رحلة تصويرية عبر الرهبنة القبطية.. معرض جديد لروماني حافظ
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
في قلب معرض الفنان الفوتوغرافي "روماني حافظ"، نجد سرداً عميقاً ومؤثراً يتجاوز حدود التمثيل البصري المعتاد، ليغوص في أعماق الرهبنة القبطية، تلك الظاهرة الروحية والثقافية التي تجسد تقاليد عريقة تمتد عبر الزمن. المعرض، الذي يعتمد على التصوير بالأبيض والأسود، يفتح نافذة للتأمل في العلاقة المعقدة بين التمثيل والواقع.
استلهام من نظرية بانوفسكي
مستوحى من نظرية إروين بانوفسكي، لا سيما مفاهيمه عن الأيقونات وعلم الأيقونات، يقدم حافظ رؤية تتجاوز التمثيل السطحي للأشياء. الصور المعروضة ليست مجرد لقطات فوتوغرافية؛ بل هي سرد بصري مشحون بالمعاني العميقة والسياقات الثقافية، حيث تتداخل الرموز والطقوس مع العمارة الرهبانية لتروي قصة الرهبنة القبطية بصدق وتأمل.
قوة الأبيض والأسود
الاعتماد على التصوير بالأبيض والأسود ليس مجرد اختيار تقني، بل هو وسيلة لتجريد المشاهد من تشتيتات الألوان، مما يركز الانتباه على التفاصيل الجوهرية. الأبيض والأسود في صور حافظ يضفيان ثقلًا عاطفيًا وصمتًا مهيبًا، يتيحان للمشاهد الشعور بروحانية الأماكن المصورة.
تجسيد الثنائية
الصور تحمل طابعًا ثنائيًا: فهي تلتقط الجوانب المادية للهندسة المعمارية الرهبانية، لكنها في ذات الوقت تستحضر شعورًا أعمق وأقرب إلى الخيال. تظهر المباني، الجدران الحجرية، والأديرة القديمة كرموز للصمت والعزلة، بينما تنبض الصور بحياة روحية تدعو المشاهد للتأمل والارتباط بتقاليد خالدة.
جوهر الرهبنة القبطية
في كل صورة، نجد انعكاسًا لجوانب مختلفة من حياة الرهبنة: الروحانية والعزلة والطقوس. هذه العناصر، المتجذرة في التقاليد القبطية، تظهر واضحة من خلال الزوايا الملتقطة والبساطة المتعمدة في التكوين. الصمت المهيب الذي يلف هذه الصور ينقل شعورًا بالتقديس والرهبة.
دعوة للتأمل
معرض روماني حافظ ليس مجرد استعراض للصور؛ بل هو دعوة للتأمل في المعاني الأعمق للرهبنة القبطية. من خلال عدسته، ينقل حافظ الحضور الروحي لهذه الأماكن، مما يتيح للمشاهدين فرصة نادرة للتواصل مع تقاليد روحية تمتد عبر الزمن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فنون فن تشكيلى المزيد الرهبنة القبطیة
إقرأ أيضاً:
الإنسانية لا تعرف حدود المكان أو الزمان!
في أوقات السلم والحرب، تظهر الإنسانية في صور شتى، قد تكون الإنسانية مجرد شعارات لا أكثر، وقول يطرب آذان الضعفاء ويمنحهم الأمل بواقع أجمل مما يعيشونه الآن في ظل ظروف معيشية وصحية ونفسية قاسية، لكن حبال الأمل تنقطع عندما يستفيقون من أحلامهم ليجدوا بأن كل ما سمعوه طويلا أصبح حبرا على ورق وليس هناك فعل ملموس ينتظرهم.
بلدان شتى من العالم تئن من وطأة الفقر والجهل والمرض، أطفال يأتون إلى الحياة وليس في جعبتهم أي أمل في حياة أفضل من آبائهم وأمهاتهم، الفقر هو خنجر مسموم يطعنهم في سائر أجسادهم، يجعلهم يحسون بمرارة العيش وقسوة الأيام.
