فهو لم يكن مجرد رئيسٍ لإدارة الدولة في زمن الحرب، بل كان رمزًا لمرحلةٍ استثنائيةٍ من الصمود والتحدي، حيث برز كقائدٍ ملهمٍ لشعبه، ومجاهدٍ متفانٍ في ميادين المواجهة، ورجلِ دولةٍ حكيمٍ في إدارة شؤون البلاد رغم الظروف القاسية التي فرضها العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.

منذ توليه رئاسة المجلس السياسي الأعلى في عام 2016، كان الرئيس الصماد يعي تمامًا حجم التحديات التي تواجه اليمن، لكنه لم يكن ممن يساومون على المبادئ أو يضعفون أمام الضغوط.

 لقد أدرك أن المهمة الملقاة على عاتقه ليست مجرد تسيير أعمال الدولة، بل خوض معركة مصيرية تجمع بين المواجهة العسكرية، والجهد السياسي، والعمل التنموي والاجتماعي.

برز حضوره القوي في مختلف الميادين، حيث كان يتنقل بين الجبهات والميادين الشعبية، حاضرًا بين المجاهدين في خطوط النار، ومتفقدًا أوضاع الشعب في الداخل.

كما انه لم يكن قائدًا مكتبيًا يدير المعركة من خلف الطاولات، بل كان في مقدمة الصفوف، يشارك في صناعة القرار مع القيادات العسكرية، ويخوض المواجهة إلى جانب المقاتلين، وهو ما جعله محبوبًا ومهابًا في آنٍ واحد، رمزًا للتضحية والفداء.

لم يكن الصماد شخصيةً سياسيةً نمطيةً، بل كان قائدًا صادقًا حمل همّ الأمة بجديةٍ وإخلاص فقد استطاع خلال فترة رئاسته أن يحقق توازنًا بين متطلبات الحرب ومسؤوليات الدولة، وهو ما تجلّى في مشروعه العظيم "يدٌ تحمي ويدٌ تبني"، حيث أدرك أن المواجهة مع العدوان لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل تتطلب أيضًا بناء الداخل، وتعزيز الاستقلال الاقتصادي، وترسيخ الهوية الوطنية في وجه مشاريع الهيمنة.

مشروع "يدٌ تحمي ويدٌ تبني" إعلانًا لمعادلةٍ استراتيجيةٍ جعلت العدو يدرك أن استهداف اليمن بالقصف والحصار لن يكسر إرادته، بل سيدفعه إلى مزيدٍ من الصمود والإبداع في مختلف المجالات. وهذا المشروع لم يكن مجرد شعارٍ، بل كان برنامج عملٍ حقيقيٍ بدأ الصماد في تنفيذه عبر تحريك عجلة الإنتاج المحلي، وتعزيز القدرات العسكرية، والتأسيس لمرحلةٍ جديدةٍ من الاكتفاء الذاتي، وهو ما ظهر جليًا في الإنجازات العسكرية المتتالية، من تطوير القدرات الصاروخية إلى توسيع العمليات البحرية التي كسرت الحصار وفرضت معادلاتٍ جديدةٍ في الصراع.

كان الصماد حاضرًا في كل مفصلٍ حساسٍ من معركة الدفاع عن اليمن، لم يتردد لحظةً في اتخاذ القرارات المصيرية، ولم يسمح للخلافات الداخلية أن تؤثر على المسار العام للمعركة.

سعى دائمًا إلى وحدة الصف الداخلي، وحافظ على تماسك الجبهة الوطنية، وعمل على تحييد أي محاولاتٍ للعدو لاختراق الصفوف أو زرع الفتن، لأنه كان يدرك أن المعركة ليست فقط ضد عدوانٍ خارجي، بل هي أيضًا ضد كل أشكال الخيانة والتخاذل التي قد تقوّض صمود الأمة.

لقد مثل الصماد تجسيدًا عمليًا لقيم الثورة والجهاد، لم يكن يبحث عن المناصب أو المكاسب، بل كان همه الوحيد هو القضية العادلة لشعبه. ولذلك، لم يتوقف يومًا عن العمل حتى اللحظة الأخيرة من حياته، حيث استشهد وهو في قلب الميدان، في محافظة الحديدة، في مهمةٍ وطنيةٍ تعكس إيمانه العميق بأن القائد الحق هو الذي يكون بين شعبه، يقودهم من الأمام، لا من الخلف.

