنا بيقول: وامسحوا برؤوسكم، الفقهاء اختلفوا: هل الباء دي للإلصاق ولا للمصاحبة؟ لأن ده معناه: هل نمسح الرأس كله، ولا يكفي جزء؟ وده مثال حيّ على إزاي حرف بسيط ممكن يغير الحكم".

وتطرق الجندي إلى آيات أخرى توضّح أهمية المعنى في فهم النص، موضحا: "وإنك لعلى خلق عظيم، ما قالش (عندك خلق عظيم)، لأ، قال (على خلق)، و(على) دي مش مجرد حرف جر، دي معناها الفوقية والاستعلاء، يعني أنت سامٍ ومرتفع بأخلاقك، مش مجرد إنك تملك أخلاق".

كما أشار إلى قوله تعالى على لسان فرعون: "لأصلبنكم في جذوع النخل"، موضحًا أن: "كلمة (في) هنا معناها مش داخل الجذوع حرفيًا، لكن معناها (على)، للإلصاق، يعني حثبتكم على النخل بالمسامير، وهو تعبير عن شدة العذاب".


وتابع: "المعنى مش رفاهية، ده أساس الفهم الصحيح، ولو ما فهمتش الكلمة صح، مش هتفهم الآية صح، وربنا بيحاسبنا على الفهم والعمل، مش على الحفظ الشكلي".

طباعة شارك خالد الجندي الأعلى للشئون الإسلامية اللغة العربية النصوص القرآنية الحركات الإعرابية

مقالات مشابهة

  • تأخير الساعة 60 دقيقة مساء يوم خميس.. انتهاء التوقيت الصيفي بهذا الموعد
  • خالد الجندي: فهم المعنى في اللغة أهم من مجرد الإعراب.. وهذا ما يغير دلالة الآيات
  • وزيرا خارجية ودفاع سوريا في أول زيارة لموسكو..ماذا بحثا؟
  • وزير الطاقة: سوريا تبدأ استقبال 3.4 ملايين م3 من الغاز الأذري عبر تركيا اعتباراً من 2 آب المقبل
  • باحث علاقات دولية: خطاب الرئيس السيسي أكد محورية الدور المصري في القضية الفلسطينية | خاص
  • مجلس الوزراء السعودي يشيد بنتائج زيارة الوفد السعودي إلى سوريا
  • مجلس الوزراء يشيد بنتائج زيارة الوفد السعودي إلى سوريا ويؤكد على موقف المملكة الراسخ الداعم لمسيرتها نحو النمو الاقتصادي
  • 47 اتفاقية استثمارية بنحو 24 مليار ريال.. مجلس الوزراء يُشِيد بنتائج زيارة الوفد السعودي إلى سوريا
  • الشعب الجمهوري: كلمة الرئيس السيسي تؤكد التزام مصر التاريخي بدعم القضية الفلسطينية ورفض التهجير
  • الشعب الجمهوري: كلمة الرئيس السيسي عبرت عن خارطة طريق واضحة لدعم الشعب الفلسطيني