العودة الإجبارية للجامعات المهاجرة تثير مخاوف طلاب السودان
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
أثار القرار الذي أصدرته وزارة التعليم العالي السودانية يوم الأربعاء، والقاضي بإلزام الجامعات الحكومية والخاصة التي ظلت تواصل عملها عبر مراكز خارج البلاد، بالعودة الفورية واستئناف عملها من داخل السودان وإغلاق مراكزها الخارجية، مخاوف كبيرة من تعرض الطلاب مجددا لمخاطر أمنية وضياع المزيد من السنوات الدراسية في ظل غياب مؤشرات لنهاية الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023.
وقبل اندلاع الحرب كان نحو مليون طالب يدرسون في 155 جامعة وكلية متخصصة، يقع 60 في المئة منها في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، والتي شهدت اشتباكات واسعة أدت إلى أحداث دمار هائل في البنى التحتية للجامعات مثل المكتبات والمعامل وغيرها من المنشآت المهمة.
وفي أعقاب اندلاع القتال عملت العديد من تلك الجامعات على فتح مراكز لها في الدول التي تشهد تمركزات كبيرة للسودانيين الفارين من القتال.
وعلى الرغم من التكاليف المالية العالية التي تحمّلها الطلاب، إلا أن تلك المراكز ساعدت عشرات الآلاف على الاستمرار في الدراسة، وتمكنت بعض الجامعات من إكمال 4 فصول دراسية في مراكزها الخارجية.
ويأتي القرار الجديد لوزارة التعليم العالي السودانية على الرغم من استمرار القتال في معظم أنحاء البلاد، وعدم توفر الظروف اللازمة لعودة أكثر من 15 مليون شخص فروا من مناطقهم خصوصا مدن العاصمة الخرطوم ومدن إقليم دارفور وكردفان التي تشكل مركز الثقل السكاني في البلاد، إذ كان يعيش فيها أكثر من 45 في المئة من مجمل سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 48 مليون نسمة.
وإضافة إلى الدمار الهائل الذي لحق بمباني ومنشآت معظم الجامعات الرئيسية، تشتت السبل بالآلاف من أساتذة الجامعات الذين هاجر بعضهم نهائيا إلى دول أخرى بعد اندلاع الحرب.
صعوبات عملية
وصف محمد يوسف الأستاذ في جامعة الخرطوم وأحد مؤسسي تجمع المهنيين السودانيين قرار العودة الإجبارية بأنه “غير مدروس”، وستواجهه مصاعب كبيرة، معتبرا أنه يهدف للإيحاء بأن “الوضع بالداخل آمن و تحت السيطرة”.
وفي حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أشار يوسف إلى صعوبات عملية وواقعية كبيرة، أوضحها قائلا: “تعاني الجامعات بالداخل من دمار واسع في بنيتها التحتية الضرورية لأي عملية تعليمية ذات معنى، كما أن الطلاب والأساتذة سيواجهون مشكلة كبيرة في إيجاد السكن المناسب والآمن، إضافة إلى غياب الخدمات الضرورية للمعيشة من مياه و كهرباء”.
وأضاف يوسف: “ستترتب على الجامعات خسائر مادية كبيرة إذا أجبرت على إخلاء مراكزها الحالية في الخارج بهذه الطريقة المتعجلة”.
ويرى خبراء ومختصون أن إصلاح الدمار الذي لحق بالجامعات سيحتاج إلى سنين عديدة بعد انتهاء الحرب، خصوصا أن معظم الجامعات كانت تعاني من شحّ الموارد وضعف التمويل، مما يجعل من الصعوبة بمكان تعويض الأضرار التي لحقت بالمكتبات والمعامل والمنشآت الأساسية والتي ستتطلب مبالغ كبيرة.
كما يتوقع أن تواجه الجامعات أزمة كبيرة في استعادة أعضاء هيئات التدريس وغيرهم من الكوادر المساعدة والذين اضطر نحو 70 بالمئة منهم للهجرة والعمل بجامعات ومؤسسات بحثية في الخارج، وفقا لبيانات غير رسمية.
رفض مهني
أعلن تحالف تجمعات أساتذة الجامعات السودانية رفضه للقرار، وطالب باتخاذ إجراءات تضمن عودة تدريجية ومنظمة تأخذ في الاعتبار التحديات الأمنية والإنسانية والاقتصادية التي تواجه منسوبي الجامعات من طلاب وأساتذة وعاملين.
وقال التحالف إن القرار لم يضع في الاعتبار الواقع الذي فرضته الحرب والتحديات الجسيمة التي تواجه المؤسسات الأكاديمية.
وأكد أن الحرب تسببت في دمار شامل للجامعات السودانية حيث دمرت البنى التحتية لمؤسسات التعليم العالي وأجبرت العديد من الأساتذة والعاملين على الهجرة خارج السودان.
ودعا التحالف إلى إجراء تقييم شامل للوضع الراهن للجامعات وتحديد الاحتياجات الأساسية التي تضمن العودة الآمنة والفعالة، ووضع خطة واضحة لتعويض الأساتذة والعاملين عن الأضرار التي لحقت بهم على المستويين المادي والنفسي، وتوفير بنية تحتية مناسبة تضمن استقرار العملية التعليمية في بيئة آمنة ومجهزة.
