قد تكون الثقة التي نالتها حكومة "الإصلاح والإنقاذ"، وهي نسبيًا ثقة "حرزانة"، مقدمة لا بدّ منها للانطلاقة الحكومية في عملها الشاق، خصوصًا أن ما ينتظرها من صعوبات وعراقيل يتطلب إزالتها أكثر من ثقة 95 نائبًا، وأكثر من النوايا الحسنة، وأكثر من الوعود والالتزامات، وأكثر من الامنيات. وهذا لا يعني التشكيك بنوايا رئيس الحكومة نواف سلام أو التقليل من أهمية حماسة الوزراء الناجحين في مضامير حياتهم المهنية والأكاديمية، ولمعظمهم سجلات نجاح حافلة.

ولكن النجاح في ميدان العمل الخاص لا يعني بالضرورة أن ينسحب على نوعية ما يمكن أن يعكسه هذا النجاح في ميدان العمل العام. فالأمر مختلف كثيرًا. ومن لم تكن له تجارب في العمل الإداري المتعلق بالشأن العام، وما فيه من بيروقراطية قاتلة للأحلام والطموحات لا يمكنه أن يراهن على نسب نجاح كبيرة. فالتوقعات شيء والوقائع شيء آخر. والفرق بينهما كبير جدًّا. فجميع الوزراء أو الذين تولوا مسؤولية عامة في الإدارات الحكومية بدأوا بتطلعات كبيرة وانتهوا بنتائج متواضعة.
الثقة التي نالتها حكومة "الإصلاح والإنقاذ" ضرورية كإطار عام لمسار طويل لن تكتمل حلقاته قبل استعادة هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى ثقة الناس. وثقة الناس تختلف في مضامينها ومفهومها عن ثقة النواب المفترض بهم أن يمثّلوا هؤلاء الناس تمثيلًا صحيحًا، وليس تمثيلًا صوريًا. على هؤلاء النواب أن يكونوا صوت ناسهم في البرلمان، من خلال ما يصدر عنهم من تشريعات تصب فقط في مصلحة المواطن، ومن خلال المراقبة الفعلية، ومن خلال مساءلة السلطة التنفيذية في حال قصّرت بالقيام بواجباتها حيال مواطنيها، ومن خلال المحاسبة الجدّية وسحب الثقة عن الحكومة مجتمعة أو عن أي وزير تثبت الوقائع الدامغة بأنه لم يلتزم بما تعهدّت به حكومته في بيانها الوزاري وفي ما يتعلق بالشق الخاص بوزارته، انطلاقًا من مبدأ أن كل وزير إذا "نظّف" وزارته مما علق بها من ترسبات الماضي ومن كل أسباب الفساد، التي أصبحت في مرحلة من المراحل سمة "الشاطر يللي بيشيلها من تمّ السبع"، وذهب الموظف "الصالح بضهر الطالح".
يكون الإصلاح عن طريق مكافحة الفساد بدءًا بالرؤوس الكبيرة، التي تدير كل عمليات الغش والسمسرة والبرطيل والرشوة. ومتى تمّ تنظيف الدرج الإداري بدءًا من أعلاه يصبح تنظيف الأسفل أسهل من سريان المياه في المنحدرات.
فإذا لم تتصرّف الحكومة في ممارساتها اليومية وكيفية تعاطيها مع الشأن العام بما ينسجم مع ما ورد في خطاب القسم الرئاسي وفي البيان الوزاري بنسبة 10 في المئة في هذه الاربعمئة يومًا فإن الثقة الممنوحة لها نيابيًا ولأسباب كثيرة لم تعد خافية على اللبنانيين، الذين باتوا لكثرة تجاربهم السابقة يعرفون "البير وغطاه"، ربما أكثر من بعض النواب، الذين تلعثموا وهم يلفظون كلمة "سِقة"، وتفركشوا بـ خيال الميكروفون"، لن تحقق المعجزات، خصوصًا إذا ما انتزعت ثقة الشعب منها إن لم تتطابق ممارساتها في السلطة مع ما سبق أن أعلنته والتزمت به. وهذا الشعب الذي اعتاد على كل أنواع التجارب المخيبة للآمال غير متطلب، لكن جلّ ما يطالب به هو قليل من كثير. وهذا القليل لا يحتاج إلى معجزات لكي يتحقّق، وبالتالي فهو في الوقت الحاضر لا يأمل في أن تُعاد إليه أمواله بكبسة زر كما اختفت. هو يعرف أن هذه المسألة أكبر من قدرات حكومة عمرها قصير نسبيًا. لكن جلّ ما يطالبه به، وهذا من حقّه الطبيعي، بأن يضمن بأن ودائعه لن تُشطب في عملية حسابية سريعة، وألا تكون كلمة "عدم شطب الودائع يجب أن تُشطب من القاموس اللبناني" مجرد كلام سبق أن سمعه من رأى جنى عمره يتبخّر كالسراب أكثر من مرّة.
وما يطالب به هذا الشعب المسكين يجب أن يوضع على أجندة أولويات العمل الحكومي، التي اتخذت لنفسها شعار "الإصلاح والإنقاذ". فمن أين ستبدأ لكي تستعيد ثقة الناس بدولتهم؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: ثقة الناس من خلال

