يناير 26, 2025آخر تحديث: يناير 26, 2025

حامد شهاب

كاتب وباحث إعلامي

في كل مرة يفاجأنا الدكتور أكرم الربيعي رئيس قسم الإعلام بجامعة المستقبل بكتاب إعلامي مثير للإنتياه وإنجاز علمي رصين وهذه المرة من خلال كتاب (العمليات النفسية الاعلامية في الفضاء السيبراني وطرق التحكم الرقمي بالتفكير) حيث يشكل الفضاء السيبراني والعمليات النفسية ميدانا حيويا لمحتويات هذا الكتاب وهو ما يدخل المتابعين له في دائرة الإهتمام الإستثنائي لما تتميز به العناوين التي يختارها لمؤلفاته من حداثة في المعلومات وذات سبق تقني ونفسي وإعلامي معاصر يدخل الباحثين في مجالات المعرفة الإعلامية النفسية في ميدانها الرحب من أوسع أبوابها.

(العمليات النفسية الاعلامية في الفضاء السيبراني وطرق التحكم الرقمي بالتفكير) صدر عن دار الكتب والدراسات العربية في كل من  الشارقة والاسكندرية حيث يأتي صدور هذا الكتاب متوافقا مع التطورات الهائلة في ميدان الاتصال والمعلوماتية لاسيما في ظل الفضاء الالكتروني المفتوح.

ومن المعروف ان العلاقة بين الأمن والتكنولوجيا تزايدت مع إمكانية تعرض المصالح الاستراتيجية للدول إلى أخطار وتهديدات الأمر الذي حول الفضاء الإلكتروني لوسيط ومصدر لأدوات جديدة للصراع الدولي وفرضت تلك التطورات إعادة التفكير في مفهوم الأمن القومي للدولة والذي يعني بحماية قيم المجتمع الأساسية وإبعاد مصادر التهديد عنها وغياب الخوف من خطر تعرض هذه القيم للهجوم.

ويؤكد متابعون للأمن السبراني أن طبيعة معالم الامن السبراني باعتباره ساحة عالمية عابرة لحدود الدول هو من جعل الأمن السيبراني يمتد من داخل الدولة إلى النظام الدولي ليشكل نوعا من الأمن الجماعي العالمي، خاصة مع وجود مخاطر تهدد جميع الفاعلين في مجتمع المعلومات العالمي.

ويضيف هؤلاء المتابعون أن الاهتمام بالأمن الإلكتروني لايقتصر على البعد التقني فحسب، بل تجاوزه إلى أبعاد أخرى ذات طبيعة ثقافية، واجتماعية، واقتصادية، وعسكرية وغيرها خاصة أن الاستخدام غير السلمي للفضاء الإلكتروني يؤثر في الرخاء الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي لجميع الدول التي أصبحت تعتمد بنيتها التحتية على الفضاء الإلكتروني.

كما أن تراجع سيادة الدول مع تصاعد دور الفاعلين من غير الدول في العلاقات الدولية (مثل الشركات التكنولوجية العابرة للحدود، وشبكات الجريمة، والقرصنة الإلكترونية والجماعات الإرهابية وغيرها) فرض تحديات عديدة في الحفاظ على الأمن السيبراني العالمي. ودفع ذلك إلى بروز اتجاهات تعددية لتحقيق ذلك الأمن عبر التنسيق بين أصحاب المصلحة من الحكومات والمجتمع المدني والشركات التكنولوجية ووسائل الإعلام وغيرها.

ومن أبرز مخاطر وتداعيات الأمن السيبراني ما يلي:

** تصاعد المخاطر الإلكترونية خاصة مع قابلية المنشآت الحيوية (مدنية وعسكرية) في الدول للهجوم الإلكتروني عليها عبر وسيط وحامل للخدمات أو شل عمل أنظمتها المعلوماتية الأمر الذي يؤثر في وظائف تلك المنشآت. وبالتالي فإن التحكم في تنفيذ هذا الهجوم يعد أداة سيطرة استراتيجية بالغة الأهمية، سواء في زمن السلم أو الحرب.

