تابع "ملتقى التأثير المدني" قبل ظهر اليوم مسار "الحوارات الصباحيَّة" الشهريَّة بانعقاد اللقاء الثاني عشر في فندق جفينور – روتانا الحمرا تحت عنوان "لبنان ودولة المواطنة: ديبلوماسيّة الأمن القومي والحياد الإيجابي". وحضر اللقاء نخبة من الشخصيات الأكاديمية، والإدارية، والقانونية، والدستورية، والثقافية، والفكرية، والقضاة، والضباط المتقاعدين، والإعلاميات والاعلاميين، وناشطاتٍ وناشطين في المجتمع المدني ورئيس وأعضاء الهيئة الإداريّة للملتقى.
وقائع اللقاء في بداية اللقاء
الذي قدّمت له الإعلاميّة أوغيت سلامة، ونقل مباشرة على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصّة بالملتقى، كان النشيد الوطني اللبناني، وبعده وثائقي تعريفي عن "ملتقى التأثير المدني"، ومن ثمَّ وثائقي إستعراضي للِّقاء الحادي عشر الذي عقد تحت عنوان: "لبنان والمواطنة: نحو دولة حكم القانون".
كلمة رحمة بعدها كانت كلمةّ عضو مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني فادي رحمة الذي قال: "مرَّة جديدة ها نحنُ اليوم معًا في اللّقاء الثاني عشر من مسار الحوارات الصّباحيّة، وقد كان ملتقى التأثير المدني قد أطلق مع "مركز البحوث والدراسات الاستراتيجيَّة في الجيش اللُّبناني" عامي 2014 و 2015 مسارًا للتفكير بمضامين أمن
لبنان القومي، كما ورد الحياد الإيجابي في إعلانه حول مبادئ المواطنة الذي أقرَّهُ العام 2017 في بنده الرابع عشر: الحيادُ الإيجابي تجاه قضايا ونزاعات الإقليم المتشظي وإنتهاج سياسة خارجية شفافة في إطار المصلحة القومية والأمن القومي، ونبذ العنف ضمانةٌ لبقاءِ لبنانَ العربي التعدّدي المتنوع والمنفتح، واستمرارٌ لدوره الحضاري في كافة الميادين وتعميمٌ لإنموذجه الديمقراطي في العيش بسلام والتداول الدوري في السلطة". وإنتهى الى القول: "إنَّ ديبلوماسيَّة الأمن القومي والحياد الإيجابي يُنقِذان لبنان. إنّه زمن تصويب المفاهيم وتصويب المسارات، إنّه زمن العَوْدَة إلى الدّولة. إنّه زمن الشرعيَّة.وهذا عهدٌ علينا ووعد".
كلمة خليفة ثمَّ تحدث ميسّر الحوار الدّكتور علي خليفة وقال: "لطالما اعتُبر لبنان نموذجًا فريدًا في المنطقة العربية، حيث التنوع مؤهلٌ ليكون مصدر غنى في مجتمع سمته الإنفتاح والحريات، وتتفاعل فيه الثقافات والأديان. ولئن كانت آمال اللبنانيين وأمانيهم تستنهض عند كلّ منعطف روح الشعب الذي يتوق إلى إحياء تجربته، فإن دولة المواطنة هي الهدف المنشود والمشروع المرتجى الذي ينبغي أن يسعى إليه الجميع". أضاف خليفة: "إن دولة المواطنة، هي التي ترتبط بالديمقراطية كنظام سياسي وبمنظومة حقوق الإنسان كمرجعية قيمية. ويتأتى عن ربط المواطنة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ضمان الحريات الفردية والعامة والمساواة بين المواطنين. ودون ذلك، تحديات شتى. ولمقاربة هذه التحديات، تطرح ديبلوماسية الأمن القومي تعزيز سيادة
الدولة من خلال تحصين المؤسسات الأمنية الشرعية من جيش وقوى أمن وشرطة. وتنمية الإقتصاد الوطني كجزء من الأمن القومي لضمان الاستقرار الداخلي. وإقامة النظام السياسي لتعزيز مفهوم المواطنة بدلاً من تعطيل النظام أو الانقلاب عليه نتيجة غلبة طائفية. وتطرح ديبلوماسية الأمن القومي، أخيرًا لا آخرًا، تعزيز علاقات لبنان الدولية وترميم ما انقطع منها مع محيطه والعالم عبر سياسة تحمي المصلحة الوطنية العليا للبنان". وختم خليفة: "هنا يأتي الحياد الإيجابي، المبدأ المنصوص عنه في القانون الدولي العام، كخيار استراتيجي قائم على التوازن والانفتاح وبعيدًا عن الاستقطابات الحادة التي تقسم المجتمع أو تقصم ظهره".
