يقال ان نامبيا أرض خلقها الله في لحظة غضب، ولكن من حسن حظها ان خلق الإله المحيط الاطلنطي ليلتقي بصحراء كلهاري تلك الصحراء المجحفة في حق الانسان والتي تعاني من نقص في الحنان تجاه البشر، لكن انسان نامبيا قهر صحراء كلهاري وكان هو الأعظم.

إلى أرض نامبيا جاء المستعمرون والمستوطنين الألمان الذين أخذوا الارض من اصحابها بقوة السلاح وأقاموا محارق للإبادة الجماعية للسكان المحليين يندى لها جبين الانسانية، وجرى تغافلها واطبق حولها الصمت وأقيم نظام عنصري بالحديد والنار والحروب، ثم تولي نظام التفرقة العنصري لجنوب أفريقيا أمر نامبيا.



يستمد سام نيجوما أهميته وأهمية نضال جبهة (سوابو) من هذه الخلفية المأساوية التي شكلت نضال وتاريخ شعب نامبيا، ولد سام نيجوما في ١٢ مايو ١٩٢٩ ورحل في ٨ فبراير ٢٠٢٥، لم يكن دكتور سام نيجوما انساناً عادياً بل كان مناضل من أجل الحرية وقاد جبهة سوابو التي حققت استقلال نامبيا في مارس ١٩٩٠ بعد نضال شرس ضد النظام العنصري في جنوب أفريقيا والمستوطنين الألمان وداعميهم في الخارج.
ذكر دكتور سام نيجوما كيف تعلم وتشرب الكفاح وكيف تأثر بالمقاومة البطولية لزعماء القبائل وابطال السكان الأصليين في مقاومتهم الباسلة ضد المستوطنين الألمان الذين استولوا على أراضيهم، وقضية الارض لا تزال قضية ملتهبة في اكثر من بلد من بلدان الجنوب الأفريقي، ونتابع هذه الايام التدخل الفظ لايلون ماسك أغنى انسان في الكرة الأرضية في قضية الارض في دولة جنوب افريقيا وهي أهم قضايا ما بعد نظام الفصل العنصري وتحُول دون اكتمال قضية العدالة الاجتماعية والتحرر من اثار النظام العنصري.

في السنوات الأولى عمل سام نيجوما في السكة حديد ثم واصل دراسته وأسس مع زملائه حركة سوابو التي انجزت الاستقلال.
خارج الصور التذكارية الرائعة التي تركها نيجوما وزعماء حركات التحرر الوطني الافريقي تظل الاسئلة الكبرى لقضايا النضال التحرري ما بعد الكولونيالية وكيفية استكمال التحرر والبناء الوطني والاستقلال الاقتصادي والسياسي للقارة الافريقية والعالم العربي وماذا تبقى من ارث حركات التحرر الوطني؟ ولماذا لم تنجز هذه الحركات على نحو حاسم مشروع للعدالة الاجتماعية والحرية السياسية؟ وما هو الطريق للتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تتبعه أنظمة هذه الحركات الحاكمة؟ ولماذا انزوت الأحلام الكبيرة لحركات التحرر الوطني؟ ولماذا تراجع النضال من أجل القضايا الكبرى وحلت محله الصراعات الاثنية والحروب والقتل على الهوية؟

كان دكتور سام نيجوما أيقونة نضال شعب نامبيا وأمضى ثلاث عقود في المنفى وقاد النضال السياسي والكفاح المسلح وتلقى أول شحنة سلاح من جمهورية الجزائر في عام ١٩٦٦ مرت عبر الاراضي السودانية، وقد قام بزيارة للسودان في سنوات النضال وتلقى دعم السودان وظل يكن احتراماً عميقاً للشعب السوداني وربطته علاقة بالحركة الشعبية لتحرير السودان وبالدكتور جون قرنق دي مابيور، وقد كان للحركة الشعبية مكتباً في نامبيا بعد استقلالها.

حكم دكتور سام نيجوما نامبيا لمدة ١٥ عاماً من ١٩٩٠-٢٠٠٥، وقبِل بالانتقال السلمي الديمقراطي وانهى مسيرته على نحو جيد يليق بمساهمته التاريخية وظل يتمتع بنفوذ كبير ويحظى باحترام واسع حتى لحظة رحيله.

