غياب التمويل الأمريكي يعصف بالخدمات الصحية والإنسانية بالسودان.. قراءة
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
تواجه المناطق التي تعاني من الحروب والصراعات تحديات صحية وإنسانية بالغة الدقة كما هو الحال في السودان، ويتطلب تلبية الاحتياجات الأساسية في البلد العربي تنسيقا بين المؤسسات المحلية والدولية خاصة النشطة في تقديم الحماية والمساعدات والمناصرة للمتضررين.
وتزداد التحديات عندما تتعارض الاعتبارات السياسية والإدارية مع ضرورة تأمين المساعدات، ما يفرض على الجهات المعنية تكثيف جهودها لضمان استمرارية الخدمات الصحية.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، تضرر 335 مرفقا صحيا في السودان جراء قرار الإدارة الأمريكية تعليق التمويل المقدم للمؤسسات الإنسانية العاملة بالبلاد، "يعود القرار إلى تجميد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لثلاثة أشهر"، ما أثر كثيرا على الجهود الإنسانية في بلد يعاني أساسا من أزمة جوعٍ واسعة النطاق بسبب صراعٍ اندلع قبل عامين.
والوكالة الأمريكية للتنمية، هي وكالة حكومية مستقلة، شكلت إحدى أدوات التأثير الناعمة للولايات المتحدة حول العالم، إذ تبعت في عملها توجيهات وزارة الخارجية، وأدت دورا فاعلا في خدمة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية منذ نشأتها قبل 64 عاما على يد الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي.
وقف المساعدات الأمريكيةومع توليه السلطة في يناير الماضي، استهدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوكالة، فأخضعها لإشراف مباشر من قبل وزارة الخارجية، وقرر تجميد مساعداتها الخارجية مؤقتا، في إطار إعادة تقييم عملها، واتهمها بإهدار المال وإدارة مشاريع لا تتماشى مع المصالح الأميركية، وقد تتعارض مع القيم الأميركية، وقال إنها "تعمل على زعزعة استقرار السلام العالمي".
وأدى قرار تجميد الولايات المتحدة مساعداتها الإنسانية إلى إغلاق نحو 80% من مطابخ الإغاثة الجماعية التي أنشئت لمساعدة مَن شردتهم الحرب الأهلية في السودان، وفق تقارير إخبارية متعددة.
وقال متطوعون، إن القرار التنفيذي الذي اتخذه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوقف المساعدات التي تقدّمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لمدة 90 يوماً، أسفر عن إغلاق 1,100 من المطابخ الجماعية في السودان، فيما تشير التقديرات إلى أن القرار أثّر بالفعل على حوالي مليوني إنسان في السودان يكافحون أصلا من أجل البقاء على قيد الحياة.
فيما قال رئيس الفريق الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في مدينة أم درمان، جاويد عبد المنعم، في تصريحات لفرانس بريس، إن “تأثير قرار وقف التمويل بهذه الطريقة الفورية له عواقب مميتة”، مؤكدا أن "هذه كارثة إضافية للسودانيين الذين يعانون أصلا تداعيات العنف والجوع وانهيار النظام الصحي واستجابة إنسانية دولية مزرية".
وتفيد "أطباء بلا حدود"، بأنها تلقت طلبات من الجهات المعنية المحلية للتدخل السريع، لكنها لا تستطيع ملء الفراغ الذي تركه سحب التمويل الأمريكي.
وبحسب منظمة الصحة العالمية - فإن “تجميد التمويل الأمريكي أثر على 335 مرفقا صحيًا في السودان، بما في ذلك 57 مرفقا في دارفور”، فيما أشارت إلى أن هذا التجميد أثر على 13 شريكا في مجال الصحة، يعملون في 69 منطقة ضمن 15 ولاية من أصل 18 ولاية في السودان، بينهم 9 شركاء في دارفور، مما أثّر على 21% من المرافق الصحية في الإقليم.
أمّا عدد مرافق الرعاية الصحية في السودان قبل اندلاع النزاع، فقد قدر بنحو 6,500 منشأة و300 مستشفى عام، خرج ما بين 70 إلى 80% منها عن الخدمة في المناطق التي تشهد نزاعًا نشطا، فيما توقّف 45% في بقية المناطق.
وتسبب إيقاف التمويل الأمريكي في خلل كبير في قدرة قطاع الصحة داخل العديد من المناطق السودانية على الاستجابة، لا سيما وكالات الأمم المتحدة مثل: منظمة الصحة العالمية، ويونيسيف، ومنظمة الهجرة الدولية، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
فيما تواجه دارفور عبئا كبيرا في التصدي للتحديات الصحية، نظرا لتزايد أعداد النازحين وتأثر المجتمعات المحلية، إذ تواجه المرافق الصحية ضغوطا شديدة ونقصا حادا في الإمدادات والمعدات والكوادر.
وتفرض قوات الدعم السريع، التي تسيطر على معظم أرجاء دارفور، قيودا على تحركات المنظمات الإنسانية، وتتدخل في عملها، فضلا عن توجيهها للتركيز على سكان المدن ومجتمعات الرحل في تقديم المعونات.
وبحسب محللين ومهتمين بالشأن السوداني - فإن الولايات المتحدة ودول الغرب يتخذون سياسة "المعونات الإنسانية" كورقة ضغط سياسي لتحقيق أجنداتهم ومصالح دولهم، بدلا من تقديم نفسهم كشريك اقتصادي استراتيجي قادر على مد يد العون للشعوب التي تعاني الكثير بسبب ويلات الحرب الأهلية والانقسامات السياسية والوضع الأمني المتدهور.