** تعزيز القوة وانتشارها.. فمن جهة عزز الفضاء الإلكتروني ما يسمي بـ “القوة المؤسسية” في السياسة الدولية وهي تعني أن يكون لها دور في قوة الفاعلين وتحقيق أهدافهم وقيمهم في ظل التنافس مع الآخرين والإسهام في تشكل الفعل الاجتماعي في ظل المعرفة والمحددات المتاحة والتي تؤثر في تشكيل السياسة العالمية.

** عسكرة الفضاء الإلكتروني وذلك سعيا لدرء تهديداته على أمن الفضاء الإلكتروني وبرز في هذا الإطار اتجاهات مثل التطور في مجال سياسات الدفاع والأمن الإلكتروني وتصاعد القدرات في سباق التسلح السيبراني وتبني سياسات دفاعية سيبرانية لدي الأجهزة المعنية بالدفاع والأمن في الدول وتزايد الاستثمار في مجال تطوير أدوات الحرب السيبرانية داخل الجيوش الحديثة.

** إدماج الفضاء الإلكتروني ضمن الأمن القومي للدول وذلك عبر تحديث الجيوش وتدشين وحدات متخصصة في الحروب الإلكترونية وإقامة هيئات وطنية للأمن والدفاع الإلكتروني والقيام بالتدريب وإجراء المناورات لتعزيز الدفاعات الإلكترونية والعمل على تعزيز التعاون الدولي في مجالات تأمين الفضاء الإلكتروني والقيام بمشروعات وطنية للأمن الإلكتروني.

** الاستعداد لحروب المستقبل حيث تبني العديد من الدول استراتيجية حرب المعلومات بحسبانها حربا للمستقبل والتي يتم خوضها بهدف التشتيت وإثارة الاضطرابات في عملية صناعة القرار لدي الخصوم عبر اختراق أنظمتهم، واستخدام ونقل معلوماتهم. وهنا ترى الدول الكبري أن من يحدد مصير تلك المعركة المستقبلية ليس من يملك القوة فقط وإنما القادر على شل القوة، والتشويش على المعلومة..

** تحديث القدرات الدفاعية والهجومية حيث سعت الدول إلى تحديث النشاط الدفاعي لمواجهة مخاطر الحرب السيبرانية والاستثمار في البنية التحتية المعلوماتية، وتأمينها وتحديث القدرات العسكرية ورفع كفاءة الجاهزية لمثل هذه الحرب عن طريق التدريب والمشاركة الدولية في حماية البنية المعلوماتية والاستثمار في رفع القدرات البشرية داخل الأجهزة الوطنية المعنية. وهنا، يتعلق التوجه الأخطر بنقل تلك القدرات من الدفاع إلى الهجوم عن طريق استخدام تلك الهجمات في إطار إدارة الصراع والتوتر مع دول أخرى.

من هذا يتبين لها مدى الأهمية التي يتضمنها مفهوم العمليات النفسية والأمن السبراني وطرق التحكم الرقمي بالتفكير التي ستغير من معالم حروبنا النفسية المقبلة بعمليات سبرانية وطرق تفكير معقدة تدخل التكنلوجيا والعمليات الفنية والتقنية كإحدى أبرز معالم هذا التطور وتحدياته الخطيرة على  الأمن القومي والعالم على حد سواء.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الفضاء الإلکترونی العملیات النفسیة الفضاء السیبرانی

إقرأ أيضاً:

دراسة صادمة: مراهقون يلجؤون إلى روبوتات الدردشة الذكية لدعم صحتهم النفسية

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرًا لمحرر التكنولوجيا،  روبرت بوث، قال فيه إن الخبراء يحذرون من المخاطر، إذ تُظهر دراسة في إنكلترا وويلز أن المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما يلجؤون إلى روبوتات الدردشة الذكية وسط قوائم انتظار طويلة للخدمات.

