القدس العربي تتساءل: ماذا عن مأرب وإمكانية استئناف الحرب في اليمن؟
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
ماذا يحدث على تخوم مدينة مأرب شمال شرقي اليمن، انطلاقًا مما يتم تداوله إعلاميًا من طرف واحد؟ سؤال يفرض نفسه في ظل ما يصدر عن منابر إعلامية محسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًا من أخبار عن مواجهات وتحشيد للحوثيين، وهو ما لم يصدر به تأكيد من قبل الحوثي الأمر الذي يستدعي التوقف قليلًا لمعرفة احتمالات ومآلات استئناف الحرب في اللحظة الراهنة.
في حال أقررنا أن الجميع يريد الحرب، فالحرب لن تخدمهم في الوقت الراهن إلا في استثمار الخارج لصالح استمرار سلطات الحرب في مواقعها مزيدًا من الوقت، لكن في الواقع ستذهب البلد، في حال استئناف الحرب، إلى مزيد من الخراب ومتواليات من الخسائر، فالسنوات العشر الماضية كانت درسًا كافيًا للحرب وللأحرب أيضًا، لا سيما وقد استخدمت في حرب السنوات الماضية آخر ما وصلت تقنيات الأسلحة بما فيها المحرمة دوليًا، ولم يتم حسمها، إذ لا يمكن أن تُحسم حرب في بلد كاليمن لصالح طرف، إضافة إلى أنه صار بلدًا ممزقًا لم يعد لديه ما يخسره، وسيزداد انقسامًا على بعضه في حال تدخل طرف خارجي في محاولة لحسم الحرب في ظل ما هي عليه حساسية اليمنيين للخارج، ما يجعل مما يحصل حاليًا ليس سوى ممارسة ضغوط للحصول على مكاسب سياسية، لأن جميع الأطراف تعرف جيدًا أن اليمن لا يمكن أن يتغلب فيه طرف، وما حصل في مراحل سابقة كانت استثناءات أعادت تفخيخ البلد لدورات صراع تالية كحرب صيف 1994 مثلًا.
كما أن اليمن لا يمكن أن يحكمه غير التنوع الذي يمثل تعدده، علاوة على أن السلام لا يُدار بمن أدار الحرب، مما يجعل الحل هو أن يجلس الجميع على الطاولة، ويضعوا وحدة واستقرار اليمن وسيادة قراره هدفًا واضحًا لا يمكن التنازل عنه، بما فيها الوحدة، على الأقل خلال المرحلة الانتقالية، ريثما يتفق اليمنيون لاحقًا على صيغة جديدة للحفاظ على بلدهم، وترميم جروحه، وإعادة إعماره، بما يتجاوز به حالة التشظي والتمزق، والانتقال من المراهنة على الخارج والرضوخ له إلى المراهنة على مقدرات الداخل، وتحقيق تطلعات اليمنيين في دولة مدنية تحفظ لهم استقلال قرارهم السيادي، وتمكنهم من بناء بلدهم، بما يحفظ كرامة التنوع كمواطنة ووطن وحرية واستقلال.
بلا شك أن الوضع الراهن ضمن لمكونات عديدة وضعًا هو أفضل بكثير من وضع ما بعد السلام، فالميزانيات المستقلة دون رقيب، والانفراد في إدارة ما تحت اليد دون حسيب، وتشكيل قوة عسكرية مستقلة تحظى بتمويل خارجي (على عين الجميع) دون خجل، هو وضع لا أعتقد أن هناك مَن سيعمل على تجاوزه بالحرب، ولا سيما وهو يعرف أن وضع اللاسلم واللاحرب ضامن حقيقي لتكريس تمزق البلد لصالح سلطات الحرب، وهو وضع يحظى بدعم خارجي بلا شك، مما يجعل اليمنيين معنيين بالتزام دعوة السلام والحوار والتأسيس ليمن قوي مستقل يحدد أبناؤه ملامح مستقبله.
بالتأكيد أن لصوت السلام معارضين كثر، وينطلقون في رفضهم له من اعتبارات فحواها الرفض المطلق للآخر، والاستفادة من وضع الحرب، والرغبة في الحكم خلال ما بعد الحرب بوعي ما كانت عليه الحرب، ومثل هذا الوعي يمثل تفخيخًا للمستقبل.
ماذا لو تخلت كل السلطات القائمة عن رعبتها بممارسة السلطة خلال ما بعد الحرب، عندئذ سيكون اليمن قد وجد طريقه إلى السلام.
عن احتمالات استئناف الحرب، يقول نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، عبدالباري طاهر، لـ»القدس العربي»: «إن المنطقة كلها، وجزء من العالم مشغول اليوم بما يجري في غزة وفي العالم. وفيما يتعلق بالحرب اليمنية، فالآن السعودية هي نفسها مهددة ومشغولة بما هو أهم، خصوصًا بعد تصريح نتنياهو، وهو يتكلم عن التهجير إلى أراضي المملكة العربية السعودية. الوضع مختلف اليوم».
وأضاف: «مشروع ترامب يمثل تهديدًا للمنطقة كلها، بل هو يهدد، أيضًا، بسياساته العالم. استئناف الحرب في اليمن أصبح صعبًا في الأوضاع الراهنة، ثم أن الأطراف في اليمن، أقصد الأطراف الأساسية في الحرب بعد الحرب الأهلية، أصبحت هي السعودية وإيران. لكن السعودية وإيران الآن في وضع آخر، إيران مهددة، والسعودية هي الأخرى أيضًا مهددة، مما يعني أن احتمالات الحرب في اليمن بعيدة».
