د. عصام محمد عبد القادر يكتب: ثمرات 30 يونيو 2013
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
نزول الشعب المصري في 30 يونيو 2013م، يطالب بحريَّته، وإقصاء أصحاب المآرب غير السَّويَّة؛ من أجل أن تنال الدولة الفرصة المُستحقَّة، تجاه تنمية حقيقية مستدامة، يشارك فيها الجميع دون استثناء لأحد، تُوجَّهُ من خلالها الطاقات، والثَّروات في نهضة، وإعمار هذا الوطن الكبير، الذي قد عانى كثيرًا؛ نتيجة للتهْميش المُتعمَّد، وفترة الرُّكود، في شتَّى مجالات الحياة؛ حيث تفاقم حالة العَوَز، وشيوع الاسْتسْلام المجتمعيِّ حينئذٍ.
الشَّعبُ مع الجيش، والقائد الجسُور قد استعاد كيان الدَّوْلة، وأعاد الهيْبة إلى مُؤسَّساتها، ودحْر الفوْضى، التي قد راهن على إحداثها جماعةُ الإخوان الإرهابيَّة، بل، بدأت مسيرة التنمية غير المسْبوقة في كافَّة رُبُوع الوطن، كما أخذ الإصْلاح، والصَّلاح طريقه سريعًا؛ ليدرك أصحابُ المصالح أن مصرَ فوق الجميع، وأن كلمة الشَّعب سيفٌ بتَّار، وحقوقه قد صانها الدستور، وحافظ عليها جيشٌ عظيمٌ، وشُرْطة باسلة؛ فاجتمعت العزيمةُ على أمر واحد، وهو فرض الاستقرار، والأمن، والأمان، مهما تكلَّفنا من تضحيات.
الشَّعبُ المِصْريُّ في ثوْرته المجيدة قد أكد على أن التردُّد، أو التَّراجع، أو الخُضوع، أو الاسْتسْلام؛ لتوجيه سفينة الوطن من قِبل جماعاتِ الظَّلام، يحْصدُ آثاره أجيالٌ تلْو الأُخرى، وتصبحُ البلاد على الدَّوام مُسْتهلكةَ الطَّاقة، وفاقدةَ القُدْرة تجاه إحْداث التنْمية المُسْتدامة، بل، تُوّجه كافَّة مواردها؛ لخدمة أجندة مُحدَّدة؛ لجماعة الإخوان، غير السَّويّة، التي قد غرستْ بُذُورَها في شتَّى أنْحاء العالم؛ فلا أهميَّة لسقوط الوطن في مُسْتنْقعٍ، يمتلئُ بالخيانة، والزَّيف؛ ومن ثم فقد فَقِهَ شعْبُ مصر العظيم أنه لا مكان للأمن، والأمان، والاسْتقرار في بِقَاع أرْض الوطن.
ثورة 30 يونيو تُعَدُّ بمثابة سفينة النَّجاة التي قد أكدت على ضرورة أن يُسارعَ جيْشُنا العظيم؛ ليحْميَ مُقدِّرات الوطن الماديَّة، والبشَّريَّة وبمشاركة المؤسَّسة الشُّرْطيّة الباسلة، كما قد حافظتْ مؤسَّساتُ مصْنع الرِّجال على حُدود مصر البرَّيَّة، والبحْريَّة، والجوْيَّة، وقامت ببتْر أقْدامٍ كانت قد اسْتهدفتْ أمن، وأمان، واستقرار وطننا الحبيب، وهذا يُؤَكِّد أن مؤسَّسات الدَّوْلة الوطنيَّة ولاؤها، وانْحِيازُها للشَّعب صاحب الشَّرْعيَّة، والتَّشْريع، وليس لجماعةٍ تحْكُم وفْق الْهوى، ومصالحها الخاصَّة، دون اعتبار لمصالح الدَّوْلة العُلْيا.
