الغزاويون ومشروع التهجير الأمريكي
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
ما تزال تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مشروع التهجير لأبناء قطاع غزة وبعض مناطق الضفة الغربية إلى مصر والأردن، تحت شماعة إفساح المجال لإعادة إعمار قطاع غزة، تتصدر دائرة اهتمام وسائل الإعلام الدولية والإقليمية والعربية، حيث شكلت تصريحات ترامب الاستفزازية غير المسؤولة، سابقة خطيرة أعادت للأذهان ما قامت به بريطانيا من خلال ما يسمى بوعد بلفور، وكشف ترامب بكل وضوح أن أمريكا وكيان العدو الصهيوني على تنسيق مشترك فيما يتعلق بهذا المشروع الاحتياطي الخاص بتهجير سكان قطاع غزة في حال فشل مشروع التهجير القسري من خلال الجرائم الوحشية التي مورست بحقهم والتدمير الممنهج الذي طال القطاع خلال حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها، حيث جاء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ليخلط الأوراق على الأمريكي والإسرائيلي، مما دفع بالأول للذهاب نحو الإفصاح عن خطة التهجير الاحتياطية التي تكرس السياسة الأمريكية القائمة على العنجهية والهمجية والتسلط والانتهاك السافر للحقوق والحريات، للحد الذي تصل الجرأة والوقاحة لهذه الإدارة بالحديث عن ضرورة تهجير أهالي غزة إلى مصر والأردن بذريعة إفساح المجال أمام إعادة الإعمار، التي قال ترامب بأنها قد تستغرق أكثر من خمسة عشر عاما، وهو مبرر كاذب وغير منطقي على الإطلاق .
هذا المعتوه الأمريكي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بشأن ملف المهاجرين غير الشرعيين المقيمين على الأراضي الأمريكية وسارع فور توليه مهام الرئاسة بترحيل مجاميع منهم إلى بلدانهم، يأتي وبكل وقاحة متحدثا عن مشروع تهجير أهالي غزة إلى مصر والأردن، وممارسة الضغوطات على القيادتين المصرية والأردنية للقبول بذلك، في مفارقة عجيبة غريبة، متناسيا أن أهالي غزة هم أصحاب الأرض ولا توجد قوة على وجه المعمورة تمتلك الحق في تهجيرهم عنها، وتمكين المحتل الصهيوني الغاصب من الإقامة عليها، وضمها إلى أراضي فلسطين المحتلة، وهذا هو المستحيل الذي لم ولن يكون بإذن الله وعونه وتأييده .
غزة وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فلسطينية الهوى والهوية، ولا يمكن التفريط بأي شبر منها، والمقاومة الفلسطينية بكل حركاتها تعمل جاهدة على عودة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في دول الشتات كحق شرعي لا يسقط بالتقادم ولا يمكن التنصل عن المطالبة به والسعي لتحقيقه على أرض الواقع، وما عجزت أمريكا وإسرائيل عن تحقيقه من خلال حرب الإبادة التي شنتها على قطاع غزة على مدى خمسة عشر شهرا، لا يمكنهما تحقيقه من خلال مشروع ترامب السخيف وغير العقلاني المردود عليه، والذي قوبل بحالة غير مسبوقة من الإدانة والاستنكار والسخرية والاستهجان على المستويات الدولية والإقليمية والعربية .
المواقف العربية المصرية والأردنية والسعودية الرافضة لمشروع ترامب الغوغائي كانت هي الأكثر تناولا في وسائل الإعلام، حيث شكل الرفض المصري والأردني صدمة قوية للرئيس الأمريكي وللكيان الصهيوني، وزاد الموقف السعودي الرافض لهذا المشروع المشهد سخونة ما دفع بالنتن ياهو من واشنطن للحديث عن ضرورة قيام السعودية بمنح أبناء غزة مساحة واسعة من أراضيها للإقامة عليها، في أسلوب تهكمي مشبع بالسخرية والاستفزاز والاستهزاء بالسعودية، وإذا ما صمدت مصر والأردن والسعودية وظلت متمسكة بمواقفها الرافضة لمخطط التهجير لأبناء غزة فإننا سنكون أمام حدث هام، ومتغير خطير، قد يقود إلى رسم خارطة تحالف عربي جديد مناهض للمشروع الأمريكي الصهيوني الذي يستهدف المنطقة برمتها من أجل إقامة ما يسمى ( إسرائيل الكبرى ) .
وأمام الهمجية والعنجهية الأمريكية تبرز المواقف الدولية على المستوى الرسمي والشعبي المستهجنة لهذا المنطق الأمريكي السخيف الذي داس عليه الغزاويون بأقدامهم، وردوا عليه بطريقتهم، وأفشلوه بعمق وعظمة الانتماء والارتباط بأرضهم، والذي عكسته تلكم المشاهد التي تشرح الصدور وتريح القلوب وتبعث على الارتياح والسعادة للنازحين جراء العدوان على غزة و هم يزحفون بمئات الآلاف في طريق عودتهم من جنوب ووسط غزة إلى مناطقهم المدمرة كليا في شمالها بكل شموخ وعنفوان وإباء، ليؤكدوا للعالم بأسره بأن غزة ستظل وستبقى فلسطينية، وأنهم باقون فيها، ولن يغادروها، ولا يمكن القبول أي مشاريع لإعادة الإعمار تتضمن تهجيرهم من مناطقهم لحين الانتهاء من ذلك، حيث تتسع رقعة المواقف الدولية المستنكرة لسخافات ترامب والرافضة لها بوصفها غير منطقية ولا يمكن القبول بها على الإطلاق، علاوة على كونها مخالفة لكافة القوانين واللوائح والأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية، وهو الأمر الذي يجعل ترامب ومشروعه السخيف في مواجهة حملة رفض عالمية غير مسبوقة .
