السياسات الإقتصادية الإنتقالية والحرب
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
السياسات الإقتصادية الإنتقالية والحرب:
معتصم أقرع
3 فبراير 2025
كانت أول موازنة للحكومة قحت الإنتقالية نقطة تحول أكتمل فيها رفضي لنهج الصفوة التي ورثت البشير ومن حينها ظللت أردد إنها تقود الشعب إلي مسلخه. وتم وصف موقفي بالتشاؤم ونشر السلبية والإحباط وتكسير المقاديف والحسد والتكلس الأيديلوجي، فقد كنت متهما حينها بماركسية بايتة عفا عليها الزمن ثم صرت كوزا بعد الحرب قبل إنتقالي إلي ترانسجندر سياسي متبرقع مرة كوز ومرة ماركسي.
وبالطبع كان من الممكن ألا تتحقق نبوءاتي عن نتائج السياسة الإقتصادية وتنجح الإنتقالية في انتشال الأقتصاد ووضع أسس للإزدهار وكنت ساكون الأكثر سعادة حينها رغم أن ذلك كان سيبرهن علي تهافت تحليلي وضعفه ويثبت إني أقرع ونزهى ومفترى وحاسد وبتاع أيديلوجيات بايتة . ولكن التاريخ قد قال قولته وانا الاكثر حزنا علي أن توقعاتي لم تخب.
وكنت قد اوصيت عقب اعلان موازنة 2020 بان يبوس كل زول سودانه لاخر مرة وان يقبله مرة اخري لان الموازنة سوف تغيره جذريا. وبالفعل تضاعفت تكلفة المعيشة وانهار سعر الصرف وظل معدل النمو سالبا وأنكمش الإقتصاد في كل عام من أعوام الإنتقالية. وساهم الفشل الإقتصادي في تأجيج إحتقان سياسي إنتهي بحرب ضروس فالأقتصاد والسياسة متباريات جدليا.
ورغم ذلك ظل خطاب قحت وكان وما زال حتي يومنا هذا يحتفل بنجاح إدارته للاقتصاد، وهذا نجاح لم يحدث لم إلا في أوهامه المسيسة وتكشف زيفه الأرقام في بيانات الحكومة نفسها فهذه جماعة تكذب بلا حياء.
وفي آخر زيارة للسودان قبل إندلاع الحرب بقليل كتبت البوست أدناه ووصفت حال الإقتصاد كما بدا لي في بداية عام ٢٠٢٣. ثم حدس حدس.
معتصم أقرع
3 فبراير 2025
انطباعات عابرة:
معتصم أقرع
3 فبراير 2023
في زيارة للسودان لاحظت خلو المطاعم والكافيهات من الرواد الذين كانت تعج بهم سابقا. فمثلا محل طلعت للفول في السنين الماضية التي سبقت موازنة 2020 كان دائما ممتلئا بالرواد، ولكنه الان صار غفرا وموحشا في معظم ساعات العمل. وهو محل فول. فول.
وينطبق الامر علي الكافيهات الغالية بلا استثناء. فعلي سبيل المثال كانت اوزون في أوقات معينة تمتلئ عن بكرة ابيها ويضطر الزائر أحيانا ان ينتظر فترة قد تطول ليحصل على طاولة. أما الان فقد صارت الطاولات متوفرة ومعظم الرواد أجانب أو بضعة سودانيين احضروا معهم خواجات في حالة ما يبدو انه عمل أو مجموعة من سودانيين يبدو انها وافدة من الخارج في زيارة. أما أهل الخرطوم فقد صاروا عملة نادرة لا تري بالعين المجردة في عرصات اوزون.
ورغم انني لم اكن ابدا من عشاق اوزون إلا انها تظل اجمل كافيهات الخرطوم فقط بسبب الجلوس تحت شجرة علي طاولة نظيفة. إلا انها لم تعد تطاق لأسباب ديمغرافية, فقد اختفت من شجرها البرجوازية السودانية التي طالما ما لعناها (ولكنها تظل سودانية) وصارت اوزون أراضي محتلة تقريبا (وليس كاملا) حصريا للأجانب كملعب غولف أصحابها.
