ماذا يخطط ترامب لمنطقة الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
من يشاهد الفيلم التسويقي عن غزة والذي يلعب بطولته كل من ترامب وملهمه آيلون ماسك وذراعه التنفيذي نتنياهو، مع ما يتضمنه من مشاهد خيالية عن أبنية مرتفعة بنماذج ناطحات سحاب، أو من مشاهد ولا في الأحلام لمنتجعات سياحية بنماذج غربية، مع مروحة من الصور غير الواقعية يحاول أن يرسمها هذا الفيلم ، لا يمكن إلا أن يتوقف حول الهدف من هذا التسويق، والذي لا يمكن أن يكون فقط للدعابة أو للتسلية، وخاصة في هذا التوقيت الاستثنائي من المشاريع السياسية الصادمة التي يروج لها ترامب، والتي يعمل فعلياً على السير بها وتنفيذها.
فماذا يمكن أن يكون الهدف أو الرسالة من هذا الفيلم التسويقي؟ وأية رسالة أراد إيصالها الرئيس ترامب؟ وما المشاريع الأمريكية الغامضة (حتى الآن) والتي تنتظر منطقة الشرق الأوسط برعاية أمريكية؟
بداية، وبكل موضوعية، لا يمكن إلا النظر بجدية إلى المستوى الحاسم بنسبة كبيرة، والذي يفرضه ترامب في أغلب الملفات التي قاربها حتى الآن، وبفترة قصيرة جداً بعد وصوله إلى البيت الأبيض رئيساً غير عادي.
أول هذه الملفات كان التغيير الفوري لاسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، مع كامل متتمات هذا التغيير في المراجع العلمية والجغرافية المعنية كافة، وذلك حصل خلال رحلة جوية له فوق الخليج المذكور.
ملفات الرسوم الجمركية مع كندا والمكسيك ودول أخرى، والتي دخلت حيز التنفيذ مباشرة بعد توقيعه الأوامر التنفيذية الخاصة بها، بمعزل عما يمكن أن يكون لهذا الملف من ارتدادات سلبية على تجارة الولايات المتحدة نفسها.
ملف التهديد الجدي بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وتداعياته التي ما زالت قائمة، مع ملف التهديد الجدي بالعمل لجعل كندا الولاية 51 للولايات المتحدة الأمريكية.
ملف قناة بنما وفرض انتزاع المميزات التجارية التي كانت الصين قد اكتسبتها من اتفاق رسمي مع سلطات بنما بعد إلغاء الأخيرة الاتفاق.
أهم هذه الملفات أيضًا، والتي فرض الرئيس ترامب تغييرًا دراماتيكيًا فيها بوقت قياسي، هو ملف الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث وضعها على سكة الحل القريب، بعد أن كان البحث في إمكانية إيجاد حل قريب لها مستحيلاً، وذلك بمعزل عن الصفقات التجارية الضخمة (وخاصة في المعادن الحيوية مثل الحديد والصلب أو النادرة مثل الليثيوم) ، والتي يبدو أنه على الطريق لفرضها مع أوكرانيا، واجتماع البيت الأبيض الأخير، العاصف وغير المتوازن مع الرئيس الأوكراني، والذي اضطر مرغمًا لإنهاء زيارته إلى واشنطن بعد أن أهين وهُدّد بعدم العودة إلا بعد إعلان استعداده لقبول الصفقة كما هي، والتي ستكون بديلًا عن استمرار هذه الحرب، ولو على حساب أوكرانيا وأراضيها، وأيضاً ستكون على حساب اقتصاد وموقع الأوروبيين حلفائه التاريخيين في حلف شمال الأطلسي.
أما في ما خص فيلم ترامب التسويقي عن غزة، والمقارنة مع الجدية التي أظهرها في متابعة ومعالجة الملفات الدولية المذكورة أعلاه، فيمكن استنتاج عدة مخططات ومشاريع أمريكية مرتقبة، في غزة بشكل خاص، أو في فلسطين وسورية ولبنان بشكل عام، وذلك على الشكل الآتي:
مشروع تهجير أبناء غزة بحجة تسهيل وتنفيذ إعادة الإعمار، رغم ما واجهه من رفض فلسطيني وعربي وإقليمي،ما زال قائماً بنسبة نجاح مرتفعة، والتسريبات حول دعمه قرارًا مرتقبًا لنتنياهو بالانسحاب من تسوية التبادل قبل اكتمالها، بعد فرض شروط جديدة، تؤكد أن ما يُخطط أمريكياً وإسرائيلياً لغزة هو أمر خطير، ولتكون المعطيات التي خرجت مؤخراً وقصدًا للإعلام، عن موافقة أمريكية سريعة لإسرائيل، لحصولها على صفقة أسلحة وذخائر وقنابل شديدة التدمير على وجه السرعة، تؤشر أيضاً وبقوة، إلى نوايا عدوانية إسرائيلية مبيتة، بدعم أمريكي أكيد.
أما بخصوص ما ينتظر سورية من مخططات، يكفي متابعة التوغل الإسرائيلي الوقح في الجنوب السوري، دون حسيب أو رقيب، لا محلي ولا إقليمي ولا دولي، والمترافق مع استهدافات جوية كاسحة لكل ما يمكن اعتباره موقعًا عسكريًا، أساسيًا أو بديلًا أو احتياط، وكل ذلك في ظل تصريحات صادمة لمسؤولين إسرائيليين، بمنع دخول وحدات الإدارة السورية الجديدة إلى كل محافظات الجنوب، وبحظر كل أنواع الأسلحة والذخائر من مختلف المستويات في جنوب سورية، مع التصريح الواضح بتأمين حماية كاملة لأبناء منطقة السويداء دفعاً لهم لخلق إدارة حكم ذاتي مستقل عن الدولة السورية.
