التحول التاريخي في الموارد: إعادة تعريف الموارد الرئيسة للبلد او الانهيار الحتمي
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
عباس كريم صدام
أولا: فقدان القيمة الاقتصادية للمورد الأوحد
العراق بلد ريعي يعتمد على مورد واحد لتحقيق الدخل، وسيبدأ النفط بفقدان قيمته الاقتصادية قبل 2050، اي بعد 25 سنة. ناهيك عن نضوبه الذي يمثل الخطر الأكبر وان كان بعيدا الذي يعتمد على عوامل عديدة لكن في أفضل التوقعات لن يتجاوز 100 سنة، وهذا امر ليس مهما في المرحلة الحالية فالجدل الان عن فقدان قيمته الاقتصادية لا نضوبه، فقد شهد النفط على مدى القرن الماضي دوره كأحد أهم محركات الاقتصاد العالمي ومصدراً رئيسياً للطاقة.
تشير توقعات وكالة الطاقة الدولية انه بحلول عام 2030 سينخفض الطلب بشكل كبير، في حين تقارير اوبك تشير الى انه سيبقى حتى 2045 كمصدر طاقة رئيسي، بكل الاحوال، لن يكون هو المصدر الوحيد والرئيسي للطاقة كما هو الان، ومن ثم فان الطلب سيتراجع بشكل كبير.
اي بكل الاحوال، بحكم المؤكد سيفقد قيمته الاقتصادية قبل هذه المدد الزمنية، المتفائلة او المتشائمة، خلاصة ذلك ان العوائد المتحققة الوفيرة حاليا غير قابلة للتحقق في المستقبل القريب جدا، وفقدان مكانته الاقتصادية المهيمنة أصبح واقعا خطرا لعدة أسباب مدعومة بحقائق ومؤشرات:
1.النمو المتسارع لمصادر الطاقة المتجددة:
وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) لعام 2023، من المتوقع أن تشكل مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح 35% من إجمالي الطاقة المنتجة عالميًا بحلول عام 2030. هذا التحول يأتي مدفوعًا بانخفاض تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة تزيد عن 70% خلال العقد الماضي، مما يجعلها أكثر تنافسية من النفط.
2.السياسات العالمية لتقليل الانبعاثات الكربونية:
التزمت أكثر من 130 دولة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، مما يضع النفط في مرمى السياسات المناهضة للوقود الأحفوري. على سبيل المثال، العديد من الاقتصادات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي والصين تعمل على التخلص التدريجي من المركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري خلال العقدين المقبلين.
3.تقلب أسعار النفط وتباطؤ الطلب:
تشير بيانات منظمة "أوبك" إلى أن أسعار النفط أصبحت أكثر تقلبًا نتيجة لتراجع الطلب العالمي وتغير الأولويات الاقتصادية. كما أن تباطؤ النمو السكاني في العديد من الدول المتقدمة والناشئة يقلل الحاجة إلى الوقود التقليدي.
4.توجه الاستثمارات نحو التقنيات النظيفة:
بلغ حجم الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة حوالي 1.7 تريليون دولار في عام 2023، متجاوزة لأول مرة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز.
5.ابتكارات تخزين الطاقة:
أحدثت تقنيات تخزين الطاقة مثل البطاريات طفرة هائلة، حيث انخفضت تكلفتها بأكثر من 80% منذ عام 2010، مما يعزز جدوى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
الشكل ادناه يبين تراجع الاعتماد على النفط الخام كمصدر طاقة اوحد وصعود بدائل أخرى منافسة ولازالت الفجوة بتزايد.
بينما لا يزال النفط يحتفظ ببعض الأهمية الاقتصادية في الوقت الراهن، فإن مستقبله يبدو غامضًا في ظل التحولات الجارية. العالم يتجه بخطى ثابتة نحو اقتصاد خالٍ من الكربون يعتمد على مصادر مستدامة، مما يعني أن النفط قد لا يعود المحرك الأساسي للاقتصاد العالمي كما كان في الماضي. الشركات والدول التي تستثمر الآن في الطاقة النظيفة وتقنيات المستقبل ستكون هي الرابحة في هذا التحول التاريخي.