ويوضح التقرير، أنه بعد إطلاق النار على صديق وطعن آخر، وكلتا الحالتين أدت إلى الوفاة، طلبت شان المساعدة من ChatGPT. كانت قد جربت خدمات الصحة النفسية التقليدية، لكن "الدردشة" كما تسميها، بعد أن تعرفت على "صديقها" الذكي، شعرت بأمان أكبر، وأقل ترهيبًا، والأهم من ذلك، أنها أكثر تواجدا عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع صدمة وفاة أصدقائها الصغار.


وبمجرد أن بدأت في استشارة نموذج الذكاء الاصطناعي، انضمت المراهقة من منطقة توتنهام إلى حوالي 40 بالمئة، من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما في إنجلترا وويلز المتأثرين بعنف الشباب والذين يلجأون إلى روبوتات الدردشة الذكية لدعم صحتهم النفسية، وفقا لبحث أجري على أكثر من 11 ألف شاب.

ووجدت الدراسة أن ضحايا العنف ومرتكبيه كانوا أكثر عرضة بشكل ملحوظ لاستخدام الذكاء الاصطناعي لمثل هذا الدعم مقارنة بالمراهقين الآخرين. وقد أثارت النتائج، الصادرة عن صندوق وقف الشباب، تحذيرات من قادة الشباب بأن الأطفال المعرضين للخطر "يحتاجون إلى إنسان وليس روبوتا"، كما تشير النتائج إلى أن برامج الدردشة الآلية تلبي طلبا لا تلبيه خدمات الصحة العقلية التقليدية، والتي لديها قوائم انتظار طويلة والتي يجدها بعض المستخدمين الشباب تفتقر إلى التعاطف. وتُعد الخصوصية المفترضة لبرنامج الدردشة الآلية عاملا رئيسيا آخر في دفع ضحايا الجرائم أو مرتكبيها إلى استخدامها.

بعد مقتل صديقيها، بدأت شان، البالغة من العمر 18 عاما، وهو ليس اسمها الحقيقي، في استخدام الذكاء الاصطناعي لسناب شات قبل التحول إلى ChatGPT، الذي يمكنها التحدث إليه في أي وقت من النهار أو الليل بنقرتين على هاتفها الذكي، وقالت: "أشعر أنه صديق حقيقي"، مضيفة أنه كان أقل ترويعا وأكثر خصوصية وأقل إصدارًا للأحكام من تجربتها مع خدمات الصحة العقلية التقليدية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) والجمعيات الخيرية.

كلما تحدثت معه كصديق، سيتحدث إليك كصديق في المقابل. إذا قلت للدردشة: "مرحبا يا عزيزتي، أحتاج إلى بعض النصائح". سيرد عليّ وكأنه صديقتي المفضلة، وسيقول: "مرحبا يا عزيزتي، فهمتكِ".
وجدت الدراسة أن واحدًا من كل أربعة من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما استخدم روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي لدعم الصحة النفسية في العام الماضي، وكان الأطفال السود أكثر عرضة لذلك بمرتين من الأطفال البيض. كان المراهقون أكثر ميلا للبحث عن الدعم عبر الإنترنت، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي، إذا كانوا على قائمة انتظار للعلاج أو التشخيص أو تم رفضهم، مقارنة بمن يتلقون الدعم شخصيًا بالفعل.

قالت شان أن الذكاء الاصطناعي "متاح على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع" ولن يُخبر المعلمين أو أولياء الأمور بما كشفت عنه. ورأت أن هذه ميزة كبيرة مقارنة بإخبار معالج نفسي في المدرسة، بعد تجربتها الشخصية لما اعتقدت أنه أسرار تُشارك مع المعلمين ووالدتها، وقالت إن الأولاد الذين شاركوا في أنشطة العصابات شعروا بأمان أكبر عندما طلبوا من روبوتات الدردشة النصيحة حول طرق أخرى أكثر أمانا لكسب المال بدلا من المعلم أو أحد الوالدين الذي قد يسرب المعلومات إلى الشرطة أو أعضاء آخرين في العصابة، مما يعرضهم للخطر.

