نعيمة بنت علي المطروشية -
مهما زعمت بأنك شخص اجتماعي من الدرجة الأولى، ستجد في ثنايا الوقت أن الحياة قد أسقطت منك بعض الأشياء، وسرقت منك أخرى لم تتوقع أنك فقدتها دون أن تشعر.
تنصب في ذهنك سلة كبيرة تضع فيها كل متعلقاتك الشخصية وأمنياتك وأحلامك وطموحاتك، ولكن لا تعلم أن هذه السلة ما هي إلا غربال تتسرب من بين أقطابه الأشياء الصغيرة.
في بعض الأحيان تجد صعوبة في تذكّر ما كنت تريد قوله أو الوصول إليه، هذا لأن الذاكرة البشرية معرّضة للنسيان الذي هو جزء من الأمور المهمة التي تعين البعض على الحياة، هذه الأشياء التي تلاشت كسراب ظهر فجأة في وقت اليقظة ثم اتخذ طريقه نحو الاختفاء بين كثبان رمال الوقت وتزاحم الأفكار.
التسارع الزمني في بعض المرات يجعلك لا تلتفت لمن حولك كما تريد أن تكون، عقلك المشغول بالواجبات يجعلك غير مركّز على نقطة معيّنة، لذا تجد صعوبة في تحديد الهدف الذي تريد تحقيقه.
بل تظل تراقب السائرين في فلك الحياة نحو الأمام، تركز كثيرا في أمور الغير، ولا تلتفت إلى أوراقك الخاصة التي تجبرك على العودة إلى بعثرة السطور وقراءة الواقع لتفهم شيئًا مهمًّا لا بد أن تفهمه بعناية فائقة، ربما التركيز على الغير قد يكون «سهوًا أو لهوًا أو نسيانًا» لواقع قصة طويلة أنت الوحيد الذي يجسّد فيها دور البطل والضحية.
عندما تدور في دائرة مغلقة، ويصعب عليك فهم ما يحدث من حولك، تتمنى أن يتضامن معك الجميع، وأن تجد من خلالهم السكينة والهدوء الذي يعينك على الخروج من الأزمة التي تشابكت خيوطها وأصبحت كابوسا مخيفا.
لكن من الملاحظ أن الإنسان عندما يأتي الدور عليه في تقديم المساندة للغير، يجد نفسه غير ملزم بذلك؛ فلا وقت لديه لتقديم الواجب حتى لمن كان بقربه ذات يوم في أزمته! لا تتعجب من ذلك؛ فالبعض يتحدث كثيرا عن المشاغل التي بحوزته والقيود التي تكبّل سعيه لأداء دوره الإنساني، ويصرّح للقاصي والداني بأن الحياة والالتزامات والارتباطات وغيرها من المبررات هي سبب عدم تواصله مع الغير وقت الأزمات التي يمرون فيها! في بعض الأوقات تلاحظ شيئًا مختلفًا عمّا كنت تعرفه أو تظنه وهو «كثرة حالة الاختفاء القسري» من بعض الذين كنت يوما سندا وعونا لهم، وتنتظر منهم الكثير والكثير، لكن اختفاءهم في وقت كهذا يجعلك تعيد حساباتك القديمة وتسطر بالقلم والمسطرة طريقا آخر يجب أن تسلكه وتتبعه مع أمثال هؤلاء البشر الذين ينظرون من نافذة «عند الحاجة الكل يتذكرك، وعندما لا يحتاجون إليك تصبح غير متاح أو مهم بالنسبة لهم!».
متى نحتاج العون والمساعدة من الآخرين؟ الإنسان في هذه الحياة من الطبيعي أن لا يعيش منفردا أو منعزلا عن الآخرين حتى وإن كان بدرجة ضعيفة فهو متصل بمن حوله، لذا فإن ملحمة التواصل المجتمعي لها دورها الفعال في تجاوز الكثير من العقبات ومن بينها «أزمة المرض»، التي لم تكن يوما مقتصرة على فئة محددة من البشر؛ فالكل مبتلى والكل يحتاج إلى دعم «مالي ومعنوي وحضور وتواصل» وهذا هو الطبيعي في الحياة.