ورقة الدحداح بعدها كانت ورقة عمل الأستاذ سليم الدحداح الذي شاء أن يقدِّم محاضرته إلى "كلّ مواطن من هذا الشعب الأبيّ والشجاع، الذي، رغم كلّ ما عاناه ما زال يناضل منذ أكثر من خمسين سنة، ليستمرّ هذا الوطن حياً، متماساً، موحّداً، حرّاً، سيّداً مستقلاً". وبعد ذلك قدَّم الدحداح بالتفصيل مفهومه للامن القومي والأنواع والإستراتيجيات، فاعتبر أنَّه "مصطلح يشير إلى كافة الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة من أجل حماية أرضها، وشعبها، من أيّ إعتداء أو تهديد، سواء من مصادر داخلية أو خارجية، عن طريق تجهيز القوات العسكرية، وحشد الجيش، من أجل المحافظة على سيادة الدولة، وحمايتها من الخطر". ولفت إلى أهميَّته باعتباره "ركيزة أساسيَّة من ركائز الدولة، يساهم في تنمية المجتمع، عن طريق توفير البيئة المناسبة، من أجل تسهيل عمل جميع القطاعات وتحقيق العدل ويحمي حدود الدولة من التعرّض لأيّ إختراق غير قانوني". بعدها تحدث الدحداح عن استراتيجية الأمن القومي التي"تهدف إلى الاستفادة من كافة القوى السياسية، والإقتصادية، والعسكرية، في كافة الظروف التي تمرّ بها الدولة، وهي استراتيجية تعتمد على وضع الخطط الأمنية التي تضمن تحقيق الأمن في الدولة، وبناء جيش قوي، قادر على التصدي لأيّ عدوان، مهما كان مصدره، وتعزيز قوى الأمن الداخلي، لحماية المواطنين من الجرائم وتوفير الحماية للمؤسسات والوزارات الموجودة على أراضي الدولة". وفند الدحداح "أبعاد كل ذلك على مستوى المؤسسات العسكرية والامنية والمدنية التي تتعاطى بالأمن الوطني، والسياسي، والإقتصادي، والطاقة والموارد الطبيعية، والأمن الداخلي والسيبراني، والبشري، والبيئي، والغذائي، والإرهاب والحرب البيولوجية والعسكرية، والكوارث الطبيعية، وتفشي الأمراض، والهجمات الإلكترونية، وجرائم الحرب أو الإنتهاكات الإنسانية". وبعدها تناول الدحداح الأمن القومي في لبنان، واصفا إيَّاه بأنَّه "الاستقرار العام في الوطن، وحماية المصالح القومية، ومواجهة التهديدات الداخلية والخارجية في زمني الحرب والسلم". وتوقف عند "الحياد الإيجابي والدائم" ومفهومه "كعقيدة تقوم على رفض الإنضمام إلى حلف عسكري في وزمن السلم على أقل تقدير، وفق عقيدة أو نظام سياسي يميل إلى عدم ربط أمة ما بأحلاف مع مجموعة من القوى". كذلك، عدّد الدحداح أنواع الحياد مميزاً بين "المؤقّت الذي تلتزمه الدولة تجاه حرب معيّنة لا تودّ المشاركة فيها، وهو ينتهي بانتهاء الحرب"، والدائم "كوضع قانوني تتعهّد به الدولة التي تتبنّاه بعدم اللجوء مُطلقاً إلى القوة إلاّ دفاعاً عن نفسها. على ان تتعهّد الدولة المجاورة باحترام هذا الحياد ومواجهة كلّ دولة تسعى إلى انتهاك حرمته". ولم يتجاهل الدحداح "الحياد الإيجابي وآلية تطبيقه في لبنان تاريخياً منذ الأيام الأولى للإستقلال ونشأة الدولة، في مطلع العشرينيات من القرن العشرين قبل إثارته مجدداً في الخمسينيات في مواجهة المد القومي العربي وقيام الوحدة المصرية - السورية، وتعرّض لبنان لضغط أميركي وتعسّف داخلي أدى إلى انتفاضة شعبية في العام 1958"، كما قال. وتابع: "الظروف الدولية "لم تكن مشجّعة ومناسبة، فطويت الصفحة مؤقتاً". قبل ان يثار مجددا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005، فبرزت دعوات تطالب بحياد لبنان. ومن ثم جاء إعلان بعبدا عام 2014، الذي "نص بوضوح وصراحة في البند 12 منه على "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية". وانتهى الدحداح إلى التأكيد على "أن المعالجة الخماسية حرية، سيادة، إستقلال، مساواة، وديموقراطية، لا تستقرّ ولا يجوز تنفيذها بصورة ثابتة، في ظلّ النظام