تلاعبات في أراضي الأحباس بالحوز: غياب الرقابة يفتح الباب أمام الاستيلاء والاستغلال
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
تتجدد التساؤلات حول مصير أراضي الأحباس في إقليم الحوز بمراكش، في ظل غياب واضح لرقابة نظارة الأوقاف، الأمر الذي جعل هذه الأملاك الوقفية عرضة للاستغلال غير المشروع من قبل أصحاب النفوذ.
وتفيد مصادر محلية بأن عدداً من المسؤولين البارزين تورطوا في الاستحواذ على أراضٍ وقفية دون أي سند قانوني، مستغلين غياب المحاسبة وفساد بعض الأجهزة المكلفة بحماية هذه الأملاك.
كما كشفت مصادر لجريدة “مملكة بريس” عن تجميد المنح الحبسية التي كانت تقدم سابقاً لدعم المساجد والأضرحة، ما أثار موجة استياء واسعة بين الجمعيات الحقوقية والمهتمين بالشأن الديني. ورغم المطالب المتكررة بفتح تحقيق في مصير هذه الأراضي، إلا أن السلطات الوصية لم تتخذ أي خطوات فعلية لمعالجة الوضع.
وفي ظل هذا الصمت، تتصاعد الدعوات الحقوقية بضرورة التدخل العاجل لحماية الأملاك الوقفية من التلاعب والاستغلال، ووضع حد لظاهرة الاستيلاء غير المشروع، ضماناً لحقوق الأوقاف وتحقيقاً للعدالة في توزيع مواردها.
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يفتح الخريطة .. لماذا الآن؟! ..
ليلة تلفزيونية محسوبة الإضاءة.. كاميرا i24 تلتقط ابتسامة مَن يعرف أين يضع كل كلمة.. أمامه خريطة مُهداة.. تتجاوز فلسطين إلى أطراف مصر وسوريا ولبنان والأردن.. وخلف الميكروفون ينساب صوته قائلاً بهدوءِ مَن يحفظ النص عن ظهر قلب.. أنا في مهمة تاريخية وروحانية.. وأنا مرتبط جدا برؤية إسرائيل الكبرى.. لم تكن عبارة عابرة.. ولا زلة لسان.. بل إعلان مدروس في توقيت له دلالته.. إعلان لم يترك مجالاً للالتباس.. أو التراجع..
مثل هذه الكلمات.. لا تُقرأ كسطور مفردة.. بل كطبقات متداخلة.. تمتد من التاريخ إلى الحاضر.. ومن السياسة إلى الميدان..
فعلى المستوى التاريخي.. فكرة إسرائيل الكبرى.. ليست إبداعاً شخصيا لنتنياهو.. بل هي امتداد لرؤى صهيونية قديمة.. رسمها هرتزل.. ونسختها خرائط حركات صهيونية.. كانت ترى الحدود بين النيل والفرات حقاً تاريخيا.. لكن نتنياهو يُلبسها اليوم ثوباً شخصيا وروحانيا.. وكأنه يرفعها من مستوى الطموح السياسي.. إلى القدر الإلهي..
أما على المستوى السياسي الداخلي.. فالرجل يواجه أزمات قانونية وشعبية.. لكنه بارع في تحويل الخناق إلى منصة.. تصريح كهذا.. يشحن قاعدته اليمينية المتطرفة.. ويعيد تقديمه في صورة الزعيم التاريخي.. القائد الذي لا يقود حكومة فحسب.. بل أمة نحو مهمة أجيال.. وهذا أسلوب عرفه التاريخ لدى زعماء يهربون من مساءلة الواقع.. إلى استدعاء مشاريع كبرى.. توّحد أنصارهم خلفهم.. وتؤجل الحساب..
وعلى المستوى الإقليمي والدولي.. التصريح رسالة اختبار.. يضع بها نتنياهو مقياس حرارة لردود الفعل.. ليرى إن كانت المنطقة والمجتمع الدولي.. منشغلين بما يكفي عن مواجهة خطاب توسعي كهذا.. فالانشغال العالمي بالحروب.. والأزمات الاقتصادية.. يمنحه فرصة تمرير الفكرة في الوعي العام.. وكل صمتٍ.. أو ردٍ باهت.. يُقرأ في تل أبيب كإشارة للانتقال من الخطاب إلى الفعل..
