خلال السنوات الماضية، شهدت سلطنة عمان جهودا متواصلة لتحسين المؤشرات المالية والاقتصادية ومبادرات عديدة ساهمت في رفع كفاءة الإدارة المالية وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق العام، وقادت إلى تطورات إيجابية عديدة من أهمها تحسن التصنيف الائتماني وخفض الدين العام بشكل حاد وتعزيز قوة المركز المالي للدولة، وتواصل سلطنة عمان تقدمها نحو الوصول للاستدامة المالية والاقتصادية من خلال استمرار حسن استغلال فوائض النفط في دعم توجهاتها نحو التنويع الاقتصادي، وتعزيز أصولها السيادية ومستويات الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي العماني، وتبني استراتيجيات ناجحة في إدارة استثمارات جهاز الاستثمار العماني، إضافة للتقدم في تنفيذ مشروع السجل الوطني للأصول الحكومية.

وفي جانب دعم الاحتياطيات الأجنبية، ارتفع إجمالي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي العماني بنسبة 8.1 بالمائة خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر 2024 مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2023، وزاد حجم الأصول الأجنبية والسبائك من 6.5 مليار ريال عماني لتتجاوز 7 مليارات ريال عماني. وتتوزع بين ما يعادل 236 مليون ريال عماني من السبائك، و2.8 مليار ريال عماني من إيداعات العملة الأجنبية، و3.5 مليار ريال عماني من استثمارات الأوراق المالية إضافة إلى 463 مليون ريال عماني قيمة الحساب الاحتياطي لسلطنة عمان لدى صندوق النقد الدولي، وقد سجل إجمالي موجودات البنك المركزي العماني 7.4 مليار ريال عماني في نهاية نوفمبر 2024. ويساهم الأداء الجيد للقطاع المصرفي العماني في استمرار تحسن مؤشرات الاستقرار المالي، حيث زاد حجم الأصول الأجنبية لدى البنوك المحلية من نحو 4.2 مليار ريال عماني في ديسمبر 2023 إلى 4.7 مليار ريال عماني في نوفمبر 2024، وتمثل 12.2 بالمائة من إجمالي الأصول لدى القطاع المصرفي، وتشير مؤشرات السلامة المصرفية إلى أن نسبة رأس المال والاحتياطيات للبنوك المحلية من إجمالي الودائع المصرفية بلغت 22.2 بالمائة بنهاية نوفمبر 2024، وتراجعت نسبة إجمالي القروض إلى الودائع لتسجل 102.1 بالمائة مقارنة مع 103.4 بالمائة في ديسمبر 2024، بينما زادت نسبة المخصصات والفوائد المحتجزة من إجمالي الائتمان بنسبة طفيفة لتصل إلى 6.1 بالمائة بنهاية نوفمبر 2024 مقارنة مع 5.8 بالمائة في ديسمبر 2023.

