الرؤية- سارة العبرية

يؤكد اقتصاديون أن القيمة المحلية المضافة وتعزيز المحتوى المحلي تشكل محاور حيوية للنهوض بالاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل مستدامة، في الوقت الذي تحقق فيه العديد من الشركات والمؤسسات الكبرى تقدما ملموسا في هذا المجال.

ويقول المهندس غسان فضل بيت بن سليم خبير في القيمة المحلية المضافة والمبادرات الاقتصادية، إن القيمة المحلية المضافة ليست مجرد سياسة اقتصادية؛ بل هي استراتيجية لتحقيق استدامة في الاقتصاد الوطني وخلق الفرص الوظيفية، وتعزيز تنافسية الشركات العمانية على الصعيد العالمي، مبينا أن القيمة المحلية المضافة والمحتوى المحلي هما أدوات اقتصادية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الإنفاق المحلي وتشجيع الإنتاج والاستهلاك المحلي، وهذه المفاهيم تُعد بمثابة "سياسة حمائية ذكية" تهدف إلى دعم الشركات المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا، مما يساهم في خلق فرص اقتصادية جديدة وتوفير وظائف مستدامة.

ويرى ضرورة التوازن بين الإنتاجية والمحتوى المحلي؛ حيث لا يمكن تحقيق القيمة المحلية المضافة على حساب جودة الخدمات أو كفاءة المشاريع، لافتا إلى أن المشاريع يجب أن تُركز على "التحسين" بدلاً من "التضخيم"، مع تعزيز الإنتاجية والتنافسية بالتوازي مع زيادة المحتوى المحلي، وذلك في ظل التطور الذي يشهده قطاع اللوجستيات.

ويتابع قائلا: "التوظيف المستدام يتم من خلال خلق وظائف في المشاريع التي تعتمد على سلاسل القيمة في القطاعات المختلفة، وقطاع الأسماك يملك إمكانات ضخمة لتوطين الصناعات والخدمات المرتبطة به، مثل تصنيع الأسماك وتطوير تقنيات التبريد، مما يخلق فرص عمل مستدامة في عدة مجالات، كما أن القيمة المحلية المضافة تسهم في تقليل الاعتماد على النفط من خلال توسيع سلاسل القيمة في القطاعات غير النفطية مثل التعدين والصناعات التحويلية، ويمكن تحويل المعادن المستخرجة في عُمان إلى منتجات مصنعة محليًا، مما يعزز الاقتصاد ويوفر وظائف جديدة".

ويلفت المهندس غسان إلى أن الحكومة العمانية تولي أهمية كبيرة لتعزيز المحتوى المحلي عبر سياسات تحفز الشركات على زيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني، كما أن إطلاق برامج وطنية للتثقيف والتدريب، بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، سيساهم في رفع الوعي وتعزيز القيمة المحلية المضافة في السوق العماني.

ويؤكد أن رواد الأعمال لديهم فرصة كبيرة للاستفادة من القيمة المحلية المضافة من خلال الابتكار في مجالات التكنولوجيا والصناعات المحلية، مضيفا أن المشاريع الناشئة في القطاعات مثل اللوجستيات والأغذية والزراعة يمكن أن تسهم في تعزيز سلاسل التوريد المحلية.

ويوضح كهلان بن عبدالله المحروقي خبير في مجال القيمة المحلية أن المحتوى المحلي يعد ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة في سلطنة عمان؛ حيث يسهم في تعزيز الهوية الاقتصادية، وجذب الاستثمارات العالمية، وتحقيق الاستدامة، مبينا أن المحتوى المحلي يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويعزز الاكتفاء الذاتي، ويقلل المخاطر الناجمة عن الاعتماد على الخارج، كما يساهم في خفض البطالة وتحفيز الابتكار والإنتاجية.