ثانيا: تزايد الانفاق العام في الموازنة العامة
في ظل هذه المخاطر المتزايدة التي تهدد مصدر الدخل الأوحد٫ لا يزال العراق دولة تستهلك كل شيء ولا تنتج اي شيء، وفاتورة الاستهلاك في تزايد سنوي، فضلا عن تغير نمط الاستهلاك الذي يفرض بالضرورة زيادة الاستهلاك ايضا، اي ان حجم الانفاق في الموازنة العامة هو في تزايد مستمر برغباتنا او دونها، فضلا عن زيادة السكان المضطردة، ويبين الرسم البياني ادناه حقيقتين: الأول مدى ارتفاع الانفاق عبر السنوات، والثانية درجة ارتباطه بتقلبات أسعار النفط الخام، اذ شهد العراق ازمتين حادتين بسبب تراجع الأسعار، في عام 2014 وما تلاها اذ اضطر العراق للقيام بسياسات تقشفية انعكست ركودا حادا في الأسواق المحلية فضلا عن حنقا شعبيا بسبب الضغوط المتزايدة، والأخرى في 2019 وما تلاها بسبب ازمة كورونا وفي كلتا الازمتين كان المنقذ الإعادة النشاط الاقتصاد الى طبيعته هو ارتفاع أسعار النفط مجددا، أي امتدت الازمة لفترة أطول لكان الوضع صعب جدا، والمؤسف اننا لم نتلقف المخاطر التي تفرضها التقلبات للقيام بإصلاحات حقيقية، والشكل ادناه يبين تزايد حجم الانفاق سنويا.
وعلى رغم ان العراق يركز بشكل رئيسي على تصدير النفط الخام، إلا أن هناك بعض السلع الأخرى التي يصدرها أيضًا، على الرغم من أن حجم صادراتها لا يصل إلى مستوى صادرات النفط. فيما يلي أبرز السلع التي يصدرها العراق:
2.المنتجات الزراعية:
التمور: العراق يعد من أكبر منتجي التمور في العالم ويصدر كميات كبيرة إلى دول الخليج العربي وأوروبا.
الفواكه والخضروات: تشمل صادرات مثل البطيخ والطماطم والعنب والخيار، وتُصدر بشكل أساسي إلى دول الجوار.
3.المنتجات الحيوانية:
اللحوم: العراق يُصدر اللحوم وبعض المنتجات الحيوانية إلى أسواق الدول المجاورة، مثل السعودية والأردن.
البيض ومنتجات الألبان: صادرات محدودة مقارنة بالدول الأخرى، ولكنها تساهم في التنوع في صادرات العراق غير النفطية.
4.الصناعات التحويلية:
منتجات الكيماويات: يشمل ذلك الأسمدة والمبيدات الزراعية وبعض المواد الكيميائية التي يُنتجها العراق بشكل محلي.
المنتجات البلاستيكية: العراق يُصدر بعض المنتجات البلاستيكية المصنعة محليًا، مثل الأكياس البلاستيكية والمستلزمات الأخرى.
المنتجات المعدنية: مثل الأسلاك الحديدية والمعادن الأخرى التي تُستخدم في البناء والصناعات الثقيلة.
5.المنسوجات والملابس:
العراق لديه صناعة نسيجية صغيرة نسبيًا، ولكن يتم تصدير بعض الأقمشة والملابس إلى دول المنطقة.
6.المنتجات الخشبية:
تشمل تصدير الأثاث والمنتجات الخشبية المصنعة في العراق، لكن حجمها لا يزال محدودًا مقارنة بالصادرات الأخرى.
يبين الشكل ادناه اعتمادية الاقتصاد العراقي على النفط الخام الفوارق بينه وبين السلع المصدرة الأخرى.
