إشراك الضحايا في مفاوضات السلام
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
شهد السودان العديد من اتفاقيات السلام منذ اتفاقية أديس أبابا عام 1972، مرورًا بنيفاشا واتفاقيات دارفور المختلفة من أبوجا إلى الدوحة، واتفاقية شرق السودان، والقاهرة، وأبشي، وانتهاءً بسلام جوبا في 2020.
ومع ذلك، لم تحقق هذه الاتفاقيات سلامًا مستدامًا، إذ غالبًا ما أعقبها تجدد النزاعات، مما خلف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية، إلى جانب مقتل أعداد كبيرة تحت التعذيب والإعدامات الصورية.
واليوم، أصبح غالبية السودانيين ضحايا الحرب، مع تشريد نحو 20 مليون شخص، وتهديد الجوع لنحو 18 مليونًا، إضافة إلى انهيار البنية التحتية والنظامين الصحي والتعليمي، وتعطل المشاريع الاقتصادية والزراعية.
مفاوضات تشاركية
يرى خبراء في قضايا السلام وفض النزاعات أن تحقيق السلام الدائم يستلزم العدالة وإدماج الضحايا في عملية التفاوض، مع مراجعة منهجية الاتفاقيات السابقة.
ويؤكد الدكتور جمعة كندة أن جميع الاتفاقيات السابقة لم تحقق سلامًا مستدامًا، بسبب تركيزها على تقاسم السلطة، وإقصاء أصحاب المصلحة من المفاوضات المغلقة وغير الشفافة، فضلًا عن الضغوط الدولية التي تفرض اتفاقيات لا تنبع من قناعة ذاتية للأطراف المعنية. وأشار كندة إلى غياب الإرادة السياسية لتنفيذ الاتفاقات، وتكرار الفترات الانتقالية الفاشلة بسبب عدم الوفاء بمستحقات السلام، وعدم معالجة جذور الأزمة السودانية. ودعا إلى تحويل ملف السلام من كونه أمنيًا إلى سياسي واقتصادي واجتماعي، وإبعاد نهج تقاسم السلطة، وربط السلام بالتحول الديمقراطي والتنمية، مع ضمان مشاركة فعلية وشفافة لأصحاب المصلحة في المفاوضات.
إشراك الضحايا
بدوره، شدد المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عبد الباسط الحاج على أهمية إشراك الضحايا في خطوات تحقيق السلام، باعتباره أساسيًا لبناء سلام مستدام. وأوضح أن تمثيل الضحايا يمكن أن يتم عبر الأجسام التي تمثلهم، مثل منسقيات النازحين واللاجئين، لضمان إيصال أصواتهم الحقيقية، بدلًا من المشاركة الصورية التي كانت سائدة في الاتفاقيات السابقة. وأكد أن تحقيق العدالة يبدأ بالاستماع لمطالب الضحايا، وتمكينهم من العودة إلى مناطقهم الأصلية، وتوفير الأمن والخدمات الأساسية، ومحاسبة المجرمين، وعقد جلسات مجتمعية للمصالحة.
مشاركة صورية
من جانبه، أشار الدكتور عباس التجاني، المتخصص في فض النزاعات، إلى أن إشراك الضحايا في مفاوضات السلام عملية معقدة تتطلب منهجية شاملة، تشمل تصميم العملية التفاوضية، وتحديد موقع الضحايا فيها، وضمان مشاركتهم الفاعلة في وضع الأجندة التفاوضية. ودعا إلى تنظيم الضحايا في مبادرات اجتماعية تعكس تعدد الانتهاكات التي تعرضوا لها، مثل تجنيد الأطفال والانتهاكات ضد النساء، مع ضمان تمثيلهم العادل وفقًا للقرارات الأممية، مثل القرار 1325 بشأن مشاركة النساء في السلم والأمن، والقرار 2250 الخاص بمشاركة الشباب. كما شدد على ضرورة ضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، وحق الضحايا في الحياة والصحة والتعليم، مشيرًا إلى الانتهاكات التي يتعرض لها الشباب، مثل إجبارهم على حمل السلاح واعتقالهم وتصفيتهم.
وأكد التجاني أن اتفاقيات السلام السابقة، بما فيها اتفاق جوبا، لم تتضمن مشاركة حقيقية للنساء، حيث اقتصر دورهن على المراقبة دون تأثير فعلي، كما كانت مشاركة النازحين واللاجئين شكلية وفقًا للانتماء الحزبي، مما أدى إلى استمرار تهميش قضاياهم حتى اليوم. وشدد على ضرورة إعادة النظر في آليات إشراك الضحايا في العملية السياسية والتفاوضية، لضمان تحقيق سلام شامل ومستدام.
تقرير: حسين سعد
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: سلام ا
إقرأ أيضاً:
جريمة بشعة: مقتل طفلة رضيعة.. ودفن الضحايا “ممنوع”
متابعات- تاق برس- قالت شبكة أطباء السودان إن قوات الدعم السريع قتلت امرأة و طفلة تبلغ من العمر عامين أثناء فرارهما من مدينة الفاشر التي تحصارها قوات الدعم إلى منطقة طويلة – شمال دارفور.
ونقلت الشبكة عن إحدى الناجيات من الهجوم المسلح الذي شنته قوات الدعم السريع على عدد من الأسر النازحة أثناء تنقلهم على الطريق من مدينة الفاشر إلى منطقة طويلة، أن الأسر التي تعرضت للهجوم تضم 9 نساء و7 أطفال ورجلًا مسنًا.
وأضافت الناجية أن بقية أفراد المجموعة تعرضوا للضرب بالسياط والركل بالأرجل، في مشهد قاسٍ مارست فيه القوات الوحشية والانتهاك الفاضح لحقوق الإنسان.
وأدانت شبكة أطباء السودان بأشد العبارات الهجوم الوحشي الذي تعرضت له ثلاث أسر نازحة أثناء محاولتها النزوح من مدينة الفاشر – ولاية شمال دارفور، حيث لم تكتفِ قوات الدعم السريع بذلك، بل منعت الأسر من دفن القتلى، في انتهاك صريح للقيم الإنسانية، الأمر الذي يزيد من معاناة الناجين النفسية والجسدية.
ودعت الشبكة المنظمات الحقوقية والإنسانية والأمم المتحدة إلى التدخل العاجل لحماية المهجرين قسريًا عبر فتح مسارات إنسانية وممارسة مزيد من الضغط على قيادات الدعم السريع التي باتت لا تبالي بممارساتها ضد المدنيين في دارفور وكردفان وتماديها في الحصار والقتل والتدوين والقصف على المعسكرات والأسواق والأحياء السكنية.
انتهاكات الدعم السريعدارفورمقتل طفلة رضيعة