اسْتطاعت الدَّوْلة المصْريَّة تحقيق أمْنَها القوميِّ في شتَّى أبعاده المُخْتلفة؛ فكان هناك فٍكْرًا اسْتراتيجيًّا قد ساعد في عوْدة البلاد إلى مكانتها المُسْتحقَّة بين الدُّوَل؛ ومن ثم جاء تأكيد السِّيادة في قِمَّة هرم الأوْلويات؛ فتحقَّقَ الأمْنَ القوْميَّ في بُعْده العسْكريِّ، وباتت حدود الدَّوْلة مُؤمَّنةً من صور المخاطر، التي كانت تحْدقُ بها، بعد أن نزع الشَّعبُ الغِطاء عن جماعات الظَّلام، وأُطيحَ بحكم قد سعى إلى الاستبداد، وفرْض هيْمنة، قد تسْتمرُّ إلى قرونٍ.
الوعي بأهميَّة الملَّف الاقتصاديِّ، قد جعل هناك يدًا، تبني رغم التَّحدِّيات المحيطة على المسْتويين الداخليِّ، والخارجيِّ؛ لذا لم يتأخر قرار الإعمار؛ لتدشين مشروعاتٍ قوميَّةً، عظيمة الشأن، والغاية في سائر رُبوع الوطن، وتبدأ جهود الإعمار في العمل دون توَّقف؛ ومن ثم أبهرت إنجازات الدولة المصريَّة العالم بأسْره؛ فما كان لأحد أن يتصوَّر أن تخرج مصر من نفقٍ مُظْلم، وتنْطلق بكل قُوَّة تجاه التنمية بكامل قدْرتها، وطاقتِها.
الشَّعْبُ المصْريِّ، و القيادة السِّياسيَّة الحكيمة، ومؤسسات الدَّوٓلة الرَّسْميَّة كان لهم القُدْرة على قِراءة المشْهد؛ لذا فقد تضافرت القُوَى الوطنيَّة بفضل العزيمة، والإرادة، التي قد تحلَّى بها الجميعُ؛ كي تُواجه كافَّة التهْديدات، بكل ثبات، فهُناك قناعةٌ تامَّةٌ بأن النَّسِيجَ المِصْريِّ، لا يقبل المسَاسَ به، وأنَّ من يحاولُ إضْعَاف الثِّقة بين الشَّعب، ومُؤَسَّسات الدَّوْلة، وقيادتها فهو خائبُ الظَّن، والمسْعى؛ لذا فقد حقَّقت الثَّوْرةُ المجيدةُ انْتصَاراتِها الَّتي نحْتفِلُ، ونحْتفِي بها كُلَّ عامٍ في هذا المِيْقات.
في ذِكْرى 30 يونيو 2013م نترَحَّمُ على شُهدائِنا من بني وطني، الذين قدَّموا الأرْواح، والدِّماء الذَّكيَّة من أجل حُرْيَّة هذا الوطن من الإرْهاب الأسْود، الذي قد غدا يعيثُ في الأرض فسادًا، ويُحرِّقُ الأرْض، ويدَمِّرُ كُلَّ ما عليها، ويتجرَّؤُ على الدِّماء الذَّكيَّة البريِئة في البلد الأمين، ونُثٍّمنُ جهودَ الشُّجْعان من جيْشنا العظيم، مُخطَّطات الإرْهاب لجماعات الظَّلام، ونُقدِّر اصْطِفاف الشَّعبِ الأبيِّ مع قيادته، ومؤسَّسات الوطن من أجل القضاء على براثن الإرْهاب، واسْتكمال مسِيرة النَّهضةِ والعَطاءِ.. حَفِظَ اللهُ وطنَنا الغالي، وشعْبَه العظيمَ، ومؤسَّساته الوطنيّة المُخْلصة، وقيادتهِ السِّياسيَّة الرَّشيدةِ أبدَ الدَّهرِ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: 30 يونيو التی قد
إقرأ أيضاً:
ثورة 30 يونيو.. يوم استعاد فيه المصريون الوطن والهوية
تفصلنا أيام قليلة على الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، التي مثلت نقطة تحول فارقة في تاريخ مصر، حيث غيرت هذه الثورة مسار البلاد، وأنقذتها من الانزلاق في نفق مظلم مجهول، خاصة بعدما سيطرت جماعة الإخوان على مؤسسات الدولة، كما أنقذت الثورة مصر من محاولات الجماعة المتكررة لتغيير الهوية المصرية وجر البلاد إلى صراعات إقليمية.