ويمثل حجم الاحتياطي السيادي وجودة مؤشرات القطاع المالي المحلي أهمية كبيرة في تقييمات المؤسسات الدولية لتحديد التصنيف الائتماني ورصد تطور جهود الاستدامة، وفي الوقت ذاته فقد كان التقدم الذي حققته سلطنة عمان في تعزيز أسس الاستدامة المالية والاقتصادية أوسع نطاقا، ففي إطار إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة للتمهيد لبدء تنفيذ رؤية عمان المستقبلية، شهدت سلطنة عمان تطورين مهمين من خلال توحيد أنظمة التقاعد في القطاعين العام والخاص وتوسعة مظلة الحماية الاجتماعية وإيجاد كيان استثماري قوي هو صندوق الحماية الاجتماعية، كما تم تأسيس جهاز الاستثمار العماني وتوحيد الاستثمارات الحكومية تحت مظلته، ومنذ تأسيسه حقق جهاز الاستثمار نموا ملموسا في حجم أصوله وعائداته من الاستثمار، وارتفعت الأصول في نهاية عام 2022 إلى نحو 18 مليار ريال عُماني نظرا لتحقيق عائد على الاستثمار بلغ 8.8 بالمائة، وواصل حجم أصول جهاز الاستثمار العماني النمو خلال عام 2023 ليصل إلى 19.240 مليار ريال عماني، مع ارتفاع العائد الاستثماري إلى نسبة 9.95 بالمائة، وقدم الجهاز مساهمة ملموسة في دعم جهود الاستدامة بتمويل الميزانية العامة بنحو 6 مليارات ريال عُماني خلال الفترة من 2016 إلى نهاية 2023، وذلك وفقا لأحدث التقارير السنوية التي يصدرها جهاز الاستثمار العماني وتتضمن أهم التطورات في استثماراته من خلال محفظة الأجيال، التي تنقسم إلى استثمارات في الأسواق العامة، وأخرى في الأسواق الخاصة وتتوزع على أكثر من خمسين دولة حول العالم، وكذلك محفظة التنمية الوطنية التي تضم أكثر من 160 شركة داخل سلطنة عُمان، وقد دشن جهاز الاستثمار محفظته الاستثمارية الثالثة من خلال صندوق عمان المستقبل الذي بدأ نشاطه العام الماضي ويبلغ رأسماله ملياري ريال عماني على مدى خمس سنوات، وكان تأسيس الصندوق انعكاسا لتوجهات حسن استغلال فوائض النفط في تعزيز التنويع واستدامة النمو الاقتصادي.

وضمن مبادرات وبرامج تحسين الأداء المالي، يتواصل تنفيذ برنامج السجل الوطني للأصول الحكومية «أصول» الذي يعد نظاما مركزيا متكاملا يعمل على حصر الأصول الحكومية ومركزية إدارتها، وإعداد إستراتيجية؛ لضمان رفع كفاءتها وتعظيم المنافع والعوائد الحكومية واستخدامها واستثمارها بالشكل الأمثل، مما يعزز تنويع مصادر العائدات العامة، ويجري العمل حاليا على استكمال المرحلة الثالثة من أعمال حصر الأصول، وبلغ عدد إجمالي الأصول التي تم تسجيلها 440 ألف أصل، وقد أشارت وزارة المالية إلى أنه سيتم خلال الفترة المقبلة تعميم المشروع على جميع الجهات الحكومية. وقد ظلت أسعار النفط عند مستويات جيدة لثلاثة أعوام على التوالي ومن المرجح أن تبقى عند مستويات مواتية خلال العام الجاري، فما زالت سلطنة عمان تتبنى سعرا تحوطيا للنفط في بناء تقديراتها للميزانية العامة توقيا لتقلبات النفط، وتؤكد التوجهات الحكومية من خلال ما تم إعلانه في بيان الميزانية العامة للعام المالي 2025 على استمرار الإدارة الحكيمة للمخاطر المالية والاستفادة من النتائج الإيجابية للأداء الاقتصادي والمالي، من خلال وضع استراتيجيات مالية واضحة تركز على تعزيز الاستدامة المالية ورفع كفاءة الإنفاق العام وتوسيع قاعدة الإيرادات غير النفطي، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية، وتعزيز كفاءة أدوات السياسة النقدية، وغيرها من الإصلاحات التي تعزز استمرار قوة المركز المالي للدولة ودعم توجهات التنويع الاقتصادي والنمو الاقتصادي المستدام.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جهاز الاستثمار العمانی المالیة والاقتصادیة ملیار ریال عمانی سلطنة عمان نوفمبر 2024 عمانی فی من خلال

إقرأ أيضاً:

بحث مجالات التعاون العسكري والأمن الغذائي والصحي بين سلطنة عمان ولبنان

العُمانية: التقى صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع بضيافة قصر العلم العامر اليوم معالي اللواء ميشال منسى وزير الدفاع الوطني بالجمهورية اللبنانية، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها فخامة الرئيس العماد جوزاف عون رئيس الجمهورية اللبنانية لسلطنة عُمان.

جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية الأخوية الطيبة التي تربط سلطنة عُمان بالجمهورية اللبنانية الشقيقة، إلى جانب بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ومجالات التعاون العسكري القائم بين وزارتي الدفاع للبلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة.

