عشرات القتلى والجرحى في معارك الفاشر السودانية.. هل تحقق النصر؟
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
عرضت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب السودان) لقصف مدفعي كثيف أدى إلى وقوع قتلى وعدد كبير من الجرحى المدنيين، في حين شنّ الطيران الحربي التابع للجيش سلسلة غارات جوية استهدفت ارتكازات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة.
اقرأ ايضاًوأدى القصف بالمدفعية الثقيلة على السوق المركزية بالفاشر إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 30 بجروح ومعظمهم من المدنيين.
وقالت «الفرقة السادسة مشاة» التابعة للجيش السوداني بالفاشر، الاثنين، إنها دمّرت 20 مسيرة انتحارية أطلقتها «مليشيا قوات الدعم السريع» مستهدفة عدداً من المواقع بالمدينة.
وأفادت، في بيان نقلته «وكالة السودان للأنباء» الرسمية، بأن سلاح الجو السوداني «نفذ غارات جوية مكثفة على تجمعات (الدعم السريع)، التي حاولت التسلل إلى خزان قولو للمياه غرب الفاشر، ودمّرت 17 مركبة مقاتلة، كما أدت إلى قتل وإصابة العشرات في صفوف المليشيا».
وأبدى حاكم إقليم دارفور رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، استنكاره للبيان الصادر عن «قوات الدعم السريع» بعد تدميرها لكل المستشفيات والمؤسسات الخدمية في الفاشر، والاستهداف المباشر للمستشفى السعودي بالمدينة بأكثر من 6 طائرات مسيرة. وقال، في منشور على موقع «فيسبوك»، الاثنين، إن «هذا السلوك الإجرامي يهدف إلى تقويض الخدمات الصحية للمدنيين».
وأضاف أن «المستشفى السعودي ظل يقدم العلاج للمواطنين الذين يعانون من القصف المدفعي المتعمد من قبل ميليشيا الدعم السريع المتمردة».
وقال حاكم دارفور: «نعمل جميعاً على ألا تمر مثل هذه الجرائم والانتهاكات الإنسانية الخطيرة دون معاقبة الميليشيا المتمردة».
وفي الخرطوم، حقق الجيش السوداني تقدماً محدوداً، وسيطر على مقر الشرطة الأمنية بالقرب من مقر القيادة العامة التي نجح في فك الحصار عن الأجزاء الغربية منها.
وتتوغل قوات الجيش بحذر في وسط الأحياء السكنية بمدينة بحري، بعد أن حققت خلال اليومين الماضيين تقدماً ملحوظاً بالتحام قواتها القادمة من المناطق الطرفية بالقوات المحاصرة في سلاح الإشارة أقصى جنوب المدينة.
اقرأ ايضاًوبحسب المتابعات الميدانية لمصادر مطلعة، «يخطط الجيش لشق طريقه لاستعادة بحري ومناطق شرق النيل كمرحلة أولى، قبل الانفتاح على الخرطوم التي لا تزال تنتشر فيها مجموعات كبيرة من قوات الدعم السريع».
ويعد تقدم الجيش في مدينتي الخرطوم وبحري الأكبر من نوعه منذ إعلانه إطلاق أكبر عملية عسكرية لاستعادة العاصمة بمدنها الثلاث: أم درمان والخرطوم وبحري.
بدورها، نشرت «قوات الدعم السريع» مقاطع فيديو على منصة «تلغرام» تنفي «ما يتردد عن تقدم قوات الجيش في وسط العاصمة الخرطوم». وأظهرت التسجيلات انتشار عناصرها أسفل جسر (المك نمر) بالقرب من «برج الفاتح» على امتداد شارع النيل بالخرطوم.
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
مثلث العوينات في السودان... ما أهمية سيطرة الدعم السريع على المنطقة؟
في عمق الصحراء الغربية الشمالية للسودان، حيث تلتقي الحدود مع مصر وليبيا، اندلع صراع جديد في منطقة نائية تُعرف بـ"مثلث جبل العوينات"، هذه البقعة القاحلة، التي طالما بدت منسية، تحولت فجأة إلى ساحة مواجهة مفتوحة، مع اشتداد الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي انفجرت في أبريل 2023. اعلان
في الأسابيع الأخيرة، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على هذا "المثلث الاستراتيجي"، ونشرت مقاطع مصورة توثّق انتشار مقاتليها في المنطقة الحدودية، ووصفت في بيان رسمي هذا التقدم بأنه "نصر نوعي"، يمهّد لفتح جبهات جديدة في قلب الصحراء، التي ظلت حتى وقت قريب خارج نطاق المعارك.
الجيش السوداني من جهته لم يتأخر في الرد، إذ أوضح أن انسحابه من الموقع جاء في إطار "ترتيبات دفاعية" لصدّ الهجمات، مشيراً إلى أن هذا التراجع لا يعني نهاية الوجود العسكري في المنطقة. لكنه لم يكتفِ بذلك، بل اتهم صراحةً قوات خليفة حفتر، قائد "الجيش الوطني الليبي"، بدعم خصومه، في أول إشارة مباشرة لتورط قوى إقليمية براً في النزاع.
