المُجرمون الجُدُد- أشكال أخرى من جرائم الابتزاز (25)
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)ــ نقصد هنا حالات الابتزاز التي يظن فيها المجرم المبتز أنه في مأمن من أن تقوم الضحية بالإبلاغ، وهناك سرعة في الوصول لرغبته أو هدفه، وذلك إما اعتمادًا على صغر سن الضحية وضعفها، أو لأنه يمسك على الضحية خطأ معين أو جريمة فعلتها ويهددها بفضحها إذا لم تستجب لابتزازه.
والحقيقة أن هذه الحالات ليست أشهر حالات الابتزاز وفقط ولكنها أيضًا أقسى حالاته وأصعبها إذا استشعرنا واقع الأمر بالفعل بعيدًا عن التنظير الذي لا علاقة له بالواقع، خاصة في الحالة الثانية التي يكون فيها الابتزاز بفضح الضحية أو التبليغ عنها لارتكابها فعل مُجرم، حيث تكون الشخصية محل الابتزاز هنا في معضلة حقيقية وحيرة كبيرة من أمرها في معرفة ما الذي يجب أن تفعله بالضبط.
ومثال الحالة الأولى التي فيها تكون الضحية صغيرة السن وليس لديها دراية كاملة بكيفية التصرف تجاه الأمر عندما تكون الضحية طالبة، فهذا النوع من قضايا الابتزاز كثير ومنتشر وله طابعة وخصوصيته التي يتميز بها عن باقي جرائم الابتزاز، ومن حالاته القضية التي انتشرت بدولة المغرب في شهر سبتمبر من عام 2021، حيث كان القضاء المغربي قد أصدر حكمًا بحبس أستاذ جامعي يدرس اللغة الإسبانية في مدرسة الملك فهد العليا في طنجة (شمال) عامًا، لإدانته بـ”التحرش الجنسي” بإحدى طالباته.
حسبما نشر في موقع (France 24) والذي يشير أيضًا أن هذه لم تكن الواقعة الوحيدة وإنما تعددت وقائع وفضائح هذا النوع من الجرائم فيما أطلق عليه البعض ( الجنس مقابل النقاط).
والحقيقة أن هذا النوع من الابتزاز ليس قاصرا وقوعه في دولة المغرب وإنما موجود أيضًا بمصر وفي في جميع البلدان بما فيهم الدول العربية في الجامعات والمدارس.
أما النوع الثاني من الجرائم التي يركز فيه المجرم على خطأ الضحية ويجعله ركيزة أساسية يرتكز عليها ليصل لمبتغاه سواء من أفعال غير أخلاقية أو أي شيء آخر يتحصل عليه من الضحية دون وجه حق، ومن الوقائع الكثيرة التي حدثت في هذا الإطار، ما نشرته جريدة المصري اليوم بتاريخ 16/5/2023 عنوان الواقعة طبيب يجبر النساء اللاتي يأتين له حوامل بطريقة غير شرعية ويردون القيام بعملية إجهاض على ممارسة الجنس معه إضافة إلى دفع مبالغ مالية مقابل إجراء عملية الإجهاض لهن.
وهناك أشكال أخرى من هذه الجرائم تنتشر في حالات الانفصال بين الأزواج وتدب الخلافات بينهم، وحيث يكون الزوج محتفظًا ببعض الصور الخاصة أو الفيديوهات التي أخذها لزوجته أثناء علاقة الزوجية، وفي هذه الحالة وعند انتهاء العلاقة يتخذ هذه المادة لابتزاز زوجته للتنازل عن بعض الحقوق أو القيام بأفعال معينة وإلا يقوم بفضحها ويقوم بنشر المادة التي يمتلكها ويفضحها.
ومن سلسلة الأنواع الأخرى للابتزاز التي فيها استخدم المجرمون خاصية الذكاء الاصطناعي، وفق ما نشرته جريدة اليوم السابع بتاريخ 15 أبريل من عام 2023، وكانت الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام مجموعة بتجميع مقاطع صوتية للضحية ومن ثم استنساخ صوتها ثم الاتصال بأم الطفلة الضحية على أنها هي التي تتحدث الأم، وكانت المكالمة عبارة عن استنجاد الطفلة بالأم وطلبها منها أن تنقذها ممن خطفوها، ثم تحدث أحد المجرمين طالبا مبلغ مليون دولار مقابل إطلاق سراح الطفلة البالغة من العمر خمسة عشر عامًا.
وقد بلغ الإتقان أقصى درجاته في القيام بالجريمة وإقناع الأم بأن الصوت الذي تحدث عبر الهاتف هو صوت ابنتها فعلًا، حتى أن الأم واسمها جينيفر ديستيفانو وهي تتحدث عن الواقعة لمحطة WKYT التلفزيونية المحلية، قالت إنني «لم أشك ولو لثانية واحدة في أنها ابنتي.. كان صوتها بالفعل».
الموضوع معقد وخطير للغاية ويحتاج من الجميع توخي الحذر، واتخاذ المواقف الإيجابية والفعالة حيال هذه الجرائم لإنقاذ الضحايا مما قد يصل إليه البعض من الذعر والخوف من إنهاء حياته، وفي نفس الوقت معاقبة المجرمين وتحقيق الردع العام .
أستأذن حضراتكم أن يكون موضوع المقال القادم عن مخاطر الذكاء الاصطناعي في إلصاق تُهم وجرائم لأشخاص زورًا.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي [email protected]
Tags: الابتزاز الالكترونيالتحرشالقصرالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الابتزاز الالكتروني التحرش القصر
إقرأ أيضاً:
«الوطنية لمواجهة غسل الأموال» تصدر ورقة تحليلية حول الجرائم المالية الإلكترونية
أبوظبي (الاتحاد)
أصدرت الأمانة العامة للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، بالتعاون مع شركة Themis، ورقة تحليلية جديدة بعنوان «تشريح التهديد الرقمي: فهم الجرائم المالية الإلكترونية والتصدي لها في دولة الإمارات».