ويشير إلى أن العديد من دول العالم تبنّت برامج المحتوى المحلي وحققت نجاحات كبيرة، مثل قطاع النفط في عمان والسعودية والنرويج، وصناعة السيارات في المغرب، والأدوية في الأردن، والصناعات الثقيلة في ألمانيا، مضيفا أن سلطنة عُمان تمتلك العديد من المقومات لتعظيم المحتوى المحلي، من بينها الموقع الاستراتيجي، ورؤية عمان 2040، وتوافر البنية الأساسية، وبرامج دعم الصناعات المحلية.

ويبين أن الشركات الكبرى مطالَبة بوضع رؤى واضحة للمحتوى المحلي، تشمل توظيف العمانيين، وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإعطاء الأولوية للمنتجات المحلية، إذ إن المحتوى المحلي لا يقتصر على الصناعات التقليدية؛ بل يشمل نقل التكنولوجيا وإنشاء مراكز الأبحاث والتطوير لتعزيز تنافسية المنتجات العمانية.

وعن التحديات، يقول المحروقي: "هناك تحديات يجب التعامل معها، مثل نشر الوعي المجتمعي، وتحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والعالمي، وتعزيز تنافسية المحتوى المحلي، ونجاح هذه البرامج مسؤولية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، إلى جانب دور المؤسسات التعليمية والإعلامية في نشر الوعي وترسيخ ثقافة المحتوى المحلي بين الأفراد".

واختتم حديثه مؤكدا أن المحتوى المحلي والتنوع الاقتصادي وجهان لعملة واحدة؛ إذ يسهم في توطين الصناعات، واستقطاب الاستثمارات، وزيادة الصادرات، مشيرًا إلى أن سلطنة عمان شهدت منذ السبعينيات العديد من المبادرات الوطنية التي تصب في هذا الاتجاه، داعيًا إلى تعزيز التكامل بين جميع الفئات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

 وحققت بعض الشركات في سلطنة عُمان نجاحًا ملحوظًا في تعزيز القيمة المحلية المضافة، ما ساعد في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل مستدامة، منها  شركة تنمية نفط عُمان، ففي عام 2023 بلغت القيمة المحلية المضافة التي احتفظت بها الشركة في سلطنة عمان 2.5 مليار دولار أمريكي؛ أي ما يعادل 40% من إجمالي الإنفاق على سلسلة التوريد بالشركة، ومن هذا المبلغ، أُنفِق 900 مليون دولار على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و422 مليون دولار على الصناعات الوطنية، استفادت منها 30 شركة ومصنعًا في البلاد، كما تم توفير 1,830 فرصة عمل في الشركات المتعاقدة في مجالات مختلفة، وتنفيذ 28 برنامجًا تدريبيًا ضمن برنامج "كفاءة" لتطوير مهارات 1,000 مهندس.

وفي أوكيو وحتى نهاية الربع الثالث من عام 2023، بلغ إنفاق المجموعة على السلع والخدمات نحو 974.07 مليون دولار أمريكي، منها 753.11 مليون دولار أُنفِقت على السلع والخدمات في العقود والمشتريات الخاصة بالشركات والمؤسسات المحلية، مما أدى إلى الاحتفاظ بمبلغ قدره 314.17 مليون دولار كقيمة محلية مضافة. كما أُنفِق 172.53 مليون دولار على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، منها 56.99 مليون دولار للمؤسسات الحاملة لبطاقة ريادة.