ثالثا: عجز الميزان التجاري غير النفطي
وعلى الرغم من تصدير هذه المنتجات الا انها لا تمثل قيمة مؤثرة في الموازنة العامة او الاقتصاد المحلي، اذ يشهد الميزان التجاري غير النفطي عجزا طويلا وباتساع مستمر، وعلى الرغم من ارتفاع الصادرات في السنوات الأخيرة الا ان الفجوة لازالت بتزايد مستمر بسبب زيادة الاستيرادات أيضا، وهذا امر يشكل ضغطا، ويعود عجز الميزان التجاري لأسباب عديدة ومعروفة منها الاعتماد الكبير على الواردات، ضعف تنوع الاقتصاد، ضعف البنية التحتية المحلية، السياسات التجارية، تأثير الأزمات السياسية والأمنية، صعوبة جذب الاستثمارات الأجنبية لتنمية القطاعات غير النفطية، ضعف القطاع الزراعي والصناعي، انخفاض تنافسية الصادرات غير النفطية، ويؤدي العجز التجاري الى عدة نتائج تـظهر اثارها بشكل سلبي على الاقتصاد أهمها:
1.الاعتماد المتزايد على الإيرادات النفطية: يؤدي عجز الميزان التجاري غير النفطي إلى تكريس الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، مما يعرض الاقتصاد لمخاطر تقلبات أسعار النفط عالميًا وفي ظل غياب التنويع الاقتصادي يجعل الموازنة العامة العراقية حساسة لأي انخفاض في أسعار النفط.
2.الضغط على الاحتياطيات النقدية: لتمويل الواردات وسد العجز، يعتمد العراق على احتياطاته من العملة الأجنبية، مما يؤدي إلى استنزاف هذه الاحتياطيات، ومن ثم يقود ذلك إلى ضعف الثقة في الاقتصاد ويزيد من مخاطر تقلب سعر الصرف.
3.زيادة الديون الخارجية: بافتراض غياب الدخل المتولد عن بيع النفط الخام او فقدان جزء منه، فإن العجز التجاري يدفع الحكومة إلى الاقتراض الخارجي لتمويل الواردات وسد الفجوة بين الصادرات والواردات، وبالنتيجة تراكم الديون يضعف قدرة العراق على الاستثمار في القطاعات الإنتاجية ويزيد من أعباء خدمة الديون في المستقبل.
4.تأثيرات على القطاع الخاص: تدفق السلع المستوردة بأسعار منخفضة يؤدي إلى منافسة غير عادلة مع المنتجات المحلية، مما يضعف الصناعة والزراعة المحليتين، إغلاق المصانع المحلية وزيادة البطالة نتيجة لانخفاض القدرة التنافسية.
5.تدهور سعر الصرف: استمرار العجز يضعف الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية نتيجة الطلب المتزايد على الدولار لتسديد فاتورة الواردات، ومن ثم تقود عملية الدفاع عن استقرار سعر الصرف الى تآكل الاحتياطيات الأجنبية.
6.ضعف النمو الاقتصادي: عجز الميزان التجاري يعكس اختلالًا في الإنتاج المحلي، ما يقلل من مساهمة القطاعات غير النفطية في النمو الاقتصادي وكنتيجة فان الاعتماد على الواردات يحد من تطوير القطاعات الإنتاجية المحلية.
8.عدم الاستقرار الاقتصادي: يؤدي العجز المستمر إلى تقويض الاستقرار المالي والاقتصادي، مما يجعل البلاد أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية والسياسية، وانخفاض الثقة في الاقتصاد مما يؤدي إلى تقليل تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
9.فقدان فرص العمل: ضعف القطاعات الإنتاجية المحلية بسبب الاعتماد على الواردات يؤدي إلى تقليص فرص العمل في القطاعات الصناعية والزراعية، وتزايد البطالة يزيد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية، والشكل ادناه يبين الميزان التجاري غير النفطي واتساع فجوة العجز.
رابعا: الفرص المتاحة
على الرغم من هذه النظرة المتشائمة الا اننا لا نزال نمتلك فرصة لتغيير المستقبل إذا بدئنا بالعمل الان، اذ نحن في عملية سباق مع الزمن لإنقاذ اجيالنا اللاحقة يتطلب أولا استيعاب المخاطر التي تواجه مستقبل البلد واخذها على محمل الجد، فعملية تنويع الاقتصاد لخلق قطاعات قادرة على تحقيق دخل تكفي للاستهلاك مع دخول عصر فقدان النفط لقيمته الاقتصادية، اي قطاعات قادرة على تحقيق نفس مستوى الدخل الذي يلبي احتياجات السكان الطبيعية، مهمة ليست سهلة، فان هذه القطاعات يجب ان تحقق نفس العائدات التي تكفي احتياجات السكان التشغيلية واحتياجات الدولة الاستثمارية، وللبدء في خلق هذه القطاعات نحن بحاجة الى وقت، في وقت اننا لم نوفر الاساسيات حتى الآن، ولكي نتأكد ان هذه القطاعات قادرة على تحقيق هذا المستوى من الدخل فأننا بحاجة لسنوات لاختبارها وتعديلها وتطوريها وتعزيزها للتأكد من قدرتها على توليد هذا الدخل، وللقارئ أن يتخيل تتخيل هذا الوقت الذي يتطلبه الامر.