من هذه النافذة كانت الإنسانية هي الملجأ لمن لا ملجأ له، الإنسانية هي جزء مهم من التضامن مع الآخرين، وإحساس بما يعانونه من حاجة للخروج من عنق الزجاجة التي تكتم على أنفاسهم منذ ـن فتحوا أعينهم على الحياة بمنظور أنهم بشر طبيعيون لهم آمالهم وأحلامهم وحياتهم الخاصة بهم.
الإنسانية هي المحرك الأساسي الذي يدفع الآخرين للتدخل لمساعدة الضعفاء والمستضعفين في الأرض، الإنسانية مصطلح عميق للغاية لا يؤمن بالأقوال فقط وإنما أيضا بالأفعال.
في أوقات الأزمات تجد الإنسانية حاضرة في مشاهد تستحق أن نقف لها بتحية إجلال وتقدير، ولكن عندما تغرب شمس الإنسانية وتتوحش الآدمية، تصبح الأماكن جرداء قاحلة من أي وجه للحياة، فالأرض تصبح مجرد أحجار صماء لا تنطق إلا بالوحشة والبؤس والشقاء والألم.
لقد أصبحت الكثير من دول العالم تحتاج منا بعضا من وقود الإنسانية، فما يحدث الآن في العالم من نزاعات وشقاق وحروب ضروس تؤكد على غياب الضمير الإنساني الذي من المفترض أن يكون لسانا صادقا يحتوي معنى الإنسانية التي عرفتها البشرية منذ عصور قديمة.
هناك ملايين البشر يُهجَّرون سنويا من ديارهم بسبب الحروب وآخرون يقضون نحبهم تحت المباني التي تهدمت على رؤوسهم، والآلاف الجرحى يئنون من أوجاعهم بعد أن فقدوا أجزاء مهمة في أجسادهم، إنها بحق مأساة إنسانية.
كم تمر علينا في نشرات الأخبار وغيرها مئات الصور المؤلمة التي تجرح القلوب وتدميها، مشاهد تعمق معاني الحزن والبؤس، وبالرغم من ذلك لا يلتفت العالم مطلقا إلى ما صنعته أسلحة الدمار والقتل التي صُوّبت نحو الأبرياء، فالرصاص الحي والقنابل لا تفرق ما بين البشر، فمهمتها تكمن في تدمير الأشياء وإصابة الأهداف وإزهاق الأرواح البريئة، من المؤسف أن المعتدي يبرر أفعاله المشينة ويتحدث عن تضامنه مع عائلات القتلى والمصابين ويبرئ نفسه من كل ما صنعته آلة الحرب التي لا تزال في يديه.
في هذا العالم هناك ملايين الأفواه الجائعة والأجساد الممزقة التي أعياها التعب والجراح، وغيرها لا يزال مصيرها مجهولا ومستقبلها غامضا، وأشياء أخرى لا يلتف إليها القادة الكبار الذين يصدرون أوامرهم في إطلاق النيران على المدنيين.
أي جرم هذا الذي اقترفته تلك الأنامل الصغيرة، وأي عذاب ينتظرهم، وأي إنسانية يدّعيها العالم تحت قبة مجالسهم الأممية، الإنسانية الحقيقية لا تؤمن ولا تقدِم على زعزعة أمن الأبرياء والتنكيل بهم.
عندما لا يوجد مكان آمن يحتمي به الصغير أو الكبير تصبح الإنسانية لا وجود لها، الإنسانية هي أن تراعي الواجبات والحقوق، والإنسانية ليست ادعاء واستنكارا وشجبا وقلقا، الإنسانية هي من توجِد حياة أفضل بين البشر، وطريقا نحو أمن وسلام واطمئنان، هكذا هي الإنسانية التي يجب أن يوجِدها العالم وهي من يجب أن تسود في العموم.
الإنسانية دوما يقال عنها بأن ليس لها مكان محدد أو زمان معين بل هي انتشار في كل الاتجاهات وفي كل بقعة يتنفس من رئتها البشر، الإنسانية ستظل دوما شيئا عظيما لا مجرد شعارات كاذبة أو تصريحات عابرة.