قال شاب آخر، طلب عدم ذكر اسمه ويستخدم الذكاء الاصطناعي لدعم الصحة النفسية، لصحيفة الغارديان: "النظام الحالي معطل للغاية في تقديم المساعدة للشباب. تُقدم روبوتات الدردشة إجابات فورية. إذا كنت ستنتظر لمدة عام أو عامين للحصول على أي شيء، أو يمكنك الحصول على إجابة فورية في غضون دقائق قليلة... فمن هنا تأتي الرغبة في استخدام الذكاء الاصطناعي".

وقال جون ييتس، الرئيس التنفيذي لصندوق وقف الشباب، الذي كلف بإجراء البحث: "يعاني الكثير من الشباب من مشاكل في صحتهم النفسية ولا يستطيعون الحصول على الدعم الذي يحتاجونه. ليس من المستغرب أن يلجأ البعض إلى التكنولوجيا طلبا للمساعدة. علينا أن نبذل جهدا أفضل لأطفالنا، وخاصة الأكثر عرضة للخطر. إنهم بحاجة إلى إنسان لا روبوت"، وكانت هناك مخاوف متزايدة بشأن مخاطر روبوتات الدردشة عندما يتفاعل الأطفال معها لفترة طويلة.

تواجه شركة OpenAI، الشركة الأمريكية التي تقف وراء ChatGPT، العديد من الدعاوى القضائية، بما في ذلك من عائلات الشباب الذين انتحروا بعد تفاعلات طويلة مع روبت الدردشة، وفي حالة آدم راين، البالغ من العمر 16 عاما، من كاليفورنيا، والذي انتحر في نيسان/أبريل، نفت شركة OpenAI أن يكون روبوت المحادثة هو السبب. وقالت إنها تعمل على تحسين تقنيتها "للتعرف على علامات الضيق النفسي أو العاطفي والاستجابة لها، وتهدئة المحادثات، وتوجيه الناس نحو الدعم الواقعي".

وفي أيلول/ سبتمبر، أعلنت الشركة الناشئة أنها قد تبدأ في الاتصال بالسلطات في الحالات التي يبدأ فيها المستخدمون بالحديث بجدية عن الانتحار، قالت هانا جونز، الباحثة في مجال عنف الشباب والصحة النفسية في لندن: "أن يكون لديك هذه الأداة التي يمكنها إخبارك بأي شيء من الناحية الفنية - أشبه بقصة خيالية. لديك هذا الكتاب السحري الذي يمكنه حل جميع مشاكلك. هذا يبدو مذهلًا"، لكنها قلقة بشأن نقص التنظيم.


وقالت: "يستخدم الناس ChatGPT لدعم الصحة النفسية، في حين أنه غير مصمم لذلك. ما نحتاجه الآن هو زيادة اللوائح المدعومة بالأدلة، والتي يقودها الشباب أيضا. لن يُحل هذا الأمر باتخاذ البالغين قرارات نيابة عن الشباب. يجب أن يكون الشباب هم من يقودون عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بـ ChatGPT ودعم الصحة النفسية باستخدام الذكاء الاصطناعي، لأنه مختلف تمامًا عن عالمنا. لم ننشأ على هذا. لا يمكننا حتى تخيل معنى أن تكون شابا اليوم".

مقالات مشابهة

  • زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟
  • أوهام الازدهار العالمي.. تفكيك أسباب الفقر في عالمٍ يزداد غنى .. كتاب جديد
  • إنوفيرا تطلق برامج تدريبية متقدمة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
  • جامعة كفر الشيخ تنظم ندوة توعوية حول الأمن السيبراني بالتعاون مع «المحافظة وتنظيم الاتصالات»
  • قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات
  • رغم خروج مصر المبكر.. أكرم توفيق يخطف الأنظار بأرقام مميزة في كأس العرب
  • دراسة صادمة: مراهقون يلجؤون إلى روبوتات الدردشة الذكية لدعم صحتهم النفسية
  • بعد تصدره التريند الاعلامية داليا المتبولي تكشف أسرار وكواليس تكريم النجوم فى "ملتقي التميز والابداع".. والدورة الاستثنائية باحدي العواصم العربية
  • خاص .. حقيقة عودة أكرم توفيق وحمدي فتحي للنادي الأهلي
  • تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية للمصريين في 2025.. حقائق صادمة