شمسان بوست:
2025-07-31@21:12:17 GMT

إصلاح التعليم في مسار العدالة الانتقالية

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

مقال / د . ضياء محيرز

يقاس تقدم المجتمعات بالتطور المضطرد للتعليم، واليوم يشهد عالمنا تحولا ثوريا وتحديات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتتسابق الدول الكبرى إلى الاستثمار في تدريب المعلمين والتلاميذ على الاستخدام المدروس لهذه التكنولوجيا في التعليم، في حين أن نظام التعليم الحالي في اليمن يعيش واقعا مأساويا؛ نتيجة إخفاقات متراكمة للسياسات التعليمية المتبناة سابقا، بالإضافة إلى تداعيات الحرب التي اندلعت منذ 2015م.

فالحرب سببت أزمة تعليم تفوق في حدتها وأثرها الأزمة السياسية والعسكرية، كون الأخيرة يمكن انهائها على طاولة المفاوضات وحين التوصل إلى اتفاق سلام بين أطراف النزاع، بينما أزمة التعليم ستستمر تداعياتها إلى أمد غير معلوم. حيث تشهد المنظومة التعليمية تدهور خطير في البنية التحتية، وشحة الموارد، وانقطاع عدد كبير من الطلاب عن الدراسة، وبحسب تقديرات منظمة اليونيسف في عام 2024م، يوجد 4.5 مليون طفل يمني خارج المدرسة. والمؤسف أن هذه النسب في تصاعد؛ مما ينبأ بكارثة مستقبلية لليمن تتمثل في جيل قادم من الأميين، وسيؤثر ذلك حتما على التعافي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنمية الشاملة المرتقبة للمجتمع في فترة ما بعد الحرب.