استشهاد الصماد كان لحظةً فارقةً في مسيرة الصمود اليمني، لكنه لم يكن نهاية المطاف، بل كان نقطة انطلاقٍ جديدةٍ جعلت من دمه وقودًا لمزيدٍ من الصمود والتحدي. فقد كان استشهاده دافعًا لتصعيد المواجهة مع العدو، وتعزيز القدرات العسكرية، وتوسيع دائرة المعركة لتشمل الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية.

إن القادة العظماء لا يموتون بموت أجسادهم، بل يبقون خالدين في وجدان الأمة بما تركوه من أثرٍ وما زرعوه من قيمٍ ومبادئ. والصماد، برؤيته العميقة وشجاعته الفائقة، استطاع أن يضع أسسًا متينةً لمشروع التحرر الوطني، وأن يكون نموذجًا للقائد الذي يعيش من أجل قضيته ويفنى في سبيلها.

وهكذا، فإن الرئيس الشهيد لم يكن مجرد رجلٍ عابرٍ في مسيرة اليمن، بل كان ركيزةً أساسيةً في مرحلةٍ تاريخيةٍ من المواجهة، ورمزًا للصمود في وجه أعتى التحالفات العدوانية، وحلقةً من حلقات النضال التي ستبقى خالدةً في سجل التاريخ اليمني المشرّف.

أيها العابر في الأزقة بلا حراسة

أيها الساكن في قلوب البسطاء بلا قصور

لم تكن رئيسا يجلس على عرش من ذهب

كنت وطنا يمشي على قدمين

وكفى بذلك مجدا لا يُشترى

سلام عليك يوم غادرت ولم تغب،

وسلام على التراب الذي ضمّك وارتفع،

فأنت لم تمت

بل صرت راية في يد القادمين

يا صالح القلوب التي لم تخن

أيها الصاعد من بين الأنقاض كالشمس

سلام على جرحك الذي صار طريقا

وعلى صوتك الذي صار نشيدا

وعلى اسمك الذي صار وطنا

*عرب جورنال / كامل المعمري -

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: لم یکن بل کان

إقرأ أيضاً:

«بنسبة 100%».. إيان راش يتحدث عن إمكانية ارتداء صلاح قيادة شارة ليفربول

تحدث الأسطورة إيان راش، الهداف التاريخي لنادي ليفربول الإنجليزي، عن ترتيب الدولي المصري محمد صلاح، نجم الريدز، في شارة قيادة الفريق، بعد رحيل اللاعب ترينت ألكسندر أرنولد، إلى ريال مدريد الإسباني.

وانضم أرنولد لصفوف ريال مدريد، في فترة الانتقالات الصيفية الجارية، ليصبح محمد صلاح، الرجل الثاني الذي يستحق ارتداء شارة قيادة ليفربول بعد الهولندي فيرجيل فان دايك، وفقًا لرؤية إيان راش.

وقال راش في تصريحات كشفت عنها شبكة «ليفربول إيكو»: «محمد صلاح يمثل نموذجًا يُحتذى به داخل وخارج الملعب، دوره القيادي بات واضحًا خاصة مع تطوره المستمر ومساعدته للاعبين الشباب».

وأضاف: «من دون شك، محمد صلاح ما زال عنصرًا أساسيًا، كنت سعيدًا للغاية عندما جدد عقده، النصف الأول من الموسم الماضي كان مذهلًا، وفي الثاني ركز أكثر على صناعة الأهداف، لقد بدأ يغير أسلوب لعبه لهذا السبب».

وعن إمكانية منحه شارة نائب القائد، قال راش: «بنسبة 100% يجب أن يكون نائب القائد، لقد ارتدى الشارة أمام بريستون مؤخرًا، فان دايك يقود من الخلف، وصلاح يقود من الأمام، هذا هو النموذج المثالي».

مقالات مشابهة

  • رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
  • لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
  • توتر أمني بين فصائل التحالف في أبين
  • الإنسان بين نعمة الهداية وشهوة الطغيان .. قراءة دلالية في وعي الشهيد القائد رضوان الله عليه
  • محادثات إيران مع الترويكا الأوروبية.. مناورة دبلوماسية أم محاولة جادة لتفادي المواجهة؟
  • «بنسبة 100%».. إيان راش يتحدث عن إمكانية ارتداء صلاح قيادة شارة ليفربول
  • تحقيق إسرائيلي: ما هي شركات الطيران التي لا تزال تحلق فوق اليمن وإيران؟ (ترجمة خاصة)
  • القائد والشعب
  • توافد جماهيري غير مسبوق الى ساحات نصرة غزة
  • 39 مسيرة في صعدة تندد بجرائم التجويع في غزة