مخاوف كبيرة
تقول نهى عثمان إنها عندما اندلع القتال في العاصمة السودانية الخرطوم في منتصف أبريل 2023، كانت تستعد لبدء الفصل التاسع في كلية الطب بإحدى الجامعات الحكومية، بينما كان شقيقها محمد عثمان قد بدأ للتو الفصل السابع بكلية الطب أيضا في جامعة خاصة، لكنه اليوم بات على وشك التخرج حيث كانت جامعته من أوائل الجامعات التي نقلت مقارها للخارج في أعقاب القتال.
وأوضحت عثمان لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه “بعد الانتقال المتأخر لجامعتنا إلى الخارج شعرنا ببعض الاستقرار رغم ضياع وقت طويل كان كفيلا بتمكيننا من إنهاء دراستنا، لكننا اليوم نشعر بالقلق من عودة حالة عدم الاستقرار فالعاصمة والمدن الأخرى التي تتركز فيها الجامعات لا تزال تشهد عمليات قتال وهجمات بالقصف الجوي والمسيرات مما يجعل من المستحيل استمرار الدراسة”.
واختتمت حديثها قائلة: “استفاد الطلاب كثيرا من نقل جامعاتهم إلى الخارج حيث أدى ذلك إلى استمرار الدراسة دون انقطاع فشقيقي الذي كنت أتقدم عنه بفصلين دراسيين بات على وشك التخرج ولا يدري حجم العقبات التي قد تواجهه بعد الانتقال إلى السودان”.
سكاي نيوز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الإمارت تتخذ خطوة من شأنها خنق الموانئ السودانية
وكالات- متابعات- تاق برس- قالت مصادر إن دولة الإمارات العربية المتحدة وقعت اتفاقا لتمويل إنشاء خط سكة حديد يربط بين ميناء بربرة في أرض الصومال ودولة إثيوبيا التي كانت تستفيد من الموانئ السودانية في عمليات النقل لكون أن أديس أبابا ليس لها منفذ بحري.
وكانت شركة موانئ دبي قد وقعت في العام 2016، مع اإقليم “أرض الصومال”صفقة شراكة لمدة 30 عاما بقيمة 440 مليون دولار من أجل تطوير ميناء بربرة في الإقليم الذي أعلن عن استقلاله الذاتي عن الصومال.
وتحاول الامارات بسط سيطرتها التجارية والبحرية على الصومال من خلال الاستفادة من النزاع القائم بين إقليم أرض الصومال والحكومة المركزية بمقديشو.
وقال مختصون إن الخطوة الإماراتية من شأنها خنق السودان ومنعه من الاستفادة من الموانئ التي تعتبر ميزة للدولة ومورد اقتصادي مهم حاولت أبوظبي من قبل الدخول إليه لكنها فشلت بعد قيام الحرب.
واستغلت الإمارات الانقسام بين الحكومة المركزية وإقليم أرض الصومال، لتعزيز وجودها في الشمال عبر استئجار ميناء بربرة ومطاره، رغم رفض مقديشو. كما وسّعت نفوذها في بونتلاند من خلال السيطرة على ميناء بوصاصو، مستفيدة من الفراغ السياسي، ودعمت جماعات معارضة للحكومة المركزية.
كما حوّلت أبوظبي ميناء بربرة إلى قاعدة عسكرية متكاملة، وقاعدة بربرة إلى مركز استخباراتي، وسط تقارير عن تعاون إماراتي-إسرائيلي لإنشاء قاعدة عسكرية مقابل الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة.
ويرى مراقبون أن السودان يمثّل محطة مهمة تمدد الإمارات البحري، بسبب موقعه الجغرافي وامتداده الساحلي على البحر الأحمر.
وأضافوا أن دور الإمارات في الحرب السودانية لا يُفهم فقط من زاوية دعم طرف عسكري، بل من خلال سعيها إلى ترسيخ سيطرتها الاستراتيجية على البحر الأحمر، بوصفه ممرًا بحريًا حيويًا للتجارة والأمن الغذائي والطاقة.
ويشكل السودان محورًا مهمًا في استراتيجية الإمارات للتمدد في منطقة البحر الأحمر، بسبب امتداد ساحله الذي يبلغ حوالى 700 كيلومتر على البحر الأحمر، ما يمنحه موقعًا استراتيجيًا على طرق التجارة البحرية الحيوية.
ورغم ذلك، تعاني البنية التحتية البحرية في السودان من إهمال ونقص استثمارات، ما جعله هدفًا طبيعيًا للاستثمارات الخارجية، خاصة من الإمارات التي تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة عبر السيطرة على الموانئ الرئيسية، وعلى رأسها ميناء بورتسودان.
وواجهت محاولات الإمارات للسيطرة على ميناء بورتسودان رفضًا محليًا قويًا، حيث تصدت هيئة الموانئ السودانية وعمال الميناء لمحاولات خصخصته ورفضوا تسليم إدارته لشركة موانئ دبي، ما أدى إلى توقف مفاوضات تهدف إلى منح الإمارات السيطرة الكاملة على الميناء.
وفي سياق ذي صلة قالت أرض الصومال إن الطلب زاد على مواشيها بسبب حرب السودان وتوقف الصادرات السودانية. لاسيما أن معظم المواشي السودانية لاسيما الضأن يتم تصديره عبر الموانئ البحرية.
أرض الصومالإثيوبياالسودان