ولكن ما يظهر على السطح من بعض التصرفات «غير الطبيعية» التي تصدر من أشخاص لا نعتقد بأنهم يمارسون آدميتهم وإنسانيتهم، ويتخلون عن واجباتهم المجتمعية تجاه الغير بحجة أنه لا وقت لديهم لتقديم أي شيء، تجعلنا نعيد التفكير في حضور البعض في وقت معيّن واختفائهم عند الحاجة إليهم، وهذا الأمر ربما هو مجرد فقاعات بشرية سرعان ما تنتهي في قعر الإناء.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
كل ما تريد معرفته عن تقنية V2H في السيارات الكهربائية.. الآمال والتحديات
تقنية V2H .. تتيح تقنية “Vehicle-to-Home” المعروفة اختصارا بـ “V2H” تحويل السيارة الكهربائية إلى مصدر لإمداد المنزل بالطاقة الكهربائية، غير أن هذه التقنية الحديثة ما زالت تواجه العديد من العقبات والتحديات، التي تحول دون انتشارها على نطاق واسع.
وأوضحت مجلة السيارات (أوتو تسايتونج) أن فكرة تقنية “V2H” تقوم على استخدام السيارة الكهربائية كمصدر طاقة منزلي يتم شحنه خلال النهار بطاقة شمسية نظيفة من أجل تزويد المنزل بالكهرباء في المساء.
واقرأ أيضًا:
وتوفر تقنية”V2H” مزايا كبيرة لمستخدميها؛ فهي تتيح رفع معدلات استهلاك الطاقة الذاتية المنزلية، كما تمنح هذه التقنية قدرا أكبر من الاستقلالية؛ إذ يمكن للبطارية تشغيل أجهزة أساسية داخل المنزل عند حدوث انقطاع في التيار، لتتحول السيارة إلى جزء من منظومة طاقة ذكية وفعّالة تجمع بين النقل الكهربائي والطاقة المتجددة.
وعلى الرغم من أن تقنية “V2H” أصبحت ممكنة اليوم بالفعل، غير أن تحويلها إلى جزء طبيعي من بنية المنازل ووسائل الشحن ما زال يحتاج إلى كثير من التطوير والتنسيق بين مكونات البنية التحتية وأنظمة السيارات.
وتقوم تقنية “V2H” بإعادة تغذية الشبكة المنزلية بالكهرباء المخزنة في بطارية السيارة المتصلة بوحدة الشحن، شريطة أن تدعم السيارة خاصية الشحن ثنائي الاتجاه وأن تكون مزوّدة بوحدة شحن مناسبة تسمح بعمليتَي الشحن والتفريغ.
كما يتطلب تشغيل هذه التقنية تجهيزات إضافية داخل المنزل، تشمل أنظمة حماية كهربائية واكتشاف الجزر الكهربائية وتعديلات في لوحة التوزيع تتيح التحويل الآمن بين الشبكة العامة والقدرة القادمة من بطارية السيارة، خصوصا في حالات انقطاع التيار.
وتبرز التحديات التقنية بشكل رئيسي في الحاجة إلى وحدات شحن ثنائية الاتجاه، غير المتوفرة على نطاق واسع والمكلّفة مقارنة بالوحدات التقليدية، كما أن غالبية المنازل ليست مهيأة لاستقبال الطاقة من مصدر غير الشبكة العامة، ما يستلزم تعديلات هندسية خاصة.
وإلى جانب ذلك، فإن عدد السيارات القادرة على دعم الشحن ثنائي الاتجاه لا يزال محدودا؛ فليس كل سيارة كهربائية مجهزة لهذه الوظيفة، كما أن استخدام بطارية السيارة كمصدر مستمر للطاقة المنزلية يثير لدى بعض المستخدمين مخاوف تتعلق بعمر البطارية وتأثير دورات الشحن المتكررة عليها، رغم أن أنظمة إدارة البطاريات الحديثة تقلل من هذا التأثير.