التعددية الثقافية والمذهبية حقيقة راسخة في المجتمعات الإنسانية، تعكس تنوعًا غنيًا في الأفكار والعقائد والتقاليد. لكن هذا التنوع، الذي يفترض أن يكون مصدر إثراء، يتحول أحيانًا إلى محور صراعات تهدد استقرار الدول وتماسكها. هل يمكن اعتبار التعددية عاملًا يعزز الوحدة الوطنية، أم أنها بطبيعتها تفتح المجال أمام الانقسامات والتوترات؟ الجواب يتوقف على قدرة الدول على إدارتها ضمن إطار يحافظ على التوازن بين الهويات المتعددة والانتماء الوطني المشترك.

في الفكر السياسي والفلسفي، يُنظر إلى التعددية على أنها ضرورة تفرضها طبيعة المجتمعات المعاصرة، إذ لا يمكن لأي كيان سياسي أن يقوم على التجانس المطلق. المفكرون منذ عصر التنوير، مثل جون لوك وإيمانويل كانط، رأوا أن الاعتراف بالتنوع شرط أساسي للحرية والتقدم. لكن هذا المفهوم، الذي بدا مثاليًا في السياقات النظرية، اصطدم بتحديات الواقع، حيث وجدت دول كثيرة نفسها عاجزة عن التوفيق بين احترام التعددية وحماية وحدتها الوطنية.

عبر التاريخ، شهدت البشرية تجارب مختلفة في إدارة التنوع. بعض الدول نجحت في تحويل التعددية إلى عنصر قوة واستقرار، من خلال بناء مؤسسات سياسية تضمن العدالة والمساواة لجميع مكوناتها، بينما وجدت أخرى نفسها غارقة في صراعات داخلية بسبب الفشل في احتواء التعدد أو بسبب استغلاله من قبل قوى داخلية أو خارجية لخدمة أجندات تفكيكية. في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، باتت مسألة التعددية أكثر إلحاحًا، خاصة مع تصاعد النزاعات التي يغذيها الخطاب الطائفي أو العرقي، مما يفرض إعادة التفكير في كيفية بناء دولة وطنية قادرة على إدارة هذا التنوع دون أن يتحول إلى تهديد لاستقرارها.

التحدي الأساسي اليوم ليس في وجود التعددية بحد ذاتها، بل في كيفية التعامل معها: هل تُترك لتكون وقودًا للنزاعات، أم تُستثمر في بناء مجتمع قادر على التعايش ضمن إطار وطني جامع؟ الجواب عن هذا السؤال ليس مجرد تنظير فكري، بل هو مسألة مصيرية تحدد مستقبل الدول ومجتمعاتها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الوحدة الوطنية المجتمعات الإنسانية التعددية الثقافية المزيد

إقرأ أيضاً:

وضعتني في موقف صعب لا أحسد عليه.. حماتي قررت مصيري

بدموع الحسرة ومعالم الحيرة، اسمحيلي اليوم سيدتي أن أقف بين يديك طالبة المشورة. فما انا فيه من ضغط يندى له الجبين، لأن مصيري معلق بيد حماتي التي وضعتني بين المطرقة والسندان.

صدقيني سيدتي، فما أنا فيه لا يسرّ عدوا ولا حبيب، كما أنني في قمة الشجن لأن حتى زوجي لا يأبه لأمري وقد حرضته أمه ضدي. فتحوّل كبير الحب الذي كان بيننا مربوط بمسألة حملي من عدمها.

وحتى اضعك في الصورة سيدتي، فقد تزوجت ممن أحببته وضحيت من أجله منذ مدة قريبة، وقد كنت أخال أنني سأنال من الإهتمام والحب الكثير. كوني زوجة الإبن الوحيد لحماتي التي توفى عنها زوجها وهي في ربيع العمر. وقد ترك لها إبنا تكبره ثلاثة فتيات هن اليوم متزوجات ومستقلات بحياتهن.

الدلال والغنج اللذان كنت أصبو إليهما لم أجد منهما شيئا في حياتي التي ما فتئت أبدأها لأجد نفسي يوميا في مساءلات من حماتي وبناتها حول مسألة حملي. وكأني بهن قد زوجن إبنهن من أنثى لا دور لها سوى الحمل والإنجاب.لطالما تقبلت الأمر بصدر رحب وعللت المسألة بأنها نابعة من حب حماتي ومناها من أن يكون لها حفيد تستأنس به وترعاه. إلا أنّ الأمر تحوّل إلى هوس وتضييق للخناق، لدرجة أن زوجي أصرّ أن أزور الطبيبة المختصة في أمراض النساء لتعرف سبب تأخر حملي، وكأني بي متزوجة منذ سنوات وليس منذ بضعة أشهر.

