المطاعم في سوريا مؤشر على تعافي الاقتصاد بالبلاد
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
بات المشهد الغذائي في سوريا يعكس صورة واضحة لحالة البلاد بعد أكثر من 14 عاما من الحرب المدمرة، إذ تحولت الأسواق والمطاعم إلى رموز لمحاولات التعافي رغم ما خلفته الحرب من دمار اقتصادي واجتماعي واسع النطاق.
وتشير وكالة بلومبيرغ إلى أن الحياة في العاصمة دمشق بدأت تدب مجددا في الأزقة والأسواق، مع عودة تدريجية للأنشطة التجارية والمطاعم، لكن هذه العودة لا تزال بطيئة ومتعثرة بفعل تحديات مستمرة، من بينها التضخم وضعف القدرة الشرائية للسكان.
وعلى الجانب الآخر، تظل مدن مثل حلب غارقة في تداعيات الحرب، إذ لم تقتصر معاناتها على الدمار الذي ألحقته سنوات القتال، بل زادها زلزال عام 2023 خرابا، مما جعل وتيرة التعافي فيها أبطأ وأكثر تعقيدا، بحسب بلومبيرغ.
المطاعم والأسواق تعود للحياة ببطءوفي جولة عبر سوق مدحت باشا (أحد أقدم الأسواق في دمشق) لا يزال الزحام يعكس رغبة السكان في استعادة حياتهم الطبيعية.
وعلى الرغم من أن العديد من المطاعم التي كانت تحتضن شخصيات سياسية وزوارا دوليين قد تراجعت فإن بعض الأسماء العريقة مثل مطعم نارنج تحاول العودة، ولكن بوتيرة متواضعة.
المطعم -الذي كان في السابق رمزا للمشهد الغذائي الراقي في دمشق- لم يعد يملك سوى عدد قليل من العاملين مقارنة بفترة ما قبل الحرب.
في المقابل، يبدو أن أكشاك الطعام الشعبية قد استعادت زبائنها، مثل باعة القطايف (الفطائر المحشوة بالقشطة والمكسرات)، إذ يستمرون في تقديمها بالطريقة التقليدية نفسها رغم شح الموارد.
إعلانويقول أحد الباعة "على الأقل الآن يمكننا التنفس بحرية"، في إشارة إلى تحسن الأوضاع بعد سقوط النظام.
آثار الحرب على المطبخ السوريوتشير بلومبيرغ إلى أن تداعيات الحرب طالت حتى الأطباق التقليدية السورية، إذ تأثر إنتاج فلفل حلب الشهير نتيجة تدمير الحقول خلال سنوات الحرب.
هذا الفلفل -الذي كان رمزا للنكهة السورية- تراجع إنتاجه، لدرجة أن الأسواق أصبحت تعتمد على بدائل تركية.
ويؤكد أحد تجار التوابل في سوق البزورية أن بعض المزارعين يحاولون إعادة زراعة الفلفل في المناطق القليلة التي لم تتعرض للدمار الكامل، مع آمال في حصاد جديد بحلول يوليو/تموز المقبل.
أما مدينة حلب -التي كانت تعد عاصمة المطبخ العربي- فقد عانت من تدمير واسع النطاق، سواء بسبب القصف خلال الحرب أو الزلزال الذي ضربها عام 2023.
وأغلقت معظم المطاعم التقليدية الشهيرة أبوابها، وأبرزها مطعم "بيت سيسي" الذي احترق بالكامل عام 2012، في حين اضطر العديد من الطهاة الحرفيين إلى مغادرة البلاد، واستقر بعضهم في لبنان وتركيا وأوروبا، مما يثير تساؤلات عما إذا كان بإمكانهم العودة يوما ما لإعادة إحياء فن الطهو الحلبي.
تعافٍ حذرورغم الدمار فإن هناك دلائل على عودة الحياة إلى طبيعتها، ففي الطريق بين دمشق وحلب لا تزال بعض الاستراحات التي تقدم حلاوة الهريسة التقليدية في مدينة النبك تعمل بعد أن دُمرت معظم محلاتها خلال الحرب.
ويقول أحد الباعة "عانينا كثيرا، لكن الناس عادوا لشراء الهريسة، وهذا يمنحنا الأمل".
وفي حلب القديمة عاد بعض تجار التوابل لبيع منتجاتهم المحلية رغم صعوبة الاستيراد والتصدير، ويؤكد أحدهم أن الأسواق بدأت تشهد طلبا متزايدا على الفلفل الحلبي محليا ودوليا، مما قد يساعد في دعم إعادة زراعته واستعادة مكانته عالميا.