وفيما يخص جهاز الاستثمار العماني، ففي عام 2023، بلغ إجمالي الإنفاق على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 202 مليون ريال عماني، مقارنة بـ187 مليون ريال في عام 2022، بنسبة زيادة 4.5%. كما ارتفع إجمالي مبالغ العقود وأوامر الإسناد لحاملي بطاقة ريادة الأعمال إلى 106.7 مليون ريال، مقارنة بـ 67 مليون ريال في 2022.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: القیمة المحلیة المضافة الصغیرة والمتوسطة الاقتصاد الوطنی المحتوى المحلی ملیون دولار ملیون ریال العدید من سلطنة ع من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الشركات السورية الكيميائية بمعرض كيم إكسبو تبرز قدرتها على المنافسة

دمشق-سانا

شكلت جودة منتجات الشركات الوطنية السورية، المتخصصة في البتروكيماويات ومستحضرات التجميل ومواد البناء والخام والتقنيات الصناعية، في معرض كيم إكسبو، رسالة على قدرة هذه المنتجات على المنافسة في السوق الحر رغم التحديات، ما يسهم في تعزيز إمكانية استمرار تطور هذه الصناعة الوطنية مستقبلاً.

وأكد المدير التنفيذي لشركة “الوزير” لصناعة المنظفات جمال دعبول في تصريح لمراسل “سانا”، أهمية المشاركة في المعارض المحلية باعتبارها فرصة لتعريف المستهلك السوري بالمنتجات الوطنية، لافتاً إلى أن قطاع المنظفات الوطني يضع في مقدمة أولوياته تطوير جودة منتجاته؛ لتكون قادرة على المنافسة إقليمياً ودولياً، مستفيدة من الخبرات الوطنية في هذا المجال.

وبين دعبول، أن الموقع الجغرافي المميز لسوريا يمكنها من لعب دور محوري في الصناعات التحويلية، وتصدير المنتجات إلى مختلف الأسواق العالمية، لافتاً إلى أنه بعد التحرير أصبح هناك تسهيلات أكبر، باستيراد وتصدير المنتجات بشكل عام.

من جهته أكد أنور العبو، مدير شركة “ميلا كيميا” المتخصصة في تجارة المواد الأولية لصناعة المنظفات والعطور الصناعية، أن المشاركة في المعارض التخصصية تشكل فرصة مهمة؛ لتعزيز التواصل المباشر مع الزبائن والتعريف بالمنتجات، مشيراً إلى أن المعارض تتيح تفاعلاً مباشراً ومثمراً، لا توفره وسائل التواصل الاجتماعي، أو المنصات الرقمية.

وأشار العبو إلى أن العطور الصناعية التي تقدمها الشركة تُستخدم في صناعة الصابون، وسوائل التنظيف، ومعطرات الجو، ومنتجات التجميل، مضيفاً إن هناك اهتماماً متزايداً من شركات التصنيع المحلية بالتعاون مع شركته لتأمين هذه المواد.

ورأى العبو، أن مستقبل قطاع الصناعات الكيميائية في سوريا واعد، وخاصة في ظل دعم  الجهات الرسمية، ووجود طاقات بشرية ومهنية مؤهلة، ستسير بالسوق السورية نحو الأفضل.

من جهته أكد المدير التنفيذي لمنشأة “تركي الصناعية”، أحمد تركي، أن المشاركة تأتي بهدف توسيع نطاق الانتشار في السوق السورية، وتقديم حلول متكاملة للمشكلات الصناعية، ولاسيما في مجال خطوط الإنتاج.

وأشار إلى أن تحسّن الوضع الاقتصادي في البلاد، وتوفر المواد الأولية عبر مرفأ اللاذقية، أسهما بشكل مباشر في تطوير خطوط الإنتاج وخفض كلفة التصنيع بنسبة تتراوح بين 25 و30بالمئة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على فرص العمل والطلب المتزايد في السوق المحلية.

من جانبها أكدت رائدة موقاري معاون المدير التجاري في الشركة الطبية العربية “تاميكو”، أن الشركة التي تعد من أعرق المؤسسات الوطنية العامة في مجال الصناعات الدوائية منذ تأسيسها عام 1956، تواصل العمل والإنتاج رغم التحديات والظروف الصعبة التي مرت بها البلاد خلال فترة حكم النظام البائد.