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن مأرب الحوثي الحكومة حرب استئناف الحرب الحرب فی فی الیمن لا یمکن
إقرأ أيضاً:
لاحرب ولاسلم ..غروندبرغ يُحذّر من تجدد انزلاق اليمن نحو الحرب: الوقت ليس في صالحنا
صنعاء (الجمهورية اليمنية) - أحمد الأغبري - حذّر المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، أمس الخميس، في إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي بشأن التطورات الأخيرة في اليمن، أن هناك إجماع عام على أن التسوية التفاوضية وحدها هي القادرة على حل النزاع هناك، وتوفير الضمانات التي تحتاجها المنطقة، بما في ذلك البحر الأحمر، قائلًا: «سيكون دعم المنطقة، إلى جانب المجتمع الدولي، حاسماً في التوصل إلى حل مستدام لليمن»، حسب القدس العربي.
وحذّر من مغبة استمرار الوضع الراهن في البلاد مع ظهور مؤشرات احتمال اتساع دائرة التصعيد العسكري واستئناف الحرب الشاملة: «إن الوقت ليس في صالحنا. فالظروف قابلة للتغير بسرعة وبشكل لا يمكن التنبؤ به. ولا تزال الجبهات المتعددة في جميع أنحاء اليمن هشة، وتنذر بخطر الانزلاق نحو تجدد الاشتباكات».
كما حذّر من خطورة الوضع في مأرب: «تُعد مأرب، على وجه الخصوص، مصدر قلق في الوقت الحالي، مع ورود تقارير عن تحركات للقوات واندلاع اشتباكات بين الحين والآخر، الى جانب أنشطة متفرقة في الجبهات الأخرى في محافظات الضالع والحديدة ولحج وتعز».
لكن المبعوث الأممي لليمن قال إن مكتبه «يواصل متابعة التطورات في الجبهات، والتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من جميع الأطراف، وتقديم بدائل تحول دون العودة إلى نزاع واسع النطاق».
وتوقف أمام تأثير التصعيد الإقليمي على صعيد خسارة بعض مكاسب هدنة 2022: «بعد اتفاق وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وأنصار الله، قام أنصار الله بشن هجمات متعددة في الشهر الماضي على أهداف في إسرائيل، بما في ذلك مطار بن غوريون. ورداً على ذلك، شنّت إسرائيل خلال الأسابيع الماضية غارات على ميناء الحديدة وميناء الصليف ومطار صنعاء الدولي، مما أدى إلى تدمير طائرة مدنية».
يشار إلى أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على اليمن دمرت ثمان طائرات، منها طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية، وفق مدير مطار صنعاء الدولي، واستهدفت موانئ ومصنعي اسمنت ومحطات كهرباء خلال مايو /أيار ويونيو/ حزيران.
وقال غروندبرغ: «نشهد الآن وضعاً لا يتمكن فيه اليمنيون المقيمون في مناطق سيطرة أنصار الله من السفر جواً من مطار صنعاء لتلقي العلاج في الخارج، أو لأداء فريضة الحج، أو لزيارة عائلاتهم. كان هذا أحد أهم مكاسب السلام التي حققتها هدنة عام 2022، وقد ساهم في إرساء قدر من الشعور بعودة الحياة الطبيعية بين المدنيين وأملاً بمستقبل أفضل».
كما قال المبعوث الأممي لليمن: «التقيتُ بممثلين عن كلٍّ من الحكومة اليمنية وأنصار الله، بالإضافة إلى جهات إقليمية فاعلة رئيسية مثل مصر وإيران وعُمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة». وأكد غروندبرغ أن «هناك إجماع عام على أن التسوية التفاوضية وحدها هي القادرة على حل النزاع في اليمن وتوفير الضمانات التي تحتاجها المنطقة، بما في ذلك البحر الأحمر».
وقال هانس غروندبرغ: «يتكامل هذا الجهد مع عملنا المستمر على وضع خارطة طريق تساعد اليمن على تجاوز انقساماته الحالية، وتؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار، وتدابير اقتصادية حاسمة، وعملية سياسية جامعة».
ونوه بتأثير ما اسماها الديناميكيات الإقليمية في اليمن، قائلاً: «لطالما لعبت الديناميكيات الإقليمية دوراً محورياً في تاريخ اليمن، وكذلك في مساره الحالي. وسيكون دعم المنطقة، الى جانب المجتمع الدولي، حاسماً في التوصل إلى حل مستدام لليمن».
وأشار إلى «بوادر أمل شهدها الشهر الماضي في إعادة فتح طريق الضالع، وهو طريق رئيسي يربط بين عدن وصنعاء. وأشيد مجدداً بالميسّرين المحليين في الجبهات الذين عملوا جاهدين لتحقيق ذلك».
وقال «إن الأمم المتحدة تجري حالياً أعمال استطلاعية أولية لضمان سلامة المجتمعات المستخدمة لهذا الطريق، بدعم من المجتمع المدني ومن مكتبي»؛ حاثًا «الأطراف على حماية هذا الإنجاز»، معربًا عن الأمل في «أن يُفضي ذلك إلى فتح المزيد من الطرقات»، مؤكدًا «أن اقتصاد اليمن في أمسّ الحاجة إلى خطوات إيجابية وبناءة للثقة كهذه».
وزاد مؤكدا: «ولكي يتمكن اليمن من الخروج من أزمته الاقتصادية الحالية، يتعين على الأطراف التخلي عن التوجهات ذات المحصلة الصفرية، والاتجاه نحو البراغماتية والتسوية».