التصنيف الأمريكي.. تخبط وفشل واضح للسياسة الأمريكية
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
تحليل:
تتخبط الإدارة الأمريكية في سياساتها، ليس ضد دول أو أشخاص أو كيانات بعينها وإنما ضد كل من يناهض مشروعها الاستعماري، ما يعكس مدى تراجع النفوذ الأمريكي في الهيمنة على المنطقة والعالم.
القرار الأمريكي بإعادة تصنيف مكون أنصار الله في قائمة ما تسمى المنظمات الإرهابية الأجنبية، يأتي ترجمة لمواقف واشنطن المتضاربة والمؤكدة على فشلها في إقناع العالم بمثل هذه العقوبات التي لا تقدّم ولا تؤخر بقدر ما تعمق مشاعر العداء للسياسة والهيمنة الأمريكية التي يرفضها أحرار العالم جملة وتفصيلًا.
مع الأسف الشديد معظم الدول والكيانات المتماهية مع الهيمنة والمشروع الأمريكي الصهيوني، رحبت بالقرار بالرغم من إدراكها أنه ليس في صالحها لا من قريب ولا من بعيد، وإنما المستفيد الأول من مثل هكذا قرارات، هو العدو الصهيوني الساعي إلى تنفيذ مشروعه الاستيطاني حسب بروتوكولات أو قواعد حكماء صهيون المعلنة منذ عقود تحت مسمى “إسرائيل الكبرى”.
ولعل الخريطة التي رفعها المجرم نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة، والمتضمنة إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالح كيانه، لم تكن مجرد خريطة أو رسم جغرافي وإنما تمثل رؤية نتنياهو لما وصفه بـ “محور النعمة”، الذي يضم الدول المطبّعة، و”محور النقمة”، الذي يشمل الدول المناهضة للسياسية الأمريكية الصهيونية بالمنطقة.
موقف الشعب اليمني، أحزاباً ومنظمات وكيانات وفعاليات شعبية وجماهيرية، كان حازماً وصريحاً وواضحاً بعكس ما كان يتوقعه البعض، خاصة ممن يتماهون مع السياسة الأمريكية والصهيونية وذلك باستهجان القرار الأمريكي، واعتباره ليس انتهاكاً للسيادة والقانون الدولي وإنما صفعة لقوى الهيمنة بقيادة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل والدول المتحالفة معها، لفشلها في تحقيق مشروعها المتضمن إخضاع الدول والشعوب الحرة.
ولعل القرار الأمريكي الذي أصدره ترامب، غير بعيد عن قرار بايدن الذي سبق ووقع على قرار مماثل، سيكون مآله الفشل الذريع، سيما والموقف اليمني فيما يتعلق بمناصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، سيظل هو الموقف الذي لن يتغير ولن يتبدل مهما كان حجم التضحيات، وهو ما أكده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابات متكررة بهذا الشأن.
ما تتخذه أمريكا، من قرارات عشوائية أو إجراءات ضد الدول المناهضة لسياساتها ومنها اليمن، يؤكد فشل سياساتها في فرض الهيمنة على المنطقة.
مجمل القول، القرار الأمريكي الذي وقعه ترامب فور تسلّمه الإدارة الأمريكية، لن يثني اليمن عن موقفه المناصر للشعب والقضية الفلسطينية، خاصة وأن تداعيات القرار لن تؤثر على موقف اليمن المبدئي والثابت، وإنما تفاقم من تقويض سيادة القانون في العلاقات الدولية وتهدد السلام والاستقرار الإقليميين.
تبقى آلية التصنيف الأمريكي ضد مكون أنصار الله، أداة سياسية ووسيلة ضغط تُدرك أمريكا أنها لا تؤثر على قوة اليمن العسكرية المناصرة لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بقدر ما تؤثر على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للشعب اليمني وحرمان الملايين من الخدمات، وفقاً لرؤية مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القرار الأمریکی
إقرأ أيضاً:
في سماءٍ لم تعد آمنة للطيران الأمريكي… اليمن يكتب تعريفًا جديدًا للتفوق الجوي
يمانيون | تحليل
في عالمٍ كانت تُهيمن فيه الطائرات الأمريكية المسيّرة على سماء الدول المستضعفة دون رقيب، جاء اليمن ليقلب المعادلة، ويفرض معادلة الردع من الأرض إلى الجو، معلنًا – بصواريخ أرض-جو محلية الصنع – أن السماء لم تعد مجالًا أمريكيًا خالصًا، وأن “التفوق الجوي” لم يعد حكرًا على واشنطن وحلفائها.
في أقل من عامين، أسقطت الدفاعات الجوية اليمنية 25 طائرة تجسس وقتال أمريكية من طراز MQ-9 “ريبر”، وهو الطراز الذي كانت تُروّج له واشنطن باعتباره سلاح المستقبل وأداة السيطرة الكاملة على أجواء المعارك.. هذا السقوط المتتالي، لم يكن مجرد خسارة تقنية أو مالية، بل مثل انهيارًا مدويًا لصورة الردع العسكري الأمريكي، وكشف حدود التكنولوجيا الغربية أمام الإرادة والابتكار الوطني.