Relatedالسودان: الدعم السريع تقصف مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان ومليون طفل معرض للكوليراالعنف الجنسي في السودان.. خطر دائم على المواطنين في ظل الحربإشتباكات متصاعدة وكوليرا منتشرة.. الأزمات تخنق السودانيين منطقة منسية تعود إلى الواجهةمثلث جبل العوينات، الواقع عند تقاطع الحدود بين السودان ومصر وليبيا، لطالما اعتُبر من أكثر المناطق عزلة في قلب الصحراء الكبرى. وقد بدأ اسمه يظهر في السجلات الجغرافية بعد زيارة الرحالة المصري أحمد حسنين باشا مطلع القرن العشرين، عندما وثّق نقوشاً صخرية تعود لما قبل التاريخ.
ورغم ما تنطوي عليه من تاريخ وجيولوجيا مثيرة، ظلّت المنطقة مهمَلة لسنوات طويلة، نتيجة التضاريس الوعرة وغياب التجمعات السكانية. بل إن تبعيتها الجغرافية ظلت موضع غموض، خصوصاً بعد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسودان عام 1925، التي لم تفصل بشكل نهائي في مصير هذا المثلث الصحراوي.
غير أن عقود الإهمال لم تحجب أعين الطامعين، فمع مرور الزمن، تكشفت مؤشرات على وجود ذهب ومعادن ثمينة، كما تحوّل الموقع إلى معبر رئيسي لتهريب البشر والسلاح والوقود، في مسارات تمتد من القرن الإفريقي إلى ليبيا، ومنها إلى أوروبا.
ثقل جيوسياسي جديد في قلب الرماليرى عبدالله آدم خاطر، الخبير في شؤون دارفور، أن مثلث العوينات يحمل رمزية تاريخية لا تقل عن قيمته الجيوسياسية، ويقول لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "المنطقة كانت ذات يوم تنبض بالحياة، وتضم موارد مائية وامتداداً قبلياً مشتركاً بين السودان وليبيا". ويضيف: "ما نشهده اليوم هو تحول تدريجي لهذه البقعة إلى ساحة صراع إقليمي بسبب غناها بالثروات".
حتى وقت قريب، كانت العوينات تحت سيطرة جزئية للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، مع وجود محدود للجيش نفسه. كما أنها تضم عشرات الآلاف من المُعدنين الأهليين، ما يعكس حجم النشاط غير الرسمي المرتبط بالذهب في المنطقة.
لكن التصعيد الأخير أخرج النزاع من إطاره المحلي. فوزارة الخارجية السودانية أصدرت بياناً شديد اللهجة، اتهمت فيه "كتيبة سلفية" تابعة لقوات حفتر بالمشاركة في المعارك، كما وجهت أصابع الاتهام إلى دولة الإمارات، معتبرة أنها تقدم دعماً لوجستياً وعسكرياً لقوات الدعم السريع، في "تعدٍ مباشر على سيادة السودان"، على حد تعبير البيان.
الإمارات، من جانبها، تنفي بشكل متكرر أي تدخل في النزاع السوداني.
قلق إقليمي متصاعدفي الشمال، تتابع القاهرة تطورات المثلث الحدودي عن كثب، إذ لا يخفى أن تحوّل المنطقة إلى معقل للتهريب قد يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي، فخطر انتقال الأسلحة والمهاجرين غير النظاميين من السودان عبر ليبيا إلى الأراضي المصرية أو إلى الضفة الشمالية من المتوسط، أصبح احتمالاً حقيقياً، يضع المنطقة كلها على حافة اضطراب واسع.
يقول الباحث المتخصص في الشأن الإفريقي، عبد المنعم أبو إدريس، إن للمثلث أهمية أمنية واقتصادية بالغة. ويشرح: "إلى جانب وجود مناجم ذهب نشطة، تُعد المنطقة ممراً حيوياً لتجارة غير رسمية تشمل الوقود والذهب، تمد ولايات مثل كردفان ودارفور بالإمدادات الأساسية".
ويضيف أن "الموقع الجغرافي للمنطقة، وتضاريسها الوعرة، يجعلان منها ممر تهريب رئيسي لعصابات البشر والسلاح، خاصة باتجاه الجماعات المسلحة في عمق الصحراء الكبرى".
نقطة تحوّل... أم بداية حرب جديدة؟المخاوف لا تتعلق فقط بما يجري اليوم، بل بما قد تؤول إليه الأمور لاحقاً. فالمثلث الحدودي لم يعد مجرد موقع جغرافي متنازع عليه، بل أصبح رمزاً لصراع يتجاوز الداخل السوداني، ليطاول أمن واستقرار شمال إفريقيا بأكمله.
المراقبون يحذرون من أن استمرار الانفجار في هذه البقعة قد يُحدث تغييرات في موازين القوى، ويخلط أوراق التحالفات الإقليمية، وربما يُنتج أزمة جديدة تضاف إلى سجل الأزمات التي تشهدها القارة منذ سنوات.
ومع كل شريط فيديو يُنشر من رمال العوينات، ومع كل تصريح جديد من أطراف النزاع، يزداد الإحساس بأن هذه الرمال، التي كانت ساكنة لعقود، بدأت تتحرك، ليس فقط تحت أقدام المقاتلين، بل أيضاً في خرائط السياسة والجغرافيا والاستراتيجيات.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة