حكم صيام السابع والعشرين من رجب .. ليلة الإسراء والمعراج
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صيام يوم السابع والعشرين من شهر رجب؟ فإني اعتدتُ صيامه كل عام؛ تعبيرًا مني عن الفرح بما أنعم الله به على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الليلة المباركة.
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال بأن صيامُ يوم السابع والعشرين من شهر رجب فرحًا بما أنعم الله تعالى به على نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا اليوم المبارك هو من الأمور المستحبة المندوب إليها والمرغَّب في الإتيان بها وتعظيم شأنها؛ وقد تواردت نصوص جماعة من الفقهاء على ذلك.
مِن المقرر شرعًا أنَّ "الأمر المطلق يقتضي عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال"؛ فالأمر فيه واسعٌ، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وإيقاعه أكثرَ مِن وجهٍ؛ فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلَّا بدليل، وإلا كان ذلك هو الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعه اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم.
كما حثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الصيام في الأشهر الحرم، ورجب منها بالاتفاق؛ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ» رواه الإمام أبو داود في "سننه".
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 423-424، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وأفضل الأشهر للصوم) بعد رمضان: الأشهر (الحرم)؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب؛ لخبر أبي داود وغيره: «صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وإنَّما أمر المخاطب بالترك: لأنَّه كان يشق عليه إكثار الصوم؛ كما جاء التصريح به في الخبر، أمَّا مَن لا يشق عليه: فصوم جميعها له فضيلة] اهـ.
وصيامُ يوم السابع والعشرين من رجب فرحًا بما أنعم الله تعالى به على نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا اليوم المبارك؛ باعتباره اليوم الذي كان صبيحة ليلة الإسراء والمعراج وفق المشهور لا مانع منه شرعًا؛ حيث ورد الأمر الشرعي بالتذكير بأيَّام الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ومِن أيَّام الله تعالى: الوقائع العظيمة التي مَنَّ الله فيها على عباده بتفريجِ كُربةٍ أو تأييدٍ بنصرٍ أو نحوهما، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه؛ شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفاءً واحتفالًا بنجاة أخيه سيدنا موسى عليه السلام.
وأمثل ما ورد في خصوص الحَثِّ على صيام يوم السابع والعشرين من رجب والترغيب فيه: ما أخرجه الحافظ أبو موسى المديني في "فضائل الليالي والأيام" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَامَ يَومَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كَتَبَ اللهُ لَهُ صِيَامَ سِتِّينَ شَهْرًا». وذكره أيضًا ابنُ أخي مِيمي الدقاق [ت: 390هـ] في "فوائده" (ص: 217، ط. دار أضواء السلف)، والخطيبُ البغدادي في "تاريخ بغداد" (9/ 221، ط. دار الغرب الإسلامي).
فضل الصياموللصوم من الفضائل والأجر ما لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى، ولذلك أضافه الله عزَّ وجلَّ إليه دون غيره من العبادات؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» متفقٌ عليه.
وذلك لأن الصوم مع كونه من أعظم العبادات في ديننا الحنيف إلا أنه لا يطلع عليه أحد من غير إخبار إلا الله عزَّ وجلَّ.
قال العلامة ابن علان الشافعي في "دليل الفالحين" (7/ 23، ط. دار المعرفة): [«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ» قال الخطابي: أي: له فيه حظ ومدخل، وذلك لاطلاع الناس عليه، فهو يتعجل به ثوابًا من الناس، ويحوز به حظًّا من الدنيا؛ جاهًا وتعظيمًا ونحوهما، «ِإلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي» أي: خالصٌ لي لا يطَّلع عليه أحدٌ غيري، ولا حَظَّ فيه للنفس، وفيه كسرها، وتعريض البدن للنقص والصبر على حراقة العطش ومضض الجوع. وقال الخطابي: معناه: الصوم عبادةٌ خالصةٌ لا يستولي عليها الرياء والسمعة؛ لأنه عملُ بِرٍّ لا يطَّلع عليه إلا الله] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شهر رجب ليلة الإسراء والمعراج فضل الصيام الصيام في الأشهر الحرم صيام السابع والعشرين من رجب المزيد صلى الله علیه وآله وسلم السابع والعشرین من رجب لیلة الإسراء والمعراج الله تعالى ه وآله الح ر م
إقرأ أيضاً:
اعتقاد خاطئ عن آية وأما بنعمة ربك فحدث
كثير من الناس عند قرأتهم ل سورة الضحى وبالتحديد عند آية «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ » لا يفهمون المقصود منها، فيفهمونها على أنه التحدث بما عندهم من الأملاك والأطيان وما إلى ذلك، ولكن هذا اعتقاد خاطئ، ولكن هناك معنى آخر للآية وهو التطوير والتحديث فلفظ "فحدث" مأخوذ من الحداثة، وهذا أكبر دليل على أن القرآن حمال أوجه.
المقصود من قوله وأما بنعمة ربك فحدثإنه يجب على الإنسان أن يحمد ربه بالقول كما يحمده بالفعل على نعمه الكثيرة التى لا تعد ولا تحصى، فمن شكر الله أن ينشر الإنسان على لسانه حمد الله على النعم التى وهبها إياه.
المقصود بكلمة "نعمة" في قوله تعالى "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث" هي نعمة النبوة والقرآن والإسلام، فالله تعالى في سورة آل عمران قال: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا».
فإذا من الله علي عبده، عليه أن يحدث الناس بأن يكرموا اليتيم ويطعموه، كما كان يفعل النبي مع الأيتام والفقراء، منوهًا بأن الإنسان إذا أراد ألا يقطع الله مدده عنه فعليه أن يتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن يطيعه كما قال الله تعالى: «مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ».
شرح قوله تعالى وأما بنعمة ربك فحدثألمح الداعية خالد الجندي، إلى أن الناس يفهمون قوله تعالى "وأما بنعمة ربك فحدث" بالخطأ، مشيرًا إلى أنهم يفهمونها على أنه التحدث بما عندهم من الأملاك والأطيان وما إلى ذلك.
وذكر "الجندي"، أن هذا الكلام خطأ وبه تُكسر قلوب الناس، لافتا إلى أن المقصود من الآية هو نقل الدين والعلم للغير والتحدث بهذا مع الغير وليس كما يفهم الناس، منوها بأن قوله "وأما السائل فلا تنهر" ليس معناه أن السائل هو الشحاذ، ولكن السائل هو الذي يسأل في الدين.