الطائفي القائم حالياً"، داعيا الى "الانتقال لبنان من دولة طائفية إلى دولة مدنية، ضمانة لتثبيت إستقراره الداخلي، وسلمه الأهلي، واحترامه لحقوق الإنسان ولحسن الجوار، لمصلحة جميع الأفرقاء، دولياً، إقليمياً، وداخلياً، ذلك إنَّ حياد لبنان الدائم المحميّ من قبل جيش وطني وجميع فصائل وأقسام قواه الأمنية يهدف إلى أن يتحوَّل لبنان إلى مركز إقليمي ودولي فريد من نوعه، فاسحاً المجال إلى الأجيال الشبابية الطالعة، البقاء والتمسّك بأرضهم، والإلتحاق بأسواق العمل الوطنية، وتشجيع رجال أعمال محليين وأجانب على ضخّ استثمارات في قطاعات متنوعة للإستفادة من النظام الضرائبي الخاص الذي سينعم به لبنان".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
ملتقى التأثیر المدنی
الحیاد الإیجابی
ة الأمن القومی
دولة المواطنة
إقرأ أيضاً:
الرئيس المصري يؤكد ضرورة التوصل لتسوية سياسية ليبية
القاهرة - التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت 5 يوليو 2025، رئيس مجلس النواب في ليبيا عقيلة صالح، مؤكدا ضرورة توحيد الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة الليبية.
جاء ذلك في لقاء بمدينة العلمين شمال غربي مصر وفق بيان للرئاسة المصرية، بعد أيام من لقاء بالمدينة ذاتها عقده السيسي مع قائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر يوم 30 يونيو/ حزيران الماضي، وتأكيد السيسي أن "استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لمصر".
وأفاد البيان بأن السيسي التقى عقيلة صالح، اليوم، بحضور رئيس المخابرات العامة بمصر اللواء حسن رشاد، في لقاء "تناول آخر المستجدات على الساحة الليبية".
وأكد الرئيس المصري "أهمية الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها، وضرورة توحيد الجهود للوصول إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة، تتيح إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت ممكن، بما يلبي تطلعات الشعب الليبي نحو الاستقرار والأمن والحياة الكريمة".
وشدد على "التزام مصر بمواصلة بذل جهودها والتنسيق مع كافة الأشقاء الليبيين والأطراف الدولية المعنية، انطلاقا من إيمانها بضرورة استقرارها، وأن استقرار ليبيا السياسي والأمني يعد جزءا لا يتجزأ من استقرار مصر".
كما أكد الرئيس المصري "أهمية خروج جميع القوات الأجنبية من ليبيا، بما يسهم في تعزيز الأمن، وتمكين المؤسسات الليبية من الاضطلاع بدورها في ترسيخ الاستقرار على كامل الأراضي الليبية".
وأعرب عن "اهتمام مصر بإعادة إعمار ليبيا وبمشاركة مصر في تلك العملية، ونقل الخبرات التنموية المصرية لدعم مسيرة التنمية هناك".
من جانبه، أعرب صالح، وفق بيان لمكتبه الإعلامي، عن تقديره "لدور السيسي والأجهزة المصرية في دعم وحدة ليبيا وتماسك مؤسساتها".
وأكد أن "هذا الدعم يمثل ركيزة أساسية لاستعادة الأمن والاستقرار وتسيير المرحلة الانتقالية وصولا إلى تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة".
وتقود بعثة الأمم المتحدة في ليبيا جهودا لإيصال البلد الغني بالنفط إلى انتخابات تحل أزمة صراع بين حكومتين.
وإحدى الحكومتين هي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس (غرب)، وتدير منها غرب البلاد كاملا.
والأخرى عينها مجلس النواب مطلع 2022، ويرأسها حاليا أسامة حماد، ومقرها بنغازي (شرق)، وتدير منها شرق البلاد كاملا، ومعظم مدن الجنوب، وهي مدعومة من حفتر.
ويأمل الليبيون أن تؤدي الانتخابات، التي طال انتظارها منذ سنوات، إلى وضع حد للصراعات السياسية والمسلحة، وإنهاء الفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).