لبنان ٢٤:
2025-06-13@14:46:25 GMT

هل يخاطر العهد بمعاداة طائفة اساسية؟

تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT

في خضمِّ الأزمات المتشابكة التي يعيشها لبنان، تشهد الشوارع اللبنانية تصاعداً في التوترات، لا سيّما مع عمليات قطع الطرقات من قبل أنصار "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل)، والتي تشكل تعبيراً عن رفضهم للسياسات الحالية وتأكيداً على قدرتهم على التأثير في المشهد الداخلي بعد الحرب المدمرة التي مرت بها الطائفة الشيعية.



في الايام الأخيرة، تكرر قطع طرقات رئيسية كطريق المطار وجسر الرينغ، باستخدام الإطارات المشتعلة، في خطوةٍ تذكِّر بأساليب الضغط التي اعتمدها الحزب سابقاً بعد العام 2006 . وهذه التحركات التي تأتي في سياق احتجاجاتٍ على منع طائرة إيرانية من الهبوط في مطار بيروت، ورفضاً لما يُوصف بـ"الوصاية الاميركية"، قد تكون مسارا مستمرا . لكنّ هذه التكتيكات، رغم فاعليتها، تطرح تساؤلاتٍ عن مدى قدرة الحزب على استعادة نفوذه السابق في ظلِّ تراجعه الإقليمي وضغوط الواقع اللبناني المُنهك.

في قلب هذه التطورات، يُطرح سؤالٌ إشكاليٌّ حول قدرة الرئيس جوزيف عون على إدارة مرحلةٍ سياسية معقدة، خاصةً مع معارضة طائفةٍ تُعدُّ ركيزةً في النظام الطائفي اللبناني.

 فالنظام اللبناني قائمٌ على توازناتٍ هشة بين المكونات، والطائفة الشيعية، وإن بدا نفوذها مُتراجعاً مؤخراً بسبب الخسائر العسكرية والسياسية، ما تزال قادرةً على تعطيل مسار الحكم عبر آلياتٍ دستورية، كالانسحاب من الحكومة أو رفض منح الثقة، مما يحوّلها إلى "حكومة بتراء" كما حدث عام 2006.


فهل يستطيع عون، الذي وصل إلى الرئاسة بدعمٍ واسعٍ لكنه يواجه تحدياتٍ داخلية وإقليمية، تجاوز هذه المعضلة من دون تفكيك التوافق الهشّ الذي أوصله إلى الحكم؟

أما نواف سلام، رئيس الحكومة ، فيواجه مصيراً اقل صعوبة. فحكومته المؤقتة، التي تُعتبر محاولةً لإنقاذ لبنان من الانهيار، قد لا تعيش طويلاً، خاصةً مع اقتراب الانتخابات النيابية المقررة عام 2026، وليس لديها ما تخسره فهل تستطيع توريط عون في اشتباك سياسي كبير يدمر عهده الذي سيستمر ست سنوات ؟

التساؤل الأكثر إلحاحاً الآن: هل سيقرر "حزب الله" الذهاب إلى التصعيد الشعبي بعد 18 شباط، وهو الموعد المُفترض لانسحاب إسرائيل من المناطق المُحتلة وفق اتفاق وقف إطلاق النار؟ الاتفاق الهشّ، الذي تم تمديده، بات عُرضةً للانهيار مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ورفض تل أبيب الانسحاب الكامل. إذا فشل المسار الدبلوماسي، قد يلجأ الحزب إلى خياراتٍ أكثر صرامة، كتجديد المواجهات العسكرية أو تعميم الاحتجاجات الداخلية، مما سيُفاقم الأزمات الاقتصادية والأمنية التي يعاني منها لبنان، كالانهيار المالي وتقنين الكهرباء.

لكنّ هذا السيناريو يحمل مخاطرةً كبيرةً للحزب نفسه، الذي يُدرك أنَّ لبنان لم يعد قادراً على تحمّل حربٍ جديدة، وأنَّ المجتمع الدولي يراقب عن كثب.