لم يكن بإمكاني السكوت على الوضع أكثر ، فواجهت حماتي بمسألة أن تتركني وشأني أحيا حياتي بطريقة عادية فمسألة حملي بيد الله. وهي رزق يساق إلى الإنسان سوقا، كما أخبرتها أنه لا يجوز لها من باب الوقار الذي يجب أن تكون عليه كحماة مثقفة هي وبناتها أن تتدخل في مثل ذي أمور أعتبرها جدّ حميمية.

فوجدتها تخبرني بصريح العبارة أن مصيري في عش الزوجية مرهون بحملي في أقرب الأجال بولي العهد الذي تريده ذكرا حتى يحمل إسم العائلة ويخلدها. الأمر الذي لم أجد لدى زوجي أي إمتعاض منه مادام هو رغبة من أمه حتى يكون له إبن وحتى يحقق حلم الأبوة.

أنا في حيرة من أمري سيدتي، فكيف يمكنني الخروج من هالة الأحزان التي أحياها وأنا في بداية زواجي؟
أختكم ش.ريان من الوسط الجزائري.

الـــــــــــــــــــــــــــردّ:

في البداية لا يسعني بنيّتي سوى أن أطلب منك أن تهوّني على نفسك بالقدر الذي تستطيعينه، ولا أخفي عليك أنّ ما تمرين به موقف لا تحسدين عليه،إلا أنّ التريث هو أكثر ما يجب عليك إنتهاجه حتى تتمكني من تجاوز هذه المحنة التي أتمنى أن لا يكون لتأثير الجانب النفسي فيها إنعاكاسات على مسألة الحمل.
من الطبيعي أن تحرص أي أمّ على مستقبل إبنها وراحة باله، حيث أن حماتك قلقة وجلة بشأن مسألة حملكم لأنها تريد أن تدب الحركة والحياة في بيت كسته الرتابة والهدوء، لكن أن يبلغ بها الأمر أن تساومك فيما ليس لك طاقة به فذلك ما لا يطاق.
حقيقة لقد خرقت حماتك حدود الحميمية التي بينك وبين زوجك وقد سمحت لنفسها أن تحدد مصير بقائك في عش الزوجية بمسألة إنجابك، وأنا من باب النصح بنيتي أؤيّد راي زوجك الذي قرر إصطحابك للطبيبة المختصة وهذا حتى تتمكن هذه الأخيرة من منحك من الفيتامينات والمقويات أو الهرمونات ما يساعد مسألة حملك.
متأسفة أنا لأنّ أجمل أيام عمرك تحولت إلى نقاش وعلاقات متشنجة مع أهل البيت، لكن في ذات الوقت أناشدك الحفاظ على هدوئك وسكينتك حتى لا تتهوري وتقترفي ما لا يحمد عقباه. كما أنني أتساءل عن أخوات زوج عوض أن تكنّ محضر خير بينك وبين أمهن سمحن لأنفسهنّ الخوض في أمور لو كنّ هنّ المعنيات بها لما سمحن لأي كان التدخل . لست بالعقيم بنيتي حتى تحسّي بالفسل، ولست في حرب حتى تحسيّ بأنك مغلوب على أمرك، فقط التريث والصبر هما سبيلك للفرج بإذن الله.
اللين والكياسة في التعامل مع الزوج مطلوبان،فالأمر متعلّق بوالدته وبمصيره كإبن لها عليه أن ينجب لها ولي العهد الذي لطالما حلمت به. أتمنى من الله أن يرزقك ويرزق كل محروم ذرية صالحة لا تعيي العين بالنظر إليها، وكان الله في عونك أختاه.

مقالات مشابهة

  • وضعتني في موقف صعب لا أحسد عليه.. حماتي قررت مصيري
  • رئيس الوفد السعودي في حضرموت: نرفض إدخال المدينة في صراعات جديدة
  • بوتين: روسيا ستكمل العملية العسكرية الخاصة حتى تحقيق أهدافها
  • محمد كركوتي يكتب: الإمارات... النمو الأعلى
  • د. محمد يحاضر عن: “الجغرافيا الثقافية لمنطقة نجد” مساء اليوم
  • إحالة أوراق عامل إلى المفتي لإعدامه بتهمة قتل شاب في الخصوص
  • إحالة أوراق عامل لمفتي الجمهورية لاتهامه بقتل شخص بعدة طعنات بالقليوبية
  • محافظ بني سويف يكرّم مشرف غرفة العمليات بالإسعاف لإنقاذه عامل نظافة
  • د.محمد عسكر يكتب: العقل العربي بين سطوة الخوارزميات وتآكل الوعي النقدي
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: وجدان العطاء