ثورة 30 يونيو واستعادة الهوية المصريةأدرك الشعب المصري مبكرا خطورة هذا المسار الذي كانت ستسلكه البلاد، خاصة بعدما ظهرت نية جماعة الإخوان لتحويل مصر إلى أداة لتنفيذ أجندات خارجية، بهدف اختراق الدولة المصرية من الداخل.
لم يستغرق الأمر سوى عام واحد من حكم الجماعة لتنكشف نواياها الحقيقية، فقد سعوا إلى إضعاف مؤسسات الدولة، وتهميش القضاء، والسيطرة على الإعلام، واستعداء الجيش، والارتهان لقوى خارجية، مما شكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
لم تتوقف الجماعة الإرهابية عن استفزاز الشعب المصري، ففي 8 يوليو 2012، أصدر محمد مرسي قرارا جمهوريا بإعادة مجلس الشعب المنحل، متحديًا بذلك حكم المحكمة الدستورية العليا التي قضت بعدم دستورية قانون الانتخابات، وفي 22 نوفمبر 2012، أصدر إعلانًا دستوريًا مكملًا منح نفسه سلطات واسعة وحصن قراراته من الطعن القضائي، كما منع حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد.
أشعلت هذه الخطوات فتيل الاحتجاجات في الشارع المصري، وردًا على ذلك، حشدت الجماعة أنصارها في مظاهرات مؤيدة، وقام أعضاء وأنصار الإخوان بالاعتداء على المتظاهرين السلميين مستخدمين الأسلحة، مما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد عادوا الإعلام والصحافة، متوعدين كل من يتحدث عن انتهاكاتهم ومخالفاتهم.
وفي تحد آخر لاستقلال القضاء، أصدر محمد مرسي قرارًا بتعيين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار رئاسي لمدة أربع سنوات، ترتب على هذا القرار عزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، مما أثار غضبًا عارمًا داخل الأوساط القضائية، ولم يمر الأمر مرور الكرام، فقد عقد القضاة اجتماعًا طارئًا تحت عنوان «يوم أسود في تاريخ القضاء المصري»، لينتهي الصراع بانتصار إرادة القضاء وتراجع الرئيس الإخواني عن قراره.
وعاني الشعب المصري خلال حكم الإخوان من تدني الخدمات بشكل كبير، وتفاقمت الأوضاع سوءًا، حيث واصلت الجماعة استغلال الشعارات الدينية لتنفيذ مصالحها، لكن الشعب المصري كان على درجة كبيرة من الوعي، لذا بدأ المصريون في التحرك، وتمرد الشباب على حكم الإخوان وشرعوا في جمع ملايين التوقيعات من المصريين فيما عرف وقتها بحركة تمرد والتي قادها الشباب المصري.
ولكن قوبلت هذه الجهود بالاستهزاء من قبل مرسي وجماعته، ولكن المصريين كانوا على الموعد في 30 يونيو فخرج الملايين إلى الشوارع في واحدة من أكبر الحركات الشعبية في تاريخ مصر الحديث معلنين رفضهم القاطع لحكم جماعة الإخوان، ومطالبين باستعادة الدولة من مشروع كان يهدد بتفكيكها وإضعاف مؤسساتها.
اقرأ أيضاًمدبولي: ثورة 30 يونيو كانت بداية تصحيح المسار للدولة المصرية
«مصطفى بكري»: ثورة 30 يونيو عظيمة وستبقى خالدة في الذاكرة مدى الدهر