تُجسّد الأزمة اللبنانية الحالية صراعاً بين منطقَيْن: منطق الاصرار على استعادة الدور الذي يعتمده "الثنائي الشيعي" لتعويض تراجعه، ومنطق استغلال التطورات الذي تحاول السلطة الجديدة ترسيخه. لكنَّ السؤال الأعمق يبقى: هل يمكن لهذا النظام الطائفي المُنهك أن ينجو من اختباراتٍ قد تُعيده إلى حقبة الصراعات الدامية، أم أنَّ اللبنانيين سيجدون أنفسهم أمام مفترق طرقٍ تاريخيٍ يتطلب إعادة تعريفٍ جذريةٍ لأسس العقد الاجتماعي؟
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ترامب يخاطر بإرساله قوات إلى لوس أنجلوس

دروس التاريخ الأمريكي يجب أن تجعل أي رئيس يتوخى الحذر عند نشر القوات، سواء كانت من الحرس الوطني أو من القوات النظامية، لاحتواء الاضطرابات الداخلية. أحد الأحداث التي أدت إلى اندلاع الثورة الأمريكية وقع في بوسطن عام 1770، عندما أُرسلت قوات بريطانية للرد على احتجاجات ضد الضرائب. وبدلا من إخماد التوتر، أشعل الجنود الفتيل بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص فيما عُرف لاحقًا باسم «مجزرة بوسطن».

ومنذ ذلك الحين، نادرًا ما استُخدمت القوات الأمريكية داخل البلاد، سواء لأهداف نبيلة، مثل محاربة المتطرفين البيض المسلحين في الجنوب خلال مرحلة إعادة الإعمار، أو لأهداف مشينة، مثل قمع الإضرابات العمالية خلال العصر الذهبي. وعلى الرغم من قلة هذه الحالات، فإنها كثيرًا ما أفضت إلى مآسٍ شهيرة. من أبرزها مجزرة لودلو عام 1914 حين قتلت قوات الحرس الوطني في كولورادو ومسلحون من شركة خاصة 25 شخصًا من عمال المناجم وعائلاتهم، وهجوم الجيش الأمريكي على قدامى محاربي الحرب العالمية الأولى عام 1932 أثناء احتجاجهم للمطالبة بمستحقاتهم، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم، وحادثة إطلاق النار في جامعة كينت عام 1970 حين قتلت قوات الحرس الوطني في أوهايو أربعة طلاب خلال مظاهرة ضد حرب فيتنام وجرحت تسعة آخرين.

هذا التاريخ المظلم يُظهر أن الرئيس دونالد ترامب يلعب بالنار من خلال إعلانه السيطرة الفدرالية على الحرس الوطني في كاليفورنيا رغم اعتراض الحاكم الديمقراطي جافين نيوسوم، وإرسال القوات إلى لوس أنجلوس للتعامل مع الاحتجاجات التي أثارتها حملات الترحيل الواسعة ضد المهاجرين غير النظاميين. وبدلا من التحلي بالحذر اللازم، يبدو أن ترامب متعطش لصدام مباشر.

في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، زعم ترامب أن لوس أنجلوس «اجتاحها واحتلها مهاجرون غير شرعيين ومجرمون»، وأنها تعج بـ«حشود عنيفة متمردة»، مؤكدا أنه أمر السلطات الفدرالية بـ«تحرير لوس أنجلوس من الغزو، ووضع حد لهذه الفوضى التي تسببها المهاجرون». لكن هذا الخطاب المثير لا أساس له من الصحة. فالولايات المتحدة تشهد في الآونة الأخيرة أدنى معدلات عبور حدودي غير شرعي منذ عقود – وهو إنجاز تباهى به البيت الأبيض على موقعه الرسمي. كما أن الجريمة العنيفة في تراجع حاد على مستوى البلاد، بما في ذلك في لوس أنجلوس.

الطوارئ الوحيدة التي نشهدها هي تلك التي يفتعلها ترامب بنفسه من خلال فرض تعليمات على إدارة الهجرة تقضي بضرورة تنفيذ 3000 عملية اعتقال يوميًا، مقارنة بـ660 فقط يوميًا خلال أول 100 يوم من ولايته الثانية. ولا يمكن تحقيق هذه الأرقام التعسفية عبر استهداف المجرمين وعصابات الشوارع فقط، لذا لجأت السلطات إلى مداهمات بأسلوب شبه عسكري لملاحقة عمال اليومية في مواقف السيارات التابعة لمحال «هوم ديبو». وهؤلاء من الناس الذين يعملون لإعالة أسرهم ويسهمون في الاقتصاد. لذلك لم يكن مفاجئا أن تؤدي هذه الحملات إلى احتجاجات واسعة. ومع دخول الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس، تصاعدت وتيرة الغضب، ووقعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة والجنود. وللأسف، ارتكب بعض المتظاهرين أعمال عنف مثل رشق الشرطة بالمقذوفات أو حرق سيارات، ما منح ترامب ذريعة ليصورهم كغزاة أجانب، خصوصًا مع رفع بعضهم أعلام المكسيك أمام الكاميرات.

