استضافت "القاعة الدولية" بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، ضمن محور "تجارب ثقافية"، ندوة بعنوان "لمحة تاريخية لعلاقة القضاء الليبي بالقضاء المصري"، نظّمها مركز البحوث الجنائية والتدريب بمكتب النائب العام الليبي.

شارك في الندوة نخبة من القضاة والخبراء القانونيين من مصر وليبيا، تناولوا العلاقات القضائية المشتركة بين البلدين وأهمية استقلالية القضاء.

افتتحت الندوة برسالة تحية من النائب العام الليبي المستشار الصديق أحمد السور، مؤكدةً على أهمية التعاون القضائي بين مصر وليبيا ودوره في تعزيز الأطر القانونية بينهما.

محاور الندوة وتاريخ القضاء الليبي

استعرض الدكتور المبروك عبد الله الفاخري، أستاذ القانون الجنائي بالجامعات الليبية، تاريخ القضاء الليبي وتطوره، مشيرًا إلى أن النظام القضائي الليبي استمد ملامحه الأولى من العهود العثمانية، ومرّ بمراحل تاريخية متعددة شملت الاستعمار الإيطالي والبريطاني.

وأوضح أن القضاة المصريين لعبوا دورًا محوريًا في تأسيس القضاء الليبي الحديث منذ خمسينيات القرن الماضي، من خلال توليهم مناصب قضائية رئيسية.

دور مصر في بناء المنظومة القضائية الليبية

أكد المستشار جمعة عبد الله أبو زيد، رئيس اللجنة الاستشارية بمجلس النواب الليبي، على مساهمة مصر في تطوير المنظومة القضائية والتشريعية في ليبيا، مستشهدًا بتطبيق قانون المرافعات المصري لعام 1949 لفترة طويلة في المحاكم الليبية.

كما أشاد بدور القضاة المصريين، مثل المستشار محمد عزت السيد والدكتور سرى محمود صيام، في تأسيس أسس العمل القضائي والتشريعي في ليبيا.

الأزهر الشريف والهوية الليبية

تناول الدكتور ضو مفتاح بوغراره، أستاذ ورئيس قسم الشريعة بجامعة طرابلس، دور الأزهر الشريف في تشكيل الهوية الليبية، موضحًا أن التعليم الأزهري ساهم في دعم التشريعات والقوانين الليبية، نظرًا لنهجه الوسطي الذي عزز القيم الدينية والتشريعية.

العلاقات المصرية الليبية وأمن المنطقة

وتحدث المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس محكمة الجنايات الأسبق، عن العلاقات التاريخية بين مصر وليبيا، مشددًا على دعم مصر لاستقلال ليبيا ومساهمتها في حل النزاعات الداخلية، انطلاقًا من رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.

استقلالية القضاء وأهميتها

اختتم المستشار عدلي حسين، رئيس محكمة استئناف القاهرة، الندوة بتأكيده على أهمية استقلالية القضاء، مشيرًا إلى التحديات التي تواجه استقلال القضاء الدولي، وداعيًا إلى الحفاظ على استقلال القضاء الليبي كركيزة لضمان العدالة وسيادة القانون.

عكست الندوة عمق العلاقات القضائية بين مصر وليبيا وأبرزت الجهود المشتركة في تعزيز سيادة القانون واستقلالية القضاء، بما يدعم الأمن والاستقرار في البلدين.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: القضاء الليبي ريادة مصر قضاة وخبراء القضاء اللیبی مصر ولیبیا

إقرأ أيضاً:

دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال

عند حديثنا عن دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة فإننا نتجاوز استعادة الإرث التاريخي الطويل إلى محاولة استقراء الواقع المعاصر للأوقاف في عمان، واستشراف قدرتها على أن تكون عنصرا فاعلا في المستقبل الاقتصادي، فمن هذا المنطلق جاء هذا المحور في مؤتمر عُمان الوقفي الذي اختتم أعماله أمس، وأتاح لي من خلال حضوري لجميع الجلسات على مدار يومين من فرصة الاقتراب من نماذج واقعية تقدّم إجابات عملية عن مجموعة من التساؤلات المتعلقة بإمكانية أن يتحول الوقف إلى محرك اقتصادي حديث، وكيف أن الفكر الريادي والرؤية الواضحة والقدرة على اتخاذ القرار الجريء بالإمكان أن يحول الأصول الوقفية إلى استثمارات تجني الذهب وتحقق أهدافا اقتصادية مبهرة.