في ادناه مجموعة من الحلول التي تعتمد على تغيير فلسفة الدولة بالنظر لمواردها الرئيسة قادرة على خلق تنوع اقتصادي بمزيج بين تدخل موارد الدولة ودعم قطاع الاعمال بالاعتماد على الموارد البشرية المتاحة للبلد:
إعادة تعريف الموارد على مستوى الدولة العراقية، بدلا من اعتماد النفط كمورد أساسي، الذهاب للتركيز على الموارد البشرية التي يتميز بها العراق اذ يتركز هيكل السكان في فئة الشباب كمورد رئيس للبلد.
ثورة في التشريعات التي تخدم قطاع الأعمال لبناء قطاع اعمال محلي قوي يساهم في تحقيق التنوع قادرة على استيعاب القدرات الشابة في البلد
استغلال الطاقة البشرية الشابة الهائلة وتحويلهم الى رجال أعمال قادرين على المساهمة في خلق التنوع بدلا من موظفين تضاف اجورهم الى فاتورة الانفاق الكلي.
تعديل مدخلات سوق العمل لتتناسب مع الوظائف المطلوبة في السوق، واعتماد الأسواق العالمية كمعيار لتعديل المدخلات، وهذا يتطلب تعديلا في التخصصات الجامعية او تدريبا مكثفا منهجيا للقدرات الحالية لجعلها مناسبة للمرحلة اللاحقة.
دفع الشركات القائدة في الاقتصاد المحلي لإنشاء حواضن اعمال وفعالة لاكتشاف الفرص المحققة للقيمة المضافة.
انشاء حواضن اعمال مملوكة للدولة بقدرات مالية عالية تدار بطريقة القطاع الخاص لتمويل المشارع غير القادرة على تمويلها الحواضن الخاصة.
إنشاء صناديق سيادية تركز على الاستثمار في القطاعات الحيوية المحلية والقيام بإنجاز المشاريع التي توصف بانها Mega Project لإعطاء دفعة قوية للاقتصاد وخلق تنوع وفرص عمل.
تحديد القطاعات الاقتصادية المناسبة لحالة الاقتصاد العراقي والتركيز عليها، وطرح أسئلة مهمة مثالها أي السلع لسد الاستهلاك المحلي وايهما للتصدير؟، واي السلع نستوردها؟ واي الأسواق المستهدفة؟ لبناء خطة تستند لميزاتنا النسبية بالنظر الى أسواق أخرى.
تطبيق "مفهوم التنمية من الداخل" والتي تشير الى استخدام الموارد المالية المحلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية واستغلال الوفرة المالية من خلال التركيز على تعبئة الموارد الوطنية والاستفادة من القدرات المحلية لتمويل مشاريع التنمية. من خلال تعبئة الموارد المحلية والاستفادة منها بكفاءة. تشمل هذه الموارد عائدات النفط الخام، الضرائب، المدخرات الوطنية، واستثمارات القطاع الخاص. اهم أهداف تمويل التنمية من الداخل هو تحقيق الاستقلال المالي، اذ يقلل من الاعتماد على القروض الخارجية، مما يمنح الدول القدرة للتحكم في سياساتها الاقتصادية، وتحفيز النمو المستدام، تسهم في بناء قاعدة اقتصادية قوية ومستدامة تعتمد على الموارد المحلية، وزيادة التوظيف، تعزيز الصناعات المحلية، فضلا عن تسخير الوفرة المالية المتوفرة لبلد ما لخدمة التنمية ومصادر تمويل التنمية من الداخل تتمثل بالعائدات النفطية التي تعد اهم مصدر لتمويل التنمية اذ توفر الوفرة المالية ميزة استثنائية لتحقيق مستوى تنمية عالٍ، والنظام الضريبي: تحسين النظام الضريبي لتحقيق إيرادات من الافراد والشركات والقطاع الخاص: تحفيز الاستثمارات الخاصة في المشاريع التنموية من خلال تحسين بيئة الأعمال وتقليل العقبات البيروقراطية، ويتم من خلال حزمة تشريعات قانونية تساعد الاعمال على النمو.