إقرأ أيضاً:

10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت .. تعرّف عليها

كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن 10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت.

مجلس إعلام الأزهر يعلن عن معايير جديدة لقبول طلاب الإعلام الرقميوكيل الأزهر يشكّل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب الثانوية علمي من امتحان الفيزياء

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن أولى هذه النصائح أن يحافظ الطالب على أداء الصلاة في أوقاتها، وعلـى بـر الوالدين، ولا ينقطع عـن الدعـاء، وأن يسـأل اللـه مـن فضلـه، فإن خزائـن النعـم بيـده سبحانه؛ قـال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وثـق أن الله سبحانه لـن يضيع سعيك واجتهادك.

وتابع مركز الأزهر: حدد أوقاتًا مناسبة للمذاكرة، وأدر وقتـك، واحـرص علـى اسـتثماره؛ فالوقـت نعمـة عظيمـة وكنـز ثميـن، أوصـى سـيدنا رسـول الله ﷺ باستثماره؛ فقال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ». [أخرجه البخاري].

كما تابع مركز الأزهر في نصائحه للطلاب: ابدأ يومك مبكرًا، فوقت الفجر من أفضل أوقات استقبال المعلومات، ورتب أولوياتك، وخطط للمذاكرة بخطط ورقية أو إلكترونية، واجلس للمذاكرة في مكان هادئ، وإنارة مناسبة، وكرر القراءة أكثر مرة لتثبت معلوماتك.

كما نصح مركز الأزهر الطلاب، على أهمية مشاركة أكثر من حاسة في المذاكرة تساعدك على سهولة الاستيعاب، ولا تذاكر المواد المتشعبة على التوالي، وضع ملخصات، أو علامات بالفقرات تجعل مراجعتها مرة أخرى أيسر وأسرع.

وتابع: اطّلع على الأسئلة السابقة قبل الامتحان بوقت مناسب، لمراجعة المعلومات، وخذ قسطًا مـن الراحـة مـن حيـن لآخـر؛ كـي تسـتطيع التركيـز؛ ولا ترهـق ذهنـك بالمذاكرة الطويلة المتصلـة، وخصـص وقتًـا لممارسة بعـض الهوايـات النافعـة؛ لتتجدد بها الطاقة النفسية والجسدية، وضع أمامك أهدافًا عُليا، واسعَ إليها في جد ومُثابرة.

طباعة شارك مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية نصائح للطلاب 10 نصائح للطلاب استثمار الوقت تحصيل العلم

مقالات مشابهة

  • المالية النيابية تحمل الحكومة مسؤولية تأخير إرسال الموازنة للبرلمان
  • الأزهر يقدم 10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت
  • 10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت .. تعرّف عليها
  • الإصلاح المؤسسي وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية فى ندوة بجامعة أسيوط
  • نواب يكشفون عن توقعاتهم لمعدلات النمو في مصر خلال الفترة القادمة.. ويؤكدون: الإصلاح الاقتصادي يسير بخطى ثابتة
  • جلسة حكومة الإثنين في قصر بعبدا.. وهذا جدول أعمالها
  • 10 حوادث سير... وهذا عدد الجرحى في 24 ساعة
  • كيف يُحدث التعبير عن الامتنان نقلة نوعية في عملك وحياتك؟
  • الحكومة تصادق على مرسوم لتحسين وضعية المهندسين بوزارة العدل
  • الحكومة تصادق على توجيد الشهادات الجامعية و تسهيل الإعتراف الدولي بها