يظل السؤال قائماً لماذا لم تتمكن البلدان التي صارعت الكولونيالية في أفريقيا والعالم العربي وبلدان الجنوب من تقديم رؤية وقيادة بقدر التحديات في فترة ما بعد الكولونيالية؟

في بلادنا السودان هذه الايام، أيام الحرب وقبلها لماذا لم نعد على نحو جماعي ومنظم نتابع قضايا التحرر الوطني والتضامن مع الشعوب المظلومة ودعم حركات المقاومة ضد الاحتلال بشكل يماثل ارث الحركة الوطنية والتقدمية من قبل؟
في رحيل دكتور سام نيجوما وعند قبره سيأتي الجميع بالأزهار والورود مع حزمة أسئلة حركات التحرر الوطني الكبرى وكيفية مواصلتها للنضال في أزمنة مختلفة ومتغيرات وتحديات جديدة خلفت بصماتها على اليقين الفكري والفلسفي حول كثير من مفاهيم وقضايا التحرر الوطني.

أخيراً ليرقد دكتور سام نيجوما بسلام في أرض بلاده التي حررها فقد أدى واجبه على أكمل وجه وما تبقى لأجيال حاضرة وقادمة.

١٠ فبراير ٢٠٢٥

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أعضاء مجلس النواب يشاركون في جلسات البرلمان الأفريقي ومناقشات حول الذكاء الاصطناعي والابتكار الرقمي

يواصل أعضاء مجلس النواب المشاركون في البرلمان الأفريقي، السادة “يوسف الفاخري”، “سالم قنان”، “عبد القادر يحيى”، “صالح قلمة”، و”أسماء الخوجة”، مشاركتهم في جلسات البرلمان الأفريقي المنعقدة في مدينة ميدراند بجنوب أفريقيا.

حيث شهدت الجلسة عرض العديد من الموضوعات الهامة المتعلقة بتطوير القارة، منها بناء إطار قاري للذكاء الاصطناعي، سيادة البيانات، والابتكار الرقمي المسؤول. كما تم مناقشة تقرير القمة البرلمانية بشأن الذكاء الاصطناعي وحماية البيانات والخصوصية، فضلاً عن قضايا الصحة الرقمية والتصنيع الذكي في أفريقيا.

وفي إطار الجلسة، ألقى النائب “سالم قنان” مداخلة بارزة رحب خلالها بالعروض المقدمة حول الذكاء الاصطناعي والصناعة الرقمية، مشيراً إلى أنها تساهم في تقدم القارة الأفريقية.

كما دعا إلى تمكين الشباب الأفريقي في مجال التكنولوجيا، مؤكداً على أهمية الاستثمار في تطوير مهاراتهم في مجالي الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي.

وشدد النائب قنان على ضرورة أن تتجاوز أفريقيا مرحلة الاستهلاك إلى الابتكار، مشجعاً القارة على ابتكار مستقبلها التكنولوجي والتحكم فيه. وفي ختام مداخلته، دعا إلى اتخاذ خطوات حاسمة نحو الابتكار بقيادة أفريقية لتحقيق الاستقلال الرقمي.

مقالات مشابهة

  • مفكر فرنسي إيراني: الإذلال محرك التاريخ والمقاومة طريق التحرر الوحيد
  • عن براك... ماذا قال رئيس المجلس الوطني للاعلام؟
  • اجتماع لبحث تسريع وتيرة التكامل الاقتصادي الأفريقي بالدار البيضاء
  • نواب ليبيا يشاركون في مناقشات البرلمان الأفريقي حول الذكاء الاصطناعي والابتكار الرقمي
  • أعضاء مجلس النواب يشاركون في جلسات البرلمان الأفريقي ومناقشات حول الذكاء الاصطناعي والابتكار الرقمي
  • أعمالك رح تبقى خالدة..جورج وسوف ينعي زياد الرحباني
  • نيران متعمدة تلتهم ما تبقى من هور الحويزة بهدف تحويله لحقل نفطي
  • الاتحاد الأفريقي يرحّب بقرار فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين
  • ماذا تبقى من الأسى يا غزة ؟
  • الفتح يسعى لشراء ما تبقى من عقد عبدالله رديف مع الهلال