وليست هذه المرة الأولى التي يُظهر فيها ترامب حماسة لاستخدام الجيش في الشوارع، خلال احتجاجات جورج فلويد في 2020، ورد أنه ضغط على رئيس هيئة الأركان الجنرال مارك ميلي ووزير الدفاع آنذاك مارك إسبر لـ«كسر جماجم» المتظاهرين، وتساءل عما إذا كان بإمكان القوات إطلاق النار على أرجلهم. لكن ميلي وإسبر رفضا بشكل قاطع مثل هذه الأوامر، بل ورفضا أيضا نشر قوات نظامية. وقد تم حينها نشر الحرس الوطني، الذي تصرف، في معظم الحالات، بضبط نفس مقبول.

هذا الماضي يفسر حرص ترامب على تعيين شخصيات أكثر طاعة له هذه المرة. فأقال رئيس الأركان الذي كان قد عيّنه بايدن، واستدعى من التقاعد ضابطًا برتبة فريق، دان كاين، ليتولى المنصب، معتقدًا، على الأرجح، أنه سيكون مواليًا له. كما اختار مقدم البرامج في قناة «فوكس نيوز» بيت هيغسيث وزيرا للدفاع، وهو الذي صرح خلال جلسات تثبيته أنه لا يمانع من حيث المبدأ استخدام القوة ضد المتظاهرين.

كانت فترة هيجسيث في وزارة الدفاع مضطربة للغاية، إذ شهدت فوضى متواصلة داخل فريقه، إلى جانب فضيحة استخدامه لتطبيق «سيجنال» غير المؤمّن لتبادل معلومات عن هجوم عسكري مخطط له على الحوثيين في اليمن. وقد أعرب ترامب نفسه عن انزعاجه من الدعاية السلبية التي تحيط بوزيره، ومن تسريبه خططًا للبنتاجون إلى إيلون ماسك، الذي يملك مصالح اقتصادية كبيرة في الصين.

ليس مفاجئا إذن أن يظهر هيجسيث كعامل تأجيج وليس تهدئة في مواجهة احتجاجات لوس أنجلوس. وربما من باب محاولته استعادة ثقة الرئيس، أعلن عبر «تويتر» يوم السبت أنه «يتم تعبئة الحرس الوطني فورا»، مضيفا أن «في حال استمرت أعمال العنف، فسيتم نشر قوات المارينز من معسكر بندلتون ـ وهم في حالة تأهب قصوى». ووفقا لما نقلته «سي إن إن»، فإن كتيبة من المارينز في قاعدة توينتي ناين بالمز بدأت الاستعداد للانتشار.

من الواضح أن هيجسيث مستعد للمخاطرة بوضع الجنود في موقف حساس لا ينبغي أن يُوضعوا فيه، ما قد يحوّلهم إلى أدوات سياسية في أزمة مفتعلة تتيح للرئيس توسيع سلطاته التنفيذية. وفي ظل هذا الوضع، تقع المسؤولية على كاهل القيادة العسكرية، من كاين إلى أدنى الرتب، لضمان الحفاظ على شرف المؤسسة وعدم التورط في أي خرق لحقوق التظاهر التي ناضلت الأجيال السابقة لحمايتها. لا يمكن للجنود رفض أوامر قانونية، ولكن بوسع قادتهم أن يمارسوا ضغطا داخليا لضمان ألا يزيد وجودهم في الشوارع الأمور سوءا.

ماكس بوت هو كاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست وزميل كبير في مجلس العلاقات الخارجية. ومن مؤلفاته الأخيرة كتاب «ريجان: حياته وأسطورته».

عن واشنطن بوست

مقالات مشابهة

  • الخارجية اللبنانيّة أدانة الإعتداء الإسرائيليّ على إيران
  • توقيف وزير الاقتصاد اللبناني السابق بشبهات فساد
  • خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد يعزيان رئيسة جمهورية الهند في ضحايا حادث تحطم طائرة الركاب التي سقطت على مبنى سكني بالهند.
  • اللقاء اللبناني السرّي في القاهرة
  • «اليونيفيل» والجيش اللبناني يوقعان مذكرة تعاون
  • ترامب يخاطر بإرساله قوات إلى لوس أنجلوس
  • رئيس البرلمان اللبناني: نرفض مغادرة الـ"يونيفيل" ولا نقبل بتعديل المهمات التي تقوم بها
  • رئيس الوزراء اللبناني يبحث الأوضاع في الجنوب مع مسؤولة أممية
  • لجنة الإِبداع اللبناني: زيارتُهُم في بَلْداتهم
  • سلام والمبعوث الفرنسي يبحثان تطورات الجنوب اللبناني