الخلاصة.. غزة وأهلها صامدون وثابتون ثبوت الجبال الرواسي، و المجتمع الغزاوي عصي على مشاريع التهجير والاجتثاث والاقتلاع، غزة ستظل حية وعامرة بأهلها، ووحدهم الصهاينة من سيغادرونها نهائيا ولن يكون لهم أي تواجد على أراضيها، غزة ستظل عربية فلسطينية رغم أنف ترامب والنتن ياهو ومن دار في فلكهما، ولن يحصد مهفوف أمريكا سوى الفشل لا سواه من مشروعه المشبع بالنزعة العنصرية والاستبدادية الهمجية التي يعافها كل الأحرار على امتداد المعمورة .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ماذا يمكن أن يفعل المرشح الذي عينه ترامب في بنك الاحتياطي الفيدرالي؟
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، تقريرًا، ناقشت فيه، ما وصفته بـ"سيناريو تعيين دونالد ترامب، لرئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي "الفيدرالي الأمريكي" في حال تمكن من إقالة جيروم باول، رغم أن ذلك غير قانوني ما لم يثبت وجود سبب مشروع".
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "إقالة دونالد ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، تُعد خطوة معقدة قانونيًا، ولا يمكن تنفيذها إلا بوجود سبب مشروع، ما دفع ترامب للتفكير في توجيه تهمة احتيال كغطاء قانوني محتمل".
وأضافت: "رغم ما قد تسببه مثل هذه الخطوة من اضطراب واسع في الأسواق المالية"، مبرزة أنّ: "صلاحيات رئيس الاحتياطي الفيدرالي تستند إلى أعراف توافقية بين مجلس المحافظين واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، أكثر من اعتمادها على القانون".
وأوضحت: "تضم اللجنة أعضاء مجلس المحافظين ورئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وأربعة رؤساء بنوك إقليمية بالتناوب، وغالبًا ما تصدر قراراتها بالإجماع، ما يعكس تقليدًا باتباع القيادة".
"إذا استمر هذا النمط من السلوك، واستطاع الرئيس الجديد المعيَّن من قبل ترامب (والأرجح أنه سيكون رجلًا) أن يحشد أصوات مجلس المحافظين، فسيكون بيده مجموعة من الصلاحيات المهمة" بحسب التقرير نفسه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ: "رئيس الاحتياطي الفيدرالي المُعيَّن من قِبل ترامب سيتمكن من تحديد سعر الفائدة على الاحتياطيات ومتطلبات الاحتياطي، وهي أدوات رئيسية في توجيه السياسة النقدية. ورغم أن تحديد هذه الأسعار عادةً ما يتم بناءً على قرارات لجنة السوق المفتوحة، إلا أن مجلس المحافظين يمتلك الصلاحية القانونية لوضعها، ما يمنح الرئيس الجديد نفوذًا فعليًا على السياسة النقدية".
وأضافت أنه: "سيكون بوسع الرئيس المعيّن تعيين المستشار القانوني العام للاحتياطي الفيدرالي، وهو الشخص المسؤول عن إبلاغ مجلس المحافظين بما يمكنهم فعله قانونيًا وما لا يمكنهم فعله. وقد تؤدي مرونة هذا المستشار في تأويل القوانين وتوسيع حدودها التقليدية إلى تمكين رئيس فيدرالي متشدد من استخدام صلاحيات واسعة وغير مسبوقة".
إلى ذلك، تابعت أنّ: "الرئيس المعيّن من قِبل ترامب يمكنه مراجعة تعيين رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية، ما يتيح له تعزيز نفوذه داخل لجنة السوق المفتوحة وضمان تمرير سياسات نقدية غير تقليدية، مثل طباعة الأموال لتمويل مشاريع كبرى، شرط تأمين الأصوات اللازمة".
وذكرت الصحيفة أنّ: "رئيس الاحتياطي الفيدرالي المعيَّن من قبل ترامب، إذا استطاع التحكم في أصوات لجنة السوق المفتوحة، فبإمكانه تحديد الدول المخوّلة باستخدام خطوط المبادلة وشروط الوصول إليها"؛ فيما اعتبرت الصحيفة أنّ: "هذه الخطوط تُشكّل شريان الحياة للنظام المالي العالمي بأكمله"، مشيرة إلى: "صعوبة تخيّل أداة ضغط أكبر من ذلك بيد الإدارة الأمريكية".
وأفادت الصحيفة أنّ: "السؤال المحوري هو ما إذا كان رئيس يعينه ترامب سيتمكن من حشد أصوات مجلس المحافظين لتمرير سياساته. ويُرجّح أن المجلس الحالي لن يتعاون معه، إذ إن خمسة من أعضائه عُيّنوا من قبل بايدن أو أوباما ويملكون فترات ولاية طويلة، ما قد يعيق تنفيذ أجندة ترامب النقدية ما لم يُبدّل تركيبة المجلس بالكامل".
واختتمت الصحيفة، تقريرها، بالتحذير من أنّ: "إقالة ترامب لرئيس الفيدرالي قد تمهد لإقالة باقي أعضاء مجلس المحافظين واستبدالهم بموالين، ما يمنحه نفوذًا واسعًا لطباعة الأموال أو تعطيل خطوط المبادلة النقدية، ما يهدد النظام المالي العالمي. ورأت أن الكونغرس قد يكون العقبة الوحيدة أمام هذا التوسع في السلطة، لكنها لم تُبدِ تفاؤلًا كبيرًا بذلك".