اليمن يحوّل “الريبر” إلى رماد.. والسماء إلى فخٍّ مفتوح
لم تكن طائرات الريبر تسقط في أماكن مهجورة أو في ظروف غامضة؛ بل كانت تُستهدف بشكل مباشر ومخطط، في عمليات رصد دقيقة، تدلّ على تطور استخباراتي وتقني في منظومات الرادار اليمنية.. فكما تحوّلت الأرض إلى مقبرة للدبابات الأمريكية، تحوّلت السماء اليمنية إلى مصيدة تحرق “الشبح الأمريكي” من دون رحمة.
هذه الانتصارات لم تكن لحظات عابرة بل ثمرة تراكمية لمعادلة واضحة: لا تفوق جوي بدون سيادة أرضية، ولا سماء آمنة لطيران المعتدين حينما تكون الإرادة حاضرة والقرار وطنيًا.. فكل طائرة MQ-9 كانت تسقط، لم تكن مجرّد ضربة تقنية، بل رسالة استراتيجية تُعيد رسم خرائط الهيمنة.
ضربة لصورة الردع الأمريكي.. وأزمة في البنتاغون
المؤسسة العسكرية الأمريكية نفسها لم تستطع تجاهل حجم الضربة، ففي اعتراف غير مباشر، كشفت مجلة “ناشيونال إنترست” أن وزارة الدفاع بدأت تطوير طائرة جديدة لتحلّ محل MQ-9، بسبب فشلها في الصمود أمام الهجمات اليمنية.
وأقرت المجلة بأن هذه الطائرة لم تعد “الوحش” الذي كانت تُروّج له واشنطن، مشيرةً إلى أن الساحة اليمنية أصبحت المركز العالمي لسقوطها المتكرر.
إنها ليست مجرد هزيمة عسكرية، بل انهيار لمشروع صناعي عسكري ضخم رُصدت له مليارات الدولارات.. فبحسب وثائق موازنات الدفاع الأمريكية، طلب البنتاغون 22 طائرة MQ-9 خلال ثلاث سنوات، بتكلفة تجاوزت ملياري دولار، ليتم تدميرها بصواريخ يمنية، بُنيت وسط الحصار، وتحت القصف، وفي قلب المعركة.
من إسقاط السلاح إلى إسقاط العقيدة العسكرية
ومنذ جولة التصعيد الأمريكي الأخيرة على اليمن بقيادة إدارة ترامب، بدا واضحًا أن الطيران الأمريكي لم يعد يحلّق بأمان فوق الأجواء اليمنية.. فسبع طائرات ريبر أُسقطت خلال ستة أسابيع فقط، ما مثّل ضربة لوجستية ومعنوية كبيرة.
المسؤولون العسكريون الأمريكيون أنفسهم اعترفوا بأن الحملة الجوية على اليمن فشلت جزئيًا بسبب هذه الخسائر.. فـ”الذراع الطويلة للقتل عن بعد” – كما كان يُوصف هذا الطراز – تحطّمت على أرضٍ لم تكن تملك قبل سنوات أي منظومات رادار متطورة.. إنها لحظة سقوط العقيدة العسكرية الأمريكية أمام معادلة الإرادة اليمنية.
واشنطن في دائرة الإنكار… واليمن في دائرة الإنجاز
اليوم، وبينما تعلن القوات المسلحة اليمنية إسقاط طائرة جديدة من طراز MQ-9، تحاول واشنطن أن تتهرّب من الحقيقة، فتتجاهل الإعلام الأمريكي نشر الخبر، وتتكتّم المؤسسة العسكرية على الخسائر، لكن الوقائع أبلغ من التغطية.
الريبر لم تعد تخيف أحدًا في اليمن.. بل تحوّلت إلى “صندوق صيد” يفتح شهية الدفاعات الجوية، لتُراكم الخبرة، وتُوسع المدى، وتبني الثقة بالنصر القادم.. وأمام هذا الانكشاف الأمريكي، لم يعد السؤال: هل ستُسقط طائرة أمريكية جديدة؟ بل: متى، وكيف، وبأي منظومة جديدة؟
اليمن يُعيد تعريف “التفوق الجوي”
لم يعد مفهوم “التفوق الجوي” مرادفًا للتكنولوجيا الغربية والطائرات الشبحية. فاليمن، من وسط الحصار، ومن تحت القصف، أعاد تعريف المعادلة: التفوق الجوي ليس امتلاكًا للطائرات فقط، بل قدرة على إسقاطها. ليس تكديسًا للسلاح، بل إرادة لمواجهته وإسقاطه بجرأة وثبات.
في اليمن، أصبحت السماء نفسها تُقاوم.. أصبحت الرادارات تنطق بلهجة الثورة، والصواريخ تنطلق وهي تحمل بصمة الأرض والإنسان، وتعود بإذلال العدوان من الجو إلى الأرض.
ومع كل طائرة تسقط، يرتفع سقف التحدي، ويتسع أفق الصراع، وتكبر ثقة الشعب اليمني بقدرته على حماية سمائه، ودحر أي معتدٍ تسوّل له نفسه أن يحلّق فوق أرض الإيمان.