عضو بـ«الشيوخ»: مخططات ترامب تهدف إلى نزع السلام من المنطقة وإشعال الأزمات
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
أكد الدكتور جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، أن القيادة السياسية برهنت للجميع على التزام مصر المستمر بدعم القضية الفلسطينية، وحرصها على تحقيق سلام عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، ويعزز الاستقرار في المنطقة، مشيداً بالرؤية المصرية بشأن إعادة إعمار غزة، لإنهاء مخططات ترامب المثيرة للجدل التي تهدف إلى نزع السلام من المنطقة وإشعال الأزمات بعد التوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار.
وأضاف أن المبادرة المصرية تهدف إلى إبقاء الفلسطينيين داخل غزة، وتأسيس إدارة محلية، وتنفيذ خطة إعادة إعمار تدريجية على مدى سنوات، وإرساء مبادئ لإنهاء الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، من أجل إحلال الاستقرار داخل القطاع.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن وزارة الخارجية المصرية أكدت أهمية التعاون مع الإدارة الأمريكية، بهدف التوصل إلى سلام شامل وعادل في المنطقة، من خلال تسوية عادلة للقضية الفلسطينية تراعي حقوق شعوب المنطقة، كما شددت على أن أي رؤية لحل القضية الفلسطينية يجب أن تتجنب تعريض مكتسبات السلام في المنطقة للخطر، وتسعى لمعالجة جذور الصراع عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتطبيق حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة.
استقرار الأمن القومي المصريوأوضح أن مصر ستظل الداعم الأول للقضية الفلسطينية في المنطقة، مشددًا على أهمية تأكيد الموقف العربي الموحد إزاء مخطط التهجير، ومواجهة أية مخططات تهدف للنيل من استقرار الأمن القومي المصري، مشددًا على أن القمة العربية الطارئة المقرر عقدها الشهر الجاري في مصر، تعتبر أهم قمة عربية تتناول القضية الفلسطينية، حيث ستحمل على عاتقها إعادة إعمار قطاع غزة، كونه جزءًا أساسيا من حل القضية الفلسطينية، والقضاء على مخططات التهجير.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين غزة مجلس الشيوخ رفض تهجير الفلسطينيين القضیة الفلسطینیة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
البُعد اللوجستي للأمن الخليجي.. رؤية استباقية للاستدامة عند الأزمات
د. منصور القاسمي **
في ظلّ التصاعد غير المسبوق للتوترات العسكرية بالمنطقة، تجد المنظومة اللوجستية في سلطنة عُمان ودول مجلس التَّعاون الخليجي نفسها أمام اختبار حرج؛ ذلك أنَّ موقع هذه الدول على ضفّتي مضيق هرمز يجعلها في قلب أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم؛ إذ يعبُر منه نحو 30 في المائة من صادرات النفط الخام العالمية وما يربو على خُمس تجارة الغاز الطبيعي المُسال.
ومع أنّ سلطنة عُمان تمتلك واجهة بحرية واسعة على المحيط الهندي وبحر العرب خارج المضيق، إلّا أنّ تشابك اقتصادها مع أشقائها بدول المجلس واعتماد الأسواق الصناعية على واردات الخام والغاز والمواد الأولية عبر الخليج العربي يضعنا جميعًا في سلة المخاطر حين تتفاقم الأزمات والتحديات. ورغم تمتع سلطنة عُمان بموقع استراتيجي مهم خارج مضيق هرمز، ما يمنحها ميزة نسبية في ظل الأزمات. ومع ذلك، فإنَّ اعتماد السلطنة على أشقائها بدول المجلس وسوق التصدير الخليجي يجعلها غير محصنة بالكامل.
وتكشف أرقام عام 2023 أنّ إجمالي صادرات دول المجلس من النفط الخام تجاوز 17 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثّل نحو 40 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحرًا وتُحافظ السلطنة وحدها على معدل يتراوح بين 800 و900 ألف برميل يوميًا، يتجه ثمانون في المائة منه إلى الأسواق الآسيوية الكبرى وتحديدًا الصين والهند واليابان. أمّا في سوق الغاز الطبيعي المسال، فتتصدر دولة قطر المشهد بطاقة قدرها 82 مليون طن سنويًا، بينما ترفد عُمان السوق الإقليمية والعالمية بـ11 مليون طن من محطة قلهات بولاية صور. وعلى الجانب المقابل، ما زالت دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة تستورد جزءًا معتبرًا من المنتجات المكررة، كما تعتمد دولة الإمارات والبحرين والكويت على واردات الغاز لسد فجوات توليد الكهرباء في ذروة الصيف، وأي توقف مفاجئ لحركة الناقلات أو استهداف للبنى التحتية الساحلية سيعني عجزًا مباشرًا في تشغيل محطات الكهرباء والصناعات البتروكيماوية وما يتبع ذلك من ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والمنتجات الاستهلاكية.
ولا تقتصر المخاطر على المعادلة الاقتصادية؛ إذ إنَّ بحر عُمان والخليج العربي بحران شبه مغلقيْن تدور فيهما التيارات المائية ببطء؛ ما يجعل أي تسرب نفطي أو تلوث كارثي طويل الأمد من خلال احتمالات استهداف السفن أو تلغيم الممرات وغيرها، يزداد خطر الانسكابات الواسعة التي قد تُدمِّر الشعاب المرجانية بالمنطقة، وتشوّه السواحل التي تعيش عليها آلاف من العائلات العاملة في مجال الصيد، وتُعطِّل محطات التحلية التي تؤمِّن أكثر من نصف مياه الشرب في دول مجلس التعاون.