وفي حواراتي مع أصحاب المصانع وأصحاب الركشات أخبروني ان العمل لم يعد كافيا لتغطية التكلفة وذكر بعضهم انهم يعملون بالخسارة فقط لان العمل تسلية وخروج من المنزل أحسن من قعاد ساي وقال بعضهم انهم يودون المحافظة على وجودهم في سوق العمل عسى ولعل ان ينصلح الحال فلا يضطرون للبداية من صفر جديد. وقد شكي بعض أصحاب الدقيق من عجزهم عن بيع ما لديهم منه والسبب الفقر المدقع.
وجاء في الاخبار ان بعض الطلاب وبعض العاملين بالخدمة المدنية لا يذهبون للعمل أو الدراسة كل الأسبوع لان تكلفة المواصلات لا تطاق كما ان المزارعين وأصحاب المصانع عانوا كثيرا من ارتفاع أسعار الطاقة وخسروا بما يقلل انتاجهم في الراهن ومستقبل الأيام.
ويبدوا ان الحكومة الانتقالية اصابت نجاحا عظيما في هدفها المعلن من رفع الدعم عن المحروقات لتقليل شرب المواطن للشاي مع احبابه في الجانب الاخر من المدينة.
في يوم العودة لاحظت أيضا التراجع الكبير في عدد المسافرين للخارج عبر مطار الخرطوم. يبدو ان الطبقة الوسطي لم تعد قادرة علي السفر كما كانت تفعل قبل موازنة 2020 إياها.
ورغم اكتساب النساء نظريا حق السفر بدون سين وجيم الا ان الغلاء قد اغني معظمهن من عناء السفر عبر المطارات أو التسكع علي شارع النيل أو كافيهات الخرطوم ولا ندري مدي سعادتهن بالحريات الليبرالية النظرية الذاهلة عن الشرط الاقتصادي للحرية.
خلاصة القول ان الطبقة الوسطي قد ذهب ريحها مع اقتصاد انتقالية ما بعد البشير فقد اوصينا عقب اعلان موازنة 2020 بان يبوس كل زول سودانه لاخر مرة وان يقبله مرة اخري لان الموازنة سوف تغيره جذريا واضفنا الي ذلك ان البرجوازية السودانية علي ذمة الواعي. إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السياسات الاستباقية لسلطنة عمان.. دعم للاستقرار المالي ومواجهة تبعات تراجع النفط
جاء تراجع أسعار النفط العام الجاري ليسفر خلال الربع الأول من 2025 عن تسجيل أول عجز مالي في الميزانية العامة للدولة منذ عام 2022، ويؤكد في الوقت ذاته على الأهمية القصوى للنجاحات التي حققتها سلطنة عمان خلال السنوات الماضية على صعيد الوضع المالي لينتقل من تردي التصنيف الائتماني وارتفاع مستويات الدين وتزايد أعبائه إلى تحسن كبير في قوة المركز المالي للدولة وجودة التصنيف الائتماني والانخفاض الحاد في حجم الدين العام.
وساهمت الاجراءات والمبادرات التي تمت منذ بدء تنفيذ الرؤية المستقبلية 2040، في هذه النقلة النوعية في الوضع المالي، حيث كان ملف الدين وتسريع الوصول للاستقرار المالي الأولوية الأولى لضمان تحقيق طموحات رؤية عمان، وتم تنفيذ عدد واسع من مبادرات وبرامج ضبط الوضع المالي ورفع كفاءة الانفاق العام وتوجيه الجانب الأكبر من فوائض النفط لتسريع سداد الدين العام وخفض أعبائه بشكل ملموس عبر استباقية سداد القروض المكلفة واستبدال بعضها بأخرى ذات أسعار فائدة أقل.