هيكلة القطاع العام وخصخصة الشركات العامة بهدف تحويلها الى شركات رابحة، خالقة لقيمة مضافة فضلا عن التخلص من فواتير انفاقها.
الترويج للبلد في الخارج بشكل منهجي مركز وإعادة بناء انطباع جديد عن الاستقرار الأمني وتوافر فرص استثمارية مهمة وفرص كبرى لتحقيق أرباح استثنائية مما يدفع الشركات للقدوم للعراق وإعادة التفكير بإنشاء مشاريع كبيرة، وهذا يتطلب عملا جادا من وزارة الخارجية.
تطوير القطاع المصرفي لجعله فعالا قادرا على خلق تدفق نقدي داخل الاقتصاد من خلال اجتذاب ودائع محلية او ودائع اجنبية وإعادة توظيفها بسياسات اقراض فعالة.
هذه اخطار محدقة بنا وبأجيالنا القادمة وجب التنبيه لها، وإن لم نبدأ اليوم بشكل جدي مستوعبين المخاطر التي تحيط بالبلد فان مستقبله ليس أفضل من اسوأ دولة إفريقية، وهذا امر بحكم المؤكد. التحديات جدية وخطيرة بنفس الوقت، وهي تتطلب عملا جادّاً وحقيقيا، وأن تبدأ الان بشكلٍ عشوائي يبقى أفضل من أن تبدأ غدا بشكل منظم، ولا نعرف هذا الـ "غدا" متى يحل!
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار عجز المیزان التجاری الطاقة المتجددة الموازنة العامة القطاع الخاص الاعتماد على على الرغم من النفط الخام غیر النفطیة أسعار النفط قادرة على یؤدی إلى من خلال النفط ا فضلا عن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع قياسي لتسرب الميثان من الوقود الأحفوري
رغم الجهود العالمية المتزايدة للحد من الانبعاثات، فإن تلوث غاز الميثان الناجم عن صناعة الوقود الأحفوري بقي قريبا من المستويات القياسية المرتفعة في عام 2024. وقد تزامنت هذه الزيادة مع مستويات هائلة في إنتاج النفط والغاز والفحم، وفقا لتحليل جديد.
ويُشير التحليل الذي أصدرته وكالة الطاقة الدولية، إلى أن معالجة غاز الميثان لا تزال تمثِل إحدى أبسط وأسرع الطرق لتبريد الكوكب، ومع ذلك فإن التقدم بطيء.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الصين بين طموحات الطاقة النظيفة وإشكالية الفحم والمعادن النادرةlist 2 of 4دراسة: 10% من الأغنياء مصدر ثلثي ظاهرة الاحتباس الحراريlist 3 of 4170 دولة لم تحدّث أهدافها المناخية قبل مؤتمر الأطرافlist 4 of 4أعشاب البحر.. مخازن الكربون التي تتعرض للتآكلend of listوحذر التقرير من أن العديد من البلدان لا تبلغ عن المعلومات الحقيقية عن تسربات غاز الميثان، وخاصة من البنية التحتية للطاقة مثل خطوط الأنابيب ومعدات الحفر والمواقع المهجورة.
ويعدّ الميثان، المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، مساهما رئيسيا في ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون في منع الحرارة من التسرب إلى الغلاف الجوي للأرض.
ويأتي الميثان في المرتبة الثانية بعد ثاني أكسيد الكربون من حيث مساهمته في تغير المناخ. ولكن على عكس ثاني أكسيد الكربون، لا يبقى في الغلاف الجوي لقرون، بل يتحلل في غضون عقد تقريبا، مما يعني أن خفض انبعاثاته قد يحدث تحسنا سريعا في المناخ.