إن مستقبل اليمن يتطلب ثورة تغير مفاهيم كثيرة ترسخت في المجتمع عبر السنين، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق “التربية والتعليم” باعتباره أحد المحاور الاجتماعية المهمة التي يجب العمل عليها لإحداث التغيير المرغوب به، فالحروب تولد أولا في عقول البشر، وفي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام. وتأسيسا على ذلك من الضروري بمكان التهيئة للمرحلة القادمة، ودعم تطبيق آليات العدالة الانتقالية من خلال التعليم – المدرسة والجامعة، فنحن نحتاج إلى تدريس تاريخنا في إطار تحليلي نقدي، يشجع الطلاب على معرفة جذور الخلافات المجتمعية التي أدت إلى هذا الصراع، وكيفية ظهور السلوكيات المعززة له، والدروس المستخلصة، والطرق والأساليب لمعالجة أرث الماضي وبناء ذاكرة جماعية لما بعد النزاع، وحل النزاعات بصورة سلمية، وخلق الظروف المواتية لتحقيق السلام المستدام ومنع تكرار ما جرى من انتهاكات جسيمة باعتباره هدفا جوهريا للعدالة الانتقالية.
وعلى جانب آخر فأن التعليم باعتباره حقاً إنسانياً وضروريا وفقا للقوانين الوطنية والدولية؛ فإنه يجب ضمانه بالقدر الكافي والمناسب لكل أبناء الوطن، وعلى الدولة أن تتحمل المسئولية في بني سياسات معدَّة لتقديم تعليما يليق بالعصر، ويتسم بالجودة، ويشجع على التفكير النقدي والمستقل، ويساعد على الإبداع والابتكار، والبحث والاستكشاف والتنقيب العلمي والمعرفي، وبما يسمح بوجود هامش عالي من الوعي بالحقوق والحريات المختلفة، مع مراعاة الاحتياجات الثقافية والاجتماعية للمجتمع اليمني. كما يجب التركيز على تغيير المضامين التدريسية بحيث تكون كتب التدريس خالية من التعبير عن أي سياسات خاصة ومنحازة لطرف معين، من حيث الرموز، والمعلومات التاريخية، والسرد أو فيها إلغاء لطرف، ويجب ربطها بالسلوكيات المرتبطة بالديمقراطية، وغرس قيم التسامح والمصالحة، وتدعيم احترام حقوق الإنسان وقبول الآخر، وتعزيز سيادة القانون، ومحاربة العنف والتطرف لمنع تكرار الانتهاكات من جديد. كما يجب إيلاء اهتمام بتدريب الطواقم التدريسية وتجهيزهم وتأهيلهم تربوياً ليعكسوا وجهة نظر الدولة المدنية الحديثة في ظل المرحلة الانتقالية.
وعلى صعيد آخر يجب وضع برامج ومشاريع تتعلق ببناء المدارس وتجهيزها بالموارد التعليمية اللازمة وتحسين جودة التعليم، وضمان حق الأطفال في حصولهم على تعليم آمن ونوعي في جميع الأوقات، بغض النظر عن الظروف القائمة. والحرص تبني نهج تشاركي بين كافة الفئات المجتمعية من الأطفال والشباب من الجنسين والفئات المهمشة والمتضررة من النزاع لسد الفجوة فيما بينها، واستعادة نسيج المجتمع المحلي الاجتماعي الذي مزقته الحرب. ونشدد في هذا الصدد على ضرورة ادراج مادة تعليم حقوق الإنسان والمواطنة في المناهج الدراسية بحيث توظف فيها كل مضامين العدالة الانتقالية ليصبح التعليم قوة من أجل السلام والتلاحم الاجتماعي والكرامة الإنسانية. 
وفي هذا السياق ينبغي على الحكومة أن تضع إعادة بناء التعليم في قائمة أولوياتها، وتبادر إلى إعداد خطة طوارئ تكون واقعية، ومحددة، وسهلة التنفيذ، وتراعي التوقيت، والتسلسل، والفرص، والجدوى، وتستخدم الموارد المتاحة بفعالية، بمعنى أن تكون خطة يمكن تنفيذها سياسيا وماديا، ومن ثم يمكن التوسع في نطاقها لاحقا عندما يكون ذلك ممكنا. وبطبيعة الحال يجب أن يسبق ذلك تقييم النظام التعليمي الحالي، ومن ثم اتخاذ خطوات لمعالجة وإزالة العناصر الأكثر ضررا في النظام قبل سن سياسات جديدة، فتصبح المقاربات والآليات القانونية والحقوقية مواكبة ومكملة لها. ويمكن أن يتم ذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية لتقديم دعم مالي وفني وتقني للقطاع التعليمي.
وفي الواقع وإن لم يكن لدينا تصور واضح لمعالم العدالة الانتقالية القادمة في اليمن، فعلينا على الأقل ضمان بدء الإصلاحات التربوية التي ستلعب دورًا هامًا في البحث عن حلول لتحديات جمة يعاني منها المجتمع. ويبقى مهما استلهام تجارب الدول الأخرى التي نجحت في التحول الديمقراطي بعد النزاع، والدور المحوري الذي لعبه التعليم في دعم وترسيخ هذا التحول. وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للتعليم نؤكد على ضرورة تعزيز حق المواطن وقدرته على الوصول إلى التعليم بكل مستوياته، وخاصة الأطفال، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن ندع أطفالنا ينتظرون كثيرا تحقيق حلمهم بالحصول على شنطة ومقعد ودراسي. فإذا كان الأطفال، والتعليم بخير، إذا، فالأمة بخير، والباقي مجرد تفاصيل” تشرشل”.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: العدالة الانتقالیة

إقرأ أيضاً:

ألمانيا: حل الدولتين القائم على التفاوض يبقى السبيل الوحيد لحل النزاع بشكل مستدام

قال وزير الخارجية الألمانية يوهان فاديفول اليوم الخميس، إن ألمانيا مقتنعة بأن حل الدولتين القائم على التفاوض يبقى هو السبيل الوحيد الذي سيمكن الجانبين من العيش بسلام وأمن وكرامة، من أجل حل النزاع بشكل مستدام.