إعلان تراث الطهي كعنصر توحيدي لسورياوبحسب تشارلز بيري الباحث في تاريخ الطهي العربي، فإن "المطبخ السوري هو القاسم المشترك الذي يفتخر به جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو المناطقية، ويمكن أن يكون عنصرا موحدا للبلاد في المرحلة المقبلة".
ويضيف تقرير بلومبيرغ أن التعافي الحقيقي لا يقتصر فقط على إعادة الإعمار السياسي والاقتصادي، بل يشمل أيضا استعادة الثقافة السورية، والتي يعد الطعام أحد أهم عناصرها.
ويؤكد أن عودة بعض المطاعم والأسواق إلى العمل تشير إلى أن السوريين يسعون إلى إعادة بناء هويتهم بعد سنوات من التهجير والتدمير.
وفي ظل هذه التحولات تبقى هناك تحديات كبيرة، أبرزها إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير المواد الغذائية، واستعادة الطهاة المهرة الذين هاجروا خلال الحرب.
لكن مع ظهور علامات على انتعاش الأسواق والمطاعم يمكن القول إن سوريا رغم كل شيء تحاول استعادة نكهتها المفقودة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
استقرار بورصة "وول ستريت" في الافتتاح بعد إعلان بيانات التضخم
شهدت مؤشرات الأسهم الأمريكية بداية تداولات هادئة يوم الأربعاء، في ظل ترقب المستثمرين لبيانات التضخم التي جاءت أدنى من التوقعات، إلى جانب تقييمهم لاتفاق مبدئي بين الولايات المتحدة والصين يهدف إلى إعادة إحياء الهدنة التجارية بين البلدين.
وسجل مؤشر داو جونز الصناعي تراجعًا طفيفًا بأقل من 0.1%، بينما حافظ مؤشر S&P 500 على استقراره دون تغير يُذكر، وارتفع مؤشر ناسداك المركب بنحو 0.2%، مع اقتراب كل من مؤشري S&P وناسداك من مستويات إغلاق قياسية جديدة، مدعومين بتزايد التفاؤل بشأن فرص التوصل لاتفاقات تجارية.
ورغم إعلان واشنطن وبكين عن اتفاق مبدئي لإعادة تفعيل هدنة جنيف الجمركية، جاء رد فعل الأسواق باهتًا في البداية. وأشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولون آخرون إلى أن الاتفاق قد يسهم في معالجة خلافات قائمة، لا سيما في ملفات مثل المعادن النادرة والمغناطيسات، حسب ما أوردته منصة “ياهو فاينانس”.
وفي تطور لافت، أعلن ترامب في اليوم نفسه أن بلاده ستسمح مجددًا للطلاب الصينيين بالالتحاق بالجامعات الأمريكية، وهو ملف شائك برز منذ توقيع اتفاق جنيف في مايو الماضي، مضيفًا أن الاتفاق ما يزال بحاجة إلى موافقته وموافقة نظيره الصيني شي جين بينغ.
لكن الأسواق شهدت بعض الانتعاش لاحقًا، عقب صدور بيانات التضخم الأمريكية لشهر مايو، والتي جاءت أقل من التوقعات. فقد كشفت وزارة العمل أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 0.1% فقط خلال الشهر، مقابل توقعات بارتفاع قدره 0.2%، وهو نفس معدل الزيادة المسجل في أبريل.
أما على الأساس السنوي، فسجل المؤشر الأساسي – الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة – ارتفاعًا بنسبة 2.8%، مطابقًا للقراءة السابقة، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية على أساس شهري بنسبة 0.1% فقط، مقارنة بـ0.2% في أبريل. وكان المحللون قد رجحوا تسجيل زيادة سنوية بواقع 2.9% وشهرية بـ0.3%.
وتأتي هذه البيانات قبيل صدور قرار مرتقب من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية، والمقرر في 18 يونيو الجاري. وبعد الإعلان عن بيانات التضخم، ارتفعت احتمالات خفض الفائدة في سبتمبر إلى 59%، مقارنة بـ53.5% في اليوم السابق، وفقًا لتسعير الأسواق.
في السياق ذاته، ارتفع مؤشر راسل 2000، الذي يُعرف بحساسيته تجاه أسعار الفائدة، بنسبة 0.6% في بداية الجلسة، بينما قفزت أسهم شركة تسلا بأكثر من 2% خلال التداولات المبكرة، بعد أن خفف الرئيس التنفيذي إيلون ماسك من حدة تصريحاته تجاه الرئيس ترامب، معتبرًا أن بعض منشوراته السابقة كانت “مبالغًا فيها”، كما أعلن عن موعد مبدئي لإطلاق خدمة سيارات الأجرة الآلية الخاصة بالشركة في 22 يونيو الجاري