وأضافت موقاري: إن تحسن الظروف الاقتصادية والإدارية ساهم في تسهيل عملية تأمين المواد الأولية، ما انعكس إيجاباً على تخفيض تكاليف الإنتاج، وبالتالي انخفاض أسعار العديد من المستحضرات، وهو ما يسهم في تعزيز التنافسية وتوفير الأدوية بأسعار مقبولة للمواطنين.

وأشارت موقاري، إلى أن الشركة تواصل جهودها لتقديم منتجات دوائية ذات جودة عالية ومطابقة للمواصفات المعتمدة، مؤكدة أن “تاميكو” تعمل بكامل طاقتها لتعزيز الأمن الدوائي ودعم القطاع الصحي في البلاد.

وتختتم اليوم فعاليات “ثلاثية مشهداني الصناعية” على أرض مدينة المعارض الجديدة بدمشق، التي تضمنت ثلاثة معارض متزامنة، وهي: “روميكس الثاني للمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج”، و”كيم إكسبو الخامس للصناعات الكيميائية”، و”سيريا بلاست السادس للصناعات البلاستيكية”.

الشركات السورية الكيميائية 2025-07-27Ali Ghaddarسابق وزير التعليم العالي يبحث مع جامعة باشاك شهير واقع التعليم العالي الخاص في الشمال السوريآخر الأخبار 2025-07-27الشركات السورية الكيميائية بمعرض كيم إكسبو تبرز قدرتها على المنافسة 2025-07-27وزير التعليم العالي يبحث مع جامعة باشاك شهير واقع التعليم العالي الخاص في الشمال السوري 2025-07-27تعيين مجلس مؤقت لنقابة المحامين السوريين المركزية 2025-07-27وزارة الداخلية تؤكد عدم وجود أي حساب لها على منصة إكس لتلقي شكاوى الجرائم الإلكترونية 2025-07-27أزمة مياه حلب تحت المجهر: ورشة عمل تبحث الحلول والتحديات 2025-07-27وزير التعليم العالي ومحافظ دمشق يبحثان آليات التعاون وتعزيز الدور المجتمعي للجامعات 2025-07-27وزير الصحة السوري يبحث مع الوكالة الألمانية سبل دعم القطاع الصحي 2025-07-27صحيفة الرياض السعودية: استعادة سوريا لمكانتها العربية تشكل ضرورة وليس خياراً 2025-07-27ورشة عمل بدمشق تناقش الإجراءات الموحدة لإطلاق النظام الوطني لإدارة حالة الطفل 2025-07-27دخول صهريجين من المحروقات إلى السويداء

صور من سورية منوعات اختفاء غامض لعشرات الطواويس من فندق تاريخي في كاليفورنيا 2025-07-27 أمازون تغلق مختبرها للذكاء الاصطناعي بالصين 2025-07-25
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • تعزيز المحتوى المحلي في القطاع الصناعي بمحافظة ظفار
  • الهيئة العامة للمنافذ: منع استيراد 20 منتجاً حرصاً على دعم الإنتاج المحلي
  • مسؤولون يزورون عددا من المصانع لتعزيز المحتوى المحلي في ظفار
  • لدعم الإنتاج المحلي.. الزراعة العراقية توقف استيراد العنب والتين
  • الرئيس السيسي يوجه بتوطين صناعات البتروكيماويات والتعدينية.. نواب: تؤكد اهتمام الدولة بالقطاع لتحقيق التنمية.. وخطوة نحو تعميق المنتج المحلي
  • شيمي: قطاع التشييد ركيزة أساسية للتنمية العمرانية
  • الشركات السورية الكيميائية بمعرض كيم إكسبو تبرز قدرتها على المنافسة
  • وزير البترول: توطين الصناعات ركيزة أساسية لتقليل فاتورة الاستيراد
  • وزير الثقافة: «ليالينا في العلمين» يؤكد توجه الدولة نحو دمج الثقافة بقلب التنمية الشاملة
  • أمير الشرقية: الجامعات تمثل ركيزة أساسية في إعداد الكفاءات الوطنية