ومع ذلك، لا تزال الحكومات تعجز عن الوفاء بوعودها. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن انبعاثات الميثان الفعلية من قطاع الطاقة أعلى بنحو 80% مما تُبلغ عنه الدول للأمم المتحدة، وهو ما اعتبرته فجوة هائلة.
إعلانويشير تقرير الوكالة إلى أن قطاع الطاقة وحده مسؤول عن نحو ثلث إجمالي انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن الأنشطة البشرية، كما أن جزءا كبيرا من تلك الانبعاثات ناجم عن تسرّبات غالبا ما تمر دون أن تلاحظ أو يبلّغ عنها. وقد تحدث أثناء الصيانة أو نتيجة لخلل في البنية التحتية وفي كثير من الحالات، يكون إيقافها بسيطا للغاية وبتكلفة معقولة.
وتشير أحدث البيانات إلى أن تنفيذ برنامج الحد من انبعاثات غاز الميثان لا يزال أقل من الطموحات، وهو ما أكده المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول.
ففي عام 2024، أطلق قطاع الوقود الأحفوري أكثر من 120 مليون طن من غاز الميثان، وهو ما يقرب من الكمية القياسية المسجلة في عام 2019.
وتصدّرت الصين القائمة، ويعود ذلك أساسا إلى صناعة الفحم، وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية مدفوعة بتكثيف إنتاجها من النفط والغاز، تليها روسيا ثم تركمانستان.
وحسب التقرير لا يتسرب غاز الميثان فقط من الحقول العاملة حاليا، بل أيضا آبار النفط القديمة المهجورة ومناجم الفحم التي تعد أيضا من الأسباب الرئيسية للانبعاثات.
ويقول التقرير إن تم اعتبار هذه المصادر المنسية دولة، فإنها ستحتل المرتبة الرابعة من حيث أكبر مصدر لانبعاثات غاز الميثان، حيث كانت مسؤولة عن إطلاق 8 ملايين طن من غاز الميثان في العام الماضي وحده.
وتتولى وكالة الطاقة الدولية رسم صورة أوضح لتلوث الميثان عبر تقنية الأقمار الصناعية، حيث يقوم أكثر من 25 قمرا صناعيا بمسح الكرة الأرضية بحثا عن أعمدة الميثان. ويمكنها اكتشاف التسربات فور حدوثها، حتى في المناطق النائية.
ويأتي نحو 40% من الميثان من مصادر طبيعية كالأراضي الرطبة. أما الباقي، وخاصة من الزراعة والطاقة، فيمكن السيطرة عليه، ويتفق العلماء على أن الميثان الناتج عن الوقود الأحفوري هو الأسهل معالجةً.
إعلانوتعهدت أكثر من 150 دولة بخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030. وحددت العديد من شركات النفط والغاز أهدافا لعام 2050، ولكن حتى الآن كان التقدم الفعلي مخيبا للآمال.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن خفض انبعاثات الميثان من الوقود الأحفوري قد يمنع نحو 0.1 درجة مئوية من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بحلول عام 2050. وذكر التقرير أن "هذا من شأنه أن يكون له تأثير هائل، مماثل للقضاء على جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الصناعة الثقيلة في العالم بضربة واحدة".
ويمكن عمليا للتقنيات الحالية خفض 70% من انبعاثات غاز الميثان في قطاع الطاقة، ولكن عمليا يفي 5% فقط من إنتاج النفط والغاز العالمي الحالي بمعايير انبعاثات غاز الميثان القريبة من الصفر.
ويشير مركز أبحاث الطاقة "إمبر" إلى أنه من أجل تحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفري، يجب خفض انبعاثات الميثان الناتجة عن الوقود الأحفوري بنسبة 75% بحلول عام 2030.
وفي ظل مساع دولية للحد من أضرار المناخ، يُعدّ خفض انبعاثات الميثان أمرا بديهيا، ولكن ما لم تأخذ الحكومات والصناعة المرتبطة بالوقود الأحفوري هذا الأمر على محمل الجد وفي أقرب وقت، فإن فرصة تجنب أسوأ آثار الاحتباس الحراري ستظل تضيق، حسب التقرير.