هل نقف عاجزين أمام هذه السيناريوهات المعقدة؟
تبرز الحاجة إلى حزمة استثمارات وحلول لوجستية متكاملة لا تقوم على ردّ الفعل؛ بل على بناء مناعة مسبقة لدول مجلس التعاون تقودها سلطنة عُمان. فمن الناحية اللوجستية، يُعد تسريع تطوير الموانئ العُمانية، وفي مقدمتها الدقم وصحار وصلالة، وربطها المباشر بخط السكك الحديدية الخليجي المرتقب، وهي خطوة أساسية لإنشاء ممر بديل لا يمُر عبر هرمز. ويكمن عنصر الأمان الحقيقي في إنشاء مرافق تخزين استراتيجية على سواحل السلطنة وخارج دول المجلس تتسع احتياطيًا بما يكفي لنحو 90 إلى 180 يومًا من النفط الخام والمنتجات المكررة والغاز المسال، بحيث تواصل مصافي المنطقة ومولدات الكهرباء عملها حتى في أسوأ السيناريوهات. كما إن توسيع نطاق التجارة المباشرة مع أسواق شرق إفريقيا وجنوب آسيا عبر خطوط ملاحية تنطلق من بحر العرب، سيُخفِّض الاعتماد على عمليات إعادة الشحن داخل دول المجلس، ويُقلِّص زمن الرحلات وكلفة التأمين حين يشتد التوتر.
في المقابل، يتطلب اتقاء التلوث البحري من خلال تأسيس مركز إقليمي للاستجابة السريعة، وهنا نُرشِّح جنوب سلطنة عُمان (ظفار)، وأن يكون هذا المركز مجهزًا بسفن مكافحة التسرُّبات وحواجز عائمة وطائرات مُسيَّرة للمسح اللحظي. وينبغي إلزام جميع الناقلات المارة بمياه المنطقة باستخدام بَدَنٍ مزدوجٍ ومعدات سلامة مُعزَّزة، مع تكثيف عمليات التفتيش في الموانئ للتثبُّت من جاهزية الناقلات القديمة. ولأن الوقاية تبدأ من السماء، فإن استثمارًا خليجيًا مُشتركًا في أقمار صناعية صغيرة مخصصة لرصد بقع النفط والتلوث البحري وتتبُّع عمليات التفريغ غير القانونية، من شأنه أن يمنح السلطات القُدرة على التدخل خلال ساعات لا أيام. وفي حال وصول التلوث إلى السواحل، يجب أن تمتلك محطات تحلية المياه خططًا للطوارئ تُتيح سحب المياه المُلوَّثة من مساراتٍ أبعد في البحر وتفعيل أنظمة ترشيح متقدمة، وإلّا تعرَّضت مدنٌ كاملة لخطر نقص وشُح مياه الشرب في المنطقة.
يبقى الجانب السياسي والأمني هو الضابط النهائي لهذا المشهد؛ إذ لا يُمكن لأي خطة وطنية أن تصمُد دون تنسيق إقليمي ودولي. ومن هنا تبرُز أهمية إنشاء فريق اتصال بحري مُوَحَّد يضم سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون مع منظمات دولية مثل المنظمة البحرية الدولية، إضافة إلى القوى البحرية الرئيسة الحاضرة في المنطقة كالولايات المتحدة والهند والصين. ويُفترض أن يفضي هذا الفريق إلى صياغة ما نسميه «بروتوكول هُرمز للأمان البحري» بما يضمن تحديد مسارات إبحار مُنفصلة ويربط السفن التجارية بنظام إنذار مُبكِّر يستند إلى بيانات الأقمار الصناعية والرادارات الساحلية. وفي الجبهة المالية، يستطيع صندوق استثمار خليجي مشترك في خدمة التأمين وإعادة التأمين البحري أن يخفف من قفزات أقساط التأمين على الناقلات، ما يحد من انتقال تكلفة المخاطر الأمنية مباشرة إلى أسعار المستهلك النهائي.
إنَّ الأزمات، مهما بدت قاتمة، تحمل بذور الفرص؛ فموقع سلطنة عُمان قد يتحول من مجرد ميزة جغرافية إلى صمام أمان حقيقي لإمدادات الطاقة والماء والغذاء والدواء للخليج العربي، إذا ما اقترن بالاستثمار في المخازن الاستراتيجية، وامتلاك موانئ عملاقة عميقة الكاسر، وشبكات نقل داخلية حديثة وسكك الحديد، وحلول رقمية قائمة على الذكاء الاصطناعي لضبط سلاسل الإمداد. ومع تبنِّي استراتيجية وبروتوكولات استباقية، تجمع بين التحول اللوجستي والحماية البيئية والتنسيق الأمني، تستطيع دول مجلس التعاون أن تبني مناعةً تُمكِّنها من امتصاص الصدمات والأزمات في المستقبل، وتضمن استقرارها الاقتصادي والصناعي، وتُؤمِّن بيئتها البحرية لأجيال قادمة.
** أكاديمي في علم اللوجستيات وسلاسل التوريد