وتتبدى الإجابة بوضوح في النموذجين اللذين برزا في هذا المحور وتم استعراضهما في الجلسة الحوارية الأخيرة من هذا المؤتمر، وهما تجربتي: مؤسسة بوشر الوقفية، وأوقاف حارة العقر في نزوى، ورغم اختلاف بيئتهما وسياقاتهما، إلا أنهما يشتركان في جوهر واحد، وهو إعادة اكتشاف القوة الكامنة في الوقف، وتوظيفه كأداة فاعلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وقد بدت تجربة مؤسسة بوشر الوقفية من نقطة شديدة الواقعية، وهي بناء الثقة المجتمعية قبل الشروع في أي مشروع استثماري كبير، وقد أوضح المهندس محمد بن سالم البوسعيدي أن المؤسسة عملت منذ لحظتها الأولى وفق استراتيجية خمسية واضحة، قطعت مراحل التأسيس والانطلاق، وتتجه بثقة نحو مرحلة النمو والاستقلال ابتداء من العام القادم، هذه المرحلة ليست مجرد توسع مالي، بل انتقال إلى مستوى جديد يعاد فيه تعريف الوقف بوصفه قطاعا قادرا على الإضافة الاقتصادية، وقادرا كذلك على فتح فضاءات جديدة أمام رواد الأعمال الشباب.

ولعل ما يميز هذه التجربة أن بوشر اختارت أن تبدأ من الإنسان قبل المكان، فقد توجهت إلى المدارس والكليات والمجتمع المحلي، ونشرت الوعي بقيمة الوقف عبر برامج متنوعة مثل "فرع الوقف" والمعارض المتنقلة و"سيرة ومسيرة"، إدراكا منها بأن الوقف لا يستعيد دوره إلا إذا استعاد المجتمع ثقته به، ومع بناء هذه الثقة، بدأت المؤسسة في العمل على الملفات الأصعب. وعلى رأسها الأصول الزراعية الوقفية المتعثرة التي كانت لعقود تمثل تحديا إداريا وماليا.

ومن هنا جاءت تجربة تحويل مزرعة وقفية متوقفة منذ سنوات إلى مشروع سياحي وزراعي وتعليمي في الوقت نفسه، وقد بين البوسعيدي أن فكرة المشروع لم تنطلق من وفرة مالية، بل من التقاء ثلاثة عناصر: أصل وقفي لم يستثمر كما ينبغي، وشاب عماني يمتلك خبرة وفكرا استثماريا مبتكرا، ومؤسسة وقفية تمتلك الإرادة والقدرة على فتح الطريق، وعبر هذا التلاقي، تولدت فكرة مشروع يضم بيوتا محمية، ومساحات زراعية حديثة، ونقطة لقاء لرواد الأعمال، ومطعما ومقهى تديرهما عمانيات، ومنفذا لمنتجات الأسر المنتجة، وموقعا تعليميا لطلبة المدارس في الفترات الصباحية، فهذا النموذج يعيد صياغة مفهوم الأثر الاجتماعي للوقف، ويحوّل المزرعة من عبء إداري إلى منصة تحتضن ريادة الأعمال وتفتح أمام الشباب مساحات جديدة من العمل والإنتاج.

كما وسعت بوشر نطاق عملها إلى التطوير العقاري عبر تشغيل "بيت المقحم" التاريخي، وإلى الابتكار من خلال إطلاق "هاكاثون الوقف"، وإلى الإعلام عبر تأسيس شركة "أنجم ميديا" التي تدير الفعاليات والمناسبات، ويكشف هذا التنوع أن المؤسسة لا ترى الوقف مجرد قطاع جامد، بل فضاء يتسع للتقنية والسياحة والإعلام والزراعة والتعليم والصناديق الاستثمارية، وأن استثمار الأوقاف يسعى لبناء منظومة متكاملة من الأنشطة القادرة على خلق فرص وظيفية، وتعزيز قيمة المكان، وإحياء الأصول القديمة بفكر جديد.