ويؤكد المحللون، أن تقديم المعونة ذاتها، فضلا عن الشراكة، ينعكس سلبا على المجتمعات المتلقية، إذ تقع الحكومات التي تعتمد على هذه المساعدات في وهم "منطقة الراحة"، فتكتفي بالاتكال على المعونة دون بذل الجهد الكافي لبناء قدراتها الذاتية.
كما يشير المحللون إلى أنّ الحكومات "الواعية" ينبغي أن تبحث عن شركاء اقتصاديين موثوقين، بما يضمن قدرتها على مواجهة أي أزمة جديدة، بحيث تتمكن الدولة من الاتكاء على إمكاناتها الخاصّة لتلبية احتياجات شعبها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دونالد ترامب السودان الرئيس الأمريكي منظمة الصحة العالمية دارفور أطباء بلا حدود قوات الدعم السريع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مدينة أم درمان الإدارة الأمريكية المزيد التمویل الأمریکی الرئیس الأمریکی فی السودان
إقرأ أيضاً:
تحطم طائرة شحن عسكرية في السودان يفاقم الأزمة الإنسانية
شهدت القوات الجوية السودانية أمس كارثة مأساوية تحطم خلالها طائرة شحن عسكرية من طراز إليوشن 76 أثناء محاولتها الهبوط في قاعدة عثمان دقنة الجوية مما أدى إلى مصرع جميع أفراد الطاقم ويزيد من حجم الأزمة الإنسانية في البلاد.
سقطت طائرة شحن عسكرية في شرق السودان مما أثار حالة من الحزن والخسائر الكبيرة في صفوف القوات الجوية السودانية، شهد الحادث تحطم طائرة إليوشن 76 أثناء محاولتها الهبوط في قاعدة عثمان دقنة الجوية الواقعة بالقرب من مدينة بورتسودان الساحلية على البحر الأحمر، أكد مسؤول عسكري رفض الكشف عن اسمه أن خللا فنيا مفاجئا أصاب الطائرة كان السبب الرئيس في الحادث.
مصرع الطاقم بالكاملأعلن مصدر عسكري آخر أن جميع أفراد الطاقم لقوا مصرعهم في هذا الحادث المأساوي دون تحديد أعدادهم بشكل دقيق، ولم يصدر أي بيان رسمي من الجيش السوداني حول حجم الخسائر البشرية أو المادية الناجمة عن تحطم الطائرة.
تأتي هذه الكارثة في وقت تعيش فيه البلاد ظروفا صعبة بعد اندلاع الصراع بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وفصيل الدعم السريع برئاسة محمد حمدان دقلو منذ أبريل 2023، مما أودى بحياة عشرات الآلاف وأجبر نحو اثني عشر مليون شخص على النزوح داخليا أو خارجيا.
طائرة إليوشن 76 ودورها في العمليات العسكريةتعد طائرة الشحن المحطمة من نوع إليوشن 76 سوفيتية الصنع وقد دخلت الخدمة في القوات الجوية السودانية منذ سبعينيات القرن الماضي، وتمثل هذه الطائرات العمود الفقري في مهام نقل الإمدادات العسكرية الثقيلة والمساعدات الإنسانية والجنود عبر مناطق الصراع المختلفة.
يستدل من هذا الحادث على المخاطر التي تواجهها القوات الجوية في ظل التشغيل المتواصل لهذه الطائرات القديمة في بيئة غير مستقرة.
تحديات الصيانة وسط الصراعواجهت القوات الجوية السودانية منذ بداية الصراع في البلاد نقصا حادا في قطع الغيار والإمدادات الفنية اللازمة لصيانة طائراتها من طراز إليوشن، وهو الأمر الذي زاد من احتمال تعرض الطائرات لحوادث متكررة.
شهدت السنوات الأخيرة عدة تحطمات مشابهة للطائرات العسكرية من نفس الطراز، بعضها نتيجة أعطال فنية مباشرة، وأخرى بسبب استهدافها من قبل قوات الدعم السريع في مناطق الاشتباكات.
أضاف هذا الحادث إلى الضغط الكبير على الجيش السوداني الذي يعاني من محدودية الموارد وصعوبة تنفيذ العمليات الجوية بسبب الصراع المستمر منذ أبريل 2023، مما يجعل مهام نقل الإمدادات والجنود والمساعدات الإنسانية أكثر خطورة وتعقيدا.
تداعيات الكارثة على الوضع الإنسانيزاد تحطم طائرة الشحن العسكرية من حجم الكارثة الإنسانية في البلاد، إذ يمثل فقدان طائرة إليوشن 76 ضربة كبيرة لقدرة الجيش على نقل المساعدات والإمدادات العسكرية والإنسانية بشكل فعال.
يعاني المدنيون والعسكريون على حد سواء من محدودية الموارد في ظل استمرار الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأجبرت ملايين الأشخاص على الفرار أو اللجوء إلى مناطق أخرى داخل السودان وخارجه، كما ساهمت في تدمير المنشآت العامة والخدمية في مناطق واسعة من البلاد.
يأتي هذا الحادث ليؤكد هشاشة الوضع العسكري والإنساني في السودان ويبرز التحديات الكبيرة التي تواجه تشغيل الطائرات العسكرية القديمة في مناطق الصراع.
يتطلب الوضع تدخلات عاجلة لإدارة المخاطر وتخفيف الخسائر البشرية والمادية المرتبطة بهذا النوع من الطائرات في القوات الجوية السودانية.