كما التقى معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية اليوم في قصر العلم العامر بمعالي يوسف رجّي وزير الخارجية والمغتربين بالجمهورية اللبنانية، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها فخامة الرئيس العماد جوزاف عون رئيس الجمهورية اللبنانية إلى سلطنة عُمان.

جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات القائمة بين البلدين الشقيقين، وبحث سبل استكشاف مزيد من فرص التعاون وتطويرها في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية، إلى جانب التطرق إلى إمكانيات الشراكة والاستثمار في مشاريع الأمن الصحي والأمن الغذائي، والربط اللوجستي والنقل، وذلك مواكبة لتطلعات قيادتي البلدين في التنمية المستدامة وتنويع المصالح والمنافع المتبادلة.

كما تبادل الوزيران وجهات النظر حول عدد من المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مؤكدين أهمية استمرار التنسيق والتشاور لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم الجهود الرامية إلى تكريس الحلول الدبلوماسية عبر الحوار البناء.

حضر اللقاء السفير الشيخ فيصل بن عمر المرهون رئيس الدائرة العربية بوزارة الخارجية، وعدد من المسؤولين من الجانبين.

كما التقى معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية صباح اليوم بضيافة قصر العلم العامر بمعالي العميد أحمد الحجار وزير الداخلية بالجمهورية اللبنانية، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها فخامة الرئيس العماد جوزاف عون رئيس الجمهورية اللبنانية لسلطنة عُمان.

جرى خلال اللقاء بحث مجالات التعاون والتنسيق بين وزارتي الداخلية في سلطنة عُمان والجمهورية اللبنانية وسبل تعزيزها وتطويرها بما يحقق المصالح المتبادلة، وأكد الوزيران على أهمية تكثيف الجهود للتنسيق والتعاون بهدف الارتقاء بالعمل المشترك.

واستقبل معالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، بمكتبه اليوم معالي الدكتور نزار هاني وزير الزراعة في الجمهورية اللبنانية. جرى خلال المقابلة مناقشة أوجه التعاون بين البلدين الشقيقين في مجالات الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه والأمن الغذائي.

وتطرق الجانبان إلى بحث إمكانات التعاون في مجال البحوث والدراسات العلمية وتبادل الخبرات والزيارات بين البلدين بما يسهم في تطوير هذه القطاعات وتعزيز جهود التنمية المستدامة.

كما استقبل معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة بمكتبه اليوم معالي ركان ناصر الدين وزير الصحة العامة بالجمهورية اللبنانية، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها فخامة الرئيس العماد جوزاف عون رئيس الجمهورية اللبنانية لسلطنة عُمان. جرى خلال المقابلة استعراض أوجه التعاون الصحي بين البلدين، والفرص المتاحة لتنميتها بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين الشقيقين، كما تمّ بحث فرص تبادل الخبرات والمعارف الطبية، مع التأكيد على أهمية تكثيف الجهود لفتح آفاق أرحب من التعاون والشراكة بين الجانبين. حضر المقابلة عدد من المسؤولين من الجانبين.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: الاستثمار هو الحل !!!
  • سلطنة عمان والبحرين يناقشان تسويق منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين
  • مصر تدعو إلى إزالة العوائق وتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول البحر المتوسط
  • الشيبانية تلتقي وفدا من جمعية أكسفورد الدبلوماسية
  • اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني
  • الرئيس عون اختتم زيارته الى سلطنة عمان وعاد الى بيروت
  • مصطفى: نعمل على الحوكمة المؤسساتية لقطاع الصحة لنصل إلى الاستدامة المالية
  • جوزاف عون: زيارتي لسلطنة عُمان تعزز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين
  • بحث مجالات التعاون العسكري والأمن الغذائي والصحي بين سلطنة عمان ولبنان
  • عون في سلطنة عُمان لتحصين المناخ التفاوضي وبن طارق يؤكِّد الاهتمام بلبنان