وأضاف في تصريح صحفي: بالنسبة لألمانيا، فمن الأرجح أن يكون الاعتراف بالدولة الفلسطينية في نهاية العملية التفاوضية، لكن مثل هذه العملية يجب أن تبدأ الآن، وأن ألمانيا لن تحيد عن هذا الهدف، وسوف تكون مضطرة أيضًا إلى الرد على الخطوات الأحادية الجانب.

وأوضح فاديفول أن مؤتمر الأمم المتحدة في نيويورك أظهر أن إسرائيل تجد نفسها على نحو متزايد تزايدًا مطردًا في وضع الأقلية، ونظرًا للتهديدات العلنية بالضم من قِبل بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية، فإن عددًا متزايدًا بشكل كبير من البلدان، بما في ذلك البلدان الأوروبية، مستعدة للاعتراف بدولة فلسطينية، وحتى دون عملية تفاوضية مسبقة، ثم فإن المنطقة وعملية السلام في الشرق الأوسط تقفان عند مفترق طرق، ولا تستطيع ألمانيا ولا يجوز لها، في ظل مسؤوليتها الخاصة تجاه إسرائيل، أن تكون بمنأى عن هذه القضية.

وقال إن أعداد القتلى والمعاناة في قطاع غزة وصلت إلى أبعاد لا يمكن تصورها. وفي الوقت نفسه، يتعين على إسرائيل أن تقدم الإغاثة الفورية والشاملة والمستدامة في ظل الوضع الكارثي في قطاع غزة. حيث تظل ألمانيا مستعدة بكل قوتها لتقديم الدعم من أجل تخفيف المعاناة.

وتابع أنه نظرا للوضع المأساوي للغاية، فإن إسقاط الإمدادات الإغاثية جواً، والذي ستشارك فيه ألمانيا في الأيام المقبلة، يُعد أيضاً وسيلة لإيصال الإمدادات الإغاثية العاجلة إلى المحتاجين بسرعة، لكن في الوقت نفسه، يجب مواصلة العمل بشكل مكثف لإعادة بناء الطريق البري الإنساني القائم، والذي لا يمكن للإنزال الجوي أن يحل محله، إذ لا يمكن لإمدادات الإغاثة أن تصل إلى الناس بكميات كافية إلا عن طريق البر.

وحث الحكومة الإسرائيلية على السماح للأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية بالوصول الآمن، والأهم التوزيع الآمن والفعال.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية السويد تطالب أوروبا بتجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل كندا تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر والرئيس عباس يعقب بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين للجنائية الدولية الأكثر قراءة إسرائيل تخصص 274 مليون دولار لدعم الاستيطان في الضفة صحة غزة تعلن أحدث حصيلة لشهداء وإصابات الحرب إسرائيل تقرر إعادة وفدها التفاوضي من الدوحة بعد رد "حماس" مُنسق شؤون الأسرى الإسرائيليين يوضح لعائلاتهم الهدف من عودة فريق التفاوض عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • ألمانيا: حل الدولتين القائم على التفاوض يبقى السبيل الوحيد لحل النزاع بشكل مستدام
  • أين تذهب رسوم تظلمات الثانوية العامة التي تحصلها التعليم من الطلاب؟|توضيح عاجل
  • رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية: تحريك الدعوى العامة بحق بعض مرتكبي الانتهاكات تمّ بالتشاور معنا
  • تصعيد مفاجئ بعد الهدنة.. تايلاند تتهم كمبوديا بهجوم ليلي وتلوّح بالرد
  • التعليم تلزم معلمات رياض الأطفال بشهادات الإسعافات الأولية والإنعاش
  • بعد مهلة ترامب.. الكرملين يؤكد التزامه بتسوية النزاع في أوكرانيا
  • ترمب: نسعى لتسوية النزاع في غزة بالتنسيق مع نتنياهو
  • ترامب: أسعى إلى تسوية النزاع في قطاع غزة
  • الكرملين يؤكد التزامه بتسوية النزاع في أوكرانيا
  • الأعلى للدولة يثمّن اعتراف البعثة بانتخاب رئاسته الجديدة، ويتعهد بإنهاء المرحلة الانتقالية