أما بخصوص لبنان، فالعربدة الإسرائيلية مستمرة، في ظل الاحتلال والاستهدافات الواسعة وعلى مساحة الجغرافيا اللبنانية، رغم وجود لجنة مراقبة خماسية عسكرية، برئاسة ضابط أمريكي وعضوية فرنسي وأممي ولبناني وإسرائيلي. وليكتمل المشهد الغامض (الواضح) حول مخططات الرئيس ترامب المرتقبة للمنطقة، يكفي متابعة تصريح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن تفاؤله بشأن الجهود المبذولة لانضمام السعودية إلى اتفاقيات أبراهام، مرجحًا أيضاً انضمام لبنان وسورية إلى الاتفاق، بعد الكثير من التغييرات العميقة التي حدثت في البلدين المرتبطين بإيران”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: ترامب يرهن مستقبله السياسي بالحرب.. ضربة إيران قرار مصيري قد يُغير قواعد اللعبة
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، صباح اليوم الأحد 22 يونيو 2025، في تقرير تحليلي مثير للجدل، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن هجوم جوي على المنشآت النووية الإيرانية لم يكن مجرد إجراء عسكري بل "رهان استثنائي"، يعكس قناعة ترامب بضرورة تدمير برنامج طهران النووي، حتى وإن أدى ذلك إلى نزاع مفتوح في الشرق الأوسط.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الضربة تعد منعطفًا حاسمًا في مسيرة ترامب السياسية، كونه اتخذ قرارًا لطالما تردد فيه رؤساء سابقون، ويمثل تخلّيًا عن تعهدات سابقة بعدم التورط في حروب طويلة الأمد في الخارج.
عاجل- ترامب يكشف: حمولة كاملة من القنابل أسقطناها على "فوردو".. أمريكا تضرب إيران بذخائر ثقيلة ودقيقة عاجل- ترامب يحذّر إيران: “عليكم التوقّف فورًا وإلا ستُضربون مجدّدًا” رسالة قوة إلى الخصوم العالميينوفقًا لما أوردته "واشنطن بوست"، فإن ترامب يسعى من خلال هذه الضربة إلى إضعاف قدرات إيران العسكرية بشكل لا يمكنها معه تنفيذ ردود قوية أو فعالة، مشيرة إلى أن نجاح العملية من شأنه أن يوجه رسالة شديدة اللهجة إلى روسيا والصين وباقي خصوم الولايات المتحدة بأن واشنطن لا تتردد في استخدام القوة العسكرية متى اقتضت الضرورة.
وأكدت الصحيفة أن ترامب يدرك تمامًا حجم الرهان، فإما أن يُسجل في تاريخه نجاحًا استثنائيًا في كبح التهديد النووي الإيراني، أو أن ينزلق إلى مستنقع حرب طويلة قد تكلفه دعم قاعدته الشعبية وتضعف فرصه في إعادة انتخابه.
من مناهض لحروب الشرق الأوسط.. إلى منفذ لأكبر ضربة عسكرية
تطرقت الصحيفة إلى التحول السياسي المفاجئ في موقف ترامب، الذي كان من أبرز المنتقدين لحرب العراق في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، ورفض مرارًا خوض "حروب عبثية" في الشرق الأوسط.
لكن في خطاب دام ثلاث دقائق فقط ألقاه فجر الأحد، أعلن ترامب أن العملية "حققت نجاحًا عسكريًا رائعًا"، مؤكدًا أن منشآت تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران "دُمِّرت بالكامل"، دون الإشارة إلى نية إرسال قوات برية.
تهديد مباشر لطهران
وفي تصعيد خطابي واضح، قال ترامب: "إما السلام أو مأساة لإيران أكبر مما شهدناه خلال الأيام الثمانية الماضية"، مشيرًا إلى أن هناك "أهدافًا كثيرة" لا تزال على لائحة الضربات، وأن الولايات المتحدة مستعدة للتحرك بدقة وسرعة ومهارة إن لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية.
مخاطر التصعيد الإقليمي
رغم تأكيدات ترامب بنجاح العملية وعدم رغبته في إشعال حرب، حذّرت "واشنطن بوست" من أن رد الفعل الإيراني المحتمل قد يُفجّر الوضع، لا سيما إذا استهدفت طهران قوات أو منشآت أمريكية في المنطقة، أو عمدت إلى عرقلة تصدير النفط في الخليج.
كما نبهت الصحيفة إلى أن إيران، على خلاف العراق، تملك قدرات استخباراتية وعسكرية أقوى، وتأثيرًا سياسيًا واسعًا عبر ميليشيات ونفوذ إقليمي في عدة دول، ما يجعل سيناريو التصعيد أكثر تعقيدًا.
مستقبل ترامب على المحكخلصت الصحيفة إلى أن قرار ترامب بشن الهجوم يمثل مقامرة سياسية خطيرة، فإما أن يُحقق نتائج سريعة وملموسة تعزز من صورته كقائد قوي في الداخل الأمريكي والخارج، أو أن يتحوّل إلى فشل استراتيجي قد يعيد إلى الأذهان كوابيس حروب الشرق الأوسط السابقة.
فالرئيس الذي بنى شعبيته على شعار "أمريكا أولًا" ووعود بعدم التورط في نزاعات جديدة، أصبح اليوم في قلب مواجهة قد تمتد وتتجاوز حدود إيران.