رئيس هيئة حقوق الإنسان: المملكة حريصة على نصرة القضايا العادلة
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
أكدت المملكة العربية السعودية, أهمية مضاعفة الاهتمام بحالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، في ظل الأحداث المؤسفة التي تجري في فلسطين، ودعت إلى رفض أي مواجهات أو محاولات لتقويض ذلك، حتى تقوم دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
جاء ذلك خلال كلمة معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان رئيس وفد المملكة الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري في الجزء رفيع المستوى من الدورة (58) لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وقالت:” إن المملكة شهدت إصلاحات وتطورات عديدة في حقوق الإنسان على مختلف المستويات في إطار “رؤية المملكة 2030″ التي ترتكز على مبادئ حقوق الإنسان بما في ذلك، المساواة وعدم التمييز في التمتع بالحق في التنمية، وتمكين المرأة والشباب والفئات موضع العناية الخاصة مثل الأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، والعمال الوافدين، فضلًا عن تحقيق جودة حياة مثالية للجميع, كما أسهمت الرؤية في تعزيز كفاءة وقدرة الجهات المعنية لاستضافة الأحداث والفعاليات العالمية الكبرى واضعةً الإنسان وحقوقه في سلّم أولوياتها”.
وأوضحت أن المملكة عملت على تطوير منظومتها التشريعية بما أسهم في بناء إطار قانوني متين يحمي ويعزز حقوق الإنسان، حيث تم تعديل وإصدار العديد من القوانين، وتحتضن الآن مجتمعًا متنوعاً يضم أكثر من 15 مليون أجنبي من أكثر من 60 جنسية، يشكلون أكثر من 44% من السكان، وهم يتمتعون بحقوقهم دون تمييز وبأعلى مستويات الحماية.
وأشارت رئيس هيئة حقوق الإنسان إلى أن المملكة لم تدّخر جهدًا في تعزيز الأمن والسلم الدوليين انطلاقًا من قيمها الراسخة، والتزامها بإعمال المبادئ المكرّسة في ميثاق الأمم المتحدة، وذلك ابتداءً من نصرتها للقضايا العادلة، والسعي لإنهاء الأزمات بما فيها الأزمة الأوكرانية، ومن ذلك وساطة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء التي تكللت بالإفراج عن عدد من الأسرى في إطار عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وقالت:” إذا ما أردنا أن يسود احترام حقوق الإنسان في أي مكان في العالم، فلا بد من الحفاظ على مجتمعات قوية ومتماسكة وذلك بالتصدي للممارسات التي يطال ضررها المجتمع بأسره مثل ازدراء الأديان والرموز الدينية، وخطاب الكراهية، وكذلك أهمية الحفاظ على الأسرة”.
واختتمت قولها بأن المملكة حريصة على تعزيز تعاونها الوثيق مع آليات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، مع أهمية احترام القِيَم المختلفة وعدم السعي لفرض قِيمٍ أحاديةٍ مُختارة على المجتمعات، والإقرار بتنوعها ثقافيًا وحضاريًا واستثمار ذلك في حماية وتعزيز حقوق الإنسان.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
الجامع الأزهر يناقش «حقوق الأبناء» في ملتقاه الفقهي: تكريم الإنسان يبدأ من الطفولة
الجامع الأزهر أمس، الاثنين، لقاءه الأسبوعي للملتقى الفقهي “رؤية معاصرة” تحت عنوان "حقوق الأبناء.. رؤية فقهية"، مستضيفًا كلًا من الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، وأدار الملتقى الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر.
استهل فضيلة الدكتور رمضان الصاوي الملتقى بالتأكيد على أن تكريم الإنسانية يبدأ بتكريم الأبناء، من خلال ما يقوم به الآباء من غرس قيم الإنسانية النبيلة في وجدان الأبناء، لهذا اهتم الإسلام بحقوق الأبناء على الآباء اهتماما بالغا، وكأن أول هذه الحقوق هي اختيار النسب، لهذا قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" لانعكاس هذا المعيار في اختيار شريك الحياة على الأبناء في كل شيء في حياتهم، لأنهم تربوا في كنف أبوين يجمعان بين الدين وحسن الخلق، ويؤكد هذا المعنى النبيل حديث آخر لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، في إشارة إلى تجنب مواطن الشر البشري التي قد تنعكس على الأطفال نتيجة قربهم من هذه المواطن، وهي عناية غاية في الدقة جاءت بها الشريعة الإسلامية، كضمانة لبيئة سليمة للأبناء.
وذكر فضيلة الدكتور رمضان الصاوي، أن “سلفنا الصالح، كان يراعي ضوابط اختيار البيئة المثالية للأبناء، وهو ما يظهر من قصة رجل جاء إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنه وأنَّبَه على عقوقه لأبيه، فقال الابن: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: أن ينتقي أمه، ويُحسن اسمه، ويُعلمه الكتاب (القرآن). فقال الابن: يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك: أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلاً (جعراناً)، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً، فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل، وقال له: أجئت إليّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك، وفي هذه القصة دليل عملي على أن الولد يُحافَظ علبه ويُعتَنى به حتى قبل أن يأتي إلى الدنيا، من خلال حسن اختيار أمه ، واختيار البيئة المناسبة لتربيته”.