وضمن سياسات التحوط ضد الأزمات العالمية وتقلبات النفط، حافظت سلطنة عمان خلال السنوات الماضية على نهج متحفظ في تقدير سعر النفط الذي يتم بناء عليه تقدير حجم الايرادات العامة، وفي اطار هذا النهج التحوطي تم بناء ميزانية 2025 على سعر مقدر للنفط عند 60 دولار للبرميل، ويصل تقدير جملة الإيرادات العامة للعام المالي الحالي نحو 11.2 مليار ريال عماني، وتمثل الإيرادات النفطية نسبة 52 بالمائة من إجمالي الإيرادات، وقطاع الغاز 16بالمائة، في حين تمثل الإيرادات غير النفطية ما نسبته 32 بالمائة من جملة الإيرادات العامة، كما يقدر الإنفاق العام للدولة لعام 2025 بنحو 11.8 مليار ريال عماني، ليبلغ العجز المالي المقدر 620 مليون ريال عُماني، وسيتم تمويله عن طريق الاقتراض بمبلغ 220 مليون ريال عماني، إضافة إلى السحب من الاحتياطيات بمبلغ 400 مليون ريال عماني اذا دعت الحاجة لذلك، أما جملة الاحتياجات التمويلية للعام المالي الجاري فتصل الى 2.5 مليار ريال عماني وتشمل العجز المقدر في الميزانية إضافة إلى أقساط القروض المخطط سدادها خلال هذا العام حيث من المتوقع خلال عام 2025 أن يتم سداد نحو 1.8 مليار ريال عُماني من الدين العام لسلطنة عمان، ويعد سوق الدين المحلي مصدرا اساسيا لتمويل الميزانية من خلال خطة التمويل بإصدارات السندات والصكوك.
وحفل الشهر الجاري بالإفصاح عن عديد من تطورات الأداء المالي للميزانية خلال العام الماضي والربع الأول من العام المالي الجاري، فقد أعلنت وزارة المالية نتائج الأداء المالي الفعلي وفقا للحساب الختامي لميزانية عام 2024، والتي كانت أهم ملامحها تحقيق فائض مالي قدره 540 مليون ريال عماني وخفض أعباء خدمة الدين بنحو 114 مليون ريال عماني في نهاية عام 2024، لينخفض الصرف الفعلي على خدمة الدين العام بنهاية عام 2024 بنسبة 11 بالمائة مسجلًا نحو 936 مليون ريال عُماني مقارنة بالمعتمد في ميزانية عام 2024 بنحو مليار و50 مليون ريال عُماني مع استمرار الحكومة في نهجها لإدارة الالتزامات المالية، واستبدال القروض المرتفعة الكلفة بأخرى أقل كلفة.
ومقارنة مع عام 2023، فقد بلغ انخفاض الدين العام حتى نهاية عام 2024 نحو 660 مليون ريال عُماني، وقد جاء هذا الانخفاض نتيجة لقيام الحكومة بسداد جزء من القروض وإدارة الالتزامات المالية.
كما أكدت البيانات التي وردت في النشرة الربعية التي صدرت مؤخرا استمرار سلطنة عمان في إدارة الالتزامات المالية وخفض الدين ليسجل نحو 14.3 مليار ريال عُماني مقارنة بنحو 15.1 مليار ريال عُماني بنهاية الفترة ذاتها من عام 2024.
وترصد نشرة بيانات الأداء المالي للربع الأول من العام الجاري عن انه على الرغم من تأثر حجم الإيرادات العامة نظرا لتراجع أسعار النفط، واصلت سلطنة عمان التزامها بتعزيز الاستقرار المالي حيث استمرت مخصصات القروض المستقبلية وفق المخطط لها وحسب مستهدفات الخطة العاشرة والميزانية العامة كإطار سنوي تنفيذي للخطة، وقد بلغ حجم مخصصات القروض المستقبلية 100 مليون ريال عماني في الربع الأول من 2025، وتستهدف ميزانية 2025 تخصيص 400 مليون ريال عماني لهذا البند الذي تم استحداثه منذ عام 2021 ضمن السياسات الاحترازية لدعم الاستقرار المالي وتوقي تبعات تقلبات السوق النفطية.