دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني
تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT
أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية ردًا على سؤال ورد إليها حول حكم الصلاة باستخدام القراءات الشاذة، بعد أن لاحظ أحد الأشخاص قيام مُصلٍّ بقراءة غير مألوفة خلال الصلاة الجهرية، فأجابه بأنها قراءة شاذة.
وأكدت دار الإفتاء أن القراءات الشاذة المخالفة للرسم العثماني عمدًا في الصلاة تُبطلها، وذلك لأنها تُفقد القراءة أحد أركانها الأساسية، فضلًا عن اعتبارها كلامًا أجنبيًا لا يصح إدخاله في الصلاة، مما يُخل بركن أساسي من أركان صحة الصلاة.
أوضحت الإفتاء أن القراءة الشاذة هي التي تفتقر إلى أحد أركان القراءة الصحيحة الثلاثة، وهي:
موافقة الرسم العثماني للمصحف.
موافقة وجه من أوجه النحو العربي.
صحة السند.
وبناءً على ذلك، إذا اختل أحد هذه الشروط فإن القراءة تُعتبر شاذة أو ضعيفة أو باطلة، ولا يجوز الاعتماد عليها في الصلاة أو اعتبارها جزءًا من القرآن الكريم.
الإجماع الفقهي حول الحكماستعرضت الفتوى مواقف المذاهب الفقهية الأربعة:
المالكية والحنابلة (المعتمد عندهم): يرون أن الصلاة تبطل بالقراءة الشاذة المخالفة للرسم العثماني.
الشافعية: يوافقون إذا ترتب على الشذوذ تغيير المعنى أو زيادة حرف أو نقصه.
الحنفية: لا يرون بطلان الصلاة إن كانت القراءة الشاذة من جنس الذكر، بشرط أن يقرأ معها بقراءة متواترة مجزئة، وإلا فسدت الصلاة.
وعليه، خلصت دار الإفتاء إلى أن القول الأرجح في الفتوى المعاصرة هو القول ببطلان الصلاة إذا قرأ المصلي عمدًا بقراءة شاذة، لأنها تخل بركن القراءة وتُدخل كلامًا أجنبيًا في الصلاة، وهو ما يُبطِلها.
الالتزام بالقراءات المتواترةنصحت دار الإفتاء القارئ أثناء الصلاة بالالتزام بالقراءات المتعارف عليها والمتواترة، مثل قراءة حفص عن عاصم، لضمان عدم إحداث بلبلة أو التباس بين المصلين، مما قد يُؤثر سلبًا على خشوعهم أو يشغلهم عن أداء الصلاة بركنيها الظاهري والباطني.
كما أشارت إلى أن اختلاف القراءات المشروعة يُعد من مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية، وليس سبيلًا لتمييز أحد أو التشويش على الآخرين، مما يستوجب الحذر من التوسع في غير المألوف أمام العامة.
قراءة القرآن.. شفاعة وفضل لا يُضاهىوفي سياق متصل، أبرزت دار الإفتاء فضل قراءة القرآن الكريم بوجه عام، مشيرة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «اقْرَؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه».
(رواه مسلم)
وذكرت أن القرآن نزل على سبعة أحرف، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الشيخان، بهدف التيسير والتخفيف على الأمة.
واختتمت الفتوى بالتأكيد على أن الالتزام بالضوابط الصحيحة في تلاوة القرآن، خاصة في الصلاة، هو جزء من تعظيم شعائر الله، وإظهار الاحترام الكامل لكلامه سبحانه وتعالى، وعدم تعريض الصلاة للبطلان أو الشك.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية القراءات الشاذة حكم الصلاة القرآن الكريم صحة الصلاة فقه الصلاة دار الإفتاء فی الصلاة
إقرأ أيضاً:
هل كتابة أسماء الله والأذكار على الكفن حرام شرعا؟ دار الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إن كتابةَ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها.
وأضافت دار الإفتاء، أن ما يُكتب من بعض آيات القرآن الكريم وذكر الله عَزَّ وَجَلَّ يجب أن يُعامل معاملةً فيها من التعظيم والاحترام ما يليق بقُدسيَّته ومكانته في الشرع الشريف، ومن ذلك: ألَّا يوضَع على الأرض أو أيِّ مكان يكون فيه عُرضةً للامتهان أو التنجيس من نحو مُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت أو غير ذلك.
وقد حثَّ الشرع الشريف على استحباب تكفين الميت بالثياب الحسنة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» أخرجه الإمام مسلم.
وأوضحت أن من جُملة ذلك أن يكون الكفن أبيض، سواءٌ كان جديدًا أو مغسولًا، لكن الجديد أفضل؛ لما تقدم من أمرِ الشَّارِعِ بتحسِينِ الكفن.
أما كتابة القرآن والذكر على الكفن فإنه مما لا يتفق مع ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به من تعظيم شعائره واحترامها وحُسن التعامل معها، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، فالقرآن الكريم والذكر من شعائر الله التي جعل تعظيمها علامة على تقوى العبد، وقد بيَّن سبحانه مكانة القرآن العُظمى، فقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف: 4].
ومن جملة أوجه تعظيم القرآن الكريم التي أجمعت الأمة عليها: وجوب صيانته رَسْمًا وقِرطَاسًا، واحترام ما حَوَاهُ المصحف الشريف من الَخطِّ والنَّظمِ المُعَبِّر عما فيه من كلام الله جَلَّ وعَلَا، ومِثلُ ذلك كل اسمٍ معظَّمٍ من أسمائه تعالى وأسماء أنبيائه، فكل ذلك مقدَّسٌ يجب تنزيهه عن كل ما لا يليق بمكانته، ويَحرُم الإقدام على ما فيه امتهانٌ له أو ما ينافي تكريمه، ولا شك أن كتابة آيات القرآن والأسماء المعظَّمة على الكفن، فيه غاية الامتهان، وذلك لملاقاتها للنجاسة الخارجة من الميت كالصديد والدم ونحو ذلك، ومعلومٌ أنه لا إهانة كالإهانة بالتَّنجِيس؛ لأن النجاسة ناتجة عمَّا هو مُستقذر من الصديد والدماء والأعيان النجسة، التي يأنَفُ الإنسان منها ويحترز عنها، ولأن النجاسة غاية الامتهان، إذ جعلها اللهُ عذابًا للكافرين، قال الله تعالى: ﴿وَيُسۡقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ﴾ [إبراهيم: 16- 17]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ عَذَابٌ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٌ﴾ [الجاثية: 11].
ولَمَّا كانت الإهانة بتنجيس الأسماء المعظمة يجتمع فيها رفع القداسة عنها، مع مُلاقاة القذارة عَظُمَت وكانت غاية الامتهان.