وفصل فضيلة الدكتور رمضان الصاوي، بعد ذلك حقوق الأبناء على الآباء، بداية من الفرح والسرور به عند ولادته، ثم بعد ذلك أن يلحقه بنسبه لتكون له هوية وأصول معلومة في المجتمع، حتى لا يعير بنسبه بين بقية أفراد المجتمع، ونجد في هذا التشريع حماية وصيانة للمجتمع من الظاهرة التي باتت تعرف اليوم "بأبناء الشوارع"، والتي حدثت نتيجة عدم التزام فئه من نسبة أبنائهم إليهم، لأنهم أتوا نتيجة علاقات محرمة، فأورثوا أبنائهم الازدراء المجتمعي كنتيجة لنسبهم المجهول، مشيرا إلى أن من حقوق الأبناء على الآباء الحضانة والرعاية في كنف والديه ما دامت الحياة الزوجية قائمة، فإذا لم تكن قائمة فالأم هي الأولى بالحضانة لأنها بأبنائها أرفق، كما ورد أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني ، فقال عليه الصلاة والسلام : أنت أحق به ما لم تتزوجي ، لأن الأم أشفق وأقدر على الحضانة فكان الدفع إليها أفضل، وإليه أشار أبو بكر الصديق بقوله : ريقها خير له من شهد وعسل عندك يا عمر، عندما حصلت فرقة بين سيدنا عمر بن الخطاب وزوجته، ومن الحقوق الواجبة للأبناء هي الرضاعة، وما يليها من رعاية في مرحلة الطفولة والتي تتطلب عناية خاصة، وقد أعطانا سيدنا رسول الله صلى الله درسا عمليا في هذا : فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم "قبل الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه من لا يرحم لا يرحم".
من جانبه، أكد فضيلة الدكتور علي مهدي، عضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، أهمية الطفولة في حياة الإنسان، لهذا وضعت الشريعة ضوابط في التعامل مع الأطفال، خاصة أن الدين الإسلامي جاء على مجتمع كان يتسم بالغلظة والقسوة في التعامل مع الأطفال، لدرجة أن هذا المجتمع يرى أن في تقبيل الأطفال ضعف، فكان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الأطفال برحمة ورقة، لينزع هذه الغلظة من هذا المجتمع ويوضح لهم كيف يتعاملون مع أبنائهم، لأن تربية الأطفال عمادها الحقيقي هو الحنان والرحمة، ولا يغني الأبناء عنها أي شيء آخر في الدنيا وهو ما أكد عليه القرآن الكريم "وقل رب أرحمهما كما ربياني صغيرا"، في إشارة إلى الرحمة والعطف الذي ناله الطفل من أبويه في الصغر.
وبين فضيلة الدكتور علي مهدي، أن من أكبر المشكلات التربوية التي تواجه مجتمعنا المعاصر، هو عدم إدراك بعض الآباء طبيعة مرحلة الطفولة، ويتعامل معها بأساليب لا تناسبها، لهذا يشعرون أنهم فشلوا في تربية أبنائهم أو أن أبنائهم متمردون، والحقيقة عدم إدراكهم لمتطلبات مرحلة الطفولة هو السبب وراء ذلك، مشيرا إلى أن النقد الدائم للأبناء والتوبيخ لا يمكن أن يخرج جيلا سويا، كما أن النظرة الضيقة لبعض الآباء أن ينتظر من أبنائه ألا يخطئوا هي نتيجة سوء فهم لطبيعة مرحلتهم العمرية، وعدم إدراك لدوره في تقويم سلوكهم، وتعليمهم كيف يتعاملون مع المواقف المختلفة.
ودعا فضيلة الدكتور علي مهدي، الآباء والأمهات، إلى قراءة السنة النبوية قراءة جيدة، ليتعلموا منها كيف كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، يعامل الأبناء على قدر عقولهم وبقدر كل موقف ووفقا لطبيعة المرحلة التي يمرون بها، ولم يكن هذا من سبيل الكلام التنظيري، وإنما لأهمية هذه النعمة العظيمة جاءت مواقفه صلى الله عليه وسلم كلها عملية لتكون منهجا لأمته في التعامل مع أبنائها، من أجل بناء الثقة في نفوسهم، وتنشئتهم على تحمل المسؤولية واحترام حقوق الآخرين.
وفي ختام الملتقى، قال الدكتور مصطفى شيشي إن نعمة الذرية، هي إحدى الأمنيات التي يتمناها العبد في الدنيا، لأنها زينة للحياة، لهذا جاءت الشريعة الإسلامية مبينة حقوق الأبناء على الآباء من أجل صلاح الأسرة وصلاح المجتمع، من خلال تخريج جيل جديد متسلح بالقيم الإنسانية النبيلة التي فيها صلاح المجتمع بأكمله، لهذا بدأت هذه الحقوق مبكرا قبل أن يأتي الأبناء إلى الدنيا مرورا بكل مرحلة من مراحل حياتهم، وما قدمته الشريعة الإسلامية في جانب بر الآباء بالأبناء يعد دستورا تربويا شاملا.
يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.