وتقدم الورقة أحد أكثر التقييمات تفصيلاً في الدولة حتى الآن حول تأثير التحول التكنولوجي السريع بما في ذلك تطور الذكاء الاصطناعي، والأصول الافتراضية، والألعاب الإلكترونية، والتجارة الإلكترونية، وأنظمة الدفع الرقمي في إعادة تشكيل بيئة مخاطر الجرائم المالية.
كما توضح كيفية استغلال الشبكات الإجرامية الأدوات الرقمية على نطاق واسع، مع التأكيد على أهمية استمرار التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز القدرة الوطنية على التصدي لهذه التهديدات.
وأكد الدكتور إبراهيم العلكيم الزعابي، مدير إدارة السياسات والمخاطر الوطنية في الأمانة العامة، الحاجة إلى استجابة وطنية موحدة وقوية تجاه المخاطر الناشئة، قائلاً:«نظراً للتطور السريع والمستمر للجرائم المالية المدعومة إلكترونياً، فإن دمج الأبحاث الحديثة مثل هذه الورقة يعد ضرورياً ضمن جهود التقييم الوطني للمخاطر (NRA) الجاري تنفيذها في الدولة. كما يؤكد نشر الملخص العام للتقييم الوطني للمخاطر لهذا العام التزامنا بإدارة المخاطر استناداً إلى البيانات. وتعمل الجهات المختصة ضمن إطار وطني شامل يضمن التعامل الاستباقي والفعال مع التهديدات الناشئة عن التطور التكنولوجي من خلال إجراءات وقائية منسقة ومتكاملة وذات نظرة مستقبلية».
من جانبه، قال ديكون جونستون، الرئيس التنفيذي لشركة «Themis» إنه مع تسارع الجرائم المالية المدعومة إلكترونياً، تصبح الحلول القائمة على الذكاء والتحليل والتكنولوجيا أكثر أهمية من أي وقت مضى، وتلتزم Themis بدعم المؤسسات بالأدوات والمعرفة التي تمكنها من كشف المخاطر الخفية وحماية موظفيها وأصولها وعملياتها. وتبرز هذه الورقة الحاجة الملحة للاستعداد لمشهد التهديدات المتغير بسرعة نتيجة التحول الرقمي.
وجرى إصدار الورقة خلال أسبوع أبوظبي المالي 2025، حيث عرضت نتائجها في جلسة نقاشية بعنوان: «قانون الجريمة: رسم خريطة اقتصاد الجرائم الإلكترونية».
وتأتي هذه المبادرة ضمن الجهود المستمرة للدولة لتعزيز الأمن الاقتصادي، بما في ذلك صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم 10 لسنة 2025 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل الانتشار التسلح، والاستثمار المتواصل في تعزيز القدرات السيبرانية وتطوير التعاون العابر للحدود بين جهات إنفاذ القانون.
وخلصت الورقة التحليلية إلى أبرز النتائج المتمثلة في تسارع الجرائم المالية المدعومة إلكترونياً عالمياً، إذ يُقدر غسل أكثر من 2 تريليون دولار سنوياً وسرقة أكثر من تريليون دولار عبر عمليات الاحتيال، مع تزايد استخدام المجرمين للذكاء الاصطناعي، وتقنيات التزييف العميق، وخلاطات العملات المشفرة، والأتمتة، وأساليب الهندسة الاجتماعية متعددة المنصات.
كما خلصت إلى نمو ملحوظ في أنشطة التكنولوجيا المالية والأصول الافتراضية في دولة الإمارات، إذ من المتوقع أن يصل حجم سوق التكنولوجيا المالية الوطني إلى 3.5 مليار دولار في 2025، بينما تجاوزت التدفقات المشفرة 34 مليار دولار العام الماضي.
وخلصت النتائج إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت عاملاً مضاعفاً في عمليات غسل الأموال، حيث تُمكّن المجرمين من توسيع نطاق أنشطتهم وزيادة مستوى الأتمتة مقارنة بالأساليب التقليدية. كما يشهد الاحتيال المدعوم بالذكاء الاصطناعي ارتفاعاً ملحوظاً، مع توفر أدوات احتيال جاهزة «كخدمة»، بالإضافة إلى مجموعات تصيّد تعمل بالذكاء الاصطناعي، بالتزامن مع زيادة حادة في محاولات الاحتيال الآلي في دولة الإمارات.
كما أكدت النتائج أن الجرائم الأصلية أصبحت أكثر تطوراً من الناحية التقنية، فلا يزال الاحتيال والاتجار بالمخدرات من أبرز الجرائم الأصلية، مع لجوء الشبكات الإجرامية بشكل متزايد إلى الجمع بين الاتصالات المشفرة، والمدفوعات الرقمية، والأصول الافتراضية، والأسواق الإلكترونية لارتكاب الاحتيال، والاتجار بالمخدرات، وغسل العائدات غير المشروعة.
وتسلط الورقة الضوء على مواصلة دولة الإمارات تنفيذ إصلاحات شاملة لتعزيز الإشراف على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، وتطوير الرقابة على مزودي خدمات الأصول الافتراضية، وتوسيع قدرات المعلومات السيبرانية، وبناء نهج وطني متكامل يربط بين جهات إنفاذ القانون والجهات الرقابية والشركاء في القطاع الخاص.