د. محمد بشاري يكتب: هل التعددية الثقافية والمذهبية عامل استقرار أم فتيل صراعات؟
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
التعددية الثقافية والمذهبية حقيقة راسخة في المجتمعات الإنسانية، تعكس تنوعًا غنيًا في الأفكار والعقائد والتقاليد. لكن هذا التنوع، الذي يفترض أن يكون مصدر إثراء، يتحول أحيانًا إلى محور صراعات تهدد استقرار الدول وتماسكها. هل يمكن اعتبار التعددية عاملًا يعزز الوحدة الوطنية، أم أنها بطبيعتها تفتح المجال أمام الانقسامات والتوترات؟ الجواب يتوقف على قدرة الدول على إدارتها ضمن إطار يحافظ على التوازن بين الهويات المتعددة والانتماء الوطني المشترك.
في الفكر السياسي والفلسفي، يُنظر إلى التعددية على أنها ضرورة تفرضها طبيعة المجتمعات المعاصرة، إذ لا يمكن لأي كيان سياسي أن يقوم على التجانس المطلق. المفكرون منذ عصر التنوير، مثل جون لوك وإيمانويل كانط، رأوا أن الاعتراف بالتنوع شرط أساسي للحرية والتقدم. لكن هذا المفهوم، الذي بدا مثاليًا في السياقات النظرية، اصطدم بتحديات الواقع، حيث وجدت دول كثيرة نفسها عاجزة عن التوفيق بين احترام التعددية وحماية وحدتها الوطنية.
عبر التاريخ، شهدت البشرية تجارب مختلفة في إدارة التنوع. بعض الدول نجحت في تحويل التعددية إلى عنصر قوة واستقرار، من خلال بناء مؤسسات سياسية تضمن العدالة والمساواة لجميع مكوناتها، بينما وجدت أخرى نفسها غارقة في صراعات داخلية بسبب الفشل في احتواء التعدد أو بسبب استغلاله من قبل قوى داخلية أو خارجية لخدمة أجندات تفكيكية. في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، باتت مسألة التعددية أكثر إلحاحًا، خاصة مع تصاعد النزاعات التي يغذيها الخطاب الطائفي أو العرقي، مما يفرض إعادة التفكير في كيفية بناء دولة وطنية قادرة على إدارة هذا التنوع دون أن يتحول إلى تهديد لاستقرارها.
التحدي الأساسي اليوم ليس في وجود التعددية بحد ذاتها، بل في كيفية التعامل معها: هل تُترك لتكون وقودًا للنزاعات، أم تُستثمر في بناء مجتمع قادر على التعايش ضمن إطار وطني جامع؟ الجواب عن هذا السؤال ليس مجرد تنظير فكري، بل هو مسألة مصيرية تحدد مستقبل الدول ومجتمعاتها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الوحدة الوطنية المجتمعات الإنسانية التعددية الثقافية المزيد
إقرأ أيضاً:
دعا اليمنيين الى الحوار ..محمد بن سلمان : حريصون على استمرار التعاون مع أميركا لأجل استقرار المنطقة
الرياض - مع انطلاق القمة الخليجية الأميركية في الرياض التي تجمع قادة الخليج مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في العاصمة السعودية الرياض، اليوم الأربعاء، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إننا حريصون على استمرار التعاون والتنسيق مع أميركا من أجل استقرار المنطقة، حسب و(واس).
وفي افتتاح القمة، أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، أن العلاقات مع الولايات المتحدة هي شراكة استراتيجية، مضيفاً "دول مجلس التعاون تؤكد على الشراكة الاقتصادية مع أميركا".
كما قال "نشيد بقرار الرئيس الأميركي رفع العقوبات عن سوريا".وفي ملف غزة قال ولي العهد السعودي "يجب إنهاء الحرب في غزة، وإيجاد حل دائم وشامل للقضية الفلسطينية"، مضيفاً "نسعى بالتعاون مع أميركا لوقف التصعيد في قطاع غزة".
وفي الشأن السوداني قال ولي العهد السعودي "سنواصل جهودنا لإنهاء الأزمة في السودان، والتوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار".
أما في الشأن اليمني فقال "نشجع على الحوار بين الأطراف اليمنية والوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن".
وفي ملف أوكرانيا قال "مستعدون لمواصلة الجهود للمساعدة في حل الأزمة الأوكرانية".
وفي وقت سابق اليوم، وصل قادة دول الخليج وممثلوهم إلى الرياض للمشاركة في القمة الخليجية الأميركية، بعد يوم حافل في العاصمة السعودية، زاخر بالمباحثات وتوقيع الاتفاقيات بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي ختام القمة الخليجية الأميركية، غادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرياض متوجها إلى قطر، المحطة الثانية في جولته الخارجية الرسمية الأولى وبعدها إلى الإمارات.