أما تجربة حارة العقر بنزوى التي استعرضها الدكتور إسحاق الشرياني، فهي تقدم نموذجا مختلفا في الشكل لكنه قريب جدا في المعنى، لقد بدأت التجربة من واقع متواضع؛ رصيد مالي لا يتجاوز سبعة آلاف ريال، وحارة تاريخية تتآكل بيوتها، ونظرة عامة تشكك في جدوى إنفاق الأموال على ما كان يبدو مشروعا غير مضمون، ولكن الرؤية التي حملتها أوقاف العقر كانت مختلفة، فقد أدركت أن التمسك بالأصول حتى تنهار ليس خيارا، وأن الاستثمار في التراث ليس مغامرة، بل ضرورة لإحياء المكان واستعادة دوره التاريخي والاقتصادي.

ومن هنا انطلقت التجربة عبر منهجية تعتمد على الاقتصاد السلوكي والاجتماعي والسردي، (على حسب تعبير الشرياني) وهي منهجيات تسمح بفهم المجتمع، وصناعة قصة اقتصادية ملهمة، وتحويل التراث إلى قيمة سياحية وثقافية واقتصادية في آن واحد، ونجحت التجربة في تحويل السور التاريخي والبيوت القديمة إلى مشروع استثماري حقق عائدا ماليا بلغ 14%، وهو رقم كبير في المعايير الاقتصادية، لكنه ليس أهم ما تحقق، فالأثر الحقيقي ظهر في إعادة الحياة إلى الحارة، وخلق أكثر من 400 وظيفة مباشرة، وارتفاع قيمة العقارات، وإعادة فتح مدارس القرآن الكريم، وانتعاش السوق التقليدي، وارتفاع الأوقاف من نصف مليون إلى ثلاثة ملايين ونصف، وتحول الحارة إلى مقصد سياحي وثقافي يستقبل مئات الآلاف من الزوار.

وتكشف تجربة العقر أن الوقف قادر على تحريك اقتصاد محلي كامل، إذا توفرت الرؤية والجرأة، فقد ارتفع عدد الغرف الجاهزة للاستخدام إلى 220 غرفة، وانتعش سوق المهن التقليدية، وتضاعفت الهبات الوقفية، واستعاد المجتمع ثقته بمؤسساته الوقفية بعد أن رأى الأثر رأي العين، ولعلّ أهم ما تميزت به التجربة هو قدرتها على تحويل "القصة" إلى جزء من الاقتصاد نفسه، فحديث الناس عن الحارة في المنصات الاجتماعية الحديثة وفي المجالس وفي وسائل الإعلام أصبح عنصرا اقتصاديا يضيف قيمة، ويدفع بالمشروع إلى الأمام، ويجعل منه نموذجا وطنيا يستدعى اليوم في محافل عالمية.

وحين ننظر إلى التجربتين معا، نجد أنهما تمثلان ملامح رؤية عمانية جديدة للوقف، رؤية تعيد تعريف الوقف بوصفه قطاعا اقتصاديا قادرا على الإنتاج والتطوير، يتجاوز كونه مصدرا للإيرادات التقليدية، فبوشر والعقر تقدمان درسا واضحا مفاده أن الوقف الذي يتفاعل مع المجتمع، ويتحالف مع رواد الأعمال، ويستثمر في الإنسان والمكان معا، قادر على خلق أثر يتجاوز حدود المشروع نفسه، ليصل إلى إعادة إحياء المدن، وصناعة الوظائف، وإلهام المؤسسات، وتعزيز الانتماء للمكان.

مقالات مشابهة

  • محافظ القاهرة عن وضع حجر الأساس لأول مسجد يُنسب لقضاة مصر: إضافة حضارية ودينية
  • ندوة إرث سليمان تستحضر شخصية أحد أعلام القضاء والفقه في سلطنة عمان
  • وضع حجر الأساس لمسجد قضاة مصر بالتجمع
  • يضم مركز ثقافيًا.. وضع حجر الأساس لمسجد قضاة مصر بالتجمع
  • وزير الشباب ومحافظ القاهرة يشهدان وضع حجر الأساس لأول مسجد يُنسب لقضاة مصر
  • وزير الشباب ومحافظ القاهرة يضعان حجر الأساس لأول مسجد يُنسب لقضاة مصر
  • بحضور رئيس مجلس الشيوخ ووزراء وكبار القضاء.. 23 صورة من زفاف نجل مساعد أول وزير العدل
  • من المونوريل إلى القطار السريع | النقل والصناعة يرسمان ملامح الجمهورية الجديدة بمشروعات عملاقة.. وخبراء يعلقون
  • برنت: بحثنا مع المستشار “صالح” دعم جهود تجاوز الانقسامات وتحقيق سلام مستدام في ⁧‫ليبيا
  • دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال