بين نذر الشر وغياب التدخل المبكر… حادثة الطبيبة التي هزّت الرأي العام
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
الأيام الماضية لم تكن عادية على السودانيين، فوسائل التواصل ضجّت بالحديث عن جريمة بشعة راحت ضحيتها طبيبة، قتلت على يد طليقها. لم يكن وقع الخبر صادماً فقط لبشاعته، بل لأنه لم يأتِ من فراغ.
كل من تابع الحكاية يعرف أن هناك نذرًا وإشارات سبقت الحادثة، وكأن القدر كان يرسل إنذارات متتالية، لكن أحداً لم يلتقطها بجدية.
نار تحت الرماد في مثل هذه القضايا، كثيراً ما نسمع عن تهديدات، مضايقات، وربما اعتداءات سابقة، لكنها تمر مرور الكرام. إما أن تُقابل بالتجاهل، أو تُحال إلى جلسات صلح وتدخلات أهلية تحاول إطفاء النار… بينما تحت الرماد يظل الجمر متقداً. هذه الحلول، رغم نواياها الطيبة، قد تترك الباب مفتوحاً أمام المعتدي ليستمر في سلوكه، حتى يقع ما لا تُحمد عقباه.
بين العرف والقانون لسنا ضد الحلول الاجتماعية والمجتمعية، فديننا الحنيف يحض على الإصلاح، وأعرافنا السودانية تقوم على التسامح والسعي للصلح. لكن الحقيقة أن الزمان تغيّر، والنفوس تغيّرت، وضغوط الحياة صارت أثقل، فلم تعد الكلمة الطيبة وحدها كافية لردع من عزم على الأذى. هنا يبرز دور القانون، لا ليحل محل الأعراف، بل ليكون سنداً لها، وحاجزاً يمنع الشر قبل أن يقع.
المادة 118… القانون الذي يسبق الجريمة قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 منح النيابة والمحاكم أداة مهمة اسمها “الإجراءات الوقائية” في مادته 118. الفكرة ببساطة أن الدولة تستطيع التحرك قبل وقوع الجريمة إذا ظهرت مؤشرات خطر، عبر:
1. استدعاء الشخص المشتبه فيه.
2. أخذ تعهد عليه بعدم التعرض أو الإخلال بالسلام العام.
3. إلزامه بضمانة مالية أو بكفيل.
4. وضعه تحت مراقبة الشرطة إذا لزم الأمر.
السلام العام هنا لا يعني فقط استقرار الدولة، بل أيضاً أمان الأفراد في حياتهم اليومية، وأن يعيشوا بلا خوف أو تهديد أو إزعاج متكرر.
كيف نحمي أنفسنا؟
1. الإبلاغ المبكر: لا تنتظر حتى يتحول التهديد إلى اعتداء جسيم، أبلغ الشرطة و النيابة فوراً.
2. التعامل الجاد من السلطات: الشرطة و النيابة يجب أن تتعامل مع البلاغات الوقائية بجدية، فهي ليست شكاوى عابرة.
3. تكامل العرف مع القانون: يمكن الجمع بين الصلح الاجتماعي والتعهد القانوني، لردع المعتدي وفتح باب الإصلاح في آن واحد.
4. مراقبة الشرطة: في الحالات التي تشكل خطراً حقيقياً، المراقبة الوقائية قد تنقذ حياة.
ختامًا حادثة الطبيبة رحمها الله جرس إنذار لنا جميعاً. النذر لا تأتي عبثاً، والشر في الغالب يعلن عن نفسه قبل أن يضرب. المادة 118 موجودة لتكون حائط صد، لكن تفعيلها يحتاج وعياً من المجتمع، وجدية من الجهات المختصة، حتى لا نكتفي بالبكاء على ضحايا كان بالإمكان إنقاذهم.
✍️ عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
14 أغسطس 2025م
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
النائب العام يصدر تعميمًا بمنع التصرف في المضبوطات الجنائية دون إذن النيابة
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / خاص:
أصدر النائب العام، القاضي قاهر مصطفى علي، تعميمًا ملزمًا إلى محافظي المحافظات ورؤساء الجهات المعنية، يقضي بحظر أي تصرف أو عبث بالمضبوطات الجنائية والأحراز الجمركية في المنافذ البرية والبحرية والجوية، إلا بإذن صريح ومسبق من النيابة العامة.
وشدد التعميم على منع تواجد أي قوات أمنية أو جهات غير مختصة في مواقع المضبوطات أو الاستفادة منها بأي شكل، مع إلزام جميع الجهات بالتنسيق المسبق مع النيابة قبل اتخاذ أي إجراء يخص تلك المضبوطات أو أماكن احتجازها.
وأوضح النائب العام أن القرار يهدف إلى حماية الأدلة ومنع ضياع الحقوق، وضمان سير العدالة بعيدًا عن أي تلاعب أو تدخلات غير قانونية.
وأكد أن القانون واضح وصارم في هذا الشأن، محذرًا من أن أي جهة أو فرد يثبت تجاوزه للتعميم سيخضع فورًا لإجراءات قانونية حازمة.