أما على المستوى العملي.. فهو لا يقول إن الكيان الإسرائيلي سيتحرك غداً لاحتلال الأردن.. أو مصر.. لكنه يضع غطاء فكرياً.. يمكن أن يبرر سياسات الضم التدريجي.. التوسع الاستيطاني.. أو التدخلات الأمنية تحت شعار الأمن القومي.. فالخرائط تبدأ رموزاً على الورق.. قبل أن تتحول إلى إجراءات على الأرض..
في غزة.. تُختبر المعادلات الجديدة.. إعادة رسم للمناطق العازلة.. وإدارة غير فلسطينية للمعابر.. وخطاب أمني طويل الأمد.. فإذا نجحت التجربة هناك.. يمكن تصديرها إلى جغرافيا أخرى.. بصيغ معدّلة.. وعلى الضفة.. الضم الزاحف يتقدم خطوة خطوة.. تلة بعد تلة.. وطريق بعد طريق.. حتى يصبح الواقع أمرا طبيعيا.. لا يستدعي إعلاناً رسميا..
لبنان بدوره ساحة اختبار بطيئة.. لا حربا شاملة.. ولا سلماً كاملا.. بل اشتباك محسوب.. يبقي الباب مفتوحا لإعادة تعريف الحدود وقواعد الاشتباك.. وسوريا تُستهدف بضربات موضعية.. تعيد رسم خطوط المرور في الجو.. وعلى الأرض.. أما الأردن.. فهو الحاضر الغائب.. إذ لا يمكن لفكرة إسرائيل الكبرى.. أن تتجاهل غور الأردن.. أو فكرة الحدود الأمنية الممتدة شرقا..
خطاب الروحانيات هنا.. ليس تنطعاً.. او رفاهية لغوية.. بل أداة لشرعنة التوسع.. حين يتحول الصراع من السياسة إلى القدر.. يصبح الاعتراض عصيانا على التاريخ.. ومن هنا جاءت أهمية مشهد الخريطة والتميمة في يد نتنياهو.. لأنه يطبع مشروعه في وعي الجمهور كهدية بريئة.. بينما هو في جوهره إعلان حدود ذهنية تمهد لحدود فعلية..
السؤال الأهم.. هل هذا تمهيد لتحول استراتيجي فعلي؟!.. نعم.. إذا رأينا ثلاثة مسارات تتزامن.. تشريعات تطبق القانون الإسرائيلي على كتل استيطانية أوسع.. إعادة تعريف دائمة لغزة ومساحتها الآمنة.. تحت إدارة غير فلسطينية.. ورسم قواعد اشتباك جديدة شمالاً.. تجعل الاستثناء قاعدة.. حينها تكون الخريطة.. قد خرجت من العتمة إلى ضوء النهار.. وما كان روحانيا.. صار برنامج عمل..
وكما يقولون.. ربّاط السالفة.. نتنياهو قالها الآن.. لأنه يريد أن يرفع مشروعه من معركة بقاء سياسي.. إلى سجل الخلود في الذاكرة الصهيونية.. يريد أن يحوّل أزمات شرعيته إلى أسطورة تأسيس.. وأن يقلب اللحظة إلى محطة تاريخية..
أما نحن.. فَلَسنا صفحات بيضاء يخط عليها أحلامه.. ولسنا أرضاً سائبة.. يمد عليها خرائطه كيف شاء.. نحن جذر في هذه الأرض.. ضارب في عمقها منذ فجر التاريخ.. كل حجر فيها يعرف أسماءنا.. وكل جيل يورث الذي بعده حكاية الصمود.. قد يظن أن الصمت ضعف.. لكنه حين يطرق أبوابنا.. سيجد أن الأبواب من نار.. وأن الحلم الذي بناه على الورق.. سيتفتت تحت أقدام مَن لم يعرفوا يوماً معنى الهزيمة.. فالخرائط تبدأ في الأذهان.. لكن حين تصطدم بأرضنا.. تدرك أن الدم الذي حرسها قروناً.. لن يسمح لها أن تتحول إلى واقع.. فليعلم نتنياهو.. أن أرضنا لا تُؤخذ بخطاب.. ولا تُمحى برسم على خريطة.. بل هي عهد.. والعهد في دمنا لا يسقط..